حافظ الأسد واختطاف طائرة «تي دبليو إيه» في العام 1985

حافظ الأسد واختطاف طائرة «تي دبليو إيه» في العام 1985

[caption id="attachment_55240056" align="aligncenter" width="620"]خاطفو طائرة «تي دبليو إيه» يفاوضون على مصير الركاب والطائرة بمطار بيروت في حضور رجال دين شيعة! خاطفو طائرة «تي دبليو إيه» يفاوضون على مصير الركاب والطائرة بمطار بيروت في حضور رجال دين شيعة![/caption]


الوثيقة الثالثة التي تنشرها "المجلة" والصادرة عن إدارة الاستخبارات فتكشف عن موقف الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد من عملية اختطاف طائرة "تي دبليو أي" ومساعيه لانهاء الأزمة التي تسبب فيها عملية الخطف.
يذكر أن عملية اختطاف طائرة "تي دبليو أي" الرحلة 847 من أثينا إلى روما وعلى متنها 153 مسافرا، تبنتها في حينها مجموعة أطلقت على نفسها "منظمة المضطهدين في الأرض" على صلة بحزب الله اللبناني (بحسب سي اي ايه)، تمت العملية في 14 يونيو 1985. استغرقت العملية أسبوعين قتل خلالها مواطن أميركي.

توقفت الطائرة المختطفة لساعات في مطار بيروت وتمت هناك عملية تبديل 19 مسافر مقابل التزود بالوقود للطائرة وكانت هذه أول عملية تبديل للمسافرين. طارت بعدها الى مطار العاصمة الجزائر حيث تم إطلاق سراح 20 مسافراً وتوجهت الطائرة بعدها إلى بيروت مرة أخرى وفي مطار بيروت قام المختطفون بقتل مسافر أميركي (جندي أميركي سابق) وتم رمي جثته إلى مدرج المطار. في بيروت انضم مسلحون آخرون للجماعة المختطفة للطائرة وأقلعت الطائرة بعدها مرة ثانية إلى الجزائر في 15 يونيو 1985 حيث تم إطلاق سراح 65 مسافر آخر لتعود الطائرة بعدها للمرة الثالثة إلى مطار بيروت.

تم توجيه أصابع الاتهام بتنفيذ عملية اختطاف الطائرة إلى عماد مغنية وحسن عز الدين وعلي عطوة ومحمد على حمادي، واستناداً إلى وكالة المخابرات الأمريكية فإن جميعهم كانوا اعضاء في حزب الله. في 17 يونيو 1985 تمكن نبيه بري رئيس حركة أفواج المقاومة اللبنانية - أمل من التوسط وإطلاق سراح 40 مسافرا وبقي 39 مسافرا محتجزين إلى 30 يونيو 1985 إلى ان تم إطلاق سراحهم ونقلهم إلى ألمانيا.

[caption id="attachment_55240052" align="alignleft" width="300"]أحد خاطفي الطائرة "تي دبليو أي" يخفي وجهه وهو يحمل سلاحا في يده أحد خاطفي الطائرة يخفي وجهه وهو يحمل سلاحا في يده[/caption]





الوكالة المركزية للاستخبارات
محال لوكالة أخرى
محال للرد المباشر - الوكالة المركزية للاستخبارات

إدارة الاستخبارات
20 يونيو (حزيران) 1985


سوريا: الأسد واختطاف طائرة «تي دبليو إيه»

الملخص

كان الرئيس السوري، الأسد، يجري اتصالات مع نبيه بري، زعيم حركة أمل، لكي يحثه على إنهاء عملية اختطاف طائرة «تي دبليو إيه»، ولكننا لا نعتقد أن الأسد مستعد للمخاطرة بمعاداة شيعة لبنان، كبرى الجماعات الطائفية بالبلاد، من خلال فرض الضغط عليها نيابة عن الولايات المتحدة.

وعلى أية حال، ليس لدى سوريا سوى قدر محدود من النفوذ على الشيعة. فعلى الرغم من أن بري كان يتعاون مع دمشق ويتلقى دعما سوريًا، فإنه تمكن من الحفاظ على استقلاله مقاوما أي مساعٍ سورية للهيمنة على حركة أمل. كما أن بري أقل اعتمادا على سوريا من اعتماده على الفصائل اللبنانية الأخرى، خاصة فيما يتعلق بالإمدادات، وهو ما يرجع إلى أن قواته تتكون من ميليشيات شوارع مدنية تستخدم أسلحة صغيرة متوافرة تماما في بيروت. كما أن العلاقات السورية مع الفصائل الشيعية الراديكالية أكثر هشاشة وتتزايد صعوبة.
وسوف يتجنب الأسد اتخاذ خطوات قوية تجاه الخاطفين سواء على نحو مباشر أو غير مباشر عبر الوسطاء.
هذا التقرير أعده (ـ) من مكتب تحليلات الشرق الأدنى وجنوب آسيا و(ـ) من مكتب البحوث العلمية وبحوث الأسلحة، (ـ) بناء على طلب من وزارة الخارجية. وقد تم استخدام المعلومات المتاحة حتى 20 يونيو (حزيران) 1985 في إعداده. نرحب بالأسئلة والتعليقات والتي يجب توجيهها إلى الرئيس (ـ).



رد فعل الأسد تجاه الاختطاف




مما لا شك فيه أن الأسد ينظر إلى أزمة اختطاف طائرة «تي دبليو إيه» الحالية باعتبارها تعقيدا غير محمود لمساعيه صوب تحقيق الأهداف السورية في لبنان واتخاذ إجراءات فيما يتعلق بقضايا أخرى. حيث كان قد وضع أجندة خلال لقاء القمة الذي جمعه بالرئيس الجميل قبل أسبوعين لإعادة تأسيس الأمن وإجراء إصلاحات سياسية. وفي الوقت نفسه، جلبت «حرب المخيمات» الدائرة في بيروت إلى الصدارة الأبعاد الفلسطينية والعربية للمشكلة. ومن ثم يصبح الأسد، الذي يتزايد إحباطه تجاه المستنقع اللبناني الذي يبدو بلا نهاية، والذي يتوق لمنح المزيد من الانتباه للعلاقات السورية مع القوى العظمى، والتهديدات التي تتعرض لها المصالح السورية إثر مبادرة حسين/ عرفات، عالقا في قدر كبير من المشكلات.

[caption id="attachment_55240053" align="alignleft" width="242"]الوثيقة الأصلية الوثيقة الأصلية[/caption]

[blockquote]على الرغم من أن بري كان يتعاون مع دمشق ويتلقى دعما سوريًا، فإنه تمكن من الحفاظ على استقلاله مقاوما أي مساعٍ سورية للهيمنة على حركة أمل
[/blockquote]


فقد نفذ الأسد ما طلبه الرئيس ريغان، حث نبيه بري، زعيم حركة أمل على المشاركة بفعالية في المفاوضات - ولكن دمشق ما زالت تبدي حيادا تجاه عملية الاختطاف. فقد ذكرت الصحافة السورية الأخبار المتعلقة بالاختطاف دون أي إشارة للإدانة كما أنها أبرزت مطالب الخاطفين، حيث لا يرغب الأسد في معاداة حلفائه الذين يصعب إرضاؤهم في لبنان، على الأقل، لأن ذلك سوف يقلص النفوذ الذي يتمتع به لديهم.



العلاقات السورية بنبيه بري والشيعة




على نقيض هيمنة سورية على دروز وليد جنبلاط، وغيرها من الفصائل اللبنانية الأخرى، ما زال نبيه بري، زعيم حركة أمل، مستقلا نسبيا عن دمشق. فقد رفض بري الانضمام إلى «جبهة الإنقاذ الوطني» التي ترعاها سوريا خلال القتال في 1983-84، كما قاوم بشراسة المحاولات السورية للهيمنة على حركة أمل. وحاول بري مواجهة الجهود السورية للسيطرة على كبار زعماء حركة أمل وحدّ من أنشطة المسؤولين الموالين لسوريا داخل الحركة.

ولا يوجد لسوريا نفوذ قوي على بري نظرا لعدم اعتماد حركة أمل على دمشق في الحصول على احتياجاتها. فعلى الرغم من أن حركة أمل تتلقى دعما سوريا - وتعاونت مؤخرا على الأقل على المستوى التكتيكي مع السوريين في حرب المخيمات الفلسطينية في بيروت - فإن احتياجات قوات بري محدودة. وهو ما يعود إلى أن حركة أمل تشن حروب شوارع مدنية وهو ما يقتضي استخدام الأسلحة الخفيفة، ومدافع الهاون، والآر بي جي، والتي يمكن الحصول عليها بسهولة من السوق المفتوحة أو من المخابئ الفلسطينية المهجورة في بيروت.




[blockquote]تمكنت سوريا من إطلاق سراح ديفيد دودج، رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، من أيدي الإيرانيين، في رسالة موجهة إلى طهران مفادها أن نقل رهينة عبر دمشق دون موافقة سوريا أمر غير مقبول
[/blockquote]


كما أن العلاقات السورية مع الفصائل الشيعية المتطرفة أكثر هشاشة، فقد تسامحت دمشق مع الأنشطة الشيعية الراديكالية، بل وقدمت الدعم للحرس الثوري الإيراني وتعاونت معه للحفاظ على الصلات المفيدة بين سوريا وإيران، ولتعجيل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان، ولكي يعملوا كمعادل لبري في محاولة لإجباره على قبول شروط دمشق. ومن ثم، لا تتوافق أهداف سوريا في لبنان مع هدف الشيعة الراديكاليين ذوي النظام الأصولي على المنوال الإيراني، وهناك إشارات واضحة على تزايد العقبات التي تقف في طريق تلك العلاقة. وقد اصطدمت القوات السورية بالفعل مع المتطرفين الشيعة في «وادي البقاع» عدة مرات منذ بداية 1984.

وقد قدم الأسد المساعدة في إطلاق سراح الأميركيين عندما كانت هناك مصلحة سورية واضحة في أن يفعل ذلك، وعندما كانت تكلفة تلك المساعدة محدودة. ففي يوليو (تموز) 1983، تمكنت سوريا من إطلاق سراح ديفيد دودج، رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، من أيدي الإيرانيين، في رسالة موجهة إلى طهران مفادها أن نقل رهينة عبر دمشق دون موافقة سوريا أمر غير مقبول. وفي يناير (كانون الثاني) 1984، أطلق السوريون سراح الطيار بالبحرية الأميركية، الليوتينت غودمان، في بادرة غير مكلفة لتعزيز الانسحاب الأميركي من لبنان. ومؤخرا، في 12 يونيو (حزيران)، قدم الأسد التماسا علنيا للخاطفين الذين يحتجزون الرهائن في لبنان معلنا بوضوح التزامه تجاه الرئيس ريغان ومعارضته اختطاف الدبلوماسيين، ومؤكدا في الوقت ذاته الدعم السوري للجماعات المتطرفة المتورطة بالإضافة إلى كونه لم يصدر أي عبارة تشير إلى استعداد سوريا لاتخاذ أي إجراء في إطار عملية إطلاق سراحهم.

• (ـ) أجزاء تم حجبها من الوثيقة
font change