الملك عبدالله بن عبد العزيز أكد للوفد المصري أن المملكة لن تسمح لهذه الأزمة العابرة أن تطول، داعيا الإعلام المصري والسعودي أن يق موقفاً كريماً "وليقل خيراً أو يصمت". يذكر أنه سبق زيارة الوفد المصري الى المملكة، الذي ضم رئيس مجلس الشعب محمد سعد الكتاتني ورئيس مجلس الشورى أحمد فهمي وعدداً من أعضاء مجلسي الشورى والشعب وأبرز القيادات السياسية وممثلي القطاعات، وقفة قام بها قبل أيام بعض "ثوار مصر" أمام السفارة السعودية بالقاهرة تعبيرا عن المحبة وعدم الرضا عن أية إهانة للمملكة.
زيارة الوفد المصري الكبير الى السعودية أثبتت أنه على الرغم من حالة البلبلة التي تمر بها مصر حاليا وغموض الرؤية للأحداث حيث اختلط الحابل بالنابل إلا أن المصريين على اختلافهم أثبتوا أنه لا يمكن خداعهم بشعارات رنانة لاستغلالها في تحقيق مكاسب شخصية كما حدث في أزمة السفارة السعودية وأدركوا الحقيقة سريعا وأصبحت أصابع الإتهام تشير إلى مجموعة من المستفيدين مما حدث وعلى رأسهم حركة "6 أبريل" وفقا لاتهامات صادرة من أطراف مختلفة مبنية على وقائع ومشاهدات واقعية في موقع الحدث نفسه ومبنية أيضا على تحليلات المراقبين للمشهد المصري المعقد.
ما أدركه المصريون أخيرا هو تصدر "6 أبريل" للمشهد في كل أزمة تطفو على السطح بخاصة بين مصر والسعودية.. فقد اتهم شمس الدين علوي منسق عام تحالف ثوار مصر الحركة صراحة وبشكل مباشر أمام جميع وسائل الإعلام بأنها وراء أحداث الفتنة التي اشتعلت بين مصر والسعودية والتجاوزات التي حدثت من بعض أفرادها أمام السفارة السعودية بالقاهرة. وقال علوي إنها صارت سمة مرتبطة بحركة 6 إبريل أن لا تشترك في حدث أو تتواجد في مكان إلا وتتسبب في أزمة من جراء تصرفات أعضائها.
ويأتي هذا التصريح من أحد شباب الثورة المصرية متوافقا مع الشعور المصري العام بالأسف والاستياء مما صدر من تجاوزات في حق المملكة وخادم الحرمين الشريفين الأمر الذى يتواكب أيضا مع حالة الاستنكار لدى المصريين لبعض التصرفات الخارجة عن المألوف والقيم المصرية من الحركة وهو ما دعى البعض لوصفها بالهمجية ما دفع بعض المصريين الى رفع دعاوى قضائية ضد حركة 6 إبريل بسبب تصرفاتها التي تهدد أمن مصر الداخلي وعلاقاتها الخارجية.
[caption id="attachment_55235018" align="alignright" width="300" caption="طارق زيدان رئيس حزب الثورة المصرية: أتهم "6 أبريل""][/caption]
بلاغ للنائب العام
المحامي يسري عبد الرؤوف تقدم أخيرا ببلاغ رقم 1345 للنائب العام بمصر المستشار عبد المجيد محمود ضد حركة شباب 6 أبريل، والحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية"، والناشط أحمد دومة والكاتبة نوارة أحمد فؤاد نجم وآخرين واتهمهم بالتسبب في توتر العلاقات المصرية السعودية مما أدى الى تدهور الأوضاع الاقتصادية، بسبب قيامهم بالدعوة الى التظاهر أمام مقر السفارة السعودية بالجيزة.
وتضمن البلاغ الرسمي أن المشكو في حقهم قاموا بالتظاهر أمام السفارة السعودية لمدة ما يزيد على يومين قاموا خلالها بالتعدي على حرم السفارة السعودية وبعثتها الدبلوماسية ووجهوا السباب والشتائم الى خادم الحرمين الشريفين ملك السعودية وأن المتظاهرين قاموا بالتعدي على مبنى السفارة السعودية وتسلق المشكو في حقه الثالث احمد دومة مبنى السفارة وقام بوضع العلم المصري عليها في انتهاك واضح وصريح للقانون الدولي والأعراف القانونية والدبلوماسية والمتمثلة في الاحترام المتبادل لجميع المباني و المنشآت الدبلوماسية، كذلك قاموا برفع الأحذية تجاه قوات الأمن المصرية (القوات المسلحة المصرية ورجال الشرطة) والتعدي عليهم بالسب والضرب وقذفهم بالحجارة وإعاقتهم عن أداء عملهم.
فقد ثقة في الشارع المصري
واقع الأمر أن هناك حالة من فقد الثقة باتت واضحة بين الشارع المصري وحركة 6 إبريل لأنها ليست أول مرة يتورطون أو يشتبه في تورطهم في إشعال نيران الفتنة وإحداث أزمات أينما يذهبون ولازال المصريون يذكرون لهذه الحركة أنها هي التي نادت بالعصيان المدنى لتدمير الإقتصاد المصري في الذكرى الأولى للثورة المصرية. كما أنها ليست المرة الأولى التي يتورط فيها شباب 6 إبريل في تعكير صفو العلاقات المصرية والسعودية فقد كان هناك بلاغ سابق في أكتوبر عام 2011 تقدمت به السفارة السعودية بمصر للمستشار عبد المجيد محمود النائب العام المصري ضد محمد عادل أحد أعضاء حركة 6 إبريل للتحقيق فيما صدر منه من اتهامات للمملكة على شاشة قناة المحور الفضائية المصرية بأنها تقود ثورة مضادة للثورة المصرية وتمت إحالة البلاغ إلى أمن الدولة.
تحريض بالشائعات
وفي استطلاع لـ"المجلة" لآراء القوى الثورية الشبابية في "قضية السفارة" قال الدكتور طارق زيدان رئيس حزب الثورة المصرية إن حركة 6 أبريل أحد المستفيدين من إثارة الأزمات بين مصر والسعودية واستشهد على كلامه بأحداث السفارة الإسرائيلية في العام الماضي مشيرا إلى أن الحركة أرادت أن تلصق للسعودية تهمة التحريض ضد السفارة الإسرائيلية وذلك بالترويج للشائعات والأكاذيب المختلقة حول المملكة.
كما وجه رئيس حزب الثورة المصرية لوما شديدا للحكومة المصرية لعدم تطبيقها القانون بحسم بشكل رادع للخارجين عليه الأمر الذى أصبح معه من المعتاد الخروج على القانون دون عقوبة "ولو كان هؤلاء المتظاهرون عند السفارة السعودية يخشون من العقاب ما تجرؤوا على ارتكاب هذه الأفعال المرفوضة وكانوا فكروا ألف مرة قبل الإقدام عليها".
وأوضح زيدان أنه كأحد قيادات الثورة المصرية في ميدان التحرير يحب مصر جيدا ويعرف مصلحتها ولا يمكن ان يضرها ابدا بتأييد مثل هذه التصرفات.
وقال إننا نعي جيدا أهمية علاقة مصر بالسعودية وحرصا منا على هذه العلاقة قمت أنا وستة من قادة ائتلافات ثورة يناير في أعقاب الثورة بزيارة للسفارة السعودية للتأكيد على اعتزازنا وحرصنا على العلاقة مع المملكة إنطلاقا من إهتمامنا بالبعدين العربي والإسلامي في ثورتنا وقابلنا السفير السعودي مقابلة طيبة وقال لنا إن مصر بالنسبة للسعودية ليست حسني مبارك وإنما شعب مصر.
وأكد أنه إنطلاقا من الثوابت المصرية في التوجه نحو الأشقاء في السعودية فإنه يرفض أى محاولة للوقيعة بين البلدين الشقيقين وان ما حدث أمام السفارة من تصرفات غير لائقة من بعض المتظاهرين إنما هو محاولة لإحداث تلك الوقيعة.
[caption id="attachment_55235017" align="alignleft" width="300" caption="أبناء الشعب المصري يعبرون عن حبهم وتقديرهم لخادم الحرمين"][/caption]
لا يمثلون إلا أنفسهم!
من جهته أكد محمد طه عضو الهيئة العليا لحزب الثورة المصرية وعضو مجلس أمناء الثورة المصرية أن العلاقة بين مصر والسعودية تاريخية وهي احدى الثوابت التي لا يمكن أن تتغير لأسباب طارئة كأن يتعرض مواطن من أحد البلدين لأزمة أو خلافه فلا يجوز أن يطفو على السطح أي طارئ ويحدث أي توتر في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الشقيقين لأن الثوابت عميقة وقوية.
وما حدث منذ أيام أمر لا يمكن قبوله وهو تصرف لا يعبرعن شباب الثورة بأي حال من الأحوال لأن من قام بهذه التجاوزات لا يمثلون إلا أنفسهم ولذلك كانت الوقفة أمام السفارة للتعبير عن رفضنا لما حدث وللاعتذار للمملكة وأهلها عن تلك التصرفات غير المسؤولة وأيضا لنقول إننا كشباب ثورة قادرون على تقديم الاعتذار مثلما نحن قادرون على حماية كرامة أي مصري في أى دولة في العالم وليس في العالم العربى فقط.
وأضاف عضو مجلس أمناء الثورة المصرية أن الشباب المصري الذي شارك في الثورة وقضى لياليه على مدار 18 يوما من أجل تغيير النظام وبهر العالم كله لا يمكن أن يكون هو من قام بهذه السلوكيات المرفوضة أمام سفارة المملكة العربية السعودية.
مؤامرة قذرة
من جهته أصدرالتحالف المدني لحقوق الإنسان بيانا شجب فيه أحداث السفارة المصرية وطالب السعودية ان تتقبل الإعتذار عما حدث وان يتفهم أهلها الكرام الظروف الطارئة التي تمر بها مصر وان يقفوا الى جوار الشقيقة الكبرى داعين الله ان يقي مصر والسعودية شرّ الفتن.
وفي حواره لـ"المجلة" أعرب المستشار محمد فواز رئيس التحالف عن أسفه الشديد لما حدث مؤكدا أنها مؤامرة قذرة وأحداث مدبرة للوقيعة بين الأشقاء وطالب مصر والسعودية أن تعيا هذا الأمر جيدا حتى لا تستغل أطراف معادية الفرصة لتنفيذ المخطط.
وقال فواز إن من فعلوا هذه التصرفات المرفوضة هم فئة قليلة لا تعبر عن الشعب المصرى ولا عن أخلاقه لأن المفترض عند حدوث أي مشكلة مثل مشكلة الجيزاوي أن يتم سلوك الطرق القانونية والدبلوماسية المعهودة في جميع دول العالم وليس بالأسلوب الذى تم أمام السفارة السعودية.
وإلى جانب حركة 6 أبريل هناك من يرى ارتباط أحداث السفارة السعودية بمؤامرة مدبرة من الفلول داخل مصر لقيادة ثورة مضادة فقد أشار أيمن عامر الكاتب الصحفي والناشط السياسي والمنسق العام للائتلاف العام لثورة 25 يناير والاتحاد الدولي للثوار العرب إلى احتمال وجود أيادي خفية من الفلول من قائدى الثورة المضادة أو الأجهزة أمنية التي تسعى لزعزعة الاستقرار بين مصر وشقيقاتهاز وقال: "للأسف هذه الجهات تستغل أشخاصا من ذوي التعليم المحدود لدفعهم للقيام بهذه التصرفات المرفوضة ومن خلال عملي كصحفي أثناء تغطيتي للأحداث في العباسية قبضنا على أربعة دخلاء في الاعتصام كانوا كلهم من ذوي المهن البسيطة جدا كعامل في مقهى وخلافه ولا يدري أصلا لماذا يشارك في الأحداث لكنهم جاؤوا لتعكير الصفو بدافع من بعض الأطراف الداخلية.
[blockquote]
كلمة خادم الحرمين الشريفين أمام الوفد المصري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة والأخوات أشقائنا في جمهورية مصر العربية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
إن التاريخ المشترك بين بلدينا والقائم على وحدة الدين والنصرة في الحق ليس صفحة عابرة يمكن لأي كائن من كان أن يعبث بها. بل هو بالنسبة لنا أولوية لا تقبل الجدل أو المساومة عليه، أو السماح لأي فعل أن يلغيها أو يهمشها، فهي تقوم في حالة الخلاف على أسس العتب لا على قواعد الخصومة. إن العتب بين الأشقاء باب واسع تدخل منه العقلانية والوعي فاتحة المجال لأي التباس قد يشوب تلك العلاقة، ليقول لها إن مصر بهمومها وآمالها وطموحاتها لها في قلب المملكة المكانة الكبيرة والعكس صحيح.
أيها الأخوة والأخوات:
إن ما حدث في الآونة الأخيرة من تداعيات في العلاقة بين البلدين أمر يؤلم كل مواطن سعودي ومصري شريف، وما قرارنا باستدعاء السفير وإغلاق السفارة إلا لحماية منسوبيها من أمور قد تتطور لا تحمد عقباها.
من مملكة الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ أقول لكم أسعدنا حضوركم الذي يعبر عن مكارم الأخلاق المستمدة من عقيدتنا الإسلامية، فأهلاً بكم في وطنكم حكومة وشعباً. وأمام هذا الموقف النبيل لا يسعني غير أن أقول لكم بأننا لن نسمح لهذه الأزمة العابرة أن تطول، وكلي أمل أن يقف الإعلام المصري والسعودي موقفاً كريماً وليقل خيراً أو يصمت.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[/blockquote]