كلُّ هذه الأسئلة تدور في ذهن القارئ لتاريخهم المكتوب بيد عبر الآخرين مِن خصومهم على ما يبدو، مِن مؤرخي الملل والنِّحل والأجانب، الذين في العديد مِن الأحيان يكتبون على السِّماع، كذلك مَن سجل تاريخهم عبر شخص خرج مِن بينهم بعد أن مارس طقوس تخص جماعة معينة منهم لا الطائفة بأكملها.
ربَّما بدأ الاهتمام بأمر هذه الطائفة، بعد تولي أبنائها مراكز قيادية سورية، كصلاح جديد، الذي أصبح الرجل الثاني والقوي في سوريا عام 1966، ثم حافظ الأسد رئيس الوزراء ووزير الدفاع ثم رئيس الجمهورية عام1971 (ت 2000)، فوصل عن طريقهم أبناء الطائفة إلى مراكز حساسة في مجتمع أغلبيته مِن أهل السُّنة والجماعة، إلا أنه قطع مسافات التباعد بين أقلية حاكمة وأغلبية محكومة بدخوله المسجد الأموي والصَّلاة حسب تقاليد المذهب الحنفي، نسبة إلى الإمام العراقي أبي حنيفة النُّعمان (ت 150 هـ)، وبما أن الطائفة العلوية لا تتقيد أو تتشدد كثيراً بالفروع، وأن الرئيس لم يكن متديناً، فظل يصلي بصلاة أهل السُّنَّة في الأعياد والمناسبات الدِّينية، ولم يغير في مذهب الدَّولة الرَّسمي، فظل كما هو على المذهب الحنفي، في المعاملات، وكان مفتي الدَّولة يظهر إلى جانبه ويعطي انطباع أن الدَّولة على ما هي عليه، ليس هناك مِن تغيير في تشريع أو تقديم مذهب ما مكان مذهبها الرَّسمي، الذي كانت عليه منذ العهد العثماني، وأن الاعتراف بالمذاهب الأربعة إلى جانب المذهب الخامس وهو مذهب العلويين، الذي يشار إليه بالجعفري، كان موجوداً منذ توحيد دولة العلويين مع بقية سوريا عام 1936.
ملف شائك
كان الخوض في الشأن العلوي له حساباته، كونه يمس الحكم بسوريا مباشرة، فالهيمنة العلوية في المراكز الحساسة كانت واضحة، وأي فتح حديث عن هذه الطَّائفة يقصد النِّظام. فأتذكر عندما حاولنا إصدار كتاب في مركز "المسبار" للدراسات والبحوث عن العلويين كطائفة دينية، لم نستطع إدراج باحثين مِن داخل سوريا فيه، بل الذين رشحوا للكتابة فيه ارتأوا أن يتناولوا العلويين خارج سوريا، وبعناوين غير لافتة للنَّظر، خشية من اعتبار ذلك تعرضاً للنِّظام السُّوري، فليس هناك أقوى مِن أجهزته الأمنية والمخابراتية. بينما عندما تفجرت قضية العلويين بتركيا العام 1993 و1995، خصصت أكثر الصحف والمجلات ملفات لهذا الحدث مِن دون الإشارة إلى سوريا ولو بالاسم، وكانت مناسبة أن يفتح ملف العلويين كتاريخ وحاضر معاش.
[blockquote]
ظل حافظ الأسد يصلي بصلاة أهل السُّنَّة في الأعياد والمناسبات الدِّينية، ولم يغير في مذهب الدَّولة الرَّسمي، فظل كما هو على المذهب الحنفي، في المعاملات، وكان مفتي الدَّولة يظهر إلى جانبه ويعطي انطباع أن الدَّولة على ما هي عليه، ليس هناك مِن تغيير في تشريع أو تقديم مذهب ما مكان مذهبها الرَّسمي، الذي كانت عليه منذ العهد العثماني[/blockquote]
لكن لا تخلو المكتبات من إصدارات بأسماء مستعارة، على ما يبدو، كردة فعل على تصرفات الحكم المحسوب على الطّائفة بسوريا، فيها تعريض بتاريخ وعقائد الطَّائفة، والتَّركيز على حكايات فيها قسوة صارخة، مثل كُتيب "الجيل الثَّاني... قصة واقعية تحكي عقائد النَّصيريين وعاداتهم" موقع باسم محمد حسن، صدر الكتيب عام 1986 عن دار وهمية على ما يبدو، هي دار "العقيدة"، وربَّما كان هذا الكتيب ردة فعل على ما حصل ضد الإخوان المسلمين السُّوريين بحماة عام 1982، وعلى ما كانت تتصرف به ميليشيا سرايا الدِّفاع، التي كان يقودها شقيق الرئيس حافظ الأسد رفعت الأسد، ثم حُلت ونفي قائدها إلى الخارج حتى يومنا هذا.
[caption id="attachment_55239246" align="alignleft" width="300"] علويون في تركيا يؤدون جماعيا أحد طقوس دينهم [/caption]
يدور الكُتيب عن عقيدة العلويين في التناسخ، التي ينفيها الذين كتبوا مِن داخلهم، مِن أن العلوي عندما يموت يتحول إلى كائن آخر، وفي حالة أبي ونوس، بطل القصة، ينسخ إلى كلب، فبعد وفاته صار الكلب يأتي إلى داره، وتتعرف عليه زوجته مِن خلال ما يحب مِن الطَّعام. كلب أجرب هزيل يُطرد من الجُمع وهو مكان العبادة لدى العلويين، وقد طرد الشُّيوخ أم ونوس لأن النَّصيرية، حسب ما ورد في الكتيب، لا تقر للمرأة بدين.
اعتمد الكتيب على كتاب آخر كتبه سليمان أفندي الأدني، وهو نصيري أو علوي تحول إلى المسيحية، وأخذ يسرد ما حمله مِن عقائد طائفته، كان قد ولد عام 1834، وقتل في ما بعد بين عصبيته ضد أبناء طائفته السابقة أو بسبب ردته عن الإسلام. اسم الكتاب "الباكورة السُّليمانية في كشف أسرار الدِّيانة النَّصيرية"، نشره بعد أن عاش ببيروت كمسيحي في القرن التاسع عشر، وفي عام 1990 نشرته في القاهرة دار "الصحوة"، وصار مصدراً لكلِّ مَن تناول موضوع النَّصيرية.
بعدها أخذ يشكو مِن طائفته السَّابقة بعد أن ظهرت لديه نية التَّحول عن الطَّائفة والإسلام ككل، قال: "أطلقوا عليَّ اللَّعن والحرم، ووضعوا اسمي بين جملة المشتومين، واتفقوا على قتلي خفياً، وإن ظهر أمري يدفعون ثمن دمي. فمنعهم الشَّيخ صالح أفندي ابن سمرة، وقال: إن الرَّجل قد تركنا لأنه قد تحقق عنده أن ذكر صلاتنا كفرية"(المصدر نفسه).
كسر حاجز الخوف
بعد الأزمة السُّورية الجارية، وكسر حاجز الخوف بإعلان العصيان على النِّظام ومِن الدَّاخل والمواجهات المسلحة، بين الجيش الرَّسمي والجيش الحر، ظهر الاهتمام بتاريخ وجود الطَّائفة العلوية مِن جديد وبقوة، فبوجود رئيس جمهورية وقائد لحزب البعث الحاكم وأركان فاعلين علويين جعل المعركة كأنها مواجهة بين الطَّائفة العلوية وبقية السُّوريين، بل أوسع مِن هذا أخذت تُفهم أنها بين شيعة وسُنَّة، على اعتبار أن الطائفة محسوبة على الشِّيعة، وبالفعل يصفها فقهاء ومؤرخون مِن داخلها على أنها شيعة جعفرية، مثلما سنرى لاحقاً.
ربَّما توقع ذلك جمال عبد النَّاصر(ت 1970) عندما أشار في خطاب له، بعد الانقلاب بسوريا عام 1966، وتسلم العلوي صلاح جديد المركز القوي بالحكومة وحزب البعث، وكان مِن قبل سجيناً بالقاهرة بعد فشل الوحدة المصرية السورية، عندما قال: "حزب البعث الذي قسم سوريا إلى قسمين، وعمل تمييزا عنصريا واعتمد على الطَّائفية واعتمد على الأقليات"(سماع من يوتيوب).
إن قائمة الكتب التي تناولت العلويين أو النَّصيريين، بالضد ليست قليلة، بالمقابل هناك ندرة في ما كُتب لصالحهم أو بشكل حيادي، وربَّما أول قلم علوي تناول طائفته هو محمد أمين غالب الطَّويل، في كتابه "تاريخ العلويين"، الذي هاجر من كليكيا التركية إلى اللاذقية، ليصبح عضوا في محكمة بداية اللاذقية، في دولة العلويين عام 1920، وكان قبلها يعمل في الشرطة العثمانية برتبة مدير شرطة ولاية (من مقدمة عبد الرحمن بالخير للكتاب).
صار هذا الكتاب، الذي كُتب قبل 1919 - 1920 مصدراً أساسياً لمن بحث بحيادية عن أصل العلويين وتاريخهم وعقائدهم، على الرغم من وجود ملاحظات لفقهاء مِن الطَّائفة عليها، ذكرها تفصيلاً عبد الرَّحمن بالخير، بينما مال الذين كتبوا ضد الطائفة العلوية إلى كتاب الباكورة، وأتى الطَّويل على قصة الأدني، وكيف تحول إلى المسيحية وقُتل وهو يرتدي ثياب الرُّهبان.
لقد صار الكتابان مرجعين لتاريخ هذه الطائفة. كذلك يشعر الباحث بحيادية ما كتبه هاشم عثمان، وهو باحث سوري في كتابيه: "العلويون بين الأسطورة والحقيقة"(بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات 1994). ثم لحقه بكتاب "تاريخ العلويين وقائع وأحداث (بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات 1997).
[caption id="attachment_55239247" align="alignright" width="295"] صورة لسوريين من الطائفة العلوية بجبل العلويين العام 1935[/caption]
بعد الطَّويل كتب الشَّيخ العلوي عبد الرَّحمن الخير (1904 ـ 1986) كتاباً تحت عنوان "عقيدتنا وواقعنا.. نحن المسلمين الجعفريين العلويين"، صدر بعد وفاته (دمشق 1991)، ويؤكد أنهم جعفريون أو اثنا عشرية لا يتميزون بشيء. ومثل ذلك نقرأ في كتاب العميد أحمد عباس "أُصول الدِّين عند الشِّيعة العلويين"(بيروت: دار المنتظر 2000)، وليس فيه من يميز عقيدتهم الدِّينية عن أُصول الدِّين عند الشِّيعة الجعفرية: التوحيد والعدل والنُّبوة والإمامة والمعاد؟
أما كتاب أحد الذين يعتبرون كمؤسسين في الطائفة وهو الحسين بن حمدان الخصيبي (ت نحو 334 هـ) "الهداية الكبرى"، ففيه مِن الغلو بالإمام عليٍّ وأولاده الكثير، وهو عبارة عن تاريخ في (المعصومين)، حسب العقيدة الشِّيعة، الأربعة عشر، وهو لا يميز الطَّائفة العلوية عن الشِّيعة الجعفرية أو الاثني عشرية بشيء، وشأنه شأن كتاب "بحار الأنوار" لمحمد باقر المجلسي (ت 1699)، أحد أبرز فقهاء الفترة الصَّفوية. ولا نغفل محاولة البحاثة السوري محمد كرد علي (ت 1953) في محاولة تقصي الحقيقة مِن أحد شيوخهم أو وجهائهم عندما ألف كتابه "خطط الشَّام".
الانشقاق
قبل تناول العلويين كتاريخ وفعل سياسي وعقائد ننظر في كتب الملل والنِّحل، لعلنا نجد ما يشير إلى تكوينهم الأول، ومتى اشقوا عن الشيعة أو الجعفرية، وربَّما يزيل عنهم ما لصق بهم مِن الاتهام بعبادة الأشخاص. نُسبت طائفة العلويين إلى مؤسسها المفترض محمد بن نصير النّميري (ت 270 هـ)، على أنه كان باب الحسن العسكري(ت 260 هـ). ونطالع في أمهات كتب الملل والنِّحل عن هذه الشَّخصية مِن مصادر شيعية وسُنَّية، وتتفق كافتها على الموقف السِّلبي منه، منها: أن فرقة مِن الغلاة مِن القائلين بإمامة علي بن محمد الهادي (ت 254 هـ) قالوا بنبوة النَّميري، وإنه كان يقول بالتناسخ والغلو في الإمام المذكور، وسميت جماعته بالنُّميرية(النوبختي، فرق الشِّيعة). وأن فرقة مِن الغلاة يُقال لها النَّميرية قالوا بالحلول، وهم أصحاب النَّميري(الأشعري، مقالات الإسلاميين). واعتبره شيخ الطَّائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت 460) من المذمومين الذين أدعوا البابية والسَّفارة للمهدي المنتظر كذباً، و"يدعي أنه رسول نبي وأن علي بن محمد عليه السَّلام أرسله"(كتاب الغيبة).
[blockquote]
بسبب الصُّوفية الطَّاغية على المجتمع العلوي وعدم التزمت في التدين وابتعادهم عن السياسة بشكل عام، يصعب تشكيل كيان حزبي ديني، أي يستبعد أن يقام حزب الله مثلاً بينهم، أو أي حزب سياسي مبني على فكرة دينية[/blockquote]
ويأتي محمد بن عبدالكريم الشَّهرستاني (ت 548 هــ) بخبر فرقتي النَّصيرية والإسحاقية على أنهما مِن مشبهة الشِّيعة ومِن جملة غلاتهم، ويقولون: إنه ليس هناك أفضل مِن علي بن أبي طالب، بعد النَّبي، ثم أولاده "فظهر الحق بصورتهم ونطق بلسانهم"(الملل والنَّحل)، على ان النَّصيرية نسبة لمحمد بن نصير النَّميري.
لكن هل ان النَّصيرية نسبة إلى هذا ابن نصير، الموصوف بهذه الأوصاف، وهم العلوية أم أن لهم شأناً آخر؟! ما يغلب على الظَّن أن الخلاف، الذي أساسه سياسي، وهو كيفية معالجة، أو ملء فراغ الإمامة، بعد وفاة الحسن العسكري قاد إلى محاولة تسقيط النَّميري، مثلما جرت محاولة تسقيط جعفر بن علي الهادي(ت 271 هـ)، وهو أخو الحسن العسكري، وذم بأرذل الذم، حتى هذه اللحظة يُطلق عليه نعت: "جعفر الكذاب"! بينما هو ابن إمام وأخو إمام!
إن المعروف في تقاليد الاثني عشرية أو الجعفرية أنهم حلوا مسألة الغيبة أو انقطاع الإمامة بابتكار مركز السَّفير مع الغائب، وسفراء الغيبة الصغرى أربعة. فلكل إمام باب تيمناً بالحديث النَّبوي"أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب"(الهندي، كنـز العمال). ويبدو أن مركز الباب أُعلن كمقالة بعد وفاة الإمام الحادي عشر الحسن العسكري، فهو آخر إمام يحتفظ بباب. وبابه، حسب الاعتقاد العلوي، أبو شُعيب محمد بن نصير النِّميري.
[caption id="attachment_55239248" align="alignright" width="300"] طابع بريدي لدولة العلويين في العام 1925[/caption]
ظل النَّميري موصوفاً بالبابية على الدَّوام بما يقابل غيبة الإمام، وإذ ملأ الجعفرية غياب الإمام وانتهاء دور السُّفراء الأربعة بعد إعلان الغيبة الكبرى بالمراجع الوكلاء، فبعد وفاة النَّميري حل عند العلويين زعيما، عبد الله الجنبلاني المتوفى 287 هـ(الطويل، تاريخ العلويين)، ثم الحسين بن حمدان الخصيبي، الذي رسخ الطائفة عقائدياً وفكرياً. ومن شخصيات العلويين أيضاً أبو سعيد ميمون بن قاسم الطبراني، الذي حول مركز العلويين إلى اللاذقية، صاحب كتاب "مجموع الأعياد والطريقة الخصيبية". وظلت منذ ذلك الحين وإلى الآن ذات صبغة علوية، بعد أن كانت حلب المركز العلوي بالشَّام.
على ما يبدو فسح الشيخ الخصيبي في كتاب «الهداية الكبرى» المجال لنعت طائفته بالعلي إلهية. فلعلي بن أبي طالب ـ حسب زعم الكتاب المذكور ـ ثلاثمائة اسم في القرآن الكريم. ومن ألقابه: أمير المؤمنين، أمير النَّحل، الوصي، الإمام، الخليفة، سيد الوصيين، الصديق الأعظم، الفاروق الأكبر، قسيم الجنة والنَّار، قاضي الدين، راجع الرجعات، وغيرها(الخصيبي، الهداية الكبرى).
صوفية شيعة
يذكر محمد كرد علي إجابة شيخ العلويين في حينه سليمان أحمد على استفساره منه عن أصل طائفته، قائلاً: "لا فرق بينهم وبين الإمامي، إلا بما أوجبته السِّياسة والبيئة وعادات العشائر التي توارثها سكان الشَّام، أكثر النَّاس اختلافاً وأقل ائتلافاً، إذ أن شيخ مذهبهم الذي ينتمون إليه الخصيبي مِن رجال الإمامية... إنما لهم طريقة كالنَّقشبندية والرِّفاعية وغيرها مِن الطُّرق الصُّوفية بالنِّسبة لأهل السّنَّة، وهذا مصدر التَّقولات الباطلة عليهم، وما أُبرئ جهلتهم مِن كلِّ ما يُقال"(خطط الشَّام). أما الطَّويل فيقول: "إن ما يميز عن الجعفرية هي الطَّريقة الجنبلانية، نسبة إلى الرَّجل الثَّاني عبدالله الجنبلاني بعد النَّميري، وهذا ليس فرقا مذهبيا" (تاريخ العلويين).
يركز كثيراً صاحب "تاريخ العلويين" على الجهل الذي عم الطَّائفة بسبب العزلة والظروف التي عاشتها، وهي مطاردة مِن قبل العثمانيين، وأن ذلك الجهل جعل عامتها يؤمنون بعقائد يعتبرها فقهاؤهم شاذة، مع أن هناك من الولاة العثمانيين مَن حاول فك تلك العزلة مثل مدحت باشا (قُتل 1884)، حتى أن الطَّويل يعتبر نقل هذا الوالي إلى أزمير وتدبير قتله هو بسبب عنايته بالعلويين، والاعتقاد بأنه سيقتفي أثر محمد علي باشا(ت 1848) بمصر، ويعلن الانفصال بالشَّام(تاريخ العلويين).
إذا كان هناك مِن تقولات ظهرت ضد العلويين فهي ليست كلها خاطئة، فقد ظلوا فترة طويلة بعيدين عن ممارسة الإسلام كعبادة ومعاملات، وذلك بسبب عزلتهم وتقوقعهم على ذاتهم، وهيمنة التقاليد الصُّوفية عليهم، فهم لم يبدؤوا ببناء المساجد وممارسة صلاة الجماعة والجمعة إلا في منتصف القرن الثَّالث عشر الهجري، هذا باعتراف الشيخ عبدالرَّحمن الخير وليس غيره. وفي القرن الرابع الهجري بدؤوا بالاتصالات مع علماء الجعفرية بجبل عامل والنَّجف، كي يتصلوا بالعقيدة الأولى قبل ابتعادها عن انفصالها الجسد الجعفري في قضية السُّفراء مثلما تقدم. كذلك في محاولات فك العزلة ولاقتراب مِن بقية المسلمين عقدوا لقاءات مع أهل السُّنة، وبدؤوا بتشييد مدارس دينية.
لم تدع عزلة هذه الطَّائفة السير في التقليد الجعفري، لذا نفهم مِن علويين معاصرين أن لهم رأيا بأضرحة الأئمة التي يزورها الجعفرية ويتبركون بها، بأنها لا تحوي أجساد الأئمة إنما أشباههم، لأنهم لم يقتلوا. كذلك في الموقف من الخمر هناك تساهل علوي إلى حدٍ ما، وإن كان لا يرضى به شيوخ الطَّائفة، كذلك عدم الالتزام الدِّيني، وهذا ما يبدو واضحاً في كتاب الشيخ الخير، في إشارته إلى حداثة اتخاذ المساجد والمدارس الدينية. لكن على العموم، بسبب الصُّوفية الطَّاغية على المجتمع العلوي وعدم التزمت في التدين وابتعادهم عن السياسة بشكل عام، يصعب تشكيل كيان حزبي ديني، أي يستبعد أن يقام حزب الله مثلاً بينهم، أو أي حزب سياسي مبني على فكرة دينية.
دولة العلويين
يذكر شاهد عيان ومشارك في الحدث، وهو محمد الطَّويل في كتاب "تاريخ العلويين" قصة النِّزاع بين العلويين والأرمن بأضنة، إبان الحرب العالمية الأولى، ووقوف الفرنسيين إلى جانب العلويين ضد إقامة دولة الأرمن أو المسيحيين في تلك الفترة(ص 491)، وبعد أن سيطر الفرنسيون على سوريا عام 1920، وكانوا قد جندوا شباب العلويين في جيوشهم، عمدوا إلى إقامة دولة علوية(سبتمبر/أيلول 1920)، سميت بدولة "العلويين"، وهي المرة الأولى بعد زمن طويل يتداول علانية اسم العلويين أو العلوية، لكن هذه الدَّولة لم تستمر إلا ستة عشر عاماً، فقد ظهرت حركة علوية ضد التبشير المسيحي، وضد إهمال تدريب الشَّباب العلوي واستخدامهم في دوائر الدَّولة، التي ظل يديرها الأجانب.
[blockquote]إذا كان هناك مِن تقولات ظهرت ضد العلويين فهي ليست كلها خاطئة، فقد ظلوا فترة طويلة بعيدين عن ممارسة الإسلام كعبادة ومعاملات، وذلك بسبب عزلتهم وتقوقعهم على ذاتهم، وهيمنة التقاليد الصُّوفية عليهم، فهم لم يبدؤوا ببناء المساجد وممارسة صلاة الجماعة والجمعة إلا في منتصف القرن الثَّالث عشر الهجري[/blockquote]
جاء في الاحتجاج الذي قُدم إلى وزارة الخارجية الفرنسية في يوليو/ تموز (1936)، على حصر الوظائف بيد الغرباء وعلى التبشير معاً، وفيه مِن وعي ديني: "إننا نعتبر أنفسنا مسلمين قبل أن نكون علويين.. إن العلويين شيعة مسلمون، برهنوا طوال تاريخهم عن الامتناع عن قبول كلِّ دعوة مِن شأنها تحوير عقيدتهم، فهم يحتفظون بالعقيدة الشِّيعية، ولكي يكون العلوي علوياً يجب أن يكون مسلماً، فالدِّين الإسلامي شرط إلزامي للانتساب للعلويين، والتشيع لعلي بن أبي طالب كرم الله وجه. للعلويين مِن الوظائف ما يعادل 4 في المائة من مجموع وظائف الدَّولة.. وإذا احتجت الحكومة المنتدبة علينا بعدم الكفاءة، فالجواب يكون على وجهين: إما أن يكون شبابنا أكفاء مثقفين، ولا يعترف لهم بهذه الثَّقافة، وإما إنها لم تقم لهم بالتعهدات"(هاشم عثمان، تاريخ العلويين وقائع وأحداث، عن نص مذكرة رفعها الشَّباب العلوي إلى وزارة الخارجية الفرنسية).
كانت هذه الشَّكاوى إيذاناً بالعودة إلى سوريا "الحلَّ الوحيد لهذه الحالة السيئة هو الرُّجوع لأحضان الحكومة السُّورية"(المصدر نفسه). ففي تلك الأثناء ظهر لدى العلويين حزب "الوحدة"، ومِن عنوانه أنه يدعو إلى الوحدة السُّورية وإنهاء أمر دولة العلويين باللاذقية وأجزاء أُخر مِن بلاد الشَّام، أو ما يسمى بجبال العلويين. فتصدر هذا الحزب الشَّيخ العلوي علي شهاب، و"كان يتنقل مِن قرية إلى قرية حاملاً المضابط التي تُطالب بالوحدة السُّورية"(المصدر نفسه).
انضم إلى هذا الحزب مشائخ آخرون مِن الطَّائفة العلوية، بينهم أحمد ديب الخير نائب لواء اللاذقية. أبرق هؤلاء المشائخ إلى السُّلطات السُّورية ما نصه: "بصفتنا نمثل السُّلطة الدِّينية بين الشَّعب العلوي، وبما أن صفتنا هذه تلزمنا بالدفاع عن حقوق الشَّعب، وبما أن الاستمرار في الوضع الحاضر لا يُعطي حياة لهذه الحقوق سواء أكانت سياسية أم اجتماعية أم اقتصادية أم إدارية أم دينية لذلك نطلب تحقيق الوحدة السُّورية على أساس مركزية إدارية"(المصدر نفسه).
[caption id="attachment_55239249" align="alignleft" width="300"] علم العلويين[/caption]
أخذت الدَّعوة إلى الوحدة السُّورية بالتَّصاعد، فتشكل وفد مِن رجال الدِّين والطُّلاب وزعماء حزب "الوحدة" والعشائر لمواجهة المفوض السَّامي الفرنسي (مارس 1936)، فوصل تأييد الكتلة الوطنية مِن دمشق لمساعي العلويين لقيام الوحدة: "أيها العلوي النَّبيل، إن حقك عند أمتك السُّورية مِن الحياة على قدم المساواة، والتآخي والتَّضامن والتكاتف في الحقوق والواجبات مقدس"(المصدر نفسه). مِن جانب آخر تأسست رابطة "الشَّباب المسلم العلوي" باللاذقية مدافعة عن الوحدة السُّورية. على أية حال، وبعد مفاوضات مع الجانب الفرنسي التحقت دولة العلويين ببقية سوريا.
اعترف بهم كمواطنين سوريين. فدخل شبابهم إلى الوظائف الكبرى والقيادة العسكرية ليصل منهم صلاح جديد إلى أعلى المراكز، وحافظ الأسد رئيساً للدولة وأميناً عاماً لحزب البعث العربي الاشتراكي. ويدور الزَّمن فيكونون الحاكمين للبلاد. ليس بمفهوم الطَّائفة إنما بمفهوم عصبة الطَّائفة، فليس العلويون كافة هم الذين يمثلون قوة السُّلطة بدمشق، لكن نراها محسوبة عليهم، وفي زمن الطائفية صارت سوريا بين علويين وسُنيين، وهذا هو الظاهر الذي يعكسه ويستغله عادة الفعل السياسي.
بعد توحيد سوريا وانضمام دولة العلويين لها عام 1936، أخذ يُقدم المذهب العلوي باسم المذهب الجعفري كمذهب خامس، حسب رغبة وجهاء العلويين، فصدر كتاب تحت عنوان: "إما المؤمنون إخوة... تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله(اللاذقية، مطبعة الإرشاد 1938).
في عام 1952، أصدر مفتي الجمهورية السُّورية الشيخ محمد شكري الأسطواني قراراً يقضي بتشكيل لجنة لتعيين كفاءة المتزينين (هكذا وردت) بالكسوة الدينية على المذهب الجعفري مِن الراغبين في ارتدائها ومِن الراغبين بالاحتفاظ بها(صورة طبق الأصل ملحقة في كتاب عقيدتنا وواقعنا، ص 92)، ثم صدر كتيب "مناسك الحج على المذاهب الخمسة" أصدرته وزارة الأوقاف السورية.
بمعنى أن سوريا قد حلت موضوع إزدواجية المذاهب، وقررت قبل أن يأتي الضّابط حافظ الأسد كعلوي إلى السلطة بسنوات عديدة، أن تحسب العلويين كمذهب خامس إضافة إلى المذاهب الأربعة، كي لا تمحور الطَّائفة حول مرجعياتها الدِّينية، ويكون هناك نوع مِن الإزدواجية مع الدَّولة، أو تمييز عن المجتمع، فمازالت المذاهب الأربعة منسوبة إلى أسماء الفقهاء، وأن الشِّيعة يعتبرون أنفسهم جعفرية، فما الضَّير في تشخيصهم بالجعفرية نسبة إلى الإمام جعفر الصَّادق.
العلويون في تركيا
يعيش عدد غير قليل مِن العلويين في تركيا، يزيد على خمسة عشر مليوناً، بين أربعة وسبعين مليوناً، عدد سكان الدَّولة التُّركية، الغالبية مِن المسلمين السُّنَّة الأحناف، والمذهب الحنفي هو المذهب الرَّسمي هناك، مثلما كان الحال في الدَّولة العثمانية. لا يحبذ العلويون في تركيا إطلاق اسم شيعة على أنفسهم، إنما جعفرية، فاسم الشِّيعة في غمرة النِّزاع الطَّويل بين العثمانيين والصَّفويين صار كلُّ شيعي إيرانيا، على أساس انه مذهب خاص بالإيرانيين، واشتد هذا الحذر بعد الثَّورة الإسلامية بإيران عام 1979. لكن بعد الصِّدامات التي حصلت في التِّسعينات وقبلها في السَّبعينات من القرن الماضي، أخذ العلويون يبحثون عن أُصولهم، وعقائدهم، لحاجتهم إليها في الدِّفاع عن أنفسهم، فظلوا لفترة طويلة جاهلين بأصولهم، لا مدارس دينية ولا مشيخات لديهم.
وهم ينتمون لعدة قوميات: أتراك، وكُرد، وعرب، والغالبية منهم مِن الأتراك، ولهم حضور قوي في الأحزاب اليسارية، كونها لا تميز على أساس الدِّين والمذهب، والأجواء العلمانية توافق الأقليات الدينية عادة، ونسبة قليلة منهم منتظمة في حزب العمال الكردستاني، الذي تعده الدَّولة التركية منظمة إرهابية، وهي في حرب مستمرة معه(ملف العلويين: الماضي والحاضر، مجلة النُّور الإسلامية).
إن الخارطة التُّركية الدِّينية مقسمة، مِن ناحية المذاهب الأساسية ذات الكثرة السُّكانية إلى سُنَّة وعلويين. ويسمي الأتراك العلويين العرب بالنَّصيرية، وعددهم نحو 250 ألف نسمة، ونسبة الكرد مِن بين العلويين تصل إلى 30 في المائة. ويسمى العلويون الأتراك بالقزلباشية التركمان، أي أصحاب الرُّؤوس الحمر، ويتراوح عددهم بين (13 ـ 14 مليوناً)، وإذا كان في سوريا يشار للعلوي بالمسلم علوي، فإن الاسم لا أثر له في السِّجلات التُّركية، وهم لا يتحدثون عن أنفسهم، يتعاملون بالشّعار: "اخف ما رأيت، ولا تقل ما لا تراه".
ينتمي العلويون الأتراك إلى الطَّريقة الصوفية البكداشية، أسسها في القرن الثالث عشر الميلادي المتصوف والشَّاعر حاجي بكداش (ت 1271 ميلادية)، فوجدت دعوته تجاوباً بين التركمان العلويين. لهذا يظهر العلويون الأتراك ليسوا مذهباً قائماً بذاته، بقدر ما هم تيار صوفي متمثلاً في البكداشية، يؤدون عبادتهم أو طقوسهم في بيوت الجمع، ويشاع أنهم لم يألفوا المساجد إلا حديثاً. وعلى المستوى الاجتماعي يساوون بين المرأة والرجل.
[caption id="attachment_55239252" align="alignleft" width="300"] عائلة الأسد.. أشهر العائلات العلوية التي أنجبت رئيسين حكما سوريا[/caption]
كان موقفهم إيجابياً مِن الحركة الكمالية إبان الحرب العالمية الأولى، بزعامة مصطفى كمال المعروف بأتاتورك(ت 1938)، قادهم إلى ذلك موقف الدَّولة العثمانية السابق ضدهم، على اعتبار أن إعلان الجمهورية سيكون نهاية لاضطهادهم، حتى نظروا إلى أتاتورك كمخلص. ففي مناسباتهم الدينية يضعون صورته إلى جانب صورة ترمز إلى الإمام علي بن أبي طالب. ومع ذلك ظلوا يحذرون مِن السلطة وذلك بفعل الماضي العصيب. فإذا صدقت رواية الطَّويل، وهو أحد موظفي البوليس العثماني، في "تاريخ العلويين" بأن السلطات العثمانية كانت تستخدم الخازوق في تعذيبهم، في عهد السلطان سليم الأول، فالإنسان المعذب يبقى بين الحياة والموت في عذاب مرير، هناك يفهم حذرهم مِن أية سلطة بأنه حالة طبيعية.
بعد قيام الجمهورية التركية أخذ العلويون يظهرون إلى النُّور عبر الموسيقى والشَّعر، إلا أن انقلاب سبتمبر (أيلول) عام 1980، كان محطة سيئة في حياتهم بعد قيام الجمهورية، فقد عزز الانقلاب الاتجاهات المتشددة، وفرض عليهم التدريس الإجباري لمادة الدِّين على المذهب الحنفي. بعدها أصدر مثقفوهم بياناً في مارس (آذار) عام 1989، فيه عدة مطاليب خاصة بالطائفة (مجلة النور، البيان العلوي 1989).
الخلاصة
على أية حال، صاغ التَّاريخ وجود العلويين، بداية مِن اختلافهم عن الجسد الشيعي الإمامي، مع إقرارهم بالأئمة الاثني عشر، لكن الافتراق في الوسائل أبعدهم عن الشِّيعة، فهم اتخذوا، مثلما تقدم، البابية، بينما اتخذ الجعفرية السَّفارة في التَّعامل بعد وفاة الإمام العسكري، ثم دخلوا طرفاً ثالثاً في النزاع بين الصَّفويين والعثمانيين، ونشطت فيهم الطرق الصُّوفية، فقيل فيهم الكثير مِن الحلول إلى ارتكاب المحرمات، ولم ينتبهوا لتاريخهم إلا بعد العواصف الحديثة بهم مثلما تقدم.
ربَّما لم يكن الاهتمام في هذه اللحظة بالكتابة عن العلويين، هو ما حصل في التسعينات بما يخص تركيا، إنما الحدث الأكبر الآن هو سوريا وما يجري فيها بين النِّظام ومعارضيه، وما يحصل مِن صدامات ببيروت مع العلويين، فهل ما يحصل هو مواجهة طائفية، أم ما فرضته السياسة؟!
نعم إنه تأثير السِّياسة وتوظيف الطَّوائف فيها، فالتقارب الإيراني السوري، منذ زمن الرئيس حافظ الأسد، ما كان يُحسب على التضامن على أساس القرب الطَّائفي كثيراً مثلما هو الحال اليوم، فكان لسوريا وشائج قوية مع بقية الدُّول السُّنية بالمنطقة، على الرَّغم مِن خصومة تلك الدُّول مع إيران، لكن الخلاف السُّوري العراقي، ووجود الحرب العراقية الإيرانية حتما بناء العلاقات بين دولتين ضد خصم واحد، كانت خصومته على أساس حزبي بالدرجة الأُولى، دون أن يخلو الوضع مِن استفادة مِن الغطاء الطَّائفي.
لكن هل لنا اعتبار العلاقات الإيرانية السُّورية، المصيرية مثلما نراها في هذه الظروف الرَّاهنة، خالية مِن استغلال الطائفية؟! وكأن المشهد يظهر القضية بأنها علوية سُنَّية، مع أن جهود شيوخ الطَّائفة العلوية، لعقود مِن الزَّمن، في محاولات التطبيع مع المحيط المسلم جارية على قدم وساق، وتقديم أنفسهم على أنهم جعفرية، شأنهم شأن بقية الشِّيعة الاثني عشرية، لكن ذلك لم يحصل مِن بوابة السِّياسة، إنما مِن بوابة الدِّين والمذهب، وكم سيؤثر ما تسفر عنه الحرب السُّورية الآنية وحملات القمع والعنف، الذي يفهم على أنه علوي لا بعثي حكومي، على مستقبل الطَّائفة العلوية، التي ظلت قرونا تدفع ثمن تماثلها المذهبي مع الصَّفويين خلال النِّزاع الطَّويل بين الدَّولتين: العثمانية والصَّفوية؟!
كان يشار إلى حافظ الأسد، مِن قِبل خصومه، كبعثي، وقد تولى رئاسة الوزراء في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1970، ثم رئاسة الجمهورية في آذار (مارس) 1971، ولم يشر إليه كعلوي بوضوح إلا بعد الثورة الإسلامية بإيران، هذا ما فهمناه مِن خطاب الرئيس محمد أنور السَّادات (اغتيل 1981) مثلاً. لكن هل حصنت وحدة الطَّائفة الزَّعامات السُّورية مِن الخلاف السِّياسي والحزبي داخل حزب البعث، فالمعركة كانت بين صلاح جديد وحافظ الأسد العلويين، حتى مات الأول في سجن الثَّاني. ثم ما حصل بين الأخ وأخيه أي حافظ ورفعت، وفي ظل زعامة ابن الأخ ظل العم منفياً، بل منع مِن حضور جنازة أخيه. بمعنى أن السَّياسة تصادر الطّائفة!