بعد فوز الرئيس محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بكرسي الرئاسة في الجمهورية الثانية، تردد اسم الدكتور محمد العريان، بقوة داخل أروقة الحزب، وتصدر الخبير الاقتصادي العالمي، الأسماء التي كانت مرشحة لتولي رئاسة الوزراء، خلفا للدكتور كمال الجنزوري المعين من المجلس العسكري، وكان من جملتهم الخبير الاقتصادي ومحافظ البنك المركزي الأسبق محمد ابو العنيين، والدكتور فارق العقدة محافظ البنك المركزي السابق، ووزير المالية الأسبق حازم البيلاوي، إضافة الى الناشط السياسي الدكتور محمد البرادعي، إلا أن الرئيس مرسي فاجأ الجميع بعد عدة اسابيع من المشاورات، باختيار الدكتور هشام قنديل وزير الري في حكومة الجنزوري، رئيسا للوزراء، وذلك في الوقت الذي تعاني فيه مصر من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وصفت بالكارثية، وتحتاج الى رئيس حكومة لديه خبرة اقتصادية كبيرة لحل الأزمة الطاحنة، التي تمر بها البلاد منذ ثورة يناير.
[blockquote]جاء تعيين أوباما للعريان رئيسا للتنمية في البيت الأبيض، صدمة للشعب المصري، بعد فشل حكومة قنديل في إيجاد الحلول المناسبة للازمة الاقتصادية، واندهشت قوى سياسية مصرية من تفضيل الرئيس المصري هشام قنديل على الاقتصادي العريان، الذي استعان به الرئيس اوباما لتنمية اقتصاد الولايات المتحدة، وتلقى محاضراته الاقتصادية في انحاء العالم، اهتماما دوليا بين النخب الاقتصادية والسياسية.[/blockquote]
سيرة ومسيرة
ولد محمد عبد الله العريان في نيويورك سنة 1958، وعاش في مصر عشر سنوات، قبل أن ينتقل والده أستاذ القانون المستشار عبد الله العريان، الى نيويورك عام 1968، ورافق محمد العريان والده الذي عمل قاضيا في محكمة العدل الدولية. ثم سفيرا لمصر في فرنسا، وتلقى العريان تعليمه في مصر وفرنسا ولندن، وحصل على شهادته الجامعية في الاقتصاد من جامعة كامبريدج، ثم حصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة أكسفورد في بريطانيا. واستقر العريان في واشنطن منذ عام 1983. وتزوج من محامية أميركية
شغل محمد العريان، الذي يعد من أبرز الخبراء الاقتصاديين في العالم، منصب الرئيس التنفيذي في مؤسسة بيمكو الاستثمارية العالمية، التي تعتبر من أكبر شركات إدارة الأصول في العالم، وتدير أصولا تزيد قيمتها على 1100 مليار دولار أميركي، وذلك منذ عودته إليها في يناير (كانون الثاني) عام 2008، بعد أن عمل لمدة عامين رئيسا تنفيذيا في وقف جامعة هارفارد، الذي يتولى إدارة صندوق المنح الجامعية والحسابات التابعة لها. ورغم أنه لم يطل مكوثه هناك، فإنه خلال سنة مالية كاملة من قيادته، استطاع الصندوق أن يحقق عائدا نسبته 23 في المائة، هو الأعلى في تاريخ الجامعة.
صندوق النقد الدولي
عمل لمدة 15 عاما لدى صندوق النقد الدولي في واشنطن، قبل تحوله للعمل في القطاع الخاص، حيث عمل مديرا تنفيذيا في "سالمون سميث بارنى" التابعة لسيتى غروب في لندن، وفي عام 1999 انضم إلى مؤسسة بيمكو الاستثمارية العالمية. نشر العديد من الدراسات حول القضايا الاقتصادية والمالية العالمية. وعمل العريان في العديد من المجالس واللجان الاقتصادية والمالية والدولية، بما في ذلك وزارة الخزانة الأميركية، والمركز الدولي للبحوث، ومعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، . ويعمل باحثا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، وكامبريدج في الولايات المتحدة.
وصنف الاقتصادي المصري البارز ضمن "أقوى 500 شخصية عربية 2011"، في "أريبيان بزنس"، وضمن "أفضل 100 شخصية عربية "، في "أريبيان بزنس"، أيضا عام 2009.
حصد العريان ألقابا كثيرة، وبرز اسمه كواحد من أهم نجوم عالم الاستثمار. ونال عدة جوائز عالمية عن كتابه "عندما تتصادم الأسواق".
نشر الدكتور العريان أبحاثه عن الاقتصاد الدولي والقضايا المالية على نطاق واسع في صحف ومجلات اقتصادية وسياسية عدة، ووضع اسمه على قائمة "فورن أفيرز" ضمن أفضل 100 مفكر في العالم أعوام 2009، و2010، و2011.
عندما تتصادم الأسواق
قدم العريان للعالم من خلال كتابه "عندما تتصادم الأسواق" رؤية جديدة للنظام المالي العالمي بعد الأزمة الاقتصادية عام 2008 ، قامت على أسس ومبادئ مبتكرة، تخلصت من الرؤية التقليدية التي حكمت عالم المال والاقتصاد والسياسة، وقدمت رؤيته حقائق وواقعا جديدا للاقتصاد العالمي، تمثل في زيادة نصيب ونفوذ دول وأسواق جديدة، أطلق عليها اسم الأسواق الناشئة، ووفر العريان الأدوات التي يمكن أن تساعد في فهم الأسواق، والاستفادة من التغيرات الاقتصادية العالمية، وإدارة المخاطر. وتصدر كتابه قائمة أفضل الكتب مبيعاً في صحيفتي "نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال". كما نال الكتاب الذي وصف بأنه إنذار جاء في الوقت المناسب للوقوف على التغيرات التي تحدث في عالم الأنظمة المالية والاقتصادية العالمية، بجائزة "فايننشال تايمز" و"غولدمان ساكس". واعتبر آلان غرينسبان رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي السابق، الكتاب من الكتب المهمة التي يجب أن يقرأها كل من يريد أن يفهم خبايا عالم الاستثمار الحديث.
[caption id="attachment_55243083" align="alignleft" width="300"] الدكتور محمد العريان يلقي محاضرة في"بيمكو" [/caption]
وعن كتابه قال العريان "إن الالتقاء العنيف بين ارتفاع النمو وانخفاض التضخم في الفترة ما بين عامي 2003 و2007، كان انحرافًا من غير المرجح أن يعود لطبيعته. وعوضاً عن ذلك، على المستثمرين أن يستعدوا لمواجهة اقتصاد أميركي بطيء.
كما لفت العريان في كتابه الى أن عبء الديون التي تثقل واشنطن، تهدد الولايات المتحدة كمركز للنمو الرئيس في العالم، الا أن هناك جانبًا يدعو للتفاؤل، وهو أنه في حين تتحول دول مثل الصين وكوريا الجنوبية والهند من الاقتصاد المدعوم بالتصنيع الى الاقتصاد الاستهلاكي، فإن اختلال التوازنات العالمية بين الدول الدائنة والمدينة قد يتعادل. علاوة على ذلك سيخلق الدمج بين التكتلات الاقتصادية في العالم النامي مصادر بديلة للنمو من شأنها زيادة الطلب. هذا الاتجاه حدده العريان منذ فترة طويلة، قبل أن يصبح معروفا باسم "اللا اقتران"، وهي نظرية تم اثباتها بواقع النمو القوي في الصين وتقاربها الاقتصادي مع اقتصاديات الشرق الأوسط وأفريقيا.
كما ساهم العريان عضو هيئة التدريس في كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد في علاج "فاجعة" اليابان الاقتصادية عام 2011، وقال بعد تحليل الأداء الاقتصادي الياباني خلال السنوات الماضية، ان الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها اليابان كانت متوقعة منذ عام 1995، وقدم نصائحه لانعاش الاقتصاد الياباني.
بنك الكويت الوطني
الدكتور محمد العريان عضو المجلس الاستشاري الدولي لمجموعة "بنك الكويت الوطني"، منذ تأسيسه في العام 2007، وله مساهمات كبيرة في وضع التصورات الاستراتيجية للبنك، ودعم وجوده ومبادراته على الساحة الدولية، ودعم أسس الحوكمة والادارة للبنك، الى جانب تعزيز شبكة العلاقات الدولية والاستراتيجية له على المستويين الاقليمي والعالمي .كما شارك العريان في ندوة بنك الكويت الوطني السنوية في العام الماضي متحدثا عن الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
يقول الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني ابراهيم شكري" ان اختيار الدكتور العريان رئيسا لمجلس التنمية في البيت الأبيض، من قبل الرئيس الأميركي باراك أوباما، سيعطي دفعا قويا لمسيرة التنمية في العالم، وسيكون مكسبا حقيقيا للادارة الأميركية، وتعينه في هذا المنصب يعكس الثقة الكبيرة التي يتمتع محمد العريان، وثقل وزنه على الساحة الدولية.ونفخر في بنك الكويت الوطني بوجود شخصية مرموقة كمحمد العريان بين أعضاء المجلس الاستشاري الدولي للبنك، لما له من دور بارز وبصمات واضحة ومساهمات كبيرة في عمل المجلس".