"المجلة" وفي خضم توالي الانتقادات المتواصلة المطالبة باستقالته، وبطء الإنجازات المتعلقة بالثورة السورية، كانت التقت غليون وحاورته في بعض القضايا المتعلقة بالشأن السوري. غليون أكد أنه: "اذا كانت هناك رغبة في استقالتي، فيجب أن تلبي رغبة الشباب الذين يضحون على الأرض". في إشارة واضحة إلى احتكامه إلى الشعب السوري في الداخل، وليس إلى المعارضين في الخارج، الذين تخرج منهم مثل هذه الانتقادات. وأكد غليون الذي انتخب بأكثرية 21 صوتا مقابل 11 صوتا للمرة الثالثة، رئيسا للمجلس الانتقالي السوري، أنه ماض في "تنفيذ المهمة التي لم تنفذ حتى الآن، وهي إعادة هيكلة المجلس في أسرع وقت". ولمح إلى أنه ليس متمسكا برئاسة المجلس، مشيرا إلى أنه مستعد لتسليم هذه المهمة "لطرف آخر". وفي ما يلي نص الحوار:
* مادمت مستعدا لتسليم الرئاسة الى شخص أو أي طرف آخر، فلمَ كل هذه الانتقادات التي توجه اليك؟
ـ لأن الشعب السوري بشكل عام والثوار، اصبح لديهم شعور عميق جدا بأن أي تمديد، هو نوع من تقليد للماضي، والخطأ في الحقيقة أن الفترة التي يتم خلالها التمديد، ليس لها اي علاقة بالفترة العملية، والتي من المفروض أن تكون أطول حتى ينفذ مشروع ما، ولا ينفذ المشروع في ثلاثة اشهر ولا في خمسة اشهر، فأي مشروع للعمل الجدي، لا يمكن تنفيذه ضمن هذا الاطار الزمني، ونحن في عمل والثورة مستمرة، اما اذا كانت هذه هي الرغبة، فأنا اعتقد انه يجب أن تلبي رغبة الشباب الذين يضحون على الأرض.
دعم الحراك
* على ماذا يجب أن تركز المعارضة في المرحلة الراهنة؟
ـ استراتيجيتنا هي دعم الحراك الثوري في الداخل بكل الوسائل، من اجل تأمين استمرار الثورة والانتصار لها، ولن يتغير شيء بوجود رئيس بهذا الاسم أو ذاك، انا اذا سألتني ما هو مركز اهتمامك في الفترة القادمة من الرئاسة الجديدة، فالجواب هو تنفيذ المهمة التي لم تنفذ للآن، وهي اعادة هيكلة المجلس في أسرع وقت، وربما تسليم الرئاسة لطرف آخر.
* لكن التحديات أمام إعادة الهيكلة تبدو كبيرة، خاصة بعد اعلان فشلها من قبل اللجنة التي تم تشيكلها للتحضير لإعادة الهيكلة؟
ـ لا، المعلومات الدقيقة اننا في مؤتمر المعارضة، المجلس الوطني دعا قبل مؤتمر "اصدقاء سوريا" الثاني لمؤتمر المعارضة في 24/4/2012، وانبثقت عن المؤتمر لجنة تحضيرية ولقاء تشاوري يناقش مسألة اعادة الهيكلة، والآن هذه اللجنة التي تكونت من خمسة اعضاء من المجلس وخمسة آخرين من خارج المجلس، مازالت مستمرة، اما الأعضاء من خارج المجلس فقد اصدروا بيانا، والبيان في رأيي غير صحيح وغير ضروري، لأنني اتصلت بمساعد المبعوث الأممي العربي المشترك، والذي كان يشارك ايضا في الاجتماعات، وقال لي ان من اصدر البيان اخطأ، وانه سوف يستمر في التواصل معهم ويتفاهم مع الاعضاء الذين اصدروا البيان.
العمل مستمر
* أي أن التحضيرات لم تفشل بعد؟
ـ لا، العمل مستمر وسيستمر، وحتى الآن لم يعقد اللقاء التشاوري، واعادة الهيكلة ستتم من خلال اللقاء التشاوري والذين سيحضرونه هم ممثلو جميع الاطراف، من هم خارج المجلس وضمن المجلس، أي جميع القوى السياسية والمدنية الجديدة، التي تريد ان تدخل الى المجلس أو بالأحرى من المفروض ان تدخل المجلس، وهنا يمكننا القول انه حدث ازمة داخل اللجنة التحضيرية بدون شك، ولكن لم تفشل اعادة الهيكلة، لأنه لم نصل بعد الى اللقاء التشاوري، الذي ستنطلق منه إعادة الهيكلة.
[caption id="attachment_55235655" align="alignleft" width="190" caption="كوفي عنان"][/caption]
* اللقاء التشاوري كان سبب رفضكم عقد مؤتمر المعارضة في الجامعة العربية، وكانت لديكم اعتراضات على عقد المؤتمر؟
ـ نحن اتفقنا مع امين عام الجامعة العربية نبيل العربي حتى قبل اطلاق الدعوات للمشاركة في المؤتمر، حيث التقينا به في "بجين"، واتفقنا على ان يتم الفصل بين مؤتمر اعادة الهيكلة الذي سميناه اللقاء التشاوري، ونقلنا للأمين العام لجامعة الدول العربية رأينا بكل وضوح بأن المجلس الوطني، هو الذي سيقوم باللقاء التشاوري، وسيدعو الجامعة العربية كمراقب اليه، وان المجلس الوطني هو من سيوجه الدعوات، وهو امر يخص المجلس الوطني، وانه يجب ان يكون هناك فرق بين اللقاء التشاوري ومؤتمر المعارضة التي ستدعو اليه الجامعة العربية، والهدف منه اصدار وثيقة تعبر عن وحدة موقف المعارضة السورية بشتى اطرافها ووحدة رؤيتها لسوريا المستقبل، وقلنا للأمين العام في هذا المؤتمر الذي ستدعو اليه الجامعة المطلوب هو ليس مناقشة بناء تنظيم جديد للمعارضة، وانما التوافق على وثيقة يمكن ان يقدمها المجلس الوطني، او يقدمها اي طرف آخر، وثيقة مبادئ رئيسة تجمع عليها جميع الأطراف وهكذا نضمن النجاح.
العهد الوطني
* لما رفضتم الذهاب؟
ـ لأننا لا نريد أن نذهب الى مؤتمر معارضة في الجامعة العربية، ونتنازع فيما بيننا ونظهر خلافاتنا، والهدف اصلا من المؤتمر هو العكس وهو اظهار الوحدة، وقلنا انه افضل شيء ان تكون هناك وثيقة نتوافق عليها، حتى الأمين العام للجامعة العربية اقترح ان تكون تلك الوثيقة هي العهد الوطني لسوريا المستقبل، الذي اصدره المجلس الوطني نفسه، وفوجئنا في الدعوة ببرنامج مختلف للمؤتمر، ويدمج عمليا من دون ان يعلن ذلك بين المؤتمر المعارضة وبين اللقاء التشاوري، لإعادة هيكلة المجلس، ونرد ذلك الى انه ربما حصل سوء تفاهم سوء اتصال في داخل صفوف الجامعة في تحديد هدف المؤتمر وقضيته الاساسية.
* كان هناك حديث بين أوساط المعارضة أن مساعي الجامعة العربية وكوفي عنان الذي يرى نفسه وسيطا بين السلطة والمعارضة، ما يعني انه من المنطي ان يتم دعوتكم الى حوار مع السلطة؟ ما يجعل السؤال ذاته يتكرر ما احتمالات دخولكم في حوار مع السلطة؟
ـ هذا صحيح وهذا جزء من الأسباب التي دفعتنا لعدم حضور مؤتمر المعارضة، لأنه ليس هناك وضوح ويستشف منه ما تحدثت عنه مهمة وساطة، والعمل على تشكيل وفد للتحاور مع النظام، وتصريح الأمين العام للجامعة العربية كان مفاجئا لنا، ومفاده انه سوف يصدر عن الاجتماع وفد للتحاور مع ممثل للنظام، والواقع اننا لم نكف في المجلس الوطني خلال كل هذه الفترة عن التأكيد على أن عنان بالنسبة لنا، ليس وسيطا بيننا وبين النظام، بين المعارضة ككل وبين النظام، ولن نقبل ان يكون وسيطا، وليس هذا مضمون خطته كما فهمناها، مضمون خطة عنان هو تكليفه بأن ينقل البلاد من نظام الدكتاتورية وحكم الدكتاتورية، الى حكم ديمقراطي يعبر عن ارادة الشعب ويمثله وليست التوسط بين المعارضة والنظام لإيجاد حوار، نحن لن نقبل أي حوار ولا أي وساطة من هذا النوع، لكننا قبلنا التفاوض على نقل السلطة الى حكومة ديمقراطية والى نظام ديمقراطي. لذا حدث هناك خلط ايضا عند الجامعة العربية في تصور مهمة عنان، ومهمته ليست لجمع الطرفين في حوار، ليس هناك اي سوري اليوم يقبل بأن يحاور قاتلا، ماذا سيأخذ من أجل الاصلاحات أو من اجل تسوية؟ اطلاقا لن يقبل مهمة عنان في وجهة نظرنا، التي هي نقل البلاد نحو نظام ديمقراطي، وبالتالي انهاء الديكتاتورية، اذا لم يكن هذا هو الموضوع، فنحن ليس لنا علاقة بها على الاطلاق.
* هل نقلتم موقفكم من المهمة إلى كوفي عنان؟
ـ نعم، بالتأكيد.
* لكنه يبدو مستمرا في تنفيذ خطته، رغم تصريحات دول غربية وعربية عدة، وحتى المعارضة السورية بفشل الخطة، انتم ما هي خطتكم؟
ـ منذ اليوم الأول من الخطة، قلنا انها تسير نحو الفشل، نحن لم نكن نتوقع ان تنجح اطلاقا، قلنا نرحب بها، لأننا نريد للعالم ان يرى بأم عينه ما هي طبيعة هذا النظام، وانه يرفض اي حل سياسي، ومستمر في الحل الأمني، وقلنا في اللحظة نفسها، انه ليس لدينا اوهام اطلاقا، وانكم سترون ان النظام لن يطبق، ولن يلتزم بأي بند من بنود الاتفاقية.
بدائل
* إذا ما هي البدائل أمامكم؟
ـ البدائل هي أن الثورة نفسها لم نراهن في اي لحظة، لا على خطة عنان ولا على الأمم المتحدة وقراراتها، الشعب السوري راهن على شبابه، ونضالهم وتضحياتهم، لذلك قلنا إن استراتيجيتنا هي البديل الدائم، وتعزيز الثورة ودعمها بجميع الوسائل، حتى تستطيع ان تستمر وتقضي على هذا النظام حتى النصر، من خلال حشد الجهود الدولية بإعادة هيكلة المجلس الوطني، حتى يكون اكثر فعالية بتنظيم الصف الداخلي وتوحيده، بتوحيد كتائب الجيش الحر وتنظيمها ووضعها تحت الاشراف السياسي، وتأمين أسلحة نوعية لها حتى تستطيع ان تقاوم العنف الوحشي للنظام، هذه هي الاستراتيجية وليس هناك اي رهان على وساطة أو حوار مع النظام.
* تعليقا على موضوع الجيش الحر في الاستراتيجية التي اشترت اليها، مع ازدياد توجه المجتمع الدولي الى فرض منطقة آمنة، ما يستوجب ان يكون الجيش الحر متماسكا وموحدا على اقل تقدير لتحقيق هدف هذه الخطوة وحماية المدنيين، ألا تعتقد ان الجيش الحر انهك باعتماده على جهده الذاتي، اضافة الى وجود قياداته في تركيا، وعدم مده بالأسلحة، الى اي مدى مازال هناك رهان على الجيش الحر، فيما يتم الحديث عن وجود "القاعدة" في سوريا؟
ـ الرهان على الجيش الحر مستمر، والجيش الحر اقوى بكثير مما كان عليه من اشهر، وليس صحيحا ان هناك تراجعا، بل هناك تقدم كبير في عدد المنشقين والمتطوعين والجنود والمقاومين، وهناك ايضا تحسن كبير في تنظيم الجيش الحر وتسليحه، وقد اصبح قوة كبيرة لا يمكن الاستهانة بها.
* في ظل الظروف الشديدة التعقيد التي تمر بها الثورة السورية، هل انت متفائل بأن المجلس الوطني سيعيد هيكلته ويحشد الدعم الدولي؟
ـ نحن ليس أمامنا الا التفائل، وليس امامنا طريق آخر الا الانتصار، والقضاء على هذا النظام بجميع الوسائل، حتى ان اخطأنا يجب أن نصحح أخطاءنا حتى لو حدث بيننا انقسامات يجب معالجة الانقسامات، ولا ننسى اننا ايضا معرضون لاختراقات مستمرة من قبل النظام، الذي وعلى مدى اكثر من اربعة عقود، يجهز آلته الأمنية والمخابراتية بشأن انتظار هذا اليوم أي يوم الثورة، حتى يقضي عليه، وعلينا اذن الحذر عندما يتم الحديث بشكل كبير عن الانقسامات، و"بيحكوا بالتشويش" ومن يقول ان 75 في المائة من هذه الانقسامات نابعة من اختراقات، ايضا يجب ان نكون حذرين، وفي نفس الوقت نؤمن بأن قضيتنا قضية عادلة، ونستمر ونمشي على جرحنا، ليس لدينا حل آخر.