سيدا انتخب رئيسا للمجلس خلال اجتماع في اسطنبول خلفا لبرهان غليون رئيس المجلس، الذي تقدم باستقالته خلال الشهر الجاري، وهو الشخصية الكردية المستقلة، والذي وصف بالرئيس التوافقي وبرجل المرحلة الانتقالية الصعبة في تاريخ المجلس الوطني، في مواجهة استحقاقات كبيرة منها ما يتعلق بطمأنة الاطراف الاقليمية والدولية الفاعلة في الملف السوري، من خلال توحيد رؤى فصائل المعارضة حول ملامح سوريا ما بعد نظام بشار الأسد، وتوسيع المظلة السياسية للثورة السورية.
وشدد سيدا على أن" المطلوب راهنا من المعارضة السورية، هو أن تتبنى وجهة نظر موحدة حول مستقبل سوريا، لطمأنة الداخل الوطني والجوار الاقليمي والمجتمع الدولي، الى جانب تقديم وثيقة حول ملامح المرحلة الانتقالية"، وحول روزنامة الرئيس الجديد للمجلس الوطني، والسيناريوهات المحتملة للأزمة السورية، حاورت مجلة "المجلة"، سيدا وهذا نص الحوار.
الرئيس التوافقي
* وصفت بالرئيس التوافقي، ما الذي جعل قيادات وأطراف المجلس الوطني السوري تتوافق على شخصية كردية مستقلة؟
ـ المجلس الوطني السوري ينطلق في توجهه الأساسي من المشروع الوطني السوري، ومن هنا فإن القاعدة التي استندنا اليها في المجلس بأن تكون رئاسة المجلس تداولية بين أعضاء المكتب التنفيذي، ونتيجة لبعض الآراء المتباينة حول اعادة تولي رئيس المجلس السابق برهان غليون رئاسة المجلس، فإنه قدم استقالته وبدأت المناقشات حول مرشح جديد، وأجمع المكتب التنفيذي على ترشيحي لتولي مهام رئاسة المجلس، وتم التوافق من قبل الامانة العامة للمجلس الوطني بالأغلبية على القرار.
* دار حديث قبل إعلان رئاستكم للمجلس، عن رغبة بعض القيادات في المجلس بتولي جورج صبرا الذي ترشح سابقا امام غليون رئاسة المجلس؟
ـ جورج صبرا في هذه الدورة لم يرشح نفسه، كما ان اعلان دمشق بكامل اعضائه تبنوا ترشيحي، وكان التوافق على ترشيحي بالاجماع من قبل اعضاء المكتب التنفيذي، من قبل الاخوان ومن قبل قوى اعلان دمشق ومن قبل الشخصيات المستقلة.
* يتجدد السؤال حول اهمية دور الاخوان المسلمين في تحديد الشخصية التي ستتولى رئاسة المجلس، ما الذي جعل الاخوان يعيدون دعم شخصية علمانية مجددا لرئاسة المجلس؟
ـ الآراء حول سيطرة الاخوان على المجلس الوطني، مسألة تحتاج الى تدقيق، والاخوان المسلمون يجمعون على المشروع الوطني السوري، واصدروا عهدا وطنيا، اعتبر خطوة متقدمة تتناسب مع طبيعة المرحلة باعتراف غالبية فصائل المعارضة.
* من أين يستمد الإخوان المسلمون قوتهم.. وهو أمر يثير مخاوف العديد من أطراف العارضة؟
ـ الاخوان هم فصيل اساسي من الفصائل التي عملت مع بعضها بعضا في عملية تأسيس المجلس الوطني السوري، وهم يعبرون عن رأي قطاع واسع من المجتمع السوري، ربما ما يميز قوة الاخوان عن غيرهم، هو انهم يمثلون قوة منظمة أكثر من غيرهم، وهي نتيجة تعرض الاخوان لقمع غير مسبوق من قبل النظام السوري الذي مازال يلاحقهم بقانون 49 القاضي بإعدام اي شخص يثبت انتماؤه الى جماعة الاخوان المسلمين، لذلك عندما هاجروا من سوريا تمكنوا من تنظيم انفسهم على مدى عقود، وباتوا قوة منظمة، وهذه القوة في مواجهة قوى اقل تنظيما من الاخوان، مما يظهر ان الاخوان متماسك اكثر.
أولويات
* قيل عنك إنك رجل المرحلة الانتقالية الصعبة في تاريخ المجلس الوطني، ما هي أولوياتكم؟
ـ الاولوية الرئيسة هي ترتيب البيت الداخلي للمجلس، الى جانب ضرورة التفاعل مع مختلف فصائل المعارضة السورية، بهدف توسيع المجلس، بالنسبة للقوى التي تبدي رغبتها في الانضمام الى المجلس الوطني. وأما ما يخص القوى التي تفضل ان تبقى خارج المجلس، سيكون هناك مساع في التنسيق معهم للخروج برؤية مشتركة للمرحلة الانتقالية ولملامح سوريا المستقبل، واعتقد ان مختلف فصائل المعارضة السورية هي اليوم اكثر اتفاقا من اي وقت آخر.
[caption id="attachment_55236521" align="alignleft" width="300"] سيدا مع سلفه على رأس المعارضة السورية برهان غليون[/caption]
* رغم الحديث المستمر حول اعادة الهيكلة، مازالت هناك انتقادات للمجلس الوطني بعجزه عن توسيع قاعدته، ما الذي يجعل المجلس عاجزا حتى الآن عن اعادة هيكليته؟
ـ هناك خلط بين توحيد الموقف السياسي والموقف التنظيمي، واعادة الهيكلة هو في الجانب التنظيمي للمجلس، ولاستدراك الخلط مجددا، تواصلنا مع الجامعة العربية وتوافقنا معهم حول ضرورة فصل المسارين، وان يركز اجتماع المعارضة المقبل والذي ستدعو اليه الجامعة العربية على مناقشة الرؤى السياسية، بغية توحيدها، وسنقوم بتقديم وجهة نظرنا حول مشروع اعادة الهيكلة، ولن يكون كما يتخيله البعض، ان نبدأ من نقطة الصفر، لن ننطلق من هذه النظرة العدمية، فهناك جهود بذلت، وانجازات تحققت، نحن سنبني على هذه الانجازات.
* اي أن هناك ثوابت غير قابلة للتغيير، ما الأمور التي ستطرح للنقاش اذن في مشروع اعادة الهيكلة؟
ـ المشروع الذي سيطرح في سياق اعادة الهيكلة الهدف منه هو تفعيل المجلس، خاصة الهيئة العامة والمكاتب التخصصية في سبيل الاستفادة من الطاقات الموجودة وهذا المشروع سيتضمن ثوابت ومتغيرات، الثوابت هي الانجازات التي تحققت والايجابيات الموجودة، والمتغيرات سنحاول من خلالها تجاوز السلبيات والتراكمات غير الموفقة، المتغيرات هي موضع حوار بيننا وبين الفصائل المعارضة الاخرى، التي تريد الانضمام الى المجلس الوطني السوري، وسنتعامل مع الجميع بعقل وقلب منفتحين، وسنسعى من خلال لجنة مشتركة لتحديد القواعد التي من شأنها ان تؤدي الى انضمام هذه القوى الى المجلس، ونحن ندرك النواقص، نحن الذين عايشنا المجلس منذ بدايته حتى الآن، ندرك وجود سلبيات ربما يجهلها الناس، لكن هناك رغبة حقيقية في تجاوز هذه السلبيات والاصلاحات.
* لكن كانت هناك لجنة تم تشكليها واعلن بعض اعضائها فشل مهمتهم؟
ـ بالنسبة للجنة التي شكلت في مؤتمر المعارضة في 28 مارس (آذار) المنصرم باسطنبول، وانبثقت عنه لجنة مشتركة من المجلس الوطني السوري وفصائل قوى المعارضة، الاشكالية التي واجهتنا وقتها ان هدف تشكيل اللجنة هي تحديد القوى التي ستدعى الى اللقاء التشاوري لمختلف فصائل المعارضة، لكن سرعان ماتحولت هذه اللجنة الى لجنة لاعادة الهيكلة، الامر الذي لم يؤدي الى حصيلة وكانت النتيجة، اعلان الاخوة من فصائل المعارضة التي هي خارج المجلس، عن فشل المناقشات.
* هل هناك خطوات ملموسة لإعادة الهيكلة؟
ـ نعم بالتأكيد.. شكلنا لجنة في سبيل تقديم مشروع حول موضوع اعادة الهيكل، وحددنا السقف الزمني لهذه اللجنة،هذا المشروع ينبغي ان ينجز في اقرب وقت ممكن.
* من هي القوى التي ستدخل في إطار اعادة الهيكلة؟
ـ كل القوى مرشحة للانضمام، المجلس الوطني الكردي مرشح، وهناك مجموعات وتكتلات اعربت عن ترحيبها بالانضمام.
* كيف ستتعاطون مع التنسيقيات بموضوع إعادة الهيكلة وهي القوة الفاعلة على الأرض في الداخل؟
ـ بالنسبة الى التنسيقيات وهي الهيئة العامة والمجلس الأعلى الى جانب لجان التنسيق، لجان التنسيق كانت ضمن المجلس الا انها جمدت العضوية، حاليا لدينا التواصل في سبيل العودة ثانية، وهناك تواصل وتنسيق ايضا مع الهيئة العامة، هم منذ البداية فضلوا عدم الانضمام الى المجلس، الا ان المحاولات والمباحثات مستمرة معهم، الى جانب ذلك هناك تنسيقيات كثيرة موجودة ضمن المجلس الوطني.
* هل القيادات السياسية في المجلس "الأمانة العامة والمكتب التنفيذي" ستكون منسجمة مع مساعي ضم أطراف اخرى؟
ـ قبل عملية الترشيح، أخذت وعدا من الجميع على ان نعمل بروحية الفريق الواحد، وقد صدر قرار مشترك في سبيل اعادة الهيكلة، طبعا مثل هذه العملية الكبرى لابد ان تتباين حولها الآراء، ولكل قوة سياسية حساباتها الخاصة، لكن طبيعة المرحلة والتحديات المتسارعة التي نواجهها الى جانب التطورات المتلاحقة على الأرض، تلزم الجميع بالسعي بعيدا عن الحسابات الحزبية او الشخصية في سبيل جمع طاقات اكبر عدد ممكن من فصائل المعارضة، وليصبح المجلس الوطني السوري قوة فاعلة، ينسق مع الجيش الحر ومع الحراك الثوري الفاعل على الارض وتتركز الطاقات جميعها وتتمحور حول هدف اساسي، الا وهو اسقاط النظام.
* رغم ترحيبها بدعوتك للحوار، هيئة التنسيق جددت رفضها للتدخل الخارجي، مع هذا التباين في التوجهات هل الحوار سيكون مجديا؟
ـ المجلس الوطني لم يطالب بالتدخل العسكري، وانما طالب باصدار قرار عن مجلس الأمن ينص على ادراج مبادرة المبعوث الأممي العربي المشترك كوفي عنان تحت البند السابع، لكن التفاعلات على الارض هي التي تلزمنا بإعادة النظر في مواقفنا، حمص محاصرة من كل الجوانب وهناك قصف مركز عنيف بكل انواع الأسلحة على مختلف المناطق السورية، ولا توجد مواد غذائية حتى الطحين بدأ ينفذ، لا توجد أدوية، امام هذه الوضعية والسوريون يستغيثون لابد من التحرك في اتجاه ما، وقد نبهنا الإخوة في الجامعة العربية، كما نبهنا المسؤولين في الامم المتحدة، على ان الشعب السوري اذا فقد الأمل سيعتمد على نفسه، وهو حق مشروع لذلك ندعو الاخوة في هيئة التنسيق الى التمعن جيدا، والتنبه لما يجري في سوريا على ارض الواقع، لا يمكن ان نتغافل عن صرخات شعبنا ببعض الشعارات التي اعتقد بأنها مازالت اسيرة الايديولوجيات، نحن لسنا دعاة تدخل اجنبي، لسنا دعاة حرب، لكن النظام اذا استمر في هذا النهج حينئذ ستكون كل الاحتمالات مفتوحة، وكل الاوراق موجودة على الطاولة.
أداة دفاعية
* ما حيز اهتمامكم بتماسك الجيش الحر، في ظل ما يجري الحديث عنه من خلافات بين قياداته؟
ـ المجلس الوطني لم يتخذ قرارا بإنشاء الجيش الحر، هذا الجيش برز نتيجة انشقاق الضباط والجنود الشرفاء الذين رفضوا اطلاق النار على السوريين، وامام تبلور هذه الظاهرة ونمو حجمها ارتأينا انه من الضرورة ان نتعامل معها وننظمها في سبيل ان تكون منسجمة مع الرؤى السياسية للمجلس الوطني، خشية أن تخضع لتجاذبات كثيرة، وتوصلنا الى تشكيل مكتب ارتباط عسكري، لكن من دون شك هناك جهود ميدانية، وكتائب ميدانية في مختلف المناطق عملنا ومازلنا نعمل على تنظيمها وضبطها في اطار يمكننا التأكد معه على أن هذه الكتائب هي تابعة لمركز قرار واحد، وتلتزم بالرؤية السياسية للمجلس الوطني السوري، انطلاقا من قناعتنا بأن القيادة السياسية يمثلها المجلس الوطني السوري، في حين ان الجيش الحر هو اداة دفاعية.
* هل سيتحول الى أداة هجومية؟
ـ حتى الآن لم ينتقل هذا الجيش الى مرحلة الهجوم، ونحن لا نأمل ان يحدث ذلك، وانما نعول على مهماته الدفاعية في سبيل حماية المدنيين المتظاهرين، لكن امام تصاعد وتيرة العنف والحالة الهستيرية التي تهيمن على تصرفات وسلوك النظام، اذا استمرت المذابح بهذا الشكل، والموقف الدولي لم يرتق الى المستوى المطلوب، فالمعادلات ستختلف وقواعد اللعبة ايضا ستتغير.
* ماذا عن وجود "القاعدة"، اضافة الى دعوات الجهاد، مدى متابعتكم لها وتأثيرها على مسار الثورة السورية ونشوب الحرب الأهلية؟
ـ الحرب الأهلية النظام وحده من يتحمل مسؤوليتها، من جهتنا نسعى باستمرار من اجل ضبط العملية، وتنظيمها وجعلها خاضعة للقرار السياسي الخاص بالمجلس الوطني، بطبيعة الحال امام هذه الوضعية قد تحدث دعوات متطرفة من هنا وهناك، الا انها دعوات محدودة التأثير، والانتشار، في حين ان الجسم الاساسي او القرار الاساسي لكتائب الجيش الحر هو الذي يسير وفق سياسة المجلس، ونحن على تواصل مستمر خاصة مع القادة الميدانيين في الداخل الى جانب القيادة الموجودة في خارج البلاد، ننسق معها ونحاول ان نوجد نوعا من الانسجام بين الداخل والخارج في سبيل تركيز الجهود وعدم بعثرتها.
[caption id="attachment_55236522" align="alignright" width="300"] كوفي عنان[/caption]
* ما أهمية اطلاق المعارضة ذراعها المالية والذي جاء تحت اسم "المنتدى السوري للأعمال"؟
ـ نحن على تواصل مع المنتدى وهي خطوة مطلوبة بسبب اهمية الدعم المادي، خاصة اذا كان من قبل رجال الأعمال السوريين ولا يشك في نزاهتهم.
* تم الاعلان في اسطنبول عن إنشاء مجموعة تنسيق لدعم المعارضة تضم 160 دولة بينها تركيا، ما طبيعة هذا الدعم؟
ـ ليس هناك آلية محددة بشأن دعم هذه الدول للثورة، هناك اشكال مختلفة للدعم، بعض الدول ترسل الدعم الى المؤسسات الدولية، وبعضها ترسل المساعدات الى اللجان عن طريق النشطاء والوسطاء وبعض هذه المعونات تصل الى المجلس الوطني، وهذه المساعدات لا تأتي من جميع دول المجموعة هذه، بل تأتي غالبيتها من قبل بعض الدول العربية في منطقة الخليج العربي.
انفتاح على الأكراد
* الأحزاب الكردية رحبت بتوليك رئاسة المجلس الوطني، ما التطمينات التي يمكن من خلالك أن يرسلها المجلس الى الأكراد؟
ـ اعتقد اننا اليوم اكثر قربا من اي يوم مضى، وأصدرنا وثيقة مشتركة بين المجلسين، اضافة الى الكتلة الوطنية تنديدا بمجزرة الحولة، كما تضمت جملة من القواسم، منها المطالبة باسقاط النظام، المجلس الوطني لديه وثيقة وطنية حول القضية الكردية في سوريا، وعرضنا هذه الوثيقة على فصائل المعارضة، ونتمنى من الاخوة في المجلس الوطني الكردي دراسة هذه الوثيقة بامعان وابداء وجهة نظرهم، والمجلس الوطني السوري منفتح على جميع الملاحظات، واعتقد ان عملية ترشيحي وعملية الترحيب من قبل المجلس الكردي ومن الجماهير الأوسع لدى الشارع الكردي السوري، تساعد كثيرا في تعزيز الثقة، فالمشكلة الاساسية التي نعاني منها في سوريا تتمثل في ضرورة ازالة المخاوف والهواجس عبر مواثيق وعقود وعهود مكتوبة، الى جانب ذلك، لابد من تعزيز الثقة عبر ممارسات فعلية على الارض.
* كونك معارضا كرديا، من وجهة نظرك كيف يمكن حل القضية الكردية في سوريا؟
ـ لا يمكن حل هذه القضية عبر الصفقات، القضية الكردية تحل ضمن اطار نظام ديمقراطي تعددي يقر بالخصوصيات ويحترم الحقوق، لذلك الدستور السوري القادم، لابد ان يعترف بالهوية القومية للشعب الكردي وبالوجود القومي الكردي، الى ذلك يجب ان يقر بالحقوق القومية المشروعة للاكراد، ويعتبر ان هذه القضية هي جزء اساسي من القضية الوطنية العامة في سوريا، اضافة الى الغاء كل السياسات التمييزية المطبقة بحق الشعب الكردي، من الحزام العربي والاحصاء الاستثنائي والتعريب، الى جانب الاجراءات الاستثنائية الاخرى، خاصة ما يتعلق منها بمنع طلابنا وشبابنا الاكراد من دخول كليات الشرطة والكليات العسكرية.
* ما رأيك بطرح الاكراد "اللامركزية السياسية" لسوريا ما بعد بشار الأسد؟
ـ هذا الموضوع علينا مناقشته بشكل مفصل مع الشركاء، خاصة أن بعض المطالب تؤدي الى حالة توجس من قبل الطرف الآخر الشريك في الوطن، نحن في سوريا نحتاج الى اعادة الثقة بين مختلف المكونات، وهي تتعزز من خلال العمل المشترك، لطالما كانت هناك احكام مسبقة، الا انه اثناء العمل، خاصة في المراحل المفصلية كما التي نعيشها حاليا، عندئذ الكثير من الامور سرعان ما يتبين لنا بأنها عبارة عن حواجز نفسية، وهي التي تفصل فيما بيننا، نحن بحاجة الى التفاعل مع العمل الوطني.
* اقليم كردستان بدأ الدخول على خط الثورة من خلال استقبال لاجئين اكرادا سوريين، كيف تنظرون الى دور اقليم كردستان؟
ـ أعتقد ان دور اقليم كردستان فاعل، لأن ما يجري في سوريا لن تقتصر تأثيراته على سوريا وحدها، سوريا هي دولة مفتاحية تؤثر في لبنان تؤثر في الأردن في فلسطين في العراق وحتى في تركيا، لذلك من الطبيعي ان هذه القوى الإقليمية سيكون لها موقف مما يجري في سوريا، وستحاول ان تتفاعل مع ما يجري، وما نتمناه هو ان يكون هذا التفاعل ايجابيا، واقليم كردستان قد تحول الى فاعل اقليمي، وهذا امر جيد ومن موقعه كلاعب اقليمي، لابد أن يتفاعل مع الثورة السورية.
اللقاء التمهيدي
* أهمية اللقاء الأخير الذي جمع فصائل المعارضة في اسطنبول؟
ـ الاجتماع كان تلبية لدعوة من قبل الحكومة التركية وجامعة الدول العربية والامم المتحدة ممثلة بالمبعوث الدولي كوفي عنان، تم دعوة عدد من فصائل المعارضة منها هيئة التنسيق التي اعلنت مشاركتها، الا انها لم تحضر، وشارك في الاجتماع المجلس الوطني الكردي والمنبر الديمقراطي وحركة معا، ومجموعة من الشخصيات الوطنية مثل هيثم المالح وعمار القربي ووليد البني، وهذا الاجتماع هو اجتماع تمهيدي لاجتماع عام للمعارضة السورية الذي سيعقد في القاهرة، التي دعت اليه الجامعة العربية، وتم تشكيل لجنة تحضرية وصدر بيان وتوافقنا على اساس متابعة الموضوع والتوافق على التوجهات العامة.
* ما المطلوب من المعارضة السورية في الوقت الرهن؟
ـ المطلوب راهنا من المعارضة السورية هو ان تتبنى وجهة نظر موحدة حول مستقبل سوريا، اي وجود وثيقة وطنية او عهد وطني لمرحلة ما بعد بشار الاسد، لطمأنة الداخل الوطني والجوار الاقليمي والمجتمع الدولي، الى جانب ذلك لابد من تقديم وثيقة حول ملامح المرحلة الانتقالية اي خارطة طريق تبين كيف سننتقل الى المرحلة الانتقالية، وكيف يمكن أن نتجاوز هذه المرحلة.
* تعليق مهمة بعثة المراقبين هل هي اشارات عن قرب اعلان عنان فشل خطته؟
ـ لا يمكن ان نقول الخطة فاشلة، فالخطة تطرح وجهة نظر في نهاية المطاف، لكن الواقع ان النظام لا يلتزم بهذه الخطة، لذلك ففشل الخطة يتحمل النظام مسؤوليتها، والسبب الاساسي في تعليق مهمة عمل المراقبين، من خلال معلوماتنا الدقيقة، تقول ان المراقبين يتعرضون لضغوطات من قبل السلطات، وبالتالي لا يستطيعون القيام بمهامهم، طبعا كانت هناك بعض الاتهامات بأن هناك عنفا من قبل المعارضة، نحن نؤكد بأن المسؤول عن هذا العنف هو النظام.
* اذن ما جدوى استمرار الخطة؟
ـ طالما لا توجد خطة بديلة حتى الآن من قبل المجتمع الدولي، فإن اعلان فشل هذه الخطة يعني ترك مصير سوريا الى المجهول المفتوح على كل الاحتمالات، ما يعني بث حالة من الفوضى والاضطراب، وان الأمور ستخرج عن نطاق السيطرة، ومثل هذا الأمر لن تكون عواقبه محصورة ضمن نطاق الداخل السوري، بل ستمتد الى الجوار الاقليمي، الأمر الذي يثير قلقا كبيرا من جانب المجتمع الدولي.
مصادرة روسية
* ما معلوماتكم عن وجود صفقة أميركية روسية حول سوريا؟
ـ لا نعتقد بوجود هذه الصفقة، ولا توجد لدينا معطيات حول ذلك، والمعطيات التي لدينا لا تشير الى ذلك اطلاقا.
* مؤشرات فشل تمرير الفصل السابع في الأمم المتحدة في تزايد، بعد اعلان روسيا موقفها المتجدد بدعم نظام الأسد، ما الحلول المطروحة وهل من تحركات من خارج مجلس الأمن؟
ـ المسألة تتوقف على السوريين، هناك انتقادات توجه الى المعارضة على انها مفككة، وانه لا يوجد تأييد وطني، ولا توجد خطة من شأنها بيان كيفة الانتقال الى مرحلة ما بعد السقوط، وما هي ملامحها، طبعا الموقف الدولي هو الآخر يبدو انه غير جاهز، لكن في ظل هذه المجازر التي ترتكب كل يوم، وتصاعد حدة العنف ودرجة المخاوف والقلق، تتوجه الامور في سوريا نحو المجهول، وبدأنا نلاحظ ان هناك اهتماما دوليا لافتا، وغير مسبوق، بالاوضاع في سوريا، الملف السوري يتصدر جدول اعمال جميع الاجتماعات والمؤتمرات الاقليمية والدولية، ويمكننا الجزم بأن الموقف الدولي قد بلغ مرحلة النضج، وعلى المعارضة السورية بفصائلها المختلفة بالتنسيق مع المجلس الوطني السوري، تقديم رؤى واضحة تطمئن من خلالها الداخل والجوار الاقليمي والمجتمع الدولي.
* روسيا دعت الى اجتماع مجموعة الاتصال، بحضور ايران، ما موقفكم من هذا الاجتماع؟
ـ روسيا تسعى لمصادرة نتائج اجتماع "اصدقاء سوريا"، الذي سيعقد في باريس، ويبدو ان هناك محاولة في سبيل رفع السقف في المفاوضات الجارية مع روسيا الهادفة الى ايجاد حل يتوافق عليه الجميع، ونحن من جانبنا ايضا لدينا تواصل مع الروس، ونحاول ان نتوافق معهم، ونقدر دور روسيا واهميتها وعمق علاقاتها مع سوريا، ودول اخرى في المنطقة، نحن كمعارضة نتفهم المصالح الروسية في المنطقة، ونحن على استعداد لاستيعاب هذه المصالح، ولكن على اساس الصداقة التي تربط بين الشعبين السوري والروسي، وليس على اساس الصداقة مع نظام يقوم بقتل السوريين بسلاح روسي.
* هل ستحضرون الاجتماع؟
ـ لن نحضر مثل هذا الاجتماع، وأي اجتماع تشارك فيه ايران بموقفها الحالي المساند والمتحالف مع النظام السوري، لن نحضره، مع تأكيدنا اننا لسنا في حالة عدائية مع ايران، ونقول للمسؤولين الايرانيين عليهم الاستعداد لمرحلة ما بعد نظام الاسد، عليهم ان يلتزموا حقائق التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة، نحن على استعداد لبناء افضل العلاقات مع ايران لصالح الشعبين السوري والايراني، في حال اقرار ايران بكل وضوح بحق الشعب السوري في تقرير مصيريه، والتمتع بقيم الحرية والعدالة والكرامة.
سيناريوهات الأزمة
* هل مازال بالامكان تطبيق السيناريو اليمني؟
ـ هناك تمايز بين الوضعية السورية واليمنية، في اليمن كان هناك توازن عشائري، الى جانب ان الجيش انقسم بصورة تحقق بموجبها حالة توازن اضافي، كما ان عدد الضحايا لا يقارن مع الضحايا في سوريا، والأمور لم تصل الى حافة الخطر، في سوريا لدينا الآن اكثر من مليون ونصف المليون لاجئ، وسقط اكثر من 20 الف شهيد، وهناك عشرات الآلاف من المفقودين والجرحى والمعوقين، الى جانب عشرات الآلاف من المعتقلين، كل هذا، يمثل خصوصية الحالة السورية، فلا يمكن ان تتعايش مع وضعية وجود نظام يتحمل المسؤولية في حدوث كل هذه الجرائم والانتهاكات.
* لكنك دعيت الى تنحي الأسد وتفويض صلاحيته لنائبه فاروق الشرع، وهي مقاربة للسيناريو اليمني؟
ـ هذه المقاربة موجودة في مبادرة عنان، والتصريح الذي نسب اليّ كان حول مناقشة خطة عنان، وقلت ان هذه الخطة تدعو الى تسليم الصلاحيات، بيد أني لم آتِ على ذكر فاروق الشرع، وفسر التصريح بشكل خاطئ من قبل بعض الصحافيين ونسبت الدعوة الي، واكدناه خلال حديثنا عن المبادرة، ان الخطة رغم انها لا ترتقي الى المستوى المطلوب، الا اننا التزمنا بها، نتيجة موافقة الجامعة العربية والأمم المتحدة ومجموعة اصدقاء سوريا عليها، مع يقيننا التام بأن النظام لن يلتزم بها، لأن هذه المبادرة تدعو الى وقف اطلاق النار، وسحب المظاهر العسكرية من المدن، الى جانب ذلك، فالخطة تدعو الى حق التظاهر، ونحن ندرك انه بمجرد ان يتأكد السوريون من عدم وجود قناصة واستهدافهم بالطلقات النارية، عندها الاعداد ستكون اضعاف مضاعفة مما هو عليه الآن، وبالتالي ستكون نهاية النظام.
* هناك حديث عن مفاوضات حول تنحي الأسد والإبقاء على النظام، ما موقفكم؟
ـ المجلس الوطني السوري منذ تأسيسه، هدفه الاساسي هو اسقاط النظام بكامل رموزه وادواته ومفاهيمه واركانه، بالنسبة للأسد وعائلته ورجاله المقربين، هؤلاء عليهم ان يتركوا الحكم، اما ما سيواجههم وما سنقترح بشأنهم، هذه المسألة ستخضع في نهاية المطاف لما فيه صالح الشعب السوري.
* هل سيسري ذلك على حزب البعث؟
ـ حزب البعث والأجهزة الأمنية والجيش، من كانت له يد في الجرائم والانتهاكات سيقدم الى محاكمة عادلة، اما بالنسبة لحزب البعث فلن نعتمد سياسة اجتثاث بحق منتسبي هذا الحزب، خاصة انها اتت بنتائج سلبية في العراق، سنعمل على التعامل مع هذا الحزب بوصفه حزبا سياسيا، شأنه شأن باقي الأحزاب الأخرى.
* ما مدى جدية التخوفات من إقامة دولة علوية؟
ـ حاليا هناك تخوفات، خاصة بعد ان لمح اليه بشار الأسد في خطابه الأخير، وزاد من حجم هذه التخوفات تهديده بإمكانية بروز نزعة لبلورة معالم دولة خاصة بالعلويين في سوريا، ولكن هذه المسألة مرفوضة من قبل السوريين، ومرفوضة من قبل العلويين قبل غيرهم، رغم ان النظام يعمل على استغلال هذه الطائفة على اساس النزعة الطائفة.
* وهناك تقارير تتحدث عن بلقنة الأزمة السورية، وتشبيه الأزمة بما جرى في البوسة والهرسك؟
ـ هذا السيناريو في ظل المعادلات الراهنة وانطلاقا بمعرفتها بما يجري وما يتم تداوله من حلول، غير مطروح، بطبيعة الحال النظام يريد ان تتجه الأمور بهذا الاتجاه، من خلال خلق حالة من الفوضى الشاملة، لكي يظهر للعالم بأن زواله يعني الفوضى الكارثية في المنطقة.
* المناطق الآمنة هل مازال مطلبا بالنسبة للمعارضة أو المجلس؟
ـ بالنسبة لمؤتمر باريس نحن نأمل وندعوا وسنعمل بكل ما لدينا من علاقات، ان تكون هذه القرارات قوية وألا تكون تكرارا لما كان في اسطنبول أو تونس، ففي المؤتمر المقبل لابد ان تكون القرارات حازمة وواضحة ومحددة، نحن نعمل على اصدار قرار من مجلس الأمن تحت البند السابع، لكن في حال تعذر الوصول الى ذلك، لابد ان نعمل على اصدار قرارات من مجموعة اصدقاء سوريا.
دور مقلق
* الدور التركي الذي يعود مجددا الى واجهة الثورة، بماذا ترد على من يبدي قلقا من الدور التركي في الأزمة السورية واتهامه بفرض اجنداته على المجلس الوطني؟
ـ سمعنا الكثير من هذه الاتهامات، تركيا لديها حدود طويلة مع سوريا، هناك تداخل سكاني، واهتمام واضح بما يجري في سوريا، تتفاعل معها وتؤثر تصوراتها بما قد يحصل في تركيا، كما ان تركيا هي دولة اقليمية كبرى، وسوريا هي دولة مفتاحية في المنطقة تؤثر في لبنان والاردن وفي العراق ومن الطبيعي ان تهتم دولة اقليمية كبرى، بما قد يحصل في دولة مفتاحية، لأنها في نهاية المطاف ستتأثر بها، هذه المسائل لابد ان نستوعبها جيدا.
[caption id="attachment_55236526" align="alignright" width="300"] أي دور لروسيا؟؟[/caption]
أما من يقول بأن الحكومة التركية تقوم بفرض الولاءات، هذا لم نلمسه، ونعتقد بأن الحكومة التركية هي اكثر ادراكا للأمور وتقديرا لها، ولا يمكن لها ان تتدخل بهذه الصورة التي يتم الحديث عنها، وكل القرارات والاجتماعات سورية وبارادة سورية، لكن الصداقة مع تركيا واحترام المساعدات واحترام روحية الضيافة الكريمة التي تقدمها تركيا للاجئين السوريين والمنشقين عن الجيش النظامي، الى جانب سماحها لنا باستخدام مدنها امكنة لعقد لقاءاتنا واجتماعاتنا، هذه المسائل لابد ان تشكر تركيا عليها، وهذا لا يعني انه قد تكون لنا ملاحظات حول هذه السياسة او تلك وهذه مسألة طبيعية.
* في رأيك هل تركيا حسمت موقفها النهائي تجاه الثورة، الا تتخوفون من تغيير يطرأ على موقفها، خاصة بعد ما تردد من محاولات تركية لإبرام صفقة مع النظام حول الاخوان المسلمين، ودخولها في وساطة للافراج عن الأسرى الايرانيين والأسرى اللبنانيين؟
ـ لا اعتقد ذلك، لأن الدماء الكثيرة التي هدرت وسفكت، بغير وجه حق وحجم معاناة السوريين، الى جانب ان تركيا مدركة بطبيعة الاوضاع في سوريا، يعني ان تحدثنا بمنطق السياسة وحدها بعيدا عن لغة العواطف، فإن تركيا تدرك جيدا ان الأمور في سوريا هي في اتجاه التغيير الحتمي، وبالتالي عليها ان تتفاعل مع هذا التغيير.
* لكن هناك ملفات شائكة على حدود البلدين، منها العلويون والقضية الكردية، ما التطمينات التي قدمت لتركيا من قبلكم؟
ـ وحدة التراب السوري يتم التركيز عليها ليس من قبل تركيا وحدها، بل من قبل الدول الاقليمية والمجتمع الدولي، الضمان الوحيد الذي تريده تركيا وسائر دول الجوار، ان يكون هناك مشروع وطني سوري، على اساس وحدة سوريا ارضا وشعبا، اما ضمن المشروع الوطني السوري، فهناك خصوصيات وهناك حقوق مسلوبة وهناك مشاريع تميزية، كل هذه المسائل ترى تركيا انه ليس من حقها التدخل فيها على اعتبارها قضايا خاضعة للسيادة السورية ولإرادة السوريين الاحرار.
* كيف تقيم الدور السعودي؟
ـ الدور السعودي ممتاز، وكذلك الدور القطري، هناك دعم واضح لثورة شعبنا، وعلى الصعيد السياسي هناك مساندة قوية من قبل هذه الدول وتقف بجرأة الى جانب الثورة السورية وتمثل قوة الدفع للتأثير على الجامعة العربية والدفع بتجاه اتخاذ قرارات التي من شأنها مؤازة الشعب السوري والانتصار لثورته.