أكد القيادي الإخواني البارز، ورفيق مشوار الرئيس محمد مرسي، الشيخ إبراهيم منير في حواره لـ: "المجلة" رفضه القاطع لدعوة نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الدكتور عصام العريان بتسليح حراس وأفراد أمن جماعة الإخوان المسلمين لحماية مقراتهم في أنحاء مصر، معتبراً أنَّ هذه الدعوة ستحول المواجهات والإختلافات الايديولوجية والسياسية بين الإخوان وخصومهم الى معارك مسلحة دمويَّة، وفيما يتعلق بالإنقسام الشعبي وصراعات النخب السياسية المصرية بأكملها بعد الاعلان الدستوري والاستفتاء على الدستور المصري الجديد كشف أمين التنظيم الدولي للإخوان في الغرب الشيخ إبراهيم منير عن ما وصفها بمؤامرة تتعرض لها مصر والنظام الجديد من بعض القوى السياسية والرموز الوطنية لإسقاط الرئيس أو إفشاله، مشيراً إلى أنَّ رفضهم للحوار الذي دعا اليه الرئيس أظهر حقيقة أمرهم، كما تناول الحديث أهم الأخطاء التي وقع فيها الرئيس مرسي منذ توليه السلطة وتراجعه عن قرارات عدَّة أفقدت النظام بريقه بحسب الخبراء والمحللين، منوِّهاً أنَّ الخطأ الوحيد الذي وقع فيه الدكتور مرسي أنَّه أحسن الظن بـ"أسماك القرش" التي وضعها النظام السابق في مؤسسات الدولة، والغالبية منها لا تعرف الفرق بين الولاء لشعبها وبلدها وبين الولاء لمن ربّاها وفتح لها خزائن بلدها بغير حق.
وعن العلاقات الشخصية والعائلية التي تربطه بالصديق الحميم الرئيس محمد مرسي وأسرته، قال القيادي الإخواني الشيخ إبراهيم منير، المقيم في بريطانيا منذ سنوات عدّة "بقدر امتناني للرئيس بإصداره عفوا عن شخصي بعد الأحكام الظالمة التي أصدرتها محكمة أمن الدولة العليا طوارئ في مصر بتهمة غسل أموال بناءً على تحريات كاذبة من جهاز أمن الدولة وتواطئ من النيابة التي كان على رأسها المستشار عبد المجيد محمود، فقد انقطعت الصلة بيني وبين الرئيس فور انتخابه".
وجدير بالذكر أنَّ المستشار عبد المجيد محمود النائب العام الذي عزله الرئيس مرسي عن منصبه في اعلانه الدستوري المثير للجدل كان قد أحال إلى القضاء في أبريل/نيسان 2010م الشيخ إبراهيم منير وأربع من قيادات الإخوان بتهمة الإرهاب وقيادة التنظيم الدولي وغسل الأموال قبل أن يصدر الرئيس محمد مرسي قراره بالعفو عن صديقه الحميم الشيخ ابراهيم منير في الأول من أغسطس/آب الماضي.
عن هذه الأمور التي تشغل الساحة المصرية وغيرها كان هذا الحوار:
• في تصوركم ما هو سبب انقلاب الدكتور محمد البرادعي والسيد عمرو موسى والسيد حمدين صباحي على الرئيس المنتخب محمد مرسي؟ ولماذا كوّن الثلاثة إضافة إلى رئيس حزب الوفد السيد البدوي والدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي، وغيرهم، جبهة ضد الرئاسة رغم الاختلافات السياسية والإيديولوجية بينهم؟ ولماذا غاب ما يسمى بـ: "جبهة الإنقاذ الوطني" عن الحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية؟
[caption id="attachment_55241046" align="alignright" width="291"] الرئيس مرسي في مكتب الشيخ ابراهيم منير في لندن عام 2008 [/caption]
- قول الحقيقة أحيانا يكون صعبا على البعض، ومن المؤلم والمؤسف أن القوى السياسية والرموز الوطنية التي تجمعت تحت خيمة ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011م سرعان ما تشتتت بمجرد أن اختفى من المشهد رموز النظام السابق، وظن هذا البعض أنَّ الأمر قد انتهى، وبدأ يبحث عن دور له في المرحلة الجديدة مستصحبا ثقافة إقصاء تيار الإسلام السياسي الذي عمل حكم العسكر على ترسيخها بتشويه شخوصها وأفكارها والذي وصل إلى حد التشكيك في أنَّ الإسلام نفسه لم يعد في استطاعته مواكبة حركة التاريخ وبأنَّ الفكر الإسلامي إقصائيٌ بطبيعته، وبأنَّ الناشط الإسلامي لا يجب أن يتعدى دوره في الحياة العامة حدود الإنشغال بالخدمات الإنسانية المحدودة تحت سمع وبصر ومراقبة الأجهزة الأمنية مع استمرار وتيرة الاعتقالات والمحاكمات للتعويق وترسيخ مجمل الاتهامات لهذا التيار.
وعندما انتهت الانتخابات الرئاسية بوصول أحد الرموز الإسلامية إلى رئاسة الجمهورية حدثت وللأسف الشديد صدمة لدى هؤلاء السادة وأصبح الهمُّ الرئيس لهم هو إسقاطه أو إفشاله ومحاسبته على الصغيرة والكبيرة متجاهلين عن عمد حجم التراث السيء الذي تركه النظام السابق في كل نواحي الحياة في مصر وخصوصا في الأجهزة الحكومية، وجاء رفض الحوار مع الرئيس ليظهر حقيقة الأمر.
• يُلاحظ تحسّن العلاقة بين الإخوان والجماعة السلفية والجماعات الإسلامية إلى حد كبير وتوحدها أمام القوى الليبرالية واليسارية والعلمانية في مصر، من وجهة نظركم لماذا ينظر الإخوان بريبة لاتحاد القوى السياسية المتناحرة أمام الإخوان ولا ينظرون إلى أنفسهم باتحادهم مع بعض التكفيريين
من الجماعة السلفية والجماعات الإسلامية؟
- أفكار ومباديء جماعة الإخوان المسلمين واضحة ومعروفة من قبل ثورة 25 يناير 2011م وأثنائها وبعدها، وكانت تمد يدها لمن يعمل لصالح بلده أو مَن كانت تأمل فيه تغليب مصلحة مصر وشعبها على مصالحه الخاصة حتى ممَّن كان يعمل مع النظام السابق خشية منه لا رغبة فيه، فما بالك إذا كانت هذه القوى تلتقي معها على نفس أهدافها وهي التيارات السلفية والجماعات الإسلامية التي لا تحمل فكرا مخالفا وليس فيه مخالفة لشرع الله سبحانه ولا تكفير لأحد ولا إقصاء لغير المسلمين من المواطنين، وهذا هو الواقع والقراءة الصحيحة لعلاقة جماعة الإخوان المسلمين مع غيرها وهم جميعا شاركوا في الثورة وساهموا – بعد إذن الله – في إنجاحها.
• ما رأيكم بأزمة الاستفتاء على الدستور وفي المواد الخلافية وفي انسحاب قوى سياسية والكنيسة من الجمعية التأسيسية وتأثير ذلك على شرعية الجمعية ومصداقية الدستور؟
- ليست الأزمة في المواد التي يقال عنها خلافية بعد أن ثبت أمام الجميع أنَّ الذين انسحبوا كانوا قد توافقوا عليها وبتوقيعاتهم الشخصية، أما هذا الانسحاب والذي جاء بعد أكثر من خمسة أشهر من المشاركة والحضور فإنه سياسي لا يخص مواد الدستور نفسه ولا مبادئه ولا توجيهاته ولن يكون له أثر.
معوقات الإصلاح
• من وجهة نظركم، ما هي الأخطاء التي وقع فيها الرئيس مرسي منذ توليه السلطة إلى هذه اللحظة؟ وما هي الأسباب التي جعلته يتراجع عن 4 قرارات مصيرية في 4 شهور فقط، وهي دعوة البرلمان المنحل للإنعقاد وتراجعه عن ذلك، وعزل النائب العام وتعيينه سفيرا وتراجعه، والإعلان الدستوري وتراجعه، وأخيرا تراجعه عن قانون الضرائب الجديد.. ألا يدل هذا وجود خلل ما في أداء صنّاع القرار لدى الفريق الرئاسي؟
- لعل الخطأ الوحيد -هذا إذا اعتبرناه خطأً- أن الرئيس محمد مرسي قد أحسن الظن بأسماك القرش التي وضعها النظام السابق في مؤسسات الدولة، والغالبية منها لا تعرف الفرق بين الولاء لشعبها وبلدها والولاء لمن ربّاها وفتح لها خزائن بلدها بغير حق، وبالتأكيد فإنَّ هذا لا يرجع إلى عدم معرفة الرئيس، بقدر تحلِّيه بأخلاق الثورة والتزامه بالدستور القائم وبالقانون الساري ورفضه اللجوء إلى أي قوانين استثنائية وتنازله عن حقه الشخصي، تاركا للعابثين والمفسدين التآمر والتطاول على شخصه كرئيس لمصر وهو ما قد تسبب في إعاقة قرارات الرئاسة، والتي كان من ضرورات المرحلة أن تحظى بالحالة الثورية ولا تنتظر لأيام وأسابيع تعطي أسماك القرش فرصة لإعادة الهجوم والإفتراس.
وعلى سبيل المثال، فتعهده بحل أزمة المرور والنظافة، وهي من الأزمات التي افتعلها النظام السابق وكان حريصا على بقائها لإفساد مصر كلها، ورغم أنَّها مطالب شعبية فلم يكن يتصور لا الرئيس ولا الشعب أن تعمل بعض الأجهزة الرسمية على تعويق الإصلاح "ليبقى الحال كما هو عليه" بالتعبير المصري الشهير، لتشويه موقف الرئاسة، وحدث ما رآه الناس كيف كانت شاحنات حكومية وعمال حكوميون يقومون ليلا بإعادة ما كان يتم تجميعه بالنهار من القمامة وإلقائه في الشوارع، ثم يُترك للجهات الإدارية التي لا تشعر بالمسؤولية معالجة الوضع.
[caption id="attachment_55241050" align="alignleft" width="150"] المستشار عبد المجيد محمود[/caption]
وبالنسبة للنائب العام السابق والذي كان عزله أحد مطالب الثوار، فقد حاول الرئيس أن يحفظ ماء وجه النائب العام ملتزما بالقانون الذي لا يجيز عزله، وحدث اتفاق معه على أن يقبل النقل إلى وظيفة سفير، وبعد أن وافق وبالتآمر مع بعض من يريد عودة عقارب الساعة إلى الوراء أعلن رفضه، ويشهد على هذه الواقعة بعض كبار المستشارين الذين لا تلحق بهم أي شائبة فساد أو تحيز.
والأمثلة على هذا كثيرة والتي تؤكد على أنَّ الخلل بالأساس ليس في الفريق الرئاسي بقدر ما هو موجود في مفاصل الدولة وبعض مؤسساتها وما فيها من معوقات لم تلحقها بعدُ ثورة الشعب.
تهمة غسيل الأموال
• الرئيس محمد مرسي صديق مقرب لفضيلتكم، وشارككم في ندوات ولقاءات عدَّة، وصاحبتموه في السفر، ورافقتموه وأسرته أثناء فترة علاجه عام 2009م، حيث تجمعكم به صداقة عائلية، هل تقدمون له النصح الآن بصفتكم صديق صدوق له؟ وهل تتوقعون نجاحه في لمِّ شمل الفرقاء والخروج من أزمة المرحلة الانتقالية إلى بر الأمان؟ وما هي رسالتكم له اليوم؟
- بقدر سعادتي بفوز مصر وشعبها بالدكتور محمد مرسي كرئيس لها في هذه الفترة، وبقدر امتناني للرئيس بإصداره عفوا عن شخصي بعد الأحكام الظالمة التي أصدرتها محكمة أمن الدولة العليا طوارئ في مصر بتهمة غسيل أموال بناءً على تحريات كاذبة من جهاز أمن الدولة وتواطئ من النيابة التي كان على رأسها المستشار عبد المجيد محمود، فقد انقطعت الصلة بيني وبين الرئيس فور انتخابه، ولم أعد إلى مصر حتى الآن، وإذا كان عندي من نصيحة أو رأي فإني أحاول إيصالها إلى إخواني في الجماعة أو الحزب فهم العاملون في الساحة، وأداؤهم الذي أتابعه هو الذي يعنيني في المرتبة الأولى، وأنا على يقين إن شاء الله بنجاحه في لمِّ شمل الفرقاء والخروج من أزمة المرحلة الانتقالية إلى بر الأمان.
[blockquote]رسالتي للرئيس مرسي هي إحسان التوكل على الله سبحانه، والثقة في توفيقه، والصبر على أذى الناس فقد أصبح هو الراعي للجميع، وأن يستعين بعد الله سبحانه بالقوي الأمين، فالقوي بلا أمانة يفسد أكثر مما يصلح، والأمين بلا قوة كَلُّ على غيره قد يعيق أكثر مما يقدم من عمل.[/blockquote]
أما علاقتي الشخصية والأسرية بالصديق الرئيس محمد مرسي فإنها تعود إلى سنوات طويلة، وتوثقت بشكل كبير جدا على المستوى الشخصي والعائلي بعد زيارته للعلاج في لندن عام 2009م، ولكنها توقفت مؤقتا بعد أن أصبح رئيسا، لأني أدرك تماما أنَّه في غاية الإنشغال بهموم البلاد، ولا شك أنَّ اجتماعياته قبل الرئاسة اختلفت بعد توليه السلطة، وكل ما استطعت فعله هو شدّ أزره أثناء الانتخابات الرئاسية، وتهنئتي له هاتفيا بعد فوزه، وعندما توفَّت شقيقته رحمها الله ارسلت له رسالة نصيَّة عبر الهاتف المحمول ولكن لم يرد عليها، ربما لانشغاله، وأسأل الله أنْ يعين الرجل، وأوجّه رسالة أخرى من خلالكم لأقول له أنَّ هذه الأشياء لن تفسد العلاقة التي بيني وبينك، وأعتقد اذا شاء الله أنْ نلتقي فإنَّ ما بيننا من ود وحب سيتضح، أمَّا زوجتي فقد حاولت الاتصال بصديقتها السيدة نجلاء حرم الرئيس ولكن لم تتمكن من ذلك، وليس هذا تعاليا من السيدة نجلاء كما أحسب، لكنها الآن في وضع مختلف وحسّاس للغاية، ولذا أطلب من كل الاصدقاء القدامى أنْ يقدروا وضعية الرئيس الآن حتى لا تتعرض علاقاته بهم للنقد أو التأويل.
الحرية والعدالة
[caption id="attachment_55241049" align="alignright" width="282"] مليونية الشرعية والشريعة تأييدا للاعلان الدستوري[/caption]
• أين أنتم من حزب الحرية والعدالة؟ وهل تتوقعون أن يحقق أغلبية في الانتخابات المقبلة رغم أدائه المهتز في البرلمان المنحل؟ وبماذا تنصح السيد سعد الكتاتني رئيس الحزب لاستعادة ثقة المواطن العادي؟
- لست عضوا حتى الآن -على الأقل- في حزب الحرية والعدالة، والقول أنَّ أداءه كان مهتزا في البرلمان المنحل هو ما حاول إعلام الفلول ترويجه، وفيه ظلم كبير، وثقة المواطن العادي غير المنتمي للحزب أو الجماعة ستزداد بإذن الله، خصوصا بعد أن عمل المنافسون وللأسف الشديد على تشويه مواقفهم بأنفسهم.
• وصف القيادي الإخواني السابق عبد المنعم أبو الفتوح قرارات مرسي الأخيرة بالانتكاسة، فما هي رسالتك له؟ وما هو رأيكم في مواقفه الأخيرة من الإخوان وانضمامه لجبهات مناوئة تطالب الجماهير بالتصويت بـ: "لا"على مسودة الدستور؟
- الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح قامة وطنية لا يستطيع أحد إنكارها، ودوره الوطني والإغاثي على مستوى العالم العربي واضح ومعروف، وتوجهه السياسي الأخير هو اختياره الشخصي، وانضمامه لجهات مناوئة للجماعة والحزب غير دقيق، فمازال محافظا على استقلاليته بعيدا عن انضمامه لأي تكتل، وأرجو أن يظل كذلك.
الشرعية والشريعة
• هل أنت راض عن التجاوزات التي حدثت في "مليونية الشرعية والشريعة" وفي ميدان النهضة، وخروج السب العلني من أفواه بعض الرموز الإسلامية ضد شخصيات عامة كتهاني الجبالي والبرادعي وموسى وبعض الإعلاميين؟ وما هو رأيكم بأداء الإعلام حاليا، الليبرالي والإسلامي على السواء، والألفاظ التي تصدر من بعض المشايخ والدعاة على الشاشات ومواقع الإنترنت واليوتيوب بما لا يليق بأخلاق المسلم الداعية؟ وهل تتفق مع المرشد العام السابق للإخوان فضيلة الشيخ مهدي عاكف في التنديد بمليونيات الإخوان؟
- أولا وبصدق لم أسمع بأن فضيلة المرشد السابق الأستاذ محمد مهدي عاكف قد ندد بمليونيات الإخوان، وقد يكون له رأي بأن المليونيات بشكل عام لم يعد لها ضرورة ويجب الانصراف إلى العمل والإنتاج خصوصا وأنَّ الإقتصاد في مصر لا يحتمل استمرارها وتواصل الانفلات الأمني الذي يسبب التوتر ويشوه وجه مصر.
وإذا حدث أن كان هناك سبٌّ لبعض الشخصيات المعارضة فهذا أمر مرفوض، فالغاية النبيلة لا يمكن تحقيقها إلا بالأسباب النبيلة، فعندنا في جماعة الإخوان المسلمين وفي الإسلام بشكل عام أن الغاية لا تبرر الوسيلة الخارجة عن شرع الله أو الأخلاق العامة.
ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يتدنى سلوك أصحاب الحق إلى مستوى ما يقوم به غيرهم الآن في مصر من تجاوزات أخلاقية في التخريب وفي الإعلام أو في الشعارات المرفوعة والتي تدنت إلى مستوى غير مسبوق، وبعد حساب الله سبحانه وتعالى، فلن يرحمهم التاريخ ولن ترحمهم الأجيال أيضا، التي ستأتي وتؤرخ لهذه اللحظة الفارقة من تاريخ مصر والمنطقة كلها.
المرشد العام
• يقال أن المرشد العام الدكتور محمد بديع هو من يحكم مصر، وقد تحدّث بعد خطبة الجمعة قبل اسبوعين بالأزهر الشريف عن الحوداث الجارية ذاكرا قوله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ...) فهل أراد فضيلة المرشد أن يحرض طائفة مؤمنة على طائفة مؤمنة ولكن باغية؟ وهل تؤكد الخطبة أن فضيلته محرك رئيس للنظام الجديد؟ وهل مبايعة المرشد للرئيس في عرف الإخوان تلغي مبايعة الرئيس للمرشد؟ وهل فضيلتكم بايعتم المرشد من لندن؟ وكيف تمَّت؟
[caption id="attachment_55241047" align="alignright" width="150"] المرشد العام للاخوان محمد بديع[/caption]
- لا يمكن في العهد الجديد لمصر أن يحكمها من هو خارج قصر الرئاسة ومن اختاره شعب مصر كرئيس لبلده، ولا تقبل جماعة الإخوان المسلمين أن تلعب هذا الدور، ولعل من أسباب الإصرار على كتابة دستور جديد وعودة الهياكل الدستورية والرقابية الحقيقية هو إزالة اللبس وأي غموض حول دور الرئاسة والرئيس وصلته بأي جماعة أو تنظيم آخر، وقد أعفى المرشد العام ومع بداية الحملة الانتخابية الرئاسية الدكتور محمد مرسي من أي بيعة للجماعة، والرئيس نفسه استقال من رئاسة حزب الحرية والعدالة، كما استقال من أي عضوية في جماعة الإخوان المسلمين، والرجل ما عهدنا عليه خداعا ولا خروجا عن أمانته التي أقسم بالله على احترامها.
وتمت بيعتي لفضيلة المرشد بالتليفون فور أدائه العهد وقبل أن ألقاه في بعض سفرياته إلى خارج مصر.
أما عن كلمة فضيلة المرشد الدكتور محمد بديع في الأزهر بعد الاعتداء المنظم على أكثر من مقر للجماعة والحزب في توقيت واحد في أكثر من محافظة ثم قتل بعض شباب الإخوان بدم بارد، فقد جاءت في خضم حدث كبير وتشويه إعلامي أكبر وفي غياب عجيب لأجهزة الأمن التي يجب أن تؤدي دورها المنوط بها لأنها ومع جهاز النيابة العامة والقضاء مسؤولون عن رد البغي والدفاع عن الناس، فجماعة الإخوان المسلمين ترفض أن تتحمل أو أن يتحمل غيرها خارج الأطر الرسمية للدولة هذه المسؤولية حتى لا تكون فوضى في وقت لجأ فيه بعض المخربين إلى السلاح لإجهاض الثورة ودفع شعب مصر إلى الاقتتال الداخلي.
[blockquote]استشهاد المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بقوله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ...)-الآية التاسعة من سورة الحجرات- كان أولا للتذكير بحكم شرعي، ثم استدعاءً لمن يملك حق التدخل والردع ثانيا، وثالثا إحسان الظن إلى أبعد الحدود بمن هاجم وبغى، فلعله كان مخدوعا، أو التبس عليه الأمر، فلم ينزع عنه صفة الإيمان، ولعلهم مازالوا في طائفة المؤمنين، وهو موقف يتعالى فيه عن الجراح حتى لا يقع في شبهة لا يرضاها المولى عز وجل.[/blockquote]
كارثة تسليح الإخوان
• ماهو رأيكم في التصريح المثير للجدل الصادر عن القيادي الإخواني ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة الدكتور عصام العريان الذي أكّد سعي الإخوان في الحصول على ترخيص حمل سلاح لأفراد الأمن والحراس لحماية مقرات الإخوان المسلمين في أنحاء مصر التي تعرّض 28 منها للإعتداء أو الحرق، متذرعاً بوجود قصور أمني تشهده مصر في المرحلة الحالية؟
شخصيا أرفض هذا الكلام تماماً، ولا أقبل أنْ تحمل جماعة الإخوان المسلمين السلاح أو أنْ تتقدم لوزارة الداخلية بطلب الحصول على ترخيص حمل السلاح للدفاع عن المقرات -وهو السبيل الوحيد الذي يقصده الدكتور العريان- ولكني أرفض في الوقت نفسه فكرة حمل السلاح لأي فرد خارج الشرعية سواء كان من الإخوان أو غيرهم، ومن وجهة نظري أنَّ أضرار حمل السلاح أكبر من منافعه، وقد يوفر هذا الطلب الفرصة أيضا لتسليح الخصوم لمواجهة سلاح الإخوان، وتتحول المواجهات والاختلافات الايدولوجية والسياسية الى معارك مسلحة .
[caption id="attachment_55241048" align="alignleft" width="150"] الدكتور عصام العريان[/caption]
وشخصيا يعجبني النهج الذي تنتهجه الشرطة البريطانية حيث لا يحمل الشرطي في عمومه اي سلاح، والفلسفة في ذلك أنَّ هيبة القانون كافية لردع المجرمين، ولأنَّه اذا حملت الشرطة سلاحا سيحمل المجرمون السلاح أيضا كما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية، إذن أنا ارفض تماما حمل الإخوان السلاح بدعوى الدفاع عن مقارِّه، حتى لو حُرقت كلها.
إخوان سوريا
• ما هي نشاطات الإخوان عالميا؟ وما هو موقفكم من الإخوان في سوريا؟ وهل توجد انشقاقات بين صفوفهم؟ وهل تتوقعون أن يقوم إخوان سوريا بتأسيس حزب سياسي كالحرية والعدالة أو الانضمام لكتلة سياسية لحكم سوريا فيما اذا سقط نظام بشار الأسد؟ أرجو أن تحدثنا عن توقعكم لمستقبل الإخوان المسلمين في سوريا وعن الحوادث الجارية هناك؟
- مازالت نشاطات الإخوان المسلمين عالميا بفضل الله تسير بشكل جيد، تسدُّدٌ وتقاربٌ لخير شعوبها ولخير الإنسانية بغير بغي ولا عدوان ولا تآمر على أحد كالاهتمام بقضايا الأقليات الإسلامية وبقضايا الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل، وهي نشاطات تجري تحت ضوء الشمس، نصبر على الأذى والتشكيك ونحمد الله سبحانه على التوفيق ونسأله المغفرة والقبول.
وبالنسبة لأوضاع سوريا وأوضاع الإخوان خارج سوريا فالأمر الجيد أنهم ملتزمون بالصف الوطني بلا استحواذ وبلا هيمنة ولا تأخر عن إجماع هذا الصف، وما أعلمه أنهم ينوون إنشاء حزب، وهذه هي العناوين التي أعلمها شخصيا أما عن الإجابة عن باقي السؤال فالإجابة لن تخرج عما تقوله التحليلات السياسية، مع الدعاء لسوريا وشعبها بالأمن والسلامة والعافية، وإخواننا في سوريا باليقين هم الأجدر بتقدير المواقف واستشراف المستقبل لأنها قضيتهم وهم أعلم بها.