[caption id="attachment_55253325" align="aligncenter" width="620"] السّفير خميس الجهيناوي، المستشار الأول لدى رئيس الجمهوريّة التونسية الباجي قائد السبسي، المكلّف بالشّؤون الدّبلوماسيّة[/caption]
قال السّفير خميس الجهيناوي، المستشار الأول لدى رئيس الجمهوريّة التونسية الباجي قائد السبسي، المكلّف بالشّؤون الدّبلوماسيّة، إن الخطر الإرهابي في ليبيا حقيقي وإن تونس من أكثر الدول تأثرا بما يحدث في ليبيا.
كما أكد الجهيناوي على أن جل الجهود من طرف حكومة السبسي تصب في اتجاه إعادة الاعتبار لتونس إقليميا وعربيا، مشددا على أن تجربة بلاده غير قابلة للتصدير. وحول علاقة تونس بدول الخليج قال الجهيناوي إن الحكومة الحالية في بلاده مهتمة بتطوير العلاقات مع دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية التي لها مكانة خاصة لدى التونسيين.
وخص المستشار الدبلوماسي للرئيس التونسي «المجلة» بحوار إليكم نصه:
* الأوضاع الأمنية في تونس، كيف تقيّمونها؟ وهل أنتم متفائلون خاصة مع ما يحدث في ليبيا؟
- تواجه تونس تحديات أمنيّة غير مسبوقة تعمل على مجابهتها. ولقد نجحت لحد الآن في القضاء بكل فعالية على الكثير من بؤر الإرهاب. والإرهاب ظاهرة تتجاوز تونس، بل هي ذات طابع إقليمي وعالمي تهدد الجميع دون استثناء، ومقاومتها تستدعي تضافر الجهود إقليميا ودوليا. وما يجري في ليبيا، هذا البلد المجاور، مثيرٌ للقلق. وتونس هي أكثر الدول تأثرا بتطوّر الأوضاع في هذا البلد. لذلك فهي أكثر الدول حرصًا على استتباب الأمن والاستقرار في ليبيا. ويحدونا أمل في أن يتوفّق الأشقاء الليبيون إلى الاهتداء لحلّ سياسي ينهي حالة الصراع ويؤمّن وحدة ليبيا وسلامتها، ويوفر كل الظروف لمقاومة الإرهاب والتطرف.
* هل ترون فعلا أن الدواعش على أبواب تونس، وأن خطرهم سيطالها أم أن ما يتردد فقط ضغوطات سياسية لخدمة أجندات معينة؟
- الخطر الإرهابي في ليبيا حقيقي ويمثّل مصدر انشغالٍ لكافة دول الجوار. وغياب الحل السياسي يعزز نفوذ وتمدّد الجماعات المسلحة هناك. وتونس التي لها حدود مشتركة مع ليبيا تقارب 500 كم تتعامل بجدّية مع هذا التحدي الأمني. لذلك نعمل، ومن دون تهويلٍ للخطر الذي يمثله تنظيم داعش، على تعزيز الرقابة على حدودنا مع التزام اليقظة.
* تتصاعد الأزمات في المنطقة بشكل سريع، مما استدعى تحالفات دولية وعربية خاصة حول الشأن الليبي، أين تونس من كل هذا؟
- تعمل تونس، على مختلف الأصعدة، وفي تواصلٍ مع الأطراف الدولية ودول الجوار، على تأمين أفضل الظروف للخيار السّلمي، وهي ترفض أي تدخل عسكري في ليبيا. وهي، مع اعترافها بشرعية حكومة طبرق، تقف على نفس المسافة من كل الأطراف الليبية وتتعامل معهم جميعًا من أجل المساعدة على التوصل إلى تسوية سياسية تعجّل بتشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على فرض الأمن والاستقرار. ونحن نؤمن بقدرة الأشقاء الليبيين على تجاوز خلافاتهم إذا ما توقّفت بعض الدّول عن التدخل في الشأن الليبي.
* هل يمكن اعتبار تونس نموذجا مختلفا مقارنة بالبلدان التي شهدت تغيرات منذ 2011. وهل فعلا التجربة الديمقراطية في تونس توفقت؟ رغم غياب الرضا والتفاؤل عن الشارع التونسي؟
- التجربة التونسية لها خصوصيتها وهي غير قابلة للتصدير. ولكنها لا تزال في منتصف الطريق نظرًا للتحديات الاقتصادية والأمنية الهائلة التي تواجهها في المرحلة الحالية. ونحن نعوّل في هذا المقام على إمكاناتنا الذاتية، ولكننا نتطلع أيضا إلى دعم الأشقاء والأصدقاء من أجل المساعدة في رفع هذه التحديات، لأن استقرار المنطقة من استقرار تونس.
* نعلم أن المعاملات الأوروبية التونسية تقارب 80 في المائة، لكن يبدو أنه منذ تسلمكم الحكم أصبح هناك انفتاح نحو أسواق مختلفة، فما هي البلدان التي يهمكم التعامل معها أكثر من غيرها؟
- تعمل الدبلوماسية التونسية جاهدة منذ الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة على إعادة الاعتبار لدور تونس إقليميا ودوليا وتوسيع علاقاتنا وتعاوننا مع مختلف الدّول. فبالإضافة إلى تعزيز تعاوننا مع شركائنا التقليديين على الساحة العربية والأفريقية والأوروبية، تسعى تونس إلى توظيف نجاح الانتقال الديمقراطي لإرساء نقلة نوعية في علاقاتها مع العائلة الديمقراطية في العالم، وتحفيز هذه الدول على تكثيف التعاون معها ودفع استثماراتها في مشاريع تنموية تساعد على مكافحة ظاهرة البطالة المتفشية خاصة من حاملي الشهادات الجامعية، وتحقيق التوازن بين الجهات، وإدماج الجهات الداخلية المحرومة في الدورة الاقتصادية.
* لاحظنا انفتاحا أكبر على المجال الأفريقي، ما الدول التي يهمكم التعاون معها وتوثيق العلاقات بها أفريقيا؟
- البُعد الأفريقي مهمٌّ جدّا في سياستنا الخارجيّة. فأفريقيا هي الفضاء الطبيعي لتونس حضاريّا وثقافيّا واقتصاديا. وتونس، مطمورة روما، أعطت اسمها للقارة. ونحن نعتزّ بهذا الانتماء ونعمل على دعمه من خلال الدفع باتجاه إرساء شراكة حقيقية متعددة الأبعاد مع كافة بلدان القارة. وما مشاركة السيد رئيس الجمهورية في القمة الأفريقية في يناير (كانون الثاني) 2015 في أول مشاركة له في الخارج كأول رئيس منتخب للجمهورية الثانية إلا تأكيدٌ لحرص تونس على تعزيز حضورها على السّاحة الأفريقيّة. ونحن واعون جيّدا أنّ أفريقيا هي المستقبل بحكم أهميتها الديمغرافية وإمكانياتها الاقتصادية الهائلة، وهو ما يفسّر الإقبال المتزايد للتونسيين على اختيار القارّة كوجهة للاستثمار أو العمل.
* قطر والإمارات من الدول التي تثير الكثير من الجدل في الساحة التونسية، فما حقيقة العلاقة مع هاتين الدولتين وما هو دور بعض القيادات في نداء تونس؟
- إنّ العنوان الرّئيسي لسياستنا العربيّة منذ الانتخابات هو إعادة الدّفء لعلاقاتنا التي تضرّرت مع بعض الدّول العربية في السنوات الأخيرة. وتونس تسعى للاحتفاظ بعلاقات متميّزة مع كافة الدول العربية مبنيّة على التعاون والاحترام المتبادل. وقطر والإمارات دولتان شقيقتان تربطهما بتونس علاقات أخوية عريقة قيادة وشعبًا. وقد تلقّى السيد رئيس الجمهورية دعوتين لزيارتهما وسيعمل على تلبيتهما في أقرب الآجال.
* العلاقات الخليجية التونسية بشكل عام، هل هناك مساع تونسية لتفعيلها؟ وهل هناك خصوصيات للعلاقات بين تونس والمملكة العربية السعودية؟
- علاقاتنا مع الدول الخليجيّة مهمّة. ونحن مهتمّون جدّا بتطويرها. والمملكة العربية السعودية لها مكانة خاصة لدى التونسيين بحكم ما يربط البلدين من علاقات تاريخية متجذّرة تمتد إلى عشرات السنين. لقد زار الرئيس الباجي قايد السبسي الرياض في 24 يناير 2015 لتقديم واجب التعازي في وفاة الملك عبد الله وتهنئة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. كما سيشرع السيد رئيس الحكومة خلال أيّام في زيارة إلى المملكة العربية السعودية لتأكيد متانة هذه العلاقات والرغبة الصادقة التي تحدونا لتعزيزها في شتى المجالات لما فيه المصلحة المشتركة للدولتين.
وتونس التي شرعت في إصلاحات كبرى، خاصة في مجال الاستثمار والصيرفة، ترحب بالأشقاء الخليجيين من المملكة ودول مجلس التعاون للمساهمة في إنجاز المشاريع الكبرى التي نعتزم الشروع فيها خاصة في مجال البنية التحتية والمشاريع المشغلة لليد العاملة التونسية وحاملي الشهادات العليا.
* هناك متابعون يرون أن الغرب يبدي نوعا من الدعم للحكومة وخاصة الجانب الأميركي من أجل الحصول على فرص أكبر في المنطقة، وتسهيلات خاصة للتحرك نحو ليبيا فهل هذا صحيح؟ وما ثمن هذا الدعم؟
- العلاقات التونسية الأميركية عريقة وتعود إلى مرحلة التحرر الوطني والسنوات الأولى للاستقلال، حيث ساعدت الولايات المتحدة في بناء الدولة الحديثة وساهمت في الكثير من البرامج الإنمائية. ويعكس الالتزام الأميركي بدعم تونس الذي عبّر عنه الرّئيس أوباما بمناسبة زيارة السيد رئيس الجمهورية إلى الولايات المتحدة يوم 21 مايو (أيار) 2015 وعي الإدارة الأميركية بضرورة نجاح تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس. وقد انخرط البلدان فعليًّا في ديناميكية جديدة للتعاون تهدف إلى إرساء شراكة استراتيجية في المجالين الاقتصادي والعلمي. كما يشكل التعاون في مجال مكافحة الإرهاب عنصرا مهما في هذه الديناميكية الجديدة باعتباره تحديا مشتركا لكلا البلدين ولدول المنطقة.
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.