التقت "المجلة" السيدة نعيمة صالحي مؤسسة الاتحاد الوطني للإطارات الجزائرية ورئيسة حزب "العدل والبيان" الجزائري، وإحدى الظواهر المهمة في السياسة الجزائرية، لكونها أول امرأة في تاريخ الجزائر تقود حزبا سياسيا اسلاميا، والتي تسعى من خلال رئاستها له إلى تعزيز التمكين السياسي للمرأة الجزائرية، وتصحيح نظام الانتخابات واداء البرلمان، ومراقبة اداء الحكومة وتطبيق الدستور لتصحيح مسار العملية السياسية في الجزائر.
في ظل الحراك السياسي الذي تشهده الجزائر بعد ثورات "الربيع العربي"، استقالت صالحي العضو السابق في لجنة قانون الأسرة والمرأة بحزب جبهة التحرير الوطني (الحاكم) اعتراضا على سياسة الحزب وتباطؤ خطوات الاصلاح، وقامت في مطلع العام الجاري بتأسيس حزب العدل والبيان.
تناول الحديث مع صالحي ظروف تأسيس حزب "العدل والبيان"، ومشروعه السياسي والاجتماعي والثقافي الى جانب مجموعة من القضايا في مقدمها قضايا الأمازيغ والتعليم والإصلاح الدستوري والسياسي والاقتصادي، وفيما يلي نص الحوار:
* هل وجد الناخب في برنامجكم الحزبي ما يميزه عن جميع البرامج المطروحة، لا سيما برنامج الحزب الحاكم؟
ـ ان قيادة حزب العدل والبيان تطلع الى قيادة حزب تستوعب عالما متغيرا، تحركه ديناميكية اقتصادية هي أيضاً تتعقد وتتغير، وتأثيراتها على نسيج البيئة والنسيج الاجتماعي تحصيل حاصل، مما يجعل دور حزب العدل والبيان دورا خلاقا مطلوبا الآن، إلى جانب كل الطبقة السياسية والمنظمات والجمعيات المدنية والمهنية الغيورة على وطنها، وتحمل برامج أعدت للتنفيذ لا لمخادعة الشعب الجزائري، وما مشاركته في تشريعيات 2012 إلا حراك طبيعي ودليل على قدرته في مواكبة الأحداث والمتغيرات رغم انه مولود جديد.
فإذا كان دور الحزب الأساسي، يكمن في قوة صدق الإرادة السياسية وتنفيذها، فإنه أيضا فضاء حر للكفاءات الجزائرية مساهمة منهم في التحسيس في تفعيل دور المهارات البشرية والكوادر الوطنية في القضاء على المعوقات التي تتعرض لها التنمية الاقتصادية في بلادنا، بسبب غياب الديمقراطية وعدم العمل على تطبيق القوانين بشفافية تامة، وسرعة تتماشى وعصر الرقمية.
فعلى الرغم من أن الناخب الجزائري زهد في الانتخابات والممارسات السياسية وحتى الجمعوية، بعدما تبين له أن سيادته مصادرة حتى عن طريق الصناديق الانتخابية، إلا أننا استطعنا أن نقنع عددا محترما من الناخبين أن يعطوا أصواتهم لحزبنا، بعدما كانوا من المقاطعين، مقنعين اياهم بمبادئ الحزب.
* تقدمتم باستقالتكم من الحزب الحاكم، اعتراضا على سياسة الحزب، فما هي اهم الثوابت السياسية التي تؤمنون بها؟
ـ نؤمن بالديمقراطية وبالحريات، وبحق المواطنين في التنظيم الحر وإبداء الرأي، والتعبير عنه بكافة الوسائل السلمية.
ونؤمن بالمساواة بين جميع المواطنين بلا تفرقة، وبدور المرأة في المجتمع، ووجوب تمكينها من المشاركة في كافة المجالات، وتولي كافة الوظائف العامة وترقيتها سياسيا.
ونؤمن كذلك بأن الجزائر دولة يجب أن تدار بطريقة ديمقراطية إيجابية، تحافظ على حرية المواطنين في كل الممارسات المشروعة على كل الأصعدة، وتحافظ على هويتها الجزائرية، ومكتسباتها من القيم والعادات والتقاليد.
ونطالب في مشروعنا باستقلال القضاء والفصل بين السلطات وتحديدها بهدف حماية أمن المواطن، وترسيخ مبادئ الحرية والعدالة، ونؤمن بأن الشباب هو عماد الوطن وبناة المستقبل.
مرجعية إسلامية
* تؤمنون بالديمقراطية والتعددية، ولكن في الوقت نفسه قلتم في تصريح سابق بأنكم ستقومون بإغلاق الحانات ومنع الخمور، وارساء القيم والتقاليد والاعراف الاسلامية. أليس هذا مخالفة صريحة للتعددية والحريات ومبادئ الديمقراطية؟
ـ حزب العدل والبيان حزب وطني خرج من رحم بيان أول نوفمبر 1954، وهو ذو مرجعية إسلامية معتدلة، إستنادا دوما إلى أحد بنود هذا البيان العظيم، الذي يؤكد على بناء دولة جزائرية بمبادئ إسلامية، فأنا فخورة جدا وملزمة بالوفاء لشهداء ومجاهدي ثورة التحرير المجيدة، ومن بينهم عائلتي الثورية، وإني لأحدو حدوهم ولا ولن أبالي بمن جعلوا من هذا البيان، الأساسي في نجاح الثورة الجزائرية في الرشيف، مهما تلقيت منهم من عراقيل وصعوبات ومشاق وضغوطات.
أما عن تصريحاتنا فكانت أحد اسباب إقبال الشعب الجزائري على حزب أعتمد قبل أيام من إيداع ملفات الترشحات للتشريعيات كآخر أجل، وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على مدى تمسك الشعب الجزائري بدينه. والمشكل في الجزائر بالنسبة لتطبيق شرع الله ليس في الشعب، فهو يريد ذلك ومتشوق إليه. ولكن المشكل يكمن في النظام، الذي يرفض تحكيم شرع الله، ويعتبره تطبيقا للرجعية والأصولية.
إن غلق بيوت الدعارة والحانات في الأحياء الشعبية، كبداية في تطبيق سياسة التدرج في أخلقة المجتمع والحفاظ عليه من الآفات الاجتماعية، لا يمس بحريات الأفراد، إنما يضع شعبا مسلما على السكة الصحيحة لبناء مجتمع صحيح.
إشكالية الإرهاب
[caption id="attachment_55237902" align="alignleft" width="300"] بوتفليقة يدلي بصوته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة[/caption]
* طالب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في خطاب سياسي شعبه، وكافة القوى السياسية في الدولة، بالتعاون مع السلطة، للقضاء على الارهاب والتطرف، والمحافظة على التنوع العرقي والثقافي للجزائر،"لضمان الاصلاح وعدم التدخل الأجنبي، ودفاعا عن حياة الاحياء ورسالة الشهداء".. فما موقفكم من تلك المطالب، لا سيما اشكالية الارهاب والتطرف والطائفية التي تعاني منها الجزائر؟
ـ أحب أن أؤكد أن الجزائر تتكون من شعب غير طائفي، ويدين بدين واحد هو الإسلام، وهذا ما يسهل إدارة شؤونها على من يحكمها بوطنية صادقة، وإرادة سياسية نافعة، أما بالنسبة لقضية الارهاب، فيحب ان نسمي الأمور بمسمياتها، فعندما يثبت أن الإرهابيين هم المجرمون الخارجون عن القانون، فحتما إننا سنتعاون في قمعهم ونتحالف مع من له نفس مفهوم الإرهاب الحقيقي، وكما نراه. أما وأن نسمي من يطالبون بحقوهم والحفاظ على كرامتهم والاستفادة من خيرات وثروات بلادهم بالعدل، وتجسيد الديمقراطية في بلادهم، وتسييد الشعب في اختيار حكامه، ارهابيين، فنحن لم نتعاون ولن نتعاون مع هؤلاء، ونعتبرهم هم الإرهابيين الذين يمارسون ارهاب الدول، والذي وجب علينا التحالف، كجزائريين أحرار لا يقبلون بالذل والمهانة؛ محاربتهم والقضاء عليهم. فتصحيح المفاهيم بات أمرا ضروريا اليوم أكثر من أي يوم مضى، لأن كلمة إرهاب استعملتها الأنظمة الفاسدة ذريعة لقمع الإرادات الشعبية، وهي كلمة صارت مستهلكة، ولن تؤتي أكلها بعد اليوم.
ولدينا مجموعة من السياسات والبرامج لعلاج مشكلات المواطن والوطن، وفي حال تمكن الحزب من تشكيل حكومة أو المشاركة في حكومة ائتلافية فسنعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة من خلال الحد من إهدار موارد الدولة، وإعادة استخدام أملاك الدولة غير المستغلة، وزيادة حجم الاستثمار في مشاريع تحسن من مستوى الخدمات، وتوفر فرص عمل إضافية، وترفع من مستوى معيشة المواطن، بهدف تقليل الفروق بين الطبقات لصالح توسيع الطبقة الوسطى، التي تم تقليصها وتهميشها على مدار العقود الماضية.
فيجب أن يشعر كل مواطن جزائري أن الشعب هو الذي يختار حاكمه ويحاسبه ويسأله، وأن هناك آليات للمراجعة والمراقبة تحمي موارد الوطن من الفساد وتحقق الشفافية.
يجب أن يعيش كل جزائري كريماً وحراً في وطنه وفي خارج وطنه، وأن يشعر بانتمائه لهذا الوطن، وأن يكون آمناً على نفسه وممتلكاته. وأن يستطيع كل جزائري في العموم وكل الجزائريات والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة على وجه الخصوص، تحقيق ذاتهم والوصول إلى قدراتهم الكاملة بدون قيود تهدر إمكانياتهم، أو تمنعهم من المشاركة في أي مجال أو تولي أي وظيفة.
وأن يحيا كل جزائري في مناخ اجتماعي يقبل الاختلاف بين أفراد المجتمع، في إطار أعرافه وتقاليده الموروثة، وأن يتسم بالمساواة والتعايش السلمي والاستقرار تحت مظلة دولة ديمقراطية، تحترم النظام والقانون وتحافظ على حقوق المواطنة من دون تمييز، وتحقق له العدالة، وتحافظ على كرامته وتحترم آراءه.
وأن تشعر الفئات الأكثر عدداً والأشد فقراً في مجتمعنا، بأنها الأكثر استفادة من برامج الدولة والمجتمع المدني للرعاية الاجتماعية.
وينبغي أن يشعر العمال بتحسن ملحوظ في مستوى المعيشة، وأن يتبع هذا نهوض مجتمعي يشمل كافة شرائحه، ليصبح مجتمعاً مدركاً لقيمة العمل ومحباً له وملتزماً بتحسين أدائه وقدراته ومهاراته وإنتاجيته، وحريصاً على احترام نظام العمل والنظام العام وسيادة القانون، والبعد عن المحسوبية والاضطهاد والفساد أو التستر عليه.
وأن يلمس المواطن حدوث نقلة نوعية لمستوى التعليم والتكوين والتدريب والبحث العلمي، والرعاية الصحية وخدمات النقل والمواصلات، وأن يشعر بدور الدولة في تنفيذ هيكل عمراني جديد يهدف إلى حل مشكلات الإسكان العشوائي، وعلاج المشاكل الناجمة عن التكدس السكاني، وازدحام الطرق وتزايد معدلات التلوث، بحيث يتمكن كل مواطن جزائري من تنمية قدراته وتحسين أدائه.
ولا بد أن يشعر المواطن أن الدولة تعمل جاهدة لتأمين حياة بنات وأبناء هذا الوطن، من خلال الحفاظ على موارد الجزائر من المياه ومصادر الطاقة بالكيفية التي تحقق الترشيد في الاستهلاك، وتشجع عليه وأنها تعد خططاً جادة لتنمية البدائل، وأن يشعر كذلك أن الدولة تتبنى سياسة زراعية طموحة تراعي فيها حضارتها الزراعية ومخزون الثقافة الزراعية المتوفر لديها، وتعمل على إيجاد الحافز للفلاحين، للمساندة في تعظيم وتطوير الإنتاج والتصنيع الفلاحي، والاستغناء عن استيراد نسبة كبيرة من احتياجاتنا الغذائية، وزيادة فرص العمل في مجال التصنيع الفلاحي.
إن من اهتمام الدولة بالارتقاء بحصيلة الجزائر التصديرية للخدمات، من خلال تنوع عوامل الجذب السياحي والارتقاء بجودة الخدمات الفندقية والضيافة، والإرشاد والأنشطة الترفيهية، وتفعيل المشاركة المجتمعية في الترويج عن مميزات السياحة في الجزائر.
قضية الأمازيغ
* تعد قضية الأمازيغ وحقوقهم التي سبق وأن طالبوا بها منذ عدة سنوات، فيما عرف بوثيقة القصر، ولم ينظر اليها الى حد الآن، من اهم الاقضايا المطروحة على الساحة السياسية في الجزائر؟ ماهو موقفكم من القضية؟
ـ إن الأمازيغ هم السكان الأصليون للجزائر عربهم الإسلام، وبدخول الفاتحين المسلمين العرب الجزائر، أصبح سكان الجزائر يتكونون من فريقين عرب عاربة من أصول عربية، وعرب مستعربة وهم من أصول أمازغية، عاشوا معا قرونا من الزمن في أمان وتآخ ومودة، وتضامنوا حتى أخرجوا الاستعمار الفرنسي، الى أن ظهرت شرذمة من المشوشين ، يريدون استغلال سياسة اميركا والغرب في تقسيم الدول العربية والاسلامية باستغلال فئة الأقليات، إلا أنهم لم يجدوا تجاوبا من بني جلدتهم أحفاد الشهيد عميروش، ولالا فاطمة نسومر وغيرهما من عظماء الجزائر الأمازيغ.
بوتفليقة أخلف وعده
* تكافح الجزائر للخروج من ركود طويل بسبب سنوات الإرهاب. المواطنون يجدون صعوبة في تغطية نفقاتهم، وتؤكد دراسات ان مئات الآلاف يعيشون تحت خط الفقر، رغم المساحة الشاسعة للدولة وخيراتها الكثيرة كالبترول والمعادن، ووضعها الجغرافي المتميز، واراضيها الخصبة ووجودها في المتوسط.. ماذا تأملون من الرئيس بوتفليقة لتأخذ الجزائر مكانتها بين الدول الغنية؟
ـ نحن لم نعد نأمل من الرئيس بوتفليقة شيئا، بعدما ان أخلف وعده للشعب، وسمح بتزوير الانتخابات التشريعية الأخيرة، إنما نعمل ساعين على أخلقة العمل السياسي وتقوية المعارضة الرشيدة، والصادقة مع شعبها لنصنع قوة نصل بها الى فرض تطبيق الإصلاحات، بدءا بحل البرلمان غير الشرعي، وتعيين حكومة وحدة وطنية تقوم على مراجعة الدستور والتحضير لانتخابات شفافة ونزيهة.
ونسعى جميعا لتحقيق المساواة في الدخل، بمعنى جعل معظم المواطنين ينتمون إلى طبقة واحدة؛ بحيث تعود عليهم عوائد التنمية بنسب متساوية.
وتقليل الفقر، بحيث إنَّ تحقيق المساواة في الدخل يؤدي إلى زيادة امتلاك الفقراء للأراضي، ورفع مستويات المهارة في استخدامها، وتتم مكافحة الفقر في خطَط التنمية، من خلال إستراتيجيات اقتصادية نتبناها.
نطالب بالحكومة العادلة والأمينة والتي يرعاها حاكم عادل، وبرلمان شرعي، فيتكفلون بردِّ الحقوق إلى أهلها ورعاية مصالح الأفراد وغيرها.
نطالب بحرية واستقلال الشعب، باعتبارها الأهمية الكبرى والأساسية في الحياة الإنسانية، والتمكن من العلوم والمعارف، لأن العلم هو المرتكز الرئيسي لنهضة الأمة جمعاء.
كما نطالب بالتنمية الاقتصادية الشاملة، بحيث تجعل مصلحة الشعب غاية وهدفًا لها.
ونسعى الى تحسين نوعية الحياة من حيث توفير متطلباتها الضرورية، وترسيخ الأخلاق الحميدة والقِيَم الثقافية الفاضِلة، لتكون الأساس لتربية الأجيال، اضافة الى حِفْظ وحماية البيئة ومكافحة ما يهددها ويلوثها.
ونطالب ايضا بتقوية القُدرات الدِّفاعية للأمة، وهو مبدأ وطني للحفاظ على سيادة واستقلال البلاد.
الحكم الديمقراطي
[caption id="attachment_55237904" align="alignright" width="300"] أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم [/caption]
* قال مراقبون ان من اكبر المشكلات في الجزائر، خرق القيادة السياسية للدستور والفشل في توزيع السلطة بشكل عادل بين الناس. السلطة السياسية فيها انفراد وسيطرة مطلقة من قبل السياسيين وكبار المسؤولين، والقوة الاقتصادية محتكرة من قبل الشركات الكبيرة، وادى ذلك إلى الكساد وتدهور الاقتصاد.. فمن خلال خبراتكم العلمية والسياسية، كيف يمكن ان تحل تلكم المشكلات؟ وما هو المطلوب من القيادة السياسية والأحزاب وأنتم أحدهم؟
ـ في رأينا، الحل يكمن في استقلال القضاء استقلالا بائنا، ولتكن السلطة القضائية أول سلطة في البلاد فوق كل السلطات والمؤسسات، بدءا بمؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية. تعيين حكومة من وزراء أكفاء قابلة للمحاسبة والمراقبة في كل حين والإقالة عند اللزوم. انتخاب برلمان سيد كامل الصلاحيات قابل للحساب والعقاب من طرف الشعب الذي اختاره. بهذا ستحل كل مشاكل الشعب الجزائري، الذي بلده تحتكم على أرض شاسعة وثروات هائلة وقدرات بشرية خلاقة.
فالجزائر جديرة بنظام حكم ديمقراطي يعتمد على التساوي بين المواطنين جميعاً وصون حقوق كل فرد، ونحن لا نرى بديلاً عن الديمقراطية كمنهاج سياسي، وأن تكون جميع المناصب العامة، تخضع إلى معايير معينة يضبطها الدستور الجزائري، من خلال أحكام دستورية تؤكد على التزام الجزائر حكومةً وشعباً بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في عام 1948. عندما يكون النظام يؤمن بتطبيق الديمقراطية من حيث: ان الدولة الديمقراطية تأخذ بمبادئ الحرية والعدالة والمواطنة لا تفرق بين طبقة وأخرى، ولا تميز بين جهة أو أخرى، وهي دولة كل الجزائريين، ولا تعرف سلطة سياسية سوى سلطة الدولة المستمدة من سيادة الشعب.
الدولة الديمقراطية تقوم على الحكم الديمقراطي، وهو حكم الشعب لنفسه، حيث يمارس أبناء الشعب حقوقهم في اختيار حكامهم ومحاسبتهم وتغييرهم.
الدولة ديمقراطية لأنها تقوم على مبدأ العدالة، فإنها تعمل من أجل رفع كل أشكال الظلم الاجتماعي والاقتصادي الواقع على الطبقات المهمشة والفقيرة، من دون إثارة عنف أو كراهية أو صراع طبقي.
الدولة الديمقراطية تؤمن بالدور المحوري والاستراتيجي للقوات المسلحة في الدفاع عن حدود الدولة، ضد أي عدوان خارجي، وتعمل دائما على تطوير وتحديث قدراتها الدفاعية العسكرية.
ويجب أن يتم الإبقاء على المادة الثانية من الدستور وأرى أن التفعيل التشريعي الصحيح للمادة الثانية من الدستور، هو اعتبار أن مبادئ الشريعة الإسلامية ضمانة للعدل والحرية والمساواة، في الحقوق لكل مواطن جزائري من دون تمييز. ومع التأكيد على المبادئ الدستورية المستقرة ودعم دور المجلس الإسلامي الأعلى وتوسيعه.
إن التنمية الاقتصادية تحصيل حاصل لنجاح الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية ونذكر منها:
الانتهاء من عدد من التشريعات التي تهدف إلى إزالة أية مواد قانونية تعيق من تأكيد حقوق الإنسان أو من إطلاق حرية مباشرة الحقوق السياسية، وتكوين الاتحادات والنقابات المستقلة والأحزاب والجمعيات.
إلغاء العمل بكافة القوانين الاستثنائية المقيدة للحريات أو التي تتنافى والقيم الأساسية لحقوق الإنسان، مع عدم جواز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وتأكيد حق التظاهر والإضراب والاعتصام السلمي في حدود النظام والآداب العامة.
إصدار قانون حرية المعلومات لضمان حق المواطن في الحصول على المعلومات وحرية تداولها وتنظيم قيام الجهات المختلفة بنشر معلومات بشكل دوري وإتاحتها للجمهور، وضمان حق المواطن في طلب المعلومات من هذه المؤسسات.
وضع التشريعات المفعلة لواجب المواطنين بالإبلاغ عن كافة حالات الفساد أو إساءة استغلال الوظيفة أو تعارض المصالح التي يصادفونها أو يعلمون بها من خلال معاملاتهم أو بحكم وظائفهم، وتجريم أي تستر على فساد أو مخالفات للقانون وتوفير حماية للمبلغين عن جرائم الفساد.
إضافة عقوبة الخدمة العامة للمجتمع في قانون العقوبات بدلا من العقوبات السالبة للحرية في الجنح وجرائم الأحداث.
الإصلاح المؤسساتي لأجهزة الدولة والمصالح الحكومية والهيئات العامة ورفع كفاءة الأجهزة التنفيذية المركزية واللامركزية بهدف القضاء على الفساد، وبهدف تمكين تلك الأجهزة من تحقيق متطلبات المرحلة الجديدة.
استقلال القضاء وفصل ميزانيته عن وزارة العدل، واختصاص مجلس القضاء الأعلى بكافة أمور القضاة، وتحديد أوجه الإنفاق، والإشراف على التفتيش القضائي، واختيار وتعيين النائب العام، وأن يتم تشكيل المحكمة الدستورية العليا من بين رؤساء الهيئات القضائية وتطوير إجراءات التقاضي وتحديث المحاكم ووسائل تأمينها وزيادة عددها مع الإعتماد على التقنيات الحديثة في النظم والمعلومات والمستندات، بما يحقق العدالة الحقيقية.
توفير ضمانات لحرية ونزاهة الانتخابات طبقا للمعايير الدولية، واستخدام النظم الإلكترونية في عمليات التصويت والانتخاب، وتقنين حق التصويت والانتخاب ومباشرة كافة الحقوق السياسية الأخرى للجزائريين بالخارج.
زوجي محرم لي أحتاجه إلى جانبي
* يقولون إنك (المرأة الحديدية) لكونك المرأة الوحيدة، التي تتولى رئاسة حزب سياسي إسلامي في الجزائر وفي العالم الإسلامي كله.. فلماذا قمتم بهذه الخطوة؟ وهل سيكون للمرأة وضع خاص في حزبكم؟ ونعلم أن زوجك عضو بالحزب، فهل يمكنك التنازل عن رئاسة الحزب لزوجك، اذا واجهت صعوبات مجتمعية لرفض المجتمع العربي الذكوري تولي امرأة السلطة؟ وهل اذا صعدت للسلطة، سيقبل المجتمع الجزائري تولي امرأة الحكم؟
ـ بالنسبة للذهنية الذكورية في المجتمع الجزائري فقد تجاوزناها، بدليل أن حزبنا كحزب جديد ترأسه امرأة، أسس في ظروف صعبة وضيقة جدا، استولى على رتبة مشرفة جدا في التشريعيات السابقة، مقارنة بنظرائه من الأحزاب التي يرأسها رجال. فالشعب الجزائري اليوم على درجة من الوعي، بحيث لم يعد يهمه من يحكمه رجلا كان أو امرأة، المهم عنده ان يحكم من طرف من يصدق معه وينفعه. أما المرأة في حزبنا فأخذت مكانتها وهي قيادية على مستوى وطني ومحلي، فالمكتب الوطني للحزب مثلا، متكون مناصفة بين النساء والرجال.
فعلا السيد صالحي محمد، هو زوجي نائب سابق في البرلمان من أبناء الحركة الإسلامية في الجزائر، التحق بحزب العدل والبيان بعد تأسيس هذا الأخير، وبعدما أن اختلف مع السيد جاب الله في جبهة العدالة والتنمية بصفته أحد مؤسسي هذه الجبهة، رحبنا به في حزب العدل والبيان ككل الكفاءات الجزائرية، التي تحظى عندنا بالاهتمام والتقدير. ناهيك عن انه محرم لي، احتاجه الى جانبي في بعض الحالات التي تستلزم ذلك، واثناء تنقلاتي وأسفاري، بصفتي امرأة مسلمة لا تسمح للعمل السياسي أن يلغي تطبيق شرع الله. لكن من ناحية الحقوق والواجبات الحزبية، فهو مثله مثل باقي أعضاء الحزب، وحزب العدل والبيان هو حزب المؤسسات لا مملكة وراثية. والسيد الوحيد، الذي يحق له انتخاب رئيس أو رئيسة للحزب من بعدي، هو المؤتمر.
الربيع الجزائري
* ما هو رأيكم في تأخر الإعلان عن الوزير الأول، واستمرار السيد أويحيى الى ما بعد انتهاء فترة ولايته، وهو من المخالفات الدستورية الصريحة؟ وهل تأملين في ربيع جزائري؟
ـ لا انتظر حكومة لا تولد من رحم النظام الديمقراطي، بل انتظر حل البرلمان غير الشرعي، الذي فرض على شعب مسلوب السيادة من طرف حاكميه، اللهم إذا كانت هذه الحكومة حكومة وحدة وطنية مؤقتة، مهمتها إعادة تحضير الانتخابات التشريعية من جديد للقضاء على هذا الانسداد السياسي، وبدء مرحلة جديدة يتوق لها كل جزائري حر، فإذا حصل هذا فنحن في غنى عن الربيع الجزائري، والا فمكره أخاك لا بطل، ولكن بالطرق السلمية.