رغم ما تمر به مصر حاليا من أحداث ساخنة ومعارك طاحنة بين معتصمين ومتظاهرين بالقرب من مقر المجلس العسكري وإنشغال الشارع المصري بالسباق الرئاسي وما سيسفر عنه من رئيس لازال مجهول الهوية، إلا أن صدمة أصابت المصريين بسبب التصعيد السريع الذي تعرضت السفارة السعودية بالقاهرة على إثره لاعتداءات وتجاوزات غير لائقة من متظاهرين وهو ما استنكره الشارع المصري وكان الحديث الغالب على كل الأحداث الموجودة في مصر حاليا.
فعلى الرغم من حالة الاحتقان الشعبي التي إستثارها البعض من خلال نشر أخبار غامضة ومتضاربة عن قضية المحامي المصري أحمد الجيزاوي بالمملكة العربية السعودية بهدف إحداث شقاق في العلاقات المصرية السعودية إلا أن المصريين على اختلاف طوائفهم أعربوا عن رفضهم للتجاوز وحالة الانفلات التي حدثت من المتظاهرين أمام السفارة السعودية مؤكدين أن هذا السلوك لا يعبر عن عموم مشاعر المصريين تجاه بلد الحرمين الشريفين.
وقد جاء خبر اتصال رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي بخادم الحرمين الشريفين بردا وسلاما على المصريين الذين يدركون أن هناك أيادي خفية تحاول العبث في العلاقات المصرية العربية وقد بدأتها من قبل مع أكثر من دولة وكان آخرها تلك الأحداث المؤسفة أمام السفارة السعودية ليتوافق الموقف الشعبي والرسمي في رفض تلك الممارسات غير المسؤولة.
[caption id="attachment_55234786" align="alignleft" width="124" caption="يحي الجمل"][/caption]
وعلى مستوى النخب والشخصيات العامة استطلعت "المجلة" آراء بعض الشخصيات وكانت هناك ردود أفعال متوافقة أيضا مع الموقف الرسمي والشعبي في رفض أي إساءة لبلد الحرمين الشريفين أو تعد على سفارتها.
يحيى الجمل: عبث وغوغائية
فقد أكد الدكتور يحيى الجمل الفقيه الدستوري ونائب رئيس الوزراء المصري سابقا "للمجلة" أن ما حدث عند السفارة السعودية من جانب بعض المصريين هوعبث وغوغائية و سلوك مدان ومرفوض وكان لابد من حسمه بالقوة من أول لحظة.
وقال إننا حريصون على كرامتنا ولكن في نفس الوقت يجب أن نحترم سيادة المملكة ونحترم سفارتها وكان لابد أن ننتظرالتحقيقات ويكون ردنا حضاريا من خلال القناصل والمحامين والهيئات القانونية ولكن ما حدث هو أمر مدبر من الذين يريدون خراب مصر ويحركون هؤلاء المتظاهرين - دون أن يعلموا - بخاصة بعد أن علموا بقرب اتفاق إقتصادي بين السعودية ومصر فسارعوا بتعكير الصفو للإبقاء على مصر ضعيفة بعيدة عن أشقائها وكلنا يعرف جيدا من صاحب المصلحة في ذلك!
علي لطفي: قلب العروبة والإسلام
[caption id="attachment_55234787" align="alignright" width="173" caption="د. على لطفي"][/caption]
وقد اتفق الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء المصري الأسبق مع رأي الجمل وطالب بالتهدئة وقال إنني أعلنت رفضي الكامل لتلك السلوكيات الغوغائية من أول يوم ذهب فيه المتظاهرون أمام السفارة السعودية. وأضاف إنني أرفض كل الإهانات الموجهة للمملكة والسفير السعودي واستنكر كتابة المتظاهرين للتعليقات البذيئة على الجدران فهذا أمر لا يليق وطريقة احتجاج غير متحضرة على الإطلاق.
وطالب رئيس الوزراء المصري الأسبق بانتظار نتائج التحقيقات وإتباع السبل القانونية سواء ثبتت براءة أو إدانة المحامي المصري.
وبسؤاله عن احتمالات وجود أياد عابثة خفية جزم بوجود أطراف تنفخ في النيران لأنها ليست طبيعة المصريين الشعب الكريم المضياف بخاصة تجاه المملكة السعودية قلب العروبة والإسلام ولو حدث العكس وكانت الأزمة بطلها مواطن سعودي فلم يكن يرضى المصريون أن يفعل ذلك بسفارتهم في السعودية.
وشدد الدكتور علي لطفي على أهمية العلاقات المصرية السعودية واصفا إياها بأنها استراتيجية وقال إن لنا مصالح كبيرة مع السعودية وأن هناك مليوني مصري يعملون في المملكة لو عادوا لمصر ستصبح كارثة على البلد كما أن هناك استثمارات سعودية مهمة بمصر وأن السياحة الوحيدة التي لم تنقص بعد الثورة هي السياحة السعودية بمصر.
[caption id="attachment_55234788" align="alignleft" width="210" caption="عمرو موسى"][/caption]
عمرو موسى: مؤامرة!
من جهته وصف مرشح الرئاسة المصري وأمين عام جامعة الدول العربية السابق عمرو موسى التظاهر أمام السفارة السعودية ومحاولة اقتحامها جزءا من "مؤامرة" لضرب العلاقات المصرية السعودية في مقتل.
وقال موسى أنه على الرغم من أهمية قضية "الجيزاوي" لكن هذا لا يعني أن نسيء استغلالها لإحداث توتر في أجواء مصرية شديدة الصعوبة والضبابية.
وأعرب مرشح الرئاسة المصري عن حزنه الشديد واستنكاره للشعارات والهتافات الخارجة التي صدرت أمام مقر السفارة قائلا إنها تسيء لنا كمصريين ولا يمكن أن تكون موجهة لبلد شقيق نعتز به، وقيادة نحترمها ويقدرها كل المصريين.
مصطفى الفقي: احترام القضاء السعودي
[caption id="attachment_55234796" align="alignright" width="210" caption="د. مصطفى الفقي"][/caption]
من جهته قال الدكتور مصطفى الفقي إنه كان يجب على المصريين احترام القضاء السعودي مثلما يحترم القضاء المصري رافضا ما ارتكب من تعديات وتجاوزات أمام السفارة السعودية. وألقى الفقي باللوم على الجانب الدبلوماسي المصري مشيرا إلى أنه كان يجب أن يتعامل مع الأمر بشكل مختلف ويتناسب مع حساسية الموقف كما اتهم الإعلام بأنه ساهم في زيادة سخونة الأحداث وإثارة الغضب.
وحذر الفقي من وجود أطراف متعددة تسعى إلى إفشال العلاقات المصرية والسعودية. وأعرب عن ثقته في حكمة قيادة البلدين في سرعة احتواء الأزمة وإنهائها وهو ما اعتبره أمرا بات قريبا بعد اتصال المشير بخادم الحرمين الشريفين واتصال وزير الخارجية المصري بنظيره السعودي وأكد تفاؤله الشديد بسرعة رأب الصدع الذي أحدثته تلك السلوكيات المرفوضة.
أحمد الغمرواي: جهات وأجهزة تصطاد في الماء العكر!
[caption id="attachment_55234789" align="alignleft" width="210" caption="السفير أحمد الغمراوي"][/caption]
السفير أحمد الغمرواي سفير مصر السابق بالرياض وصف العلاقات المصرية السعودية عبر التاريخ بأنها علاقات مقدسة وقديمة منذ زواج سيدنا إبراهيم أبي الأنبياء بالسيدة هاجر المصرية لتبدأ العقائد في الأرض المقدسة. ثم زواج سيدنا محمد من مارية القبطية المصرية أيضا وكأن الله أراد ألا تنقطع الصلة المصرية بالأرض المقدسة وما أراده الله أن يوصل لايمكن أن ينقطع وأن ما حدث أمام السفارة السعودية بالقاهرة هو أمر يؤسف له.
وأشار الغمرواى إلى أن الشباب المصري يعيش حالة من الثورة ولا يحسب تصرفاته وأمامنا حالات سابقة منها ما فعله بمقر مجلس الوزراء المصري من حصار ومنع للمسؤولين لدرجة أن الدكتور الجنزوري كان يمارس عمله من مكان آخر خارج مقر مجلس الوزراء.
وأضاف أنه بجانب ذلك فهناك جهات وأجهزة لا تحب مصر وليست حريصة على علاقاتها العربية والإسلامية وتحاول أن تصطاد في الماء العكر مستغلة حالة الإنفلات الأمنى.
وحمل الغمراوي الإعلام المصرى مسؤولية الإثارة بخاصة القنوات الفضائية التي تلهث وراءها من أجل الإعلانات. وأعلن السفير المصري السابق بالرياض عن سعادته بالاتصال الذي قام به رئيس المجلس العسكري وباعتذار مصر عما حدث لإنهاء مخطط كان البعض يحاول تنفيذه للنيل من علاقات مصر الإستراتيجية وعلى رأسها العلاقات المصرية السعودية.
اللواء سامح سيف اليزل: كلام لا يليق وعيب!
[caption id="attachment_55234790" align="alignleft" width="210" caption="اللواء سامح سيف اليزل"][/caption]
"هذا كلام لا يليق وعيب!" بهذه العبارة وصف اللواء سامح سيف اليزل الخبير الإستراتيجي ورئيس مركز الجمهورية للدراسات الإستراتيجية الشعارات التي رفعها المتظاهرون أمام السفارة السعودية بالقاهرة وقال لا أستطيع أن ألوم المملكة السعودية في رد فعلها الغاضب لأن لخادم الحرمين الشريفين وضعا خاصا جدا ومن العيب توجيه أية إهانات سواء بالرسم أوالكتابة لما فيه من تجاوز مرفوض كما نرفض محاولات الإعتداء والعنف الذي مارسه المتظاهرون ضد أعضاء البعثة الدبلوماسية وموظفي السفارة السعودية. وإذا كان من حقنا أن نغضب فمن الواجب علينا ألا نتجاوز وأن نعلم أن للإعتراض حدودا.
وقال سيف اليزل إنه يجب أن نعلم أن أي سفارة هي جزء من التراب الوطني لبلد السفارة وعلى البلد المضيف توفير الحماية الكاملة لمبنى السفارة بل ومبنى أي تمثيل أجنبي بجانب حماية الأفراد الدبلوماسيين. ووجه سيف اليزل اللوم للحكومة المصرية متهما إياها بأنها لم تتخذ الإجراءات الكافية لحماية السفارة والتصدي للإهانات والرسوم المسيئة على جدران السفارة فهذا أمر لا يليق أبدا فإذا كان المصريون اعتادوا أن يفعلوا ذلك على جدران المؤسسات الحكومية في مصر فهذا لايجوزأمام السفارة السعودية لأن الأمر مختلف.
وقال الخبير الإستراتيجي إن القوات المسلحة لم تستطع حماية السفارة لأنها تركت المتظاهرين خشية الاحتكاك بهم والإشتباك معهم وحدوث مصادمات.
خالد أبو بكر: تصرفات مرفوضة
[caption id="attachment_55234791" align="alignright" width="273" caption="خالد أبو بكر"][/caption]
وأعرب خالد أبو بكر عضو الإتحاد الدولي للمحامين عن دهشته من طريقة افتعال الأزمة من بدايتها مؤكدا على أنه لا يجد حكما مسبقا ضد الجيزاوي "سبب الأزمة" وطالب بالتحقيق في كيفية تسريب هذه الشائعة لإثارة غضب المصريين من أمر ليس له وجود مشيرا إلى أنه لا يوجد تهمة في المملكة تندرج تحت مسمى "العيب في الذات الملكية". وقال للأسف لم تصل هذه المعلومة للشارع المصري وكأن هناك من يتعمد العمل على الإثارة وإبعاد وسائل التهدئة والإيضاح.
وأعرب أبو بكر عن أسفه قائلا إن الألفاظ التي صدرت ضد المملكة كانت بداية المشكلة وهذا عيب كبير لانرضاه ولا يرضي أحدا.
وحمل أبو بكر الخارجية المصرية والمجلس العسكري مسؤولية استفحال الأزمة بسبب التباطؤ في معالجة الموضوع واتخاذ الإجراءات الفعالة لامتصاص الغضب الجماهيري.
وقال إن المجلس العسكري بدا وكأنه ترك التصرف للشعب فكانت هذه النتيجة المرفوضة.