• استراتيجية المبادرة السعودية تنقل الدعم العربي لمصر من المساعدات إلى الاستثمار
• الإمارات كلفت إحدى المؤسسات العالمية للاستشارات المالية بإعداد دراسة لتطوير الاقتصاد المصري
• مصر تعرض فرصا استثمارية في 10 قطاعات أساسية، من بينها الطاقة والتعدين والزراعة والسياحة وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والنقل واللوجيستيات
بعد 4 سنوات من عدم اليقين السياسي والاقتصادي في أعقاب ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، بدأ الاقتصاد المصري في التعافي مرة أخرى، وعاودت مؤشرات الاقتصاد الارتفاع، بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية في أعقاب الإطاحة بنظام الإخوان.
وعملت مصر خلال العام الماضي على إصلاح مسار الاقتصاد باتخاذ كثير من الإجراءات الإصلاحية التي أشاد بها صندوق النقد والبنك الدوليين في الفترة الأخيرة. وتعقد مصر الآمال على نتائج مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي لوضع البلاد مرة أخرى على خارطة الاستثمارات الأجنبية والاقتصاد العالمي. المؤتمر بمثابة واجهة لعرض خطط كبرى للنهوض بمحور تنمية صناعية ولوجيستية قرب قناة السويس، فضلا عن تطوير منطقة تعدين في جنوب شرقي مصر.
كان الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله- قد أطلق مبادرة لدعم الاقتصاد المصري في أعقاب انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر، استمرارا لدعم السعودية والدول العربية للقاهرة، وتضمنت المبادرة عقد مؤتمر للمانحين في القاهرة، غير أن المبادرة تحولت إلى مؤتمر اقتصادي عالمي لعرض المشروعات المصرية لجذب المستثمرين، بعد تحول استراتيجية الدعم العربي من المساعدات إلى الاستثمار. وتلقت مصر مليارات الدولارات من المساعدات العربية وشكلت المساعدات طوق النجاة للاقتصاد، وتم تأجيل المؤتمر الذي كان من المقرر عقده نهاية العام الماضي لتزامنه مع الاحتفالات الصينية ولضمان مشاركة الصين في المؤتمر.
الدعم العربي
لم يقتصر الدعم العربي لمصر على المشاركة في المؤتمر الاقتصادي، فدولة الإمارات كلفت إحدى المؤسسات المالية العالمية، وهي شركة «لازارد» للاستشارات المالية بإعداد دراسة لتطوير الاقتصاد المصري وتحملت تكلفة هذه الدراسة، وطبقت مصر كثيرا من الاقتراحات التي طالبت بها «لازارد» لإصلاح الأوضاع الاقتصادية، خصوصا في ما يتعلق بدعم الطاقة وخفض عجز الموازنة العامة للدولة. وشرعت الحكومة في تنفيذ إصلاحات سعيا لتحقيق التوازن بين استعادة النمو مع السيطرة على التضخم وكبح عجز الموازنة.
جذب الاستثمار
وزيرة التعاون الدولي الدكتورة نجلاء الأهواني، أكدت أن المؤتمر الاقتصادي هو إحدى الأدوات المهمة لجذب الاستثمار، وتوصيل رسالة للعالم بأن مصر تسير على الطريق الاقتصادي والسياسي الصحيح، وأن مصر لديها رؤية إصلاحية شاملة سواء على المستوى المالي أو الاقتصادي، فهناك فرص استثمار واعدة، وقالت: «نهتم بنجاح توصيل هذه الرسالة للمستثمرين في الداخل والخارج، فإننا نعتبر أن المؤتمر قد نجح، فليس المهم عدد المشروعات التي ستقدم أو عدد الصفقات التي سيتم توقيعها خلال فعالياته، والتي نتوقع أن تكون كثيرة، ولكن الأهم هي الرسالة التي نريد إبلاغها للعالم.
3 محاور
للمؤتمر اهتمام 3 محاور، المحور الأول: تقديم رؤية الحكومة وشرح سياساتها والإجراءات الإصلاحية التي تتم على أرض الواقع على المستوى المالي والنقدي والاستثماري. والمحور الثاني: عرض عدد من المشروعات في 10 قطاعات تم اختيارها. أما المحور الثالث فيركز على الترويج للاستثمار ووضع مصر على خريطة الاستثمار العالمية.
ويقول محللون اقتصاديون إن الحكومة تعمل على تهيئة المناخ العام للإعداد للانطلاقة الاقتصادية المتوقعة بما في ذلك مواصلة عمليات بسط الأمن والاستقرار، وبث الطمأنينة للمستثمرين والسياح، إذ يعد قطاع السياحة من أهم موارد الدخل القومي وتضرر بشدة منذ ثورة يناير.
خطوة على الطريق
وتنظر الحكومة المصرية إلى المؤتمر كخطوة على طريق طويل لجذب الاستثمارات الأجنبية، وليس كحدث سينتهي مع جلسته الختامية، فالمشروعات التي لا تعرض خلال فعاليات المؤتمر ستعرض بعده، خصوصا مشروعات تنمية محور قناة السويس التي من المتوقع الانتهاء من المخطط التنفيذي لها خلال الأشهر المقبلة.
تعرض مصر على خلفية المؤتمر الاقتصادي فرصا استثمارية في 10 قطاعات أساسية، من بينها الطاقة والتعدين والزراعة والسياحة وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والنقل واللوجيستيات، إضافة إلى الاهتمام المتوقع أكثر من السابق بشأن مشروعات تنمية إقليم قناة السويس، خصوصا أنه يجري تقديم التخطيط الشامل للمنطقة لتحديد عدد من ورش العمل لتقديم المشروعات التي ستقام بإقليم قناة السويس، على سبيل المثال مشروعات مدينة السويس، ومشروعات الإسماعيلية.
جهود مصرية
وتعمل مصر على عدة محاور لإنجاح مخرجات المؤتمر وتوصياته وتحقيق المأمول منه، منها إصدار تشريعات جديدة تتلاءم مع طبيعة المرحلة لتهيئة المناخ الاستثماري لجذب الاستثمارات الأجنبية، التي تعرضت للانخفاض في أعقاب ثورة 25 يناير، منها قانون الاستثمار الجديد، وقانون الثروة المعدنية، وقانون التمويل متناهي الصغر، وقانون تسعير الكهرباء، وقانون المنافسة، وقانون حماية المنتج المحلي، وكلها لها انعكاس إيجابي على مناخ الاستثمار، وحاليا يتم مناقشة قانون الكهرباء، وقانون المناطق الاقتصادية الخاصة الذي سيحكم بالدرجة الأولى تنمية منطقة قناة السويس. والمحور الثاني الذي تعمل الحكومة عليه هو تسوية منازعات الاستثمار ومواجهة ملفات لتحقيق حق المستثمر والدولة.
كما خفضت مصر من قيمة عملتها المحلية بعد استقرار دام أكثر من 6 أشهر منذ تولي الرئيس السيسي حكم مصر، وانخفضت قيمة الجنيه بنحو 5 في المائة، وسمحت للبنوك بتداول الجنيه في نطاق أوسع حول السعر الرسمي ووضعت حدا للدولارات التي يمكن إيداعها في البنوك العامة والخاصة والبنك المركزي. وفي يوليو (تموز) الماضي قلصت مصر دعم الطاقة الذي طالما أثر سلبا على المالية العامة بما أدى إلى ارتفاع الأسعار لكنه أظهر استعداد الحكومة لاتخاذ قرارات صعبة.
وتستهدف مصر نموا بين 4.0 و5.8 في المائة خلال السنوات الـ3 المقبلة والوصول بمعدل العجز في الموازنة في الأمد المتوسط إلى نحو 8 في المائة وبالدين المحلي إلى ما بين 80 و85 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي انخفاضا من 97 - 98 في المائة حاليا.
ما بعد المؤتمر
المؤتمر يركز على الترويج للاستثمار ووضع مصر على خريطة الاستثمار العالمية، وبالتالي تسعي مصر لجذب الاستثمارات الأجنبية لمساعدة الاقتصاد المصري على النهوض سريعا، ومن القطاعات التي تسعي مصر للترويج للاستثمار فيها قطاع الكهرباء.
فمصر تسعي لإيجاد حل لمشكلة الطاقة، خصوصا بعد أن عانى قطاع الطاقة من الإهمال وغياب الصيانة لسنوات طويلة مما أثر على شبكة الكهرباء وتعرض البلاد لظلام، خصوصا في فصل الصيف، كما أصبح توفير الطاقة إحدى الصعوبات التي تواجه المستثمرين، الأمر الذي أثر سلبيا على معدلات الاستثمار في مصر.
لذا عملت الحكومة المصرية على فتح باب الاستثمار في الطاقة أمام القطاع الخاص المصري والأجنبي، وعدلت من أسعار الطاقة الجديدة والمتجددة، التي كانت من أهم العقبات أمام الاستثمار في هذا القطاع، كما وضعت خطة للوصول بأسعار الكهرباء إلى الأسعار العالمية خلال السنوات الـ5 المقبلة، وأعدت قانونا لتنظيم العلاقة بين شركات الكهرباء والمستهلكين، لفتح الباب أمام المستثمرين للدخول في مجال الطاقة، وهي أحد القطاعات التي كانت الدولة تحتكرها.
[caption id="attachment_55252886" align="alignleft" width="300"] قناة السويس[/caption]
يعد مشروع «واحة أكتوبر» التي أعلنت عنه الحكومة المصرية مؤخرا نموذجا للمشروعات الحكومية الجديدة، ولأول مرة تطرح مصر مشروع مدينة متكاملة، وهو الأكبر بين المشروعات التي سيتم طرحها خلال مؤتمر القمة الاقتصادية، فالمشروع بحسب التصريحات الحكومية سيغير من وجه المشروعات الاستثمارية الحكومية خلال المرحلة المقبلة.
يقع المشروع بمنطقة التوسعات الجنوبية بمدينة 6 أكتوبر، بتكلفة استثمارية 150 مليار جنيه، وعائد اقتصادي يتراوح بين 25 إلى 30 في المائة، على مساحة تصل إلى 10 آلاف فدان (42 مليون متر مربع)، بمنطقة التوسعات الجنوبية بمدينة 6 أكتوبر، ويهدف المشروع إلى رفع كفاءة استغلال الأرض، وزيادة الطاقة الإنتاجية والاستثمارية، مما يساعد على تنمية المدينة، فالمشروع يعد مدينة عمرانية متكاملة، إضافة إلى توفير مشروعات تساعد على تدعيم مركز المدينة الإقليمي. ويضم المشروع في مكوناته عناصر إدارية وتجارية وسكنية وفنادق، وسيعدّ عصبا ماليا وتجاريا وترفيهيا وسكنيا متميزا، وعلامة مميزة لجذب الاستثمارات في غرب القاهرة.
محور قناة السويس
يعد مشروع محور تنمية قناة السويس هو المشروع الأهم لمصر بعد مشروعها القومي بتوسيع قناة السويس، والذي يتم افتتاحه أغسطس (آب) المقبل، وتسعي مصر للاستفادة من المؤتمر الاقتصادي لوضع المخطط الاستثماري لهذا المشروع الضخم الذي سيحول مصر إلى مركز لوجيستي واستثماري عالمي، إذ تعرض مصر القانون الخاص بهذه المنطقة ليكون نواة للمناقشة عند طرح المشروعات الخاصة بهذه المنطقة، خصوصا مشروعات تمويل السفن والخدمات اللوجيستية والصناعات الخاصة ببناء السفن.
وحددت الخطة 28 مشروعا آخرين رئيسيين لتنمية إقليم قناة السويس، هي: منطقة التجارة واللوجيستي شرق بورسعيد، المنطقة الحرة برفح، منطقة التجارة واللوجيستي شرق الإسماعيلية، منطقة التجارة واللوجيستي شمال شرقي السويس، منطقة التجارة واللوجيستي بالعاشر من رمضان، المنطقة الحرة جنوب السويس، التنمية السياحية والعمرانية للمنطقة بين العريش والشيخ زويد، التنمية السياحية والعمرانية للمنطقة بين الطور ورأس محمد، إقامة قرى ومنتجعات سياحية بشرم الشيخ، إقامة قرى ومنتجعات سياحية جنوب محمية نبق، إقامة قرى ومنتجعات سياحية بدهب/ نويبع، بالإضافة إلى إقامة قرى ومنتجعات سياحية بنويبع / طابا، ومجمع صناعي للبتروكيماويات بالمنطقة الصناعية بالمساعيد، ومجمع صناعي للبتروكيماويات بالمنطقة الصناعية شمال غربي خليج السويس، ومجمع صناعي للصناعات الغذائية بالمنطقة الصناعية بالشيخ زويد، ومجمع صناعي لمنتجات الأسماك بالمنطقة الصناعية بالسويس، ومجمع صناعي لمنتجات الأسماك بالمنطقة الصناعية بشرق بور سعيد، ومجمع للصناعات الميكانيكية والكهربائية بالمنطقة الصناعية بشمال غربي خليج السويس، ومجمع للصناعات الميكانيكية والكهربائية بالمنطقة الصناعية شرق بورسعيد، ومجمع للصناعات التعدينية ومواد البناء بمنطقة شمال سيناء، ومجمع للصناعات التعدينية ومواد البناء بالمنطقة الصناعية بأبو رديس.
أيضا إقامة مجمع للصناعات التعدينية ومواد البناء بالمنطقة الصناعية بشمال غربي خليج السويس، ومجمع صناعي لبناء وإصلاح السفن بالمنطقة الصناعية شرق بور سعيد، ومجمع صناعي للغزل والنسيج بالمنطقة الصناعية بشرق بورسعيد، ومثله بالشرقية، علاوة على مجمع لصناعات الأسمدة بالمنطقة الصناعية بالشرقية، ومجمع للصناعات الغذائية بوسط سيناء، ومجمع صناعي لمنتجات السخانات الشمسية بوسط سيناء.
واستثمار طريق العائلة المقدسة من خلال مشروع قومي متكامل، وإقامة جامعة تكنولوجية بمنطقة وادي التكنولوجيا بالإسماعيلية، وإقامة مدارس فندقية بالمنطقة المحصورة بين العريش والشيخ زويد، وإنشاء مدينة للطب والعلوم بالتعاون مع جامعات دولية بشرق بورسعيد، وإنشاء محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية قدرة 2500 ميجاوات، واستصلاح 400 ألف فدان بشمال سيناء عبر ترعة السلام، ومشروع استصلاح 50 ألف فدان على مياه السيول بوديان البروك، ومشروع استصلاح 1.659 مليون فدان بسهل وادي العريش.