الفريق أول عبد الفتاح السيسي من مواليد 19نوفمبر /تشرين الثاني عام 1954، رقي من رتبة لواء أركان حرب الى فريق أول وعيّن وزيرا للدفاع بقرار من الرئيس المصري محمد مرسي في الثاني عشر من أغسطس/آب الجاري خلفا لرئيس المجلس العسكري ووزير الدفاع والإنتاج الحربي المشير محمد حسين طنطاوي "77"عاما، والذي احيل إلى التقاعد، ويعد السيسي أصغر أعضاء المجلس العسكري سناً،ووزير الدفاع رقم "44"منذ القائد العسكري أحمد عرابي زعيم الثورة العُرابية عام 1881.
ولم يكن السيسي وجها مألوفا للعامة، لكن تعيينه وزيرا للدفاع خلفا للمخضرم المشير محمد حسين طنطاوي الذي شغل وزارة الدفاع طيلة عقدين من الزمن سلط عليه الأضواء، بالنظر لأهمية المنصب الذي أوكل إليه من الرئيس المنتخب محمد مرسي، كما تزامن تعينه مع تحديات يشهدها الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء بعد حادث رفح الذي أودى بحياة 16 ضابطاً وجندياً من قوات حرس الحدود، وأدى لإحالة رئيس المخابرات العامة اللواء مراد موافي ومحافظ شمال سيناء عبد الوهاب مبروك، إلى التقاعد.
سيرة ومسيرة
[caption id="attachment_55238035" align="alignleft" width="241"] الفريق أول عبد الفتاح السيسي[/caption]
بدأ الفريق أول عبد الفتاح سعيد خليل السيسي، القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع، حياته العملية في سلاح المشاة، بعد حصوله على بكالوريوس العلوم العسكرية عام 1977 ثم ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان في مصر عام 1987 ثم ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان البريطانية عام 1992 .
كما حاصل على زمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا عام 2003، ثم زمالة كلية الحرب العليا الأميركية عام 2006 فضلا ً عن حصوله على عدد من الأنواط والميداليات منذ 1998 وحتى عام 2012 .
وتولى السيسي عددا من المناصب القيادية داخل صفوف القوات المسلحة،منها رئيس فرع المعلومات والأمن بالأمانة العامة لوزارة الدفاع وملحق دفاع بالمملكة العربية السعودية، وقائد لواء مشاة ميكانيكي، ورئيس أركان المنطقة الشمالية العسكرية،ثم قائدا للمنطقة نفسها،حتى عين مديرا لإدارة المخابرات الحربية والإستطلاع قبل ثورة 25 يناير 2011.
وعمل السيسي الذي لم يكن يحب الأضواء والظهور الإعلامي، مثلما يقول عارفوه، تحت قيادة الرئيس السابق حسني مبارك، وعين عضوا بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي تسلم السلطة في مصر بعد تنحي مبارك،كما اختير عضوا بمجلس الدفاع الوطني.
وحصل السيسي على عدة انواط وميداليات عسكرية من جملتها، ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة 1998، ونوط الواجب العسكري من الطبقة الثانية 2005، ونوط الخدمة الممتازة 2007، وميدالية 25 يناير 2012، ونوط الواجب العسكري من الطبقة الأولي 2012.
تزوج الفريق السيسي في بداية الثمانينات، وله من الأبنـاء اربعة ثلاثة اولاد وبنت واحدة.
السيسي بعد ثورة يناير
الفريق أول السيسي هو أول قائد عسكري يعلن صراحة الحاجة الى تغيير ثقافة افراد الأمن المصري في تعاملها مع المواطنين، وهاجم التعامل العنيف الذي استخدمه قوات الأمن ضد المتظاهرين الذين كانوا يطالبون برحيل نظام حسني مبارك، وهو الذي دعا وقتها إلى ضرورة حماية المعتقلين من التعرض للإساءة أو التعذيب، ولقيت تلك التصريحات ترحيبا من الشارع المصري الذي طالما رفع هذه المطالب أمام المسؤولين.
وهو ايضا أول من اعترف بإجراء كشوف فحص عذرية الفتيات المصريات اللائي شاركن في مظاهرات ما بعد ثورة 25 يناير، والشهيرة إعلاميًا بحادثة "كشف العذرية"، وذلك بدعوى حماية الجيش من مزاعم الاغتصاب التي لحقت بالجنود بعد الإفراج عنهن، كما دفع مدير الاستخبارات السابق اتهامات طالت قيادات عسكرية بتعذيب المحتجزات. واكد السيسي في تصريحات لمنظمة العفو الدولية بأن هناك تعليمات بعد استخدام العنف أو التعذيب ضد المتظاهرين وحماية المعتقلين من التعرض للمعاملة السيئة.
السيسي وجماعة الإخوان المسلمين
قالت تقارير ان وزير الدفاع الجديد ينتمي الى جماعة الاخوان المسلمين، وان بعض افراد اسرته من النساء يرتدين النقاب، وقال مراقبون ان الفريق السيسي كان يتحكم في سلوك اعضاء المجلس العسكري الحاكم في مصر مابعد مبارك، وعلى رأسه المشير محمد حسين طنطاوي وانه كان معارضاً دائماً لسياساته. وهو مادفع المجلس للتأكيد على ان ماقيل مجرد اجتهادات صحافية وتخمينات لا اساس لها من الصحة.
ونشر "أدمن" الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، رسالة انتقدت المشككين في قرار تعين الرئيس محمد مرسي للفريق عبد الفتاح السيسي خلفا للمشير حسين طنطاوي، بعنوان "ويبقى السؤال الحائر.. ماذا يريدون من القوات المسلحة، ومتى تهدأ مصر؟".
ووصف "الأدمن" في رسالته كل من حاول إيهام الشعب المصري بأن وزير الدفاع الجديد عبد الفتاح السيسي هو رجل الإخوان، وأنه قد غدر بأعضاء المجلس السابقين، بـ"الحمقى".
قالت الرسالة: "منذ الإعلان عن إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وإجراء تغييرات في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، انطلق الإعلام بكل وسائله المختلفة المسموعة والمرئية والمقروءة، وكذلك العديد من الخبراء بكل مسمياتهم، في محاولة لتحليل وفهم ما حدث كل من وجهة نظره الخاصة، فكانت النتيجة مئات التحليلات والاستنتاجات والنتائج التي أدت إلى بلبلة الشارع المصري وعجزه عن الوصول إلى الحقيقة، مما أدى إلى تأجيج الصراع بين القوى السياسية المختلفة".
وأضافت الرسالة" وتبقى الكذبة الكبرى وهي محاولة إيهام الشعب المصري بأن وزير الدفاع الجديد هو رجل الإخوان، وأنه قد غدر بأعضاء المجلس السابقين، فلهؤلاء الحمقى نرد وباختصار شديد أن وزير الدفاع قد تقلد كل مناصبه القيادية في عهد المجلس الأعلى السابق، وحتى الوصول إلى منصب مدير المخابرات الحربية، وأنه تقلد منصب مدير المخابرات الحربية في عهد الرئيس السابق، والذي لابد من موافقته حتى يتم تعيين مدير المخابرات الحربية، والجميع يعرف مدى عداء النظام السابق للإخوان المسلمين، ومن الواضح أن كل من يلتزم دينياً أو أخلاقياً أصبحوا يعتبرونه من التيار الإسلامي أيا كان الفصيل".
واستكمل الأدمن رسالته:"من أراد أن يفهم أو يحب أن يفهم أن كل ما حدث في الأيام الأخيرة، حدث بالتشاور مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقد تم تسليم الراية للجيل الجديد حتى يستريح جيل أكتوبر المجيد، وقد تم تكريمه بما يليق بكل منهم من الدولة تقديراً وعرفاناً لما قدموه طوال تاريخهم المجيد، ولا خير في أمة تمحو تاريخها".
وقال الرئيس المصري محمد مرسي إن إحالته المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة والفريق سامي عنان قائد أركان الجيش على التقاعد، وإلغاءه الإعلان الدستوري المكمل، خطوات ليست موجهة ضد المؤسسة العسكرية، التي أشاد بها.
واكد مرسي في خطابه "ان قراراته لا تستهدف أحدا وليست ضد أشخاص، ولم يقصد بها إحراج المؤسسة العسكرية، بل مجرد ضخ لدماء جديدة في القوات المسلحة".
[caption id="attachment_55238013" align="alignright" width="300"] الفريق السيسي يؤدي صلاة العيد الى جوار شيخ الازهر ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ونائبه[/caption]
وأشاد مرسي – الذي استشهد بكثير من الآيات القرآنية - بـالقوات المسلحة، وتعهد برعايتها هي ومؤسسة الشرطة لمساعدتهما في إرساء الأمن، لكنه ذكّر الجيش بأن المطلوب منه هو التفرغ للدفاع عن الوطن.
من جهته أشاد وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي بالدور الوطنى الذى قام به القادة السابقون للقوات المسلحة وعلى رأسهم المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع السابق والفريق سامى عنان رئيس الأركان السابق الذين ضربوا اروع الامثلة في التضحية والفداء من أجل الوطن، ومن أجل أن تكون مصر أولا وقبل كل شيء، وقال "إنهم بحق رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ووضعوا المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار فكانوا خير من حمل الامانة»، متمنيا لهم موفور الصحة والعافية.
وأكد الفريق أول السيسى أن الدفاع عن الوطن وحماية أمنه القومي في الداخل والخارج مهمة مقدسة لا تهاون فيها، وأشاد بالدور الذي قام به رجال القوات المسلحة وادائهم لمهامهم الوطنية في تأمين الجبهة الداخلية وحماية المنشآت والمرافق الحيوية بالدولة منذ بداية ثورة الخامس والعشرين من يناير، وطالبهم بأن يكونوا قدوة لجميع أفراد المجتمع فى الانضباط والتفاني في أداء مهامهم، وما تتطلبه من يقظة كاملة والتزام أقصى درجات ضبط النفس حفاظا على أمن الوطن واستقراره.
السيسي والغرب
اعتبرت بعض وسائل الإعلام الغربية الفريق اول عبد الفتاح السيسي، شخصية متحفظة وغير متحمسة للتعامل مع الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل.
لكن مسؤولين أميركيين قللوا من أهمية هذا الأمر، وأكدوا أن السيسي معروف جيدا للجيش الأميركي، حيث قضى عاما من التدريب الاحترافي في الولايات المتحدة، وكان يعد مديرا كفؤا للمخابرات الحربية.
ولم يلتفت المسؤولون الأميركيون إلى الشائعات التي تم تداولها بأن السيسي إسلامي التوجه، وله صلات سرية بجماعة الإخوان المسلمين. بل على النقيض من ذلك، كما يقول المسؤولون، فإن السيسي معروف جيدا للمؤسسة العسكرية الأميركية بعد قضائه سنة من التدريب المهني بالولايات المتحدة، وكان يعتبر رئيسا فعليا للمخابرات الحربية المصرية.
واستهل ديفد إغناتيوس مقاله بصحيفة "واشنطن بوست" ان الأميركيين لديهم ثقة في وزير الدفاع الجديد الفريق أول عبد الفتاح السيسي الذين كان على اتصال مكثف مع الولايات المتحدة من خلال منصبه السابق كرئيس للمخابرات الحربية.
وقال إغناتيوس "إن التغيير الكاسح في القيادة العسكرية بإقالة وزير الدفاع ورئيس الأركان وبعض القيادات الأخرى يبدو أنه أخذ الولايات المتحدة على حين غرة. لكن المسؤولين لم يطلقوا جرس الإنذار على اعتبار أن هذه الخطوة جزء من تغيير في الأجيال باستبدال شخصيات أصبحت غير محبوبة ومعزولة بدرجة متزايدة في مصر ما بعد الثورة".
وأشار الكاتب إلى أن وجهة النظر الأميركية هي أن استبدال كبار القادة العسكريين المسنين، في حد ذاته لا يدعو للقلق، وقال إغناتيوس إن المشير محمد حسين طنطاوي، الذي أُقيل من منصبه كوزير للدفاع، قد صار رمزا لعزلة وغالبا عدم كفاءة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حكم البلاد إلى أن تولى مرسي الرئاسة.
وقالت القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي إن السيسي التقى الكثير من القيادات العسكرية والأمنية على رأسهم عاموس جلعاد رئيس الدائرة السياسية والأمنية بوزارة الدفاع الإسرائيلية وأيضا ًوزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، و المبعوث الخاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي اسحاق مولخو . وذكرت صحيفة "معاريف" أن السيسي كان له دور كبير في إتمام صفقة الجندي الإسرائيلي المختطف جلعاد شاليط.