شهدت الحرب الباردة ما يسمى بحرب الجواسيس بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي سابقا والصين الشعبية وحلفاء كل بلد من هذه البلدان، خاصة فيما يتعلق بتطور الأسلحة؛ بدس جواسيس في المصانع والمختبرات التي تجرى فيها تجارب. بعدها تطور التجسس إلى التجسس الاقتصادي والمالي نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية خاصة التجسس على الشركات والمصانع الكبيرة لسرقة آخر المنتجات وأسرارها.
لكن التجسس كان أيضا عبر تحليل ثقافات وعادات وتقاليد شعوب معينة لأنها تكشف عن أسرارهم وتسهل عملية التسلل إلى داخلهم وتفرقتهم. ومع أنها وسيلة غير رائجة لكن بعض دوائر التجسس لجأت إليها، والكل يتذكر الفيلم الأميركي الذي يروي قصة قيل إنها حقيقية وحدثت في عشرينات القرن الماضي، وتتعلق بشاب يتقن عدة لغات منها العربية عثر على عمل في مؤسسة لترجمة الكتب الروائية وعادات الشعوب إلى الإنجليزية، فيطلب منه ترجمة كتاب عثر عليه يتحدث عن تقاليد وعادت القبائل في الصحراء العربية. فيصاب بالحيرة، لأنه لا يجد مغزى للترجمة، لكن بعد أن يبدأ بعمله يتضح له أن الأمر يتعلق بعادات وتقاليد هذه القبائل التي تسكن بالقرب من آبار النفط وثروات طبيعية أخرى لم يتم التنقيب عنها بعد. والهدف كيفية التعامل مع ساكني المنطقة كي لا يثير المنقبون انتباههم وقيمة ما يتم استخراجه.
والجواسيس يندسون عادة في صفوف عامة الشعب، لكن أيضا بين الصحافيين وطلاب الجامعات خاصة في مجال الإنتاج والتصنيع والبحث العلمي على أنواعه. أو ترسل مؤسسة شخصا من قبلها إلى مؤسسة أخرى ضمن نطاق تبادل المعلومات والخبرات لكن في الوقت نفسه فإن مهمته جمع معلومات خاصة، وتكون له مرجعية يعود إليها في حالة تعرضه لخطر وتكون عادة إما في سفارة بلاده أو في مؤسسات وهمية تجارية أو فنية أو ثقافية توجد في البلد نفسه أو في بلد مجاور.
وترسل البلد جواسيسها منتحلين صفات كثيرة منها دبلوماسية أو تجارية أو علمية، لكن يتم أيضا تجنيد جواسيس محليين هم أكثر الناس عرضة للعقاب من قبل حكوماتهم، يقبلون بدور العميل إما طمعا بالمال وإما لأنهم معارضون لحكوماتهم أو لتعرضهم للابتزاز أو حبهم للمغامرة.
لكن ليس كل جاسوس يمكن أن يتقن عمله، إذ يجب أن تتوفر لديه صفات معينة منها الجرأة وقوة الذاكرة ومعرفة التعامل مع الناس وأن يكون غير عاطفي كي لا يقع فريسة الابتزاز وتتوفر لديه القدرة على احتمال الظروف المجهدة. ويجب أن يكون دقيق الملاحظة وقادرا على الخداع والتضليل، لكن إذا كان غريبا فمن الأفضل إتقان لغة البلد الذي سوف يتجسس عليه. إلا أن نهاية الجاسوس عامة تكون سيئة، فالكثير منهم خاصة الرجال لا يحتملون قساوة عملهم أو تراجع قيمته فيلجأون إلى الخمر ويصبحون مدمنين فيسحبون بسرعة مخافة تعرضهم للابتزاز أو أن يصبحوا جواسيس مزدوجين.
وتلجأ البلدان القوية والضعيفة الكبيرة والصغيرة إلى التجسس الذي أصبح عملا رسميا تخصص له دوائر لها ميزانيات ضخمة، ولقد تحولت دوائر الاستخبارات إلى مرجعية حاسمة عندما تعزم دولة شن هجوم على دولة أخرى، لذا يمكن القول اليوم إن التجسس أصبح مهنة معترفا بها نشأت منذ العصور القديمة وتطورت وتدعم باختراعات وتقنيات متقدمة، وعليه فإنها جزء من المرجعية السلوكية الإنسانية، ويبرر ذلك بكل بساطة القول: من يعرف أكثر عن الخصم يملك السيطرة، ومن يملك السيطرة هو المنتصر، لذا يتم الاعتماد كثيرا على المعلومات التي يجلبها الجواسيس الذين تدفع لهم مبالغ طائلة سواء في فترات السلام أو الحروب، فالمهم معرفة عدد قوات الخصم وعتاده ونقاط ضعفه ومدى تقدمه في صناعة الأسلحة المتطورة والفتاكة، وكان في السابق مصيرهم الإعدام إذا ما كشف أمرهم من الطرف الذي يتجسسون عليه أو يتم تبادلهم مع جواسيس آخرين.
[caption id="attachment_55248898" align="alignleft" width="300"] «سي آي إيه»..أهم دائرة مخابراتية في العالم[/caption]
والجواسيس يخدعون ويكذبون ويحتالون من أجل الحصول على شيء واحد: معلومات قد تكون حقيقية لكن قد تكون غير صحيحة. وكان التجسس غالبا في القديم من أجل خدمة الوطن بعد ذلك أصبح مهنة تدر أموالا، ويعتبر الجواسيس خونة أو أبطالا.
[blockquote]وأهم المعدات التي يستعين بها الجاسوس في مهماته أجهزة تصنع خصيصا للتنصت ولنقل المعلومات وإرسالها بشكل لا يلفت النظر مثل علبة السجائر أو زر القميص أو قلم حبر أو نعل الحذاء أو ساعة، أو أجهزة للتنصت تثبت في أماكن للإضاءة في المكاتب أو طاقات التهوية أو كاميرات التصوير الصغيرة الحجم جدا أو على شكل قداحة سجائر إضافة إلى كاميرا تصوير أفلام ميكرو خاصة للتجسس يمكن بواسطتها تصوير مستندات سرية ومهمة ويكون حجم الفيلم (ميكروفيلم) بحجم الزر أو أصغر بكثير يمكن لصقه في أي مكان حتى على طابع بريد فلا يلفت النظر. وفي الماضي كان الحبر السري من وسائل التجسس لإرسال المعلومات أو نقل رسائل عن طريق خبر ينشر في صحيفة أو كتاب عبر التسطير تحت جمل معينة، أو إرسال برقيات بنص لا يلفت النظر مثلا إلى العائلة أو الزوجة تكون هي بحد ذاتها رموزا سرية يمكن للمرسل إليه حلها وتعتبر بمثابة مفتاح سري (كود).[/blockquote]
وفي السابق استعان الجواسيس أيضا بالصحف التي توزع على نطاق واسع لإرسال معلومة معينة عبر نشر دعاية لها مضمون متفق عليه، كما كان الراديو وسيلة لبث معلومات على موجات معينة تثبت في وقت يتفق عليه.
والتجسس لا يقتصر على زمن الحرب لإرسال معلومات عن العمليات العسكرية لدولة محاربة بهدف إيصالها إلى الطرف الذي يعمل لحسابه، بل أيضا في أوقات السلم لجمع معلومات بهدف تعزيز جبهة الدولة التي يتم التجسس لحسابها في حالة نشوب حرب جديدة كالحصول على معلومات عن تطوير الأسلحة الحربية وما وصلت إليه من تكنولوجيا حديثة، ومن أجل تقوية الصراع القائم بين الدول على القواعد الاستراتيجية والسيطرة على مناطق النفوذ والاستفادة من الاضطرابات السياسية في بقاع العالم. إلا أن عمل الجاسوس ليس فقط سرقة المعلومات بل أيضا دس الفتن والمؤامرات السياسية لخدمة مصالح الدولة التي يعمل لحسابها ويشهد على ذلك الصراعات السياسية في ستينات القرن الماضي في أميركا الجنوبية، ففي تشيلي خطط وزير الخارجية الأميركي سابقا هنري كسينجر من أجل انقلاب في تشيلي ضد الرئيس الذي أوصل الدكتاتور بينوشيه إلى الحكم.
دوائر المخابرات
الولايات المتحدة الأميركية: أهم دوائر التجسس في العالم هي «سي آي إيه» وهي أهم دائرة مخابراتية وتجمع 16 دائرة، وتتعاون مع معظم دوائر التجسس في العالم. ومركز إرسال معلوماتها يكون عادة السفارات الأميركية والقنصليات. وإلى جانب هذه الدائرة يوجد في كل أوروبا تقريبا موظفون يعملون لحساب دوائر أخرى أميركة مثل وكالة استخبارات الدفاع ومركزها في مدينة شتوتغارت في ألمانيا.
وتقول معلومات نشرتها إحدى الصحف الأميركية إن ميزانية دوائر الاستخبارات السرية الأميركية تضاعفت عام 2013 وكان عام 2001 52 مليار دولار، ولديها 107 آلاف بين موظف وعميل في كل أنحاء العالم.
إسرائيل: الموساد وشين بيت: لا تتوفر معلومات كافية في تقرير حماية الدستور الألماني عن أنشطة دائرة المخابرات الإسرائيلية في ألمانيا، لكن فيروس ستوكنت الذي هاجم برنامج إيران النووي أعده، حسب معلومات الأميركي إدوارد سنودن، الموساد ومؤسسة الاستخبارات «سي إن آي» التي عمل لحسابها، ما شل عمل كل المعدات التي اشترتها إيران من شركة «سيمنز» الألمانية وهو ما يعني أن «سيمنز» تعرضت بشكل مباشر أو غير مباشر لهجوم من الموساد. ولدى الموساد قسم بحوث يصدر بشكل منتظم تقارير عن أوضاع البلدان في العالم، وتقود 16 مجموعة عمله وتركز بحوثها بشكل خاص على الشرق الأوسط. ووصلت ميزانية الموساد وشين بيت عام 2012 إلى 6 مليارات شيقل.
المخابرات الصينية: ولديها دائرتان: المخابرات السرية العسكرية ووزارة الأمن الوطني التي تعتبر أكبر دائرة استخبارات في العالم، بينما لا توجد معلومات واضحة عن نشاط الدائرة الأولى. وتمارس أجهزة الاستخبارات الصينية بالإجمال عدة أنشطة منها ضد المعارضة وبالأخص رهبان التيبت، وتمارس بشكل كبير التجسس الصناعي والعسكري. وتلاحظ شركات ومصانع كثيرة أن هجوم الهاكر عليها خيوطه تصل إلى الصين. والدائرة المسماة «المكتب 610» يتجسس بشكل خاص على المعارضين الصينيين في الخارج وبالأخص في ألمانيا.
[inset_right]* من اللافت أن هناك إقبالا كبيرا على دراسة التجسس في الجامعات الالمانية وتدوم الدراسة مدة ثلاثة أعوام[/inset_right]
المخابرات الروسية: وفيها عدة دوائر مخابراتية منها الداخلية وتسمى (إف إس بي) وبنيت على أساس القديمة «كي جي بي» وتستخدم أساليب تجسس قديمة تعود إلى الحرب الباردة. ودائرة «إم إس بي» وأسسها ميخائيل غورباتشوف في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1991 عندما كان رئيسا للاتحاد السوفياتي وبعد شهر شكل الرئيس بوريس يلتسن أخرى تحمل اسم وزارة أمن روسيا الفيدرالية. إلا أنها ألغيت لتحل مكانها الدائرة الفيدرالية لحماية أمن روسيا الفيدرالية. وفي عام 2007 وسع الرئيس مدفيديف صلاحيتها في العمل. ويعمل في دوائر الاستخبارات الروسية نحو 250 ألف شخص.
وتقوم هذه الدائرة أيضا بشن هجمات بإرسالها أنواعا مختلفة من الفيروسات إلى أشخاص وشركات.
المخابرات الإيرانية: وتعتبر دائرة الاستخبارات «في فاك» هي المسؤولة عن التجسس والشؤون الأمنية في الخارج والداخل، لكن كما العديد من السفارات فإن السفارة الإيرانية تشرف على أنشطة عملاء دائرة المخابرات الإيرانية في الخارج المسماة «إم أو آي إس». وإلى جانب تجسسها الاقتصادي والتطور التقني خاصة ما يتعلق بتطور البرامج النووية تراقب تحركات المجموعات المعارضة للنظام. وفي عام 1992 تم اغتيال أربعة قياديين أكراد إيرانيين أحد المشاركين في العملية كان عميلا لهذه الدائرة.
المخابرات السورية: ويتجسس عملاؤها إن في دائرة مخابراتها العسكرية أو المدنية على معارضين سوريين في ألمانيا خاصة خلال المظاهرات حيث يتم الكشف عن هوية المنفيين السوريين من أجل الضغط على ذويهم في البلاد. وفي عام 2012 سفرت ألمانيا أربعة دبلوماسيين سوريين بسبب أنشطتهم التجسسية.
أشهر الجواسيس في التاريخ
ولا بد من القول إن أشهر الجواسيس في العالم كان الراقصة العارية الهولندية مارغريتا غرترويدا، واسمها الفني ماتا هاري (1876 - 1917) ووصفت بالمرأة الفاتنة والفتاكة.
عاشت مع زوجها الهولندي الضابط في إندونيسيا فانبهرت بالشرق وأحبت الرقص الشرقي الذي تعلمته، وحين عادت إلى هولندا فضلت ترك زوجها والذهاب إلى باريس لإبراز مواهبها الفنية لكنها فشلت، ولم يكن أمامها سوى تقمص شخصية جديدة كي تعيش فأطلقت على نفسها اسم ماتا هاري وادعت أنها راقصة في المعابد الهندوسية، وبعد أن أحبت ضابطا ألمانيا تركت الرقص لكنه خيب أملها وتركها فأحبت رجلا فرنسيا انتقاما منه. وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى عادت إلى بلدها وكانت مفلسة فتمكن قنصل ألمانيا يومها من تجنيدها كعميلة ألمانية وطلب منها العودة إلى باريس لمد ألمانيا بمعلومات، إلا أن حياتها التي تحولت إلى فوضى سهلت على أحد الجواسيس الفرنسيين تجنيدها أيضا كي تجمع له معلومات عن الألمان الذين تمضي لياليها معهم وكانوا ضباطا كبارا، فأصبحت بذلك عميلة مزدوجة. ومن أجل إنجاح مهماتها كعميلة مزدوجة استغلت إلى أقصى حد جمالها، فكانت تتجسس مرة لحساب الألمان ومرة أخرى لحساب الفرنسيين وفي النهاية كشفت فرنسا أمرها وحكم عليها هناك بالإعدام رميا بالرصاص، لكن حتى اليوم لم يعرف إلى أي جهة كانت تعمل حقيقة، وعندما أعدمت رفضت وضع عصبة على عينيها. وما زالت هذه الشخصية مادة دسمة للمخرجين السينمائيين عندما يريدون تصوير فيلم عن الجواسيس في التاريخ.
وهل يمكن أن يكون زير النساء المشهور كازانوفا جاسوسا (1798 - 1725)؟
[caption id="attachment_55248899" align="alignleft" width="300"] الجاسوس المصري رفعت الجمال (رأفت الهجان)وزوجته فالتراود بيتون[/caption]
ولد كازانوفا في البندقية وعاش مع جدته ودرس القانون، إلا أنه فضل السفر بين عواصم أوروبا منها برلين وبروكسل وروسيا وغيرها ليكون فيلسوفا وشاعرا لحكامها وعاشقا لنسائهم. ذكاؤه ووسامة وجهه سهلا عليه التوغل في الطبقات الأرستقراطية في هذه المدن فانشغل بمغازلة نسائها والجلوس إلى طاولة القمار. ولأنه لم يكن ينتمي إلى عائلة غنية غرق في الديون فأراد العودة إلى وطنه البندقية التي فر منها بعد هروبه من سجنها، لكنه لم يكن يملك المال اللازم، فوصلت المعلومات إلى سمع سلطات الأمن في البندقية وتمكنت من تسخيره ليكون جاسوسها ولكي يعيش ثانية في مدينته.
وزاول الصحافي الألماني ريتشارد زورغه (1895 - 1944) نشاطه التجسسي تحت ستار العمل الصحافي لجريدة «فراكفورتر الغماينه تسايتونغ» الألمانية من اليابان. فهذا الشيوعي الألماني كان خلال الحرب العالمية الثانية من مؤيدي ستالين، وساعدته علاقته الجيدة بالسفارة الألمانية في طوكيو في الحصول على معلومات عن خطط هجوم الألمان واليابانيين على الاتحاد السوفياتي وإرسالها إلى موسكو وظل يمارس عمله التجسسي تحت ستار الصحافة إلى أن فضحت دوائر المخابرات اليابانية أمره عام 1941 وأعدم عام 1944 ومن أجل تكريمه أصدرت السلطات الروسية طابعا بريديا يحمل صورته.
السيدة الدكتورة
ومع تقاريرها السرية المميزة أرادت الألمانية إليزابيث شراغمولر الملقبة بـ«السيدة الدكتورة» اقتحام ميدان التجسس ومنافسة زملائها الرجال للوصول إلى مركز الريادة لخدمة الاستخبارات العسكرية الألمانية عام 1914. ولدت إليزابيث في بروكسل عام 1888 وانحدرت من عائلة فيها الكثير من الضباط، درست في جامعة برلين العلوم السياسية وكانت يومها مادة من النادر أن تدرسها امرأة، وبعد اندلاع الحرب أرادت هذا الشابة، المحبة للمغامرات البالغة من العمر 26 سنة والتي تتحدث الفرنسية بطلاقة، البحث عن وظيفة فتوجهت وحدها إلى بروكسل التي يحتلها الألمان وحاولت العمل في قسم الرقابة. لكن هدفها كان التعرف على شخصية مهمة توصلها إلى مأربها وكان لها ما أرادت، حيث تعرفت بأسلوبها المخادع على قائد القوات المسلحة الألمانية الدوق فون دير غوتس الذي فتن بها وبحماسها فعينها رئيسة دائرة مراقبة الرسائل القادمة من الخارج إلى الجنود وكبار الشخصيات البلجيكية من أجل تحليلها ورفع تقارير بها، وتمكنت في الكثير من الأحيان من الحصول على معلومات سرية مهمة للجيش الألماني. بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى اختارت ميونيخ للعيش، وبعكس معظم الجواسيس لم يكشف أمرها وتحاكم بل أصيبت بالسل وتوفيت عن عمر يقارب 45 عاما.
[caption id="attachment_55248900" align="alignright" width="200"] المخابرات الالمانية[/caption]
ولإيمانهما بالمبادئ الشيوعية قبل الزوجان الأميركيان اتيلا ويوليوس روزنبيرغ العمل لحساب الاتحاد السوفياتي، حيث زوداه بمعلومات سرية ومهمة عن تطور الصناعات الحربية الأميركية، لكن في عام 1951 كشف أمرهما وحكم عليهما بالموت، وكانت عقوبة قاسية وغير عادية في زمن ساد العالم بعض السلام، حتى إن البابا في الفاتيكان عارض الحكم دون فائدة وأعدما بالفعل في الولايات المتحدة على الكرسي الكهربائي عام 1953.
وما يلفت النظر في قضية الدريش اميس الذي ولد عام 1941، إصراره على ممارسة العمل التجسسي لحساب المخابرات السرية الأميركية (سي آي إيه) كما والده، ولم يكن قد بلغ العشرين من عمره، وتمكن من الترقي في مركزه إلى أن أصبح رئيس دائرة مكافحة الجواسيس الروس، لكن الغريب أنه عمل لصالح موسكو لسنوات، ومكنه منصبه من كشف سر العديد من الجواسيس الأميركيين الناشطين في الاتحاد السوفياتي فكان مصير بعضهم الموت. وكان الهدف من عمله الكسب المادي لكن كشف أمره في النهاية وحكم عليه بالسجن المؤبد.
الجاسوس الذي أطاح بالمستشار
وما زالت ألمانيا تتذكر غونتر غيوم (1927 - 1995) الجاسوس الآتي من ألمانيا الشرقية ومنحه مستشار ألمانيا الغربية يومها فيلي برندت كامل ثقته حتى إنه كان يحضر معه جلساته الخاصة جدا. غيوم الذي قاتل في الحرب العالمية الثانية سلم نفسه إلى المخابرات السرية في ألمانيا الشرقية كي تحضره لعمليات تجسس غير عادية، وهذا ما حصل بالفعل. فبعد هروبه إلى ألمانيا الغربية ولم يكن هناك يومها من دواع للبحث عن ماضي الشخص الفار، فكل من يأتي من المعسكر الشرقي يرحب به، تمكن من العمل في مكتب وزير المواصلات جورج ليبر الذي توسط له بالعمل في ديوان المستشارية، وسمح له نشاطه وحبه للعمل تسلق سلم الوظائف إلى أن أصبح المتحدث الشخصي للسياسي الاشتراكي فيلي برندت، ونظم له الحملات الانتخابية وفاز الأخير بمنصب المستشارية. في هذه الأثناء كان غيوم يقوم بمهمته الأساسية وهي سرقة ملفات من المستشارية وكل ما هو مهم من معلومات وإرسالها إلى المخابرات السرية في ألمانيا الشرقية (شتازي) إلا أن أمره كشف عام 1974 فالقي القبض عليه في بون، في الوقت نفسه أعلن فيلي برندت استقالته من منصبه بسبب الفضيحة التي لم تعرف ألمانيا مثيلا لها.
الحسناء الامريكية
وقصة الحسناء الأميركية فاليري بلام لا تقل غرابة عن غيرها وأحدثت ضجة كبيرة. ولدت فاليري عام 1963 وتخصصت بشؤون الشرق الأوسط، وأصبحت عميلة لدائرة المخابرة «سي آي إي»، لكن الكشف عن أمرها لم يكن على يد أي دائرة استخبارات بل اعترفت في تقرير صحافي عام 2003 يتعلق بزوجها الدبلوماسي جوزيف ويسلن الذي أوفدته واشنطن في نيجر كي يجمع معلومات عن حقيقة شراء العراق لمواد كيماوية، لكنه دحض هذه المعلومات، وهذا ما استندت إليه وكالة الطاقة النووية مع إصرار حكومة الرئيس بوش يومها على وجود هذه الأسلحة الفتاكة. ومن أجل الانتقام من ويسلن سربت الإدارة الأميركية معلومات عن نشاط زوجته مع «سي آي إيه»، فبادرت الزوجة إلى قول كل الحقيقة. ففي تقرير لها عن عمل زوجها اعترفت في إحدى الفقرات بأنها جاسوسة ولقد شعرت بأن السلطات الأميركية قد خانتها بعد أن استغنت عن خدماتها.
وتعتبر آنا شوبمان (32 سنة) من الجواسيس الذين اعتمدت عليهم المخابرات السرية الروسية (كي جي بي) وهي ابنة فاسيلي كوتشينكو الضابط السابق في هذه المؤسسة. ترعرعت آنا في روسيا وتزوجت البريطاني الكس شابمان وعاشت في لندن لكنها انفصلت عنه عام 2006. وخلال إقامتها في لندن زودها والدها بمبالغ ضخمة من أجل تمويل عمليات الجواسيس الروس. عملت في نيويورك كوسيطة عقارات لتغطية حقيقة عملها، إلا أن الـ«إف بي آي» اعتقلتها عام 2010 مع تسعة جواسيس روس وتم تبادلها في مطار فيينا مقابل أربعة جواسيس روس عملوا لحساب الغرب من بينهم الجاسوس وعالم الفيزياء ايغور سوتياجين، وسحبت منها الجنسية البريطانية وتعمل منذ عام 2011 في محطة تلفزيون روسية خاصة.
تجسس متبادل
ورغم الصداقة الحميمة التي تجمع الولايات المتحدة وإسرائيل فإن البلدين قد تجسسا على بعضهما البعض، وتذكّر تقارير بقصة الإسرائيلي يوسف اميت وكان ميجور سابق في الجيش الإسرائيلي وتجسس لسنوات طويلة على بلاده لحساب «سي آي إيه» وركز على تحرك الجيش الإسرائيلي والقرارات السياسية التي كانت تضعها القيادة الإسرائيلية بشان لبنان والفلسطينيين، لكن كشف أمره عام 1986 وأودع السجن في تل أبيب.
واعترف اتمار روبينوفيتش بأن المخابرات السرية الأميركية حلت الكثير من الشفرات التي تستخدم في السفارة عندما كان سفير بلاده في واشنطن ما بين عامي 1993 و1996، كما تنصتت على كل مكالمة تجرى من السفارة مما يعني أن كل اتصال كان مهددا بأن يكشف محتواه من قبل الجانب الأميركي لذا كان يضطر إلى السفر بنفسه إلى تل أبيب عندما يتعلق الأمر بمعلومات فائقة السرية أو الأهمية.
وأهم قصص تجسس إسرائيل على الولايات المتحدة كانت قصة الجاسوس جوناثان بولارد الذي ولد في تكساس 1954، حيث استغل منصبة في القوات البحرية الأميركية لتسريب معلومات دقيقة إلى دائرة المخابرات الإسرائيلية «لاكام» (لحماية البرنامج النووي الإسرائيلي)، وحكم عليه بالسجن المؤبد عام 1986 بعد أن اعترف بذنبه وهو ما زال مسجونا بينما حكم على زوجته آن هندرسون بولادر بخمس سنوات وأفرج عنها عام 1989 وكانت تساعده في عمله. ومع أن إسرائيل نفت أن يكون عميلا لها منحته عام 2008 الجنسية الإسرائيلية.
الجاسوس الغني
والجاسوس كلاوس كورون بعكس الجواسيس الآخرين، درت عليه مهنته مبالغ طائلة. بدأ عمله في دائرة مكافحة التجسس التابعة للدستور الاتحادي في ألمانيا عام 1981 لمدة ثماني سنوات في الوقت نفسه كان جاسوسا للمخابرات السرية في ألمانيا الشرقية (الشتازي). والغريب أنه نال في عام 2003، أي بعد الوحدة الألمانية، مكافأة لم تعرف أسبابها حتى اليوم وصلت إلى 270 ألف يورو. ولقد أكد بعد ذلك أنه دفع كل الضرائب التي يتوجب عليه دفعها عن هذه المبالغ لأن عمله كجاسوس «كما أي عمل حر يجب دفع ضرائب عليه».
[caption id="attachment_55248901" align="alignright" width="250"] الرئيس الأميركي أيزنهاور [/caption]
وعند الحديث عن الجواسيس وقصصهم لا بد من ذكر جسر غلينيكه الواقع بين برلين ومدينة بوتسدام، لأنه كان المكان الذي يتم عبره تبادل أشهر وأخطر الجواسيس بين المعسكرين الشرقي والغربي. وكان الفاصل بين الجانبين خط أبيض اللون يجب أن يتحرك الجاسوس باتجاهه، مثلا من الجهة الشرقية الذي يجب تبادله مع آخر يتحرك أيضا من الجهة الغربية، وذلك بحضور كبار المسؤولين من الجانبين. وعند وصول الجاسوسين إلى الخط الأبيض يتم العد العكسي لوصول كل عميل إلى الجهة الأخرى التي يجب أن يسلم إليها. وعبر الجسر جرى في العاشر من شهر فبراير من ستينات القرن الماضي تبادل الطيار الأميركي فرنسيس غاري باور بالعميل الروسي رودولف ايفانوفيتش ابل.
الجاسوس الأميريكي حلق بطائرة يو 2 التجسسية في الأجواء السوفياتية من أجل التقاط صور لبعض المراكز الحساسة، لكن كشف أمره وأجبر على الهبوط. هذه القصة ألغت لقاء مهما جدا كان سيعقد في باريس في مايو (أيار) 1960 بين الرئيسين السوفياتي خروتشوف والأميركي أيزنهاور الذي رفض أن يتأسف على عملية التجسس، فحكم على باور بالسجن لمدة عشرة أعوام. بينما وصف العميل السوفياتي ابل بالخائن وكان قد ألقي القبض عليه في نيويورك عام 1957 متخفيا تحت ستار فنان مصور، وعمله هو البحث عن المؤسسات المهمة والحساسة وتصويرها وإرسال الصور إلى موسكو إلى أن كشفت «إف بي آي» أمره وحكم عليه بالسجن لثلاثين عاما.
لكن العمل الذي قام به الجاسوس الألماني راينر روب وأطلق عليه اسم «توباس» فاق الحد، ففي عام 1969 أوكلت إليه المخابرات السرية (الشتازي) العمل في حلف شمال الأطلسي وبالفعل نجح خلال 12 سنة من تسريب أكثر من عشرة آلاف ملف ومعلومة إلى برلين الشرقية التي أرسلتها بدورها إلى حلف وارسو. وسخر زوجته كي تعمل معه وذلك تحت اسم «توركيز» أي اللون الفيروزي. ومن أهم الوثائق التي سربها إلى حلف وارسو ملف اسمه «إم 16» يحتوي على كل المعلومات التي جمعها حلف الأطلسي عن حلف وارسو وتحليلات عنها، فهذا ساعد السوفياتي في معرفة الاستراتيجية الأطلسية التي يتبعها الغرب حيال المعسكر الشرقي وبناء استراتيجية مضادة. إلا أن كشف سر توباس لم يحدث إلا بعد سقوط ألمانيا الشرقية عام 1989 وتحليل ملفات الشتازي عنه. وفي عام 1993 حكم عليه وعلى زوجته بالسجن لمدد تتراوح ما بين 12 سنة و22 شهرا لكن صدر عفو عنهما في شهر يوليو عام 2000. وما يلفت النظر أنه أصبح بعد ذلك عضوا في الحزب الديمقراطي الاشتراكي ومعظم أعضائه من ألمانيا الشرقية ويكتب اليوم لبعض الصحف الألمانية، ويقول بفخر إنه عطل ضربة نووية. فخلال مناورات الأطلس التي كان يقوم بها تحت اسم «أبل آرشر 83» حدث سوء تفاهم فاعتقد السوفيات أنها تحضير حقيقي لضربة نووية لكن توباس أرسل بسرعة معلومات توضح أمر المناورة. وبالفعل كادت هذه المناورة التي زادت العداء بين المعسكرين خلال الحرب الباردة أن تفجر حربا نووية بينهما. ولقد قال القاضي الذي أصدر الحكم على توباس لو استخدم الروسي معلومات توباس بالشكل المطلوب والجيد لكانوا قد دخلوا المحيط الأطلسي بكل سهولة حيث ترابط قطع حلف الناتو.
[inset_left]
*وصف الرئيس الأميركي أيزنهاور مارتين وميتشيل بأنهما ارتكبا خيانة عظمى وسحبت منهما الجنسية الأميركية[/inset_left]
وكان توباس ينقل الملفات المسروقة تحت نظر المخابرات السرية الأميركية (سي آي إيه) من بروكسل عبر ما يسمى بالحدود الخضراء إما إلى النمسا وإما إلى الدنمارك ومن هناك إلى الشرق. ولم يرتكب أي خطأ خلال عمله التجسسي.
وفي ستينات القرن الماضي عرف العالم قصة مماثلة لقصة إدوارد سنودن، فالشاب الأميركي وليام مارتن الذي عمل في دائرة المخابرات «إن إس آي» كما سنودن وكان متخصصا في علم الرياضيات، قرر القيام بخطوة من أجل فضح هذه الدائرة وكانت تتجسس يومها على المكالمات الهاتفية والرسائل من الخارج إلى المواطنين الأميركيين، فاتفق مع زميل برنون ميتشيل التصدي لهذا التعدي على الأمور الشخصية حسب وصفه، فأخذا عطلة وطارا إلى المكسيك ومن هناك إلى موسكو، وفي السادس من شهر سبتمبر (أيلول) عام 1960 وقفا متنكرين بشخصية صحافيين وسردا أمام صحافيين من كل أنحاء العالم ما تقوم به دائرة المخابرات في بلادهما، منها كيف تمكن مع زملائه في «إن إس آي» من فك شفرة السفارة التركية في واشنطن وكيف أن هذه المؤسسة تقوم بطلعات تجسسية بطائرات من دون طيار فوق الأراضي السوفياتية وأن واشنطن شاركت في الإطاحة بأنظمة كثيرة من العالم.
ووصف الرئيس الأميركي أيزنهاور يومها مارتين وميتشيل بأنهما ارتكبا خيانة عظمى وسحبت منهما الجنسية الأميركية، المهم أن الشابين كما سنودن اختارا موسكو للبوح بسر «إن إس آي» فهل هذا من قبيل الصدفة؟
جاسوس وراء تحسين العلاقة
والفضل في بناء الغرب علاقات طيبة من الرئيس الروسي ميخائيل غورباتشوف يعود إلى اولاغ غورديافيش وولد عام 1938، وكان كولونيلا في المخابرات السرية «كي جي بي» ثم عمل عام 1982 مديرا لمكتب هذه الدائرة في لندن. فهناك تمكنت المخابرات السرية البريطانية «إم 16» من إقناعه بالعمل لحسابها فعمل 11 سنة عميلا مزدوجا وزود الغرب بمعلومات مهمة عن أنشطة الاتحاد السوفياتي، لكنه كان أول من أبلغ الغرب عن بروز غورباتشوف الذي كان الأمين العام للحزب الشيوعي الروسي مما سهل فهمه والتعامل معه فيما بعد. لكنه استدعي إلى موسكو بعد اكتشاف أمره وأخضع للاستجواب، وبمساعدة المخابرات البريطانية تمكن من الفرار والعودة إلى لندن.
نادي للجواسيس
ومع أن الحرب السرية بين جواسيس الأوروبيين الشرقيين والغربيين قد انتهت منذ سنوات طويلة، أي منذ إزالة الجدار الحديدي بينهما، فإن هؤلاء أو بعضا منهم ما زال ناشطا، ليس من أجل القيام بمهمات سرية، فالأقمار الاصطناعية والتجسس عبر أجهزة الكومبيوتر أو الهواتف الجوالة وتقنيات أخرى ألغي دورها تقريبا، بل إنهم يلتقون لأمور بعيدة عن كل ذلك. ففي مكان بالعاصمة السويسرية برن ويسمى «نادي برن» يتبادل الجواسيس السابقون من الشرق والغرب المعلومات بشكل غير رسمي، ومواعيد اجتماعاتهم سرية ولا يتخذ خلالها أي قرار ولا توجد لديهم سكرتيرة ويعملون من دون مراقبة سياسية، لكنّ لديهم رئيسا، وعدد الأعضاء يعتقد أنه 20 جاسوسا من غرب أوروبا، ومن ألمانيا أيضا.
وتقول معلومات موثوق بها إن النادي تشكل عام 1971، أي في وقت كان على علم بمصير العملاء في الشرق والغرب لذا قرر الحفاظ على نفسه. وتشكل في البداية من جواسيس من منطقة جبال الألب (ألمانيا، النمسا، سويسرا، إيطاليا، فرنسا) ومنذ ذلك الحين يعمل أعضاؤه بسرية ويلتقون مرتين في العام، ولا أحد يعرف ماذا يعمل هذا النادي حقيقة ومن هو العضو فيه ومن يديره حقا وعلى أي أسس أو أنظمة، فكل ذلك سر.
[caption id="attachment_55248902" align="alignleft" width="150"] لينين[/caption]
ويقول مصدر مطلع إنه وإلى جانب مدينة برن السويسرية فإن العاصمة فيينا كانت وما زالت تعج بالجواسيس على أنواعهم يعملون من دون أي عائق. وكما يقول زيغفريد بيير مدير مركز الاستخبارات في مدينة غراس النمساوية هناك تقليد يتبع في التعامل مع هذا الوجود. وكما هو معروف فإن النمسا مركز تجمع مؤسسات دولية مهمة منها منظمة الأوبك ومنظمة التعاون والأمن في أوروبا ويعمل فيها ما لا يقل عن 17 ألف دبلوماسي، نصفهم له علاقة عمل مع دائرة مخابرات بلاده، ولروسيا وحدها حسب تقدير بيير 500 جاسوس خاصة من أجل مراقبة أنشطة المعارضين الشيشان في المنفى.
ألمانيا تساعد لينين
وإذا ما أراد الروس شكر بلد لمساعدتهم في القيام بثورة الفلاحين أو ثورة أكتوبر (تشرين الأول) فهي ألمانيا. ففي عام 1917 تمكن ضابط من الجيش الألماني بمساعدة جواسيس ألمان من مساعدة لينين (قائدة الثورة) الذي كان لاجئا في سويسرا للدخول إلى بلاده عبر قطار يمر بعدة بلدان ويصل إلى روسيا، مما مكنه من تنفيذ ثورته بعد إبرام اتفاق سلام مع ألمانيا في شهر مارس (آذار) عام 1918.
لكن العملية المخيبة للأمل وسميت تلغرام تسيمرمان حدثت مطلع عام 1917، حيث أرسل وزير الخارجية الألماني يومها آرثر تسيمرمان تلغرافا مشفرا إلى سفيره في المكسيك يعلمه باقتراح بلاده إقامة تحالف بينها وبين المكسيك ضد الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن المخابرات السرية البريطانية التقطته وفكت رموزه وأبلغت الحليفة الأميركية بالأمر، وهذا أدى إلى دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى.
ولقد دفع تدهور الوضع الأمني في ليبيا بسبب إهمال الجواسيس في شمال أفريقيا الاتحاد الأوروبي لبناء شبكة جواسيس جديدة تحت قيادة الليدي كاترين آشتون مفوضة الشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، وهي بمثابة دائرة تجسس أوروبية صغيرة تحلل الوضع العالمي وتعرف تحت اسم مركز سيت - سنين ويقع في جادة كورتنبيرغ بالقرب من مركز الاتحاد الأوروبي وتزود قيادته بالمعلومات اللازمة.
دراسة التجسس
ومع أن التجسس مهنة على من يمارسها عدم البوح بسره فإنه يمكن دراستها في ألمانيا كما أي مادة أخرى، فمن أجل هذا الغرض أنشأت المخابرات السرية الألمانية «بي إن دي» عام 2008 مؤسسات على مستوى جامعي.
وشروط الدراسة توفر شهادة البكالوريا أو شهادة من كلية تقنية وإتقان اللغة الإنجليزية ويفضل أن يكون للمرشح أو المرشحة اطلاع جيد بمادتي الرياضيات والفيزياء وأنجز فترة تدريب مهني معين.
واللافت أن هناك إقبالا كبيرا على هذه الدراسة التي تدوم ثلاثة أعوام وينال فيها الطالب أو الطالبة نوعا من شهادة بكالوريوس الهندسة، مما دفع الإدارة إلى تحديد عدد المقاعد.
وتكون الدراسة في بولاخ بالقرب من مدينة ميونيخ وفي جامعة الجيش الألماني في بلدة ميونيخ نويبيبرغ. والدراسة ليست نظرية فقط بل وعملية أيضا، وعند التخرج يلزم المتخرج أو المتخرجة منها التجسس لمدة خمس سنوات لصالح ألمانيا. والميزات فيها عدم وجود رسوم دراسية مع الحصول على ما يوصف بالراتب عند التدريب. وتسمى الدراسة «علوم الحاسب الآلي التقني وتكنولوجيا الاتصالات».