الشرطة الجنائية لـ «المجلة»: ألمانيا باتت مسرحًا لعمليات الإرهاب

الشرطة الجنائية لـ «المجلة»: ألمانيا باتت مسرحًا لعمليات الإرهاب

[caption id="attachment_55253333" align="aligncenter" width="620"]المستشارة الألمانية ميركل المستشارة الألمانية ميركل[/caption]


[blockquote]

طرحت ألمانيا سياستها وخططها بشكل واضح في مواجهة الجماعات المتطرفة التي تتخذ من الدين غطاء لنشاطها باسم «الدعوة» وتميزت سياستها بعدم التطرف بقدر ما هو احتواء إلى هذه الجماعات وعدم استفزازها أمنيا. وبالتزامن من ذلك تبنت الحكومة سياسة دعم المنابر والمراكز التي تقدم النصح إلى الشباب خاصة من النساء لعدم التورط أو مناصرة هذه الجماعات المتطرفة.[/blockquote]




برلين: حسن الرماحي

كشفت تقارير المكتب الاتحادي لحماية الدستور في ألمانيا، أن الجماعات المتطرفة ترفض سياسات الاندماج والتكامل الاجتماعي. وتتركز هذه الجماعات بشكل خاص في مدن مثل كولونيا ودوسلدورف وبوخوم وفوبرتال وزولينغن، كما تعتبر مدينة بون أحد معاقل الجماعات المتطرفة في ألمانيا وكذلك مدينة فرانكفورت وترتبط هذه الجماعات بشبكات مسلحة متطرفة تدار من مصر وسوريا واليمن والعراق وأفغانستان ودول أخرى.

وفي تصريح لرئيس مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية ورغ سيركه في هذا السياق، أن ألمانيا ليست مهددة فقط من قبل الإرهاب الدولي ولم تعد ممرًا للإرهابيين بل أصبحت مسرحًا لعمليات الإرهاب التي يقوم بها إرهابيون بدوافع دينية. وهذا يعني أن تنظيم داعش والجماعات المتطرفة الأخرى كانت تتخذ ألمانيا من وجهة نظرهم «أرض مدد» لكن الآن تحولت إلى أرض «جهاد» في منظور ومفاهيم هذه الجماعة. وهذا يعني أن ألمانيا باتت فعلا مهددة، ووقوع عمليات «فردية» بات متوقعا. يضيف سيركه " إن خطر المقاتلين الأجانب اعتبرته الاستخبارات الألمانية تهديدا قائما إلى أمنها منذ أشهر وما بعد التحالف الدولي في سبتمبر (أيلول) 2014. لكن السياسة الألمانية كانت مهنية كثيرا وتعاملت مع هذه القضية بحكمة، في إصدار قوانين واتخاذ إجراءات جديدة دون أن تثير ريبة التنظيم أو تستفز المسلمين الموجودين في ألمانيا. الحكومة الألمانية عبرت بأكثر من خطوة تقربها من المسلمين من خلال التصريحات وزيارات إلى المسلمين وإلى ومقرات اللاجئين لسحب أي فرصة لجماعة «داعش» استثمارها للدعاية ضد ألمانيا".
يذكر أن ألمانيا كان لها تواجد في قوات إسناد وداعمة في أفغانستان أكثر من تواجدها لأغراض قتالية، لكنها الآن في العراق هي تدعم تسليح الكرد وحكومة بغداد.



الخلايا الفردية



الخلايا الفردية، أو الذئاب المنفردة المتوحدة ربما هي الأكثر احتمالا في أوروبا، هذه الخلايا تنشط كونها تقوم على القدرات الذاتية ويقوم بها شخص واحد دون وجود ارتباط تنظيمي مباشر أي عدم وجود اتصالات مباشرة مع التنظيم. هذا النوع من الخلايا ممكن أن يقوم بمحاولة صنع قنابل بإمكانيات ذاتية وفقا لدروس خضع لها على النت، وباستخدام الكلور أو مواد كيميائية متوفرة في السوق يمكن تحويلها لأغراض إرهابية. وهذا النوع من العمليات يعتبر تحديا كبيرا إلى الاستخبارات عموما، لعدم وجود اتصالات يمكن مراقبتها أو كشفها بوقت سابق.

لقد اعتبرت ألمانيا تنظيم داعش تنظيما إرهابيا وحظرت أنشطته في 12 سبتمبر 2014، ورغم أن هذه الخطوة جاءت متأخرة لكنها تبدو أكثر جرأة من باقي الدول الأوروبية في مواجهة «داعش». فقد أعلنت ألمانيا أنها تعتبر «داعش» تنظيما إرهابيا واعتبرت أي أنشطة دعم وتأييد وترويج له مخالفة للقانون. الحظر يشمل المشاركة في هذا التنظيم وربما الجماعات المتطرفة الأخرى والتجنيد له وأي دعم له بما في ذلك المظاهرات المؤيدة. وأكد دي ميزيير وزير الداخلية الألماني أن قرار الحظر له مفعول فوري ويشمل تجنيد المقاتلين ونشر أي شارات أو رموز على صلة بالتنظيم. تصريحات وزارة الداخلية الألمانية تعكس حجم القلق الذي تعيشه ألمانيا، في أعقاب إعلان دعمها للعراق وإلى استراتيجية أوباما بمواجهة «داعش» في العراق.
أما الطريقة أو الخطط التي وضعتها الاستخبارات الألمانية في تعاملها مع قضية المقاتلين الأجانب فهي تقوم على الاحتواء ومد يد العون لهم بالتزامن مع فرض رقابة استخبارية فاعلة على مدار الساعة إلى الفئة التي تمثل تهديدا أو خطرا حقيقيا ويقدر عددهم بالعشرات. الاستخبارات الألمانية قامت بعدد من الإجراءات الاستباقية لمواجهة التحدي أبرزها تطوير قدرات مكافحة الإرهاب بتشكيل وحدة خاصة تابعة إلى الشرطة الاتحادية لمكافحة الإرهاب - المقاتلين الأجانب. وأصدرت قانون مكافحة إرهاب جديدا في يناير 2015 يفوض الاستخبارات من سحب الهويات والجوازات من الأشخاص المشتبه بهم. وتعتبر ألمانيا واحدة من أفضل الدول بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2178 الخاص بمنع تدفق الأشخاص للالتحاق بالجماعات الإرهابية.
كشف موظف سابق بهيئة الاستخبارات الألمانية الاتحادية (بي إن دي) خلال شهر نوفمبر 2014 أن الهيئة تراقب الاتصالات الخاصة بالمواطنين الألمان في الخارج دون تصريح قانوني في حالات معينة.

وأعلن الموظف السابق بالهيئة عن هذه التصريحات في لجنة تحقيقات بالبرلمان الألماني (بوندستاج). وفي هذا السياق، نفى وزير العدل الألماني أن تكون الإجراءات القانونية الجديدة حول الإرهاب أمرا مبالغا فيه، معتبرا أنها تقع ضمن إجراءات دولية لمكافحة الإرهاب. ويجرم القانون الجديد التخطيط للالتحاق بمقاتلين في الخارج أو جمع تبرعات لهم. ويتبنى نواب الائتلاف الحاكم في البرلمان الألماني مواقف مختلفة إزاء ما يسمى بالترويج للتعاطف مع الجماعات الإرهابية، حيث يؤيد التحالف المسيحي المنتمية إليه المستشارة أنجيلا ميركل تجريم تلك الممارسات، بينما يعارض ذلك الحزب الاشتراكي الديمقراطي المنتمي إليه ماس.
تعاون استخباري
أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل استمرار بلادها في دعم العراق بمجال التجهيزات العسكرية وتدريب القوات الأمنية، ضمن سياسة برلين في مواجهة خطر الإرهاب. وتشير التقديرات بأن ألمانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي فتحت أبوابا خلفية مع المعارضة السورية من أجل الحصول على بيانات وتفاصيل المقاتلون الأجانب.
وقد اعتمدت ألمانيا سياسة جديدة وهي عرض ونشر تجارب المنشقين أو العائدين من القتال خلال محاكماتهم لكي يكونوا درسا إلى بقية الشباب ضمن مواجهة دعاية «داعش» أما الإنترنت فقد فرضت أيضا رقابة على وسائل التواصل الاجتماعي لتغلق أحد الأبواب المهمة في مصادر التجنيد إلى «داعش». واتخذت ألمانيا خطوات مشتركة لإعادة سياساتها في مكافحة الإرهاب، فإصدار القانون الجديد الذي يجرم جمع التبرعات أو تأييد الجماعات الإرهابية هو خطوة من شأنها أن تحجم نشاط الجماعات المتطرفة. إن تغيير السياسات وتحجيم هذه الجماعات جاءت متأخرة نسبيا، في أعقاب تنامي خطر المتطرفين العائدين. يبقى العمل الاستخباري في مواجهة الإرهاب يحتل الأولية أكثر من العمل العسكري والأمني عند الحكومة الألمانية فالبحث والتحري عن التنظيمات الإرهابية يعتبر أولى الخطوات، وتبقى المصادر البشرية التقليدية في جمع المعلومات أكثر أهمية إلى جانب المصادر الفنية التقنية. يبقى جمع المعلومات واتخاذ خطوات وإجراءات استباقية معلوماتية وتنفيذية ضد أهداف محتملة أن تكون إرهابية أهم الركائز في مكافحة الإرهاب. الاستخبارات الألمانية حذرة ومتأهبة لذلك نجحت بإفشال أي عملية إرهابية على أراضيها وأخضعت بعض الخلايا إلى القضاء. وتعتبر ألمانيا ساحة نظيفة من العمليات الإرهابية مقارنة بدول أوروبا الأخرى. إن توازي العمل الاستخباري مع الدعم السياسي من شأنه أن يأتي بنتائج إيجابية، لذا تمكنت الاستخبارات الألمانية من تفكيك عدد من الخلايا لتنظيم داعش قبل تنفيذها وكشفت أجهزة الأمن أيضا عن تفكيك بعض الخلايا التابع لتنظيم داعش.





[blockquote]

سياسة ألمانيا في مواجهة الجماعات المتطرفة




* شن حملة عبر وسائل الإعلام لمواجهة دعاية «داعش» و«القاعدة» وتنظيمات أخرى عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنيت ووسائل الإعلام ويتضمن المشروع أيضا نشر مقابلات لمقاتلين تائبين عائدين من سوريا والعراق ومناطق الصراع الأخرى.
* مراقبة الإنترنت عبر محركات غوغل و«فيسبوك» من أجل غلق حسابات المتطرفين ورفع الصور الدعائية لهذه الجماعات.
* التعاون المعلوماتي داخل دول الاتحاد الأوروبي أي تعزيز جمع وتبادل المعلومات داخل الاتحاد الأوروبي والتي من المتوقع أن تواجه بتحفظات القضاء والنواب الأوروبيين.
* التعاون المعلوماتي بتعقب المطلوبين في معاقل الإرهاب ومنها العراق وسوريا واليمن وشمال أفريقيا، أي فتح قنوات للتعاون الاستخباري وتبادل المعلومات مع دول المنطقة حول المقاتلين الأجانب.
* مراجعة اتفاقيات الاتحاد الأوروبي أبرزها اتفاقية «الشنغن»، وربما تحديد حركة التنقل.
* إعادة فهم وتعريف وضوابط إنشاء ونشاط الجمعيات الإسلامية الناشطة في أوروبا.
* تقديم بيانات المسافرين من قبل خطوط الطيران إلى أجهزة الأمن والاستخبارات.
* مراجعة القوانين والقرارات والتشريعات التي تحد أجهزة الأمن من مراقبة المطلوبين أو المحتمل أن يكونوا إرهابيين.
* فرض إجراءات جديدة في حق اللجوء والإقامة للأجانب.
* اتخاذ إجراءات استباقية استخباراتية في تعقب المشتبه بهم واتخاذ إجراءات تنفيذية ضدهم وتصعيد حالة التأهب عند الشرطة والأمن وإعادة النظر بمهام دوريات الشرطة وتسليحها.
* تعزيز أمن المعلومات.
* سحب جوازات السفر من المشتبه بهم.
[/blockquote]

font change