السادسة من صباح الخميس 12 أبريل الحالي، موعد وقف العنف في سوريا، هذا ما يسعى المبعوث الدولي والعربي، كوفي أنان للتوصل اليه من خلال النقاط التي طرحها على مجلس الأمن، الذي بدوره أصدر بياناً رئاسياً يدعم فيه خطة أنان للسلام في سوريا، ولكن ما أعقب البيان الرئاسي بيوم واحد، هو خروج عشرات الآلاف من السوريين في مظاهرات اطلقوا عليها اسم "جمعة من جهز غازيا فقد غزا" للمطالبة بتسليح الجيش السوري الحر، فيما تواصلت العمليات العسكرية والأمنية للقوات النظامية والاشتباكات مع منشقين في مناطق عدة من البلاد.
وأكد المالح أن خطة انان ستلقى "مصير المبادرات السابقة، وهو الفشل"، مضيفا أن "سبب الفشل معروف للجميع، وهو ان سلطة العصابة الحاكمة في سوريا، لن تلتزم ببنود الخطة، وسوف تستمر في القمع".
وشدد على ضرورة تمسك المعارضة "بخيار تسليح الجيش الحر"، مشيرا الى أن "الخيار الوحيد أمام المعارضة بعد مضي عام على الثورة السورية، هو "التفاوض على رحيل النظام"، وفيما يلي نص الحوار:
فشل
* ما هي قراءتكم للنقاط التي وردت في البيان الرئاسي، قبل يومين في مجلس الأمن لخطة كوفي أنان المبعوث المشترك إلى سوريا؟
ـ السؤال حول هل النقاط هي مجرد عناوين، أم أنه يمكن تطبيقها على أرض الواقع، اي ما مدى امكانية تطبيق هذه النقاط، فنحن امام عصابة تحكم، وتقوم بعمل اجرامي من تدمير للقرى والأحياء واغتصاب النساء والأطفال وتشويههم. وفي ظل ما يجري لا يمكن ان نقبل بهذه النقاط، كيف يمكن لنا ان نفعل هذه النقاط في ظل حكم عصابة.
* ولكن هذه الخطة مدعومة من المجتمع الدولي، وتتوجه لطرفي الأزمة في سوريا، ومن بنودها دعوة المعارضة الى وقف عمالياتها تجاه جيش النظام؟
ـ اليوم عندما يخاطبون المعارضة بوقف العنف، هذا يعني انهم يساوون بين الضحية والجلاد، كما ان المعارضة هي معارضة سياسية، لا تمارس العنف وليس لديها سلاح، جل المعارضة موجودة في الخارج، وقسم منها في الداخل، من يتسلح هم الجنود المنشقون عن الجيش النظامي، والذين يدافعون عن المدنيين وعن أهلهم وذويهم وهو حق مشروع، أقر به مؤتمر أصدقاء سوريا الأخير في اسطنبول، الذي اعترف انه من حق المواطنين الدفاع عن انفسهم، اذا هؤلاء وباعتراف 38 دولة، يدافعون عن انفسهم ولا يقاتلون، من يهجم ويقتل هو العصابة الحاكمة التي تستعمل المدفعية وراجمات الصواريخ والدبابات والطائرات ومدافع الهاون، مع الاسف الشديد المجتمع الدولي يخلط بين من يدافع عن نفسه بأسلحة خفيفة وبين من يهاجمون بأسلحة ثقيلة وطائرات وبوارج حربية.
* المجلس الوطني لم يرفض الخطة، رغم النقاط التي تم الاعلان عنها؟ وكانت هناك ايضا دعوة من رياض ترك الى القبول بهذه الخطة؟
ـ المجلس الوطني لا يمثل كل المعارضة، هو طيف من أطياف المعارضة، ورياض الترك يتحدث عن رأيه ووجهة نظره في المسألة، وهو عبارة عن تكتيك سياسي، وفي الحقيقة لم اسمع سابقا صوتا للاستاذ رياض الترك بتأييد المبادرة العربية أو ما سمي البرتوكول، في الوقت الذي وافق عليه النظام لم أسمع رأيا لرياض الترك بدعم برتوكول الجامعة العربية، وكانت نفس بنود خطة كوفي انان لم يتغير في الأمر شيء، لماذا ندعم اذا مبادرة كوفي عنان؟
[caption id="attachment_55234053" align="alignleft" width="300" caption="هيثم المالح وبرهان غليون"][/caption]
* أنت تحكم على فشل المبادرة حتى قبل بدئها؟
ـ أنا أعتقد أن مبادرة كوفي انان لن تنجح، وسوف تلحق بأخواتها من المبادرات العربية، وأنا أتحدث عن النتائج، ودعوة انان للمعارضة هو تجن على المقاومة، وتجن على من يحمل السلاح من اجل الدفاع عن اهله ونفسه، فحمل السلاح من اجل الدفاع، حق مشروع وفقا للقانون الدولي، ومؤتمر جنيف، وما حدث مؤخرا في مؤتمر اصدقاء سوريا في اسطنبول.
* اجتمع المجلس الوطني مع كوفي انان في اطار إعداد الأخير لخطته، المعارضة، هل نقلت إليه التحفظات التي تتحدث عنها؟
ـ علينا أن نسأل المجلس الوطني، وانا معارض وهذه وجهة نظري، بأن خطة عنان سوف تلقى مصير المبادرات الأخرى، وهي الفشل، وسبب الفشل معروف فإن سلطة العصابات الحاكمة في سوريا لن تلتزم ببنودها، وهي ستستمر في القتل والتدمير، لأنه ليس لديها لغة أخرى، فعندما يقتل هذا النظام اكثر من 12 الف مواطن سوري، وعندما يهجر مليون شخص من قراهم واحيائهم، وعندما يحشر اكثر من 200 الف شخص في المعتقلات، وعندما يقتل الاطفال والنساء وينتهك الأعراض والحرمات ويدمر الممتلكات، ماذا سيفعل بعد ذلك هل سيقول أريد أن اجلس للتفاوض؟
* ماذا دار بين المجلس الوطني والمبعوث المشترك؟
ـ في الواقع لا أعرف ما جرى تباحثه بين المكتب التنفيذي في المجلس الوطني وكوفي عنان في انقرة، ببساطة وعلى الرغم من أني كنت ضمن الوفد المقرر لقاء انان، إلا أنهم ذهبوا من دون علمي، ولم أحضر الاجتماع.
* ما احتمالية تراجع المعارضة عن موضوع التسليح؟ مع تزايد دعوات الحوار ووقف العنف من الجانبين؟
ـ الجيش الحر أخذ على عاتقه الدفاع عن المدنيين، والعديد من المعارضين يشاركونني الرأي بدعواتنا الى تسليح الجيش الحر حتى اسقاط النظام، لأنه ليست لدينا أي رؤية لسوريا المستقبل مع وجود بشار الأسد، لابد من اسقاط هذا النظام، وبعدها لكل حادث حديث.
* ما هي السيناريوهات المحتملة برأيك، في حال عدم التزام النظام ببنود الخطة وفق الجدول الزمني؟
ـ سيكون هناك خيار العودة الى مجلس الأمن، واتخاذ قرار يدين النظام السوري تحت البند السابع.
خطيئة
* لكن المعارضة الروسية ـ الصينية ستكون حاضرة في مجلس الأمن؟ وما امكانية فرض إرادة دولية خارج أروقة مجلس الأمن؟
ـ في حال إعادة روسيا والصين الكرة، واستعملتا حق الفيتو في مجلس الأمن، سيكون أمام المجتمع الدولي سحب ملف سوريا الى الأمم المتحدة مرة ثانية، وهناك قرار في الأمم المتحدة في المرات السابقة بإرسال الملف الى مجلس الأمن، فإذا أعيد الملف الى الأمم المتحدة، فإن الأمم المتحدة وبقرار الزامي، ستطرح القرار امام مجلس الأمن، اي سيكون قرار الأمم المتحدة قرارا الزاميا، يحل محل مجلس الأمن، وبالتالي لن يكون هناك حق النقض الفيتو، ولن يستعمل حق النقض في الأمم المتحدة، وسيصدر قرار الزامي، ولكن على كل الأحوال العنصر الأساسي هو ان الشعب السوري اتخذ خياره، ولن يعود الا بعد ان يسقط هذا النظام في مزبلة التاريخ.
* في المقابل روسيا ايضا اختارت خيار المضي في الدفاع عن النظام، فهناك تحرك روسي في مجال آخر، هناك دعوة الى المعارضة السورية للحوار مع النظام تحت المظلة الروسية. ما موقفكم مِمّن سيحضر هذا الحوار؟
ـ المعارضة التي ستحاور النظام السوري، لن تكون معارضة، وسوف تلحق بالنظام، الشارع السوري اصدر قراره، وأدان كل من يفاوض النظام، او يحاور النظام على بقائه، ان كان الحوار على الرحيل فهو معقول، اما الحوار مع النظام في ظل بقائه فمرفوض.
* هناك من يحمل المجلس الوطني جزءا من المسؤولية فيما يخص الموقف الروسي، ويعتبرون ان المجلس فشل في اقناع الروس بحماية مصالحهم في المنطقة؟
ـ لا أعرف حقيقة ما قدمه المجلس الوطني للروس، واعتقد أن المجلس الوطني كان اداؤه في الفترة السابقة ضعيفا، وليس بالمستوى المطلوب، وبالتأكيد ليس هذا هو السبب فقط، فإن الموقف الروسي الداعم للنظام في سوريا تتعلق بأسباب أخرى، والمسألة هي صراع نفوذ. الروس يدركون انهم إذا خسروا سوريا، فإنهم خسروا المنطقة برمتها، ويعتقدون ان النفوذ الغربي يصبح اكثر قريبا من حدودهم، على الحدود الايرانيةهنا، ونحن ليس لدينا شيء من خلاله نطمئن الروس، ما لدينا هو ان سوريا سوف تكون قوة مستقلة في قرارها عن الشرق وعن الغرب.
[caption id="attachment_55234057" align="alignleft" width="212" caption="بشار الأسد"][/caption]
* هل ستخسر روسيا في سوريا؟
ـ أنا اعتقد أن العقلية التي تحكم روسيا ليست سياسية، فهم ورثة الحكم الستاليني والحكم الشوفيني الاستبادي والحكم الشيوعي، لاتزال عقولهم مشبعة بتلك الروح، وبالتالي لا يفهمون السياسة، هم وقعوا في خطيئة كبيرة في ليبيا حين أيدوا القذافي ضد الشعب، فانتهوا الى غير رجعة من ليبيا وخسروا السوق الليبية، وخلال لقائي السفير الروسي في القاهرة حذرتهم، وقلت لهم لا تقعوا في خطيئتكم التي وقعتم بها في ليبيا، حذرتهم بأنهم اذا فقدوا سوريا، سوف يفقدون الشرق الأوسط وليس سوريا وحدها.
صراع المحاور
* التحرك الدولي من الواضح أنه أصبح في مسارات تتقاطع فيما بينها، وانتج مجددا صراع المحاور، هل الثورة أصبحت أمام تحدي صراعات تجرى على حساب السوريين؟
ـ لا يوجد أحد مع النظام سوى روسيا والصين، وإذا لن تستخدم روسيا الفيتو، وبالتأكيد الصين ستلحق بها، والصين عادة تراجع مواقفها، فهي في النهاية بلد تجاري، وتهتم بالسوق التي تصدر اليها بضائعها، وهي على اختلاف مع روسيا بهذا الخصوص، فإن ثلث انتاج روسيا العسكري يذهب الى سوريا، وهناك قاعدتان عسكريتان روسيتان في سوريا، قاعدة في اللاذقية وأخرى في طرطوس.
* بماذا ترد على روسيا التي أكدت أنه من غير الممكن اسقاط النظام بقوة السلاح؟
ـ سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، الذي تكلم قبل شهرين من سقوط القذافي، قال ان القذافي يقتل شعبه لذلك فقد شرعيته، فيما في سوريا العصابة الحاكمة اسقطت حتى الآن 13 الف شهيد، وآلاف المفقودين، نحن لدينا الآن مليون لاجئ خارج البلاد، وعلى الرغم من ذلك يقول لافروف لا يسقط النظام بقوة السلاح، ونحن نطمئن لافروف اننا سنسقط هذا النظام بقوة السلاح.
* موقف إيران اثار تخوفات من دخول المنطقة في أتون حرب طائفية، الا يعتبر ذلك تحديا أمام تحقيق أهداف الثورة؟
ـ موقف إيران هو ليس للدفاع عن النظام، انما دفاع عن النفس، لأن ايران وظفت النظام السوري ليكون جسرا للعبور بينها وبين حزب الله، والوصول الى البحر المتوسط هذا من جهة، ومن جهة اخرى تحاول تفتيت الكتلة السنية الكبيرة في سوريا، من خلال الدعوة الى التشيع في سوريا، وايران لها مصالح باعتبار ان لديها مرجعية وولاية الفقيه، فالناس الذين يتشيعون في سوريا، يخضعون لولاية الفقيه في ايران، وبالتالي لا يخضعون للسيادة السورية، وايران تصدر التشيع عن طريق النظام السوري، والجوار من البلدان الأخرى.
* فيم ينحصر الدعم الإيراني لسوريا؟
ـ ايران تدعم النظام بكل الوسائل، سواء أكان عن طريق ارسال الخبراء، أم دعمهم للنظام بأجهزة الكترونية متقدمة، كما تدعم النظام اقتصاديا بالضغط على العراقيين من أجل ارسال دعم مادي الى النظام المفلس، والآن انخفض احتياطي النظام السوري من 13 مليارا الى 3 مليارات، بالتالي النظام اصبح مفلسا، ويعاني مشكلة اقتصادية كبيرة، ما أدى به الى بيع سندات الخزينة، والتي تفوق فى حجمها ما كان يملكه البنك المركزي السوري، وتشتري منها الصين وروسيا وايران، فالنظام بدأ ببيع سوريا.
* كيف تنظرون الى مواقف تركيا الأخيرة؟
ـ تركيا دولة ذات مصالح، ومن حيث النتيجة لا تخرج تركيا عن سياسة الاتحاد الأوروبي، وتحاول التناغم مع سياسة الاتحاد الاوروبي، واعتقد ان القيادة التركية تريد ازالة هذا النظام، لكن لديها حسابات خاصة بها، منها مشكلة حزب العمال الكردستاني، فالنظام السوري بدوره يريد استغلال قضية الاكراد في تركيا، خاصة ان هناك في داخل سوريا في مناطق جبل الاكراد، وجودا لقوات العمال الكردستاني، أي هناك لعب بالأوراق بين سوريا وتركيا، ولكن لا أظن أن هذه الأوراق ستنجح من حيث النتيجة.
* في ظل هذا الواقع إلى أي مدى تعولون على الموقف الخليجي من دعمكم لتسليح الجيش الحر؟
ـ مواقف الدول الخليجية متقدمة. فقد حمل الخليجيون أعباء الثورة السورية، وهنا أخص المملكة العربية السعودية ودولة قطر.. هم قيموا الموقف بشكل صحيح، فحتى الشهر الثامن من عمر الثورة كانت المظاهرات سلمية بشكل مطلق، وجوبهت بالرصاص من قبل السلطة، فهل نستمر بالتظاهرات السلمية، وهم يتمادون بقتلنا، هل هذا المنطق سليم، وهذا ما تفهمه الخليجيون؟!
[caption id="attachment_55234054" align="alignright" width="200" caption="المالح: الخليجيون حملوا أعباء الثورة السورية"][/caption]
* المواقف المتقدمة في الخليج، تقابلها مواقف متراخية لدول أوروبية تصدرت المشهد السوري بداية الثورة، وتضاف إليهم أميركا، ما تفسيركم لهذا التباين في الوتيرة؟
ـ الغرب مقبل على انتخابات، واجواء الانتخابات التي تشهدها فرنسا واميركا تتحكم في ذلك، اي أنهم منشغلون بالانتخابات اكثر من الشأن العام الدولي، أما في الخليج فليست هناك انتخابات قادمة، خط المواقف لم يتغير، وفي كل الأحوال فقد صرح وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه مؤخرا، بأن مهمة كوفي انان سوف تفشل.
إنجاز
* عقد مؤتمرين لأصدقاء الشعب السوري، وقريبا مؤتمر ثالث في باريس تحت نفس العنوان، كيف تقيم ما انجز من دعم للثورة خلال المؤتمرين السابقين؟
ـ اعتقد المؤتمر الأول الذي عقد في تونس بمثابة خطوة تمهيدية، والمؤتمر الثاني في اسطنبول، اكتسب اهمية من خلال ثلاث نقاط اساسية حسبت للمعارضة، النقطة الاولى هي الاعتراف بالمجلس الوطني السوري وله اهمية كبيرة، حيث تم خلاله اعطاء قسم من المعارضة صفة تمثيلة للشعب السوري، من خلاله يمكن ايصال صوت الشعب السوري الى المحافل الدولية، وبالتالي اعطاء قوة دفع للمجلس، بحيث تحفز الأطياف الأخرى من المعارضة السورية الى الانضمام الى المجلس الوطني.
أما النقطة الثانية فهو إعطاء الشرعية للشعب السوري للدفاع عن نفسه، والنقطة الثالثة وهي من أهم النقاط، تتمثل في دعوة الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، الى ضرورة اصدار قرار من مجلس الأمن تحت البند السابع بخصوص سوريا.
* ماذا ستطرح المعارضة في مؤتمر باريس المزمع عقده قريبا؟
ـ في مؤتمر باريس وهو المؤتمر الثالث لأصدقاء سوريا، سيكون المؤتمر الحاسم، وعاملا اساسيا في اسقاط هذا النظام، اضافة لما يجري في الداخل السوري من ارادة الاستمرار في ثورة الشعب ضد هذا النظام والشعب السوري، وكسر حاجز الخوف الى غير رجعة، وسوف يستمر وأظهر عزمه على اسقاط هذا النظام.
* ماذا حققت المعارضة في الداخل؟
ـ أفقدت النظام شرعيته، فمن الناحية القانونية سقط، وفقد الشرعية، فهو بالاساس لم تكن لديه شرعية. هذا النظام جاء بانقلاب ولم يأت بانتخابات، وبشار الأسد جاء بتعديل الدستور خلال ربع ساعة، وفرض على الشعب من قبل العسكر، هذا نظام عسكري فاشي استبدادي، ومنذ أيام كانت هناك 636 نقطة تظاهر في سوريا تطالب باسقاط هذا النظام بالثورة التي بدأت بـ50 نقطة، واليوم نقاط التظاهر اصبحت تعم كل سوريا، بعد هذا لم يعد لهذا النظام شرعية، بعد ان قال الشعب كلمته وطالبه بالرحيل، يقول للنظام ارحل، سوريا كباقي دول العالم جزء من المجتمع الدولي، سوريا عضو في الأمم المتحدة، وهنا نقصد سوريا وليس النظام، النظام لم يعد يمثل البلد، بشار الاسد لم يعد يمثل سوريا، بالتالي من يمثل سوريا هو المعارضة، والتي أخذت شرعية التمثيل في مؤتمر اصدقاء سوريا في اسطنبول، وعلى المجتمع الدولي التدخل لحل المشكلة، وحل المشكلة هو ان يرحل هذا النظام والشعب يتولى امور البلد، فالشعب هو الذي يجب أن يقرر مصيره وليس النظام.
* إلى أي مدى المعارضة السورية محصنة لعدم تمرير أجندات أطراف إقليمية الى الداخل السوري؟
ـ ليس لدى المعارضة أجندات اقليمية، المعارضة معارضة وطنية، ولكن أن نستعين بالأصدقاء والجوار هذا امر طبيعي، طالما النظام غير قادر على أن يستجيب لمطالب الشعب.
لمّ الشمل
* هل نجحت المعارضة في مؤتمرها الأخير فعليا على توحيد صفوف المعارضة؟
ـ نعم بعض اطياف المعارضة انضمت للمجلس الوطني، فهناك مسألة مهمة كما ذكرت آنفا، إن اعتراف 83 دولة بالمجلس الوطني ممثلا، ولو كان ليس الوحيد، للشعب السوري، يعطي المجلس الوطني دفعا، وتم في هذا الاطار تشكيل لجنة تحضيرية من شخصيات تمثل المجلس الوطني السوري وقوى وتيارات معارضة اخرى بعدف اعادة هيكلة المجلس الوطني السوري، واعداد مشروع مسودة أو اكثر لتقديمها الى لقاء المعارضة الوطني خلال مدة اقصاها ثلاثة اسابيع.
* هل مازلت تنتقد المجلس؟
ـ هذا طبيعي، لأنه بالنسبة إلي اساس العمل هو الشفافية والتعاون والتشاور، وليس الانفراد بالرأي، واعتقد أن المجلس الوطني لا يمت للشفافية والديمقراطية بصلة، وهناك من هو في المجلس حتى الآن ينفرد بالقرار، والكثيرون يسكتون لمبررات اننا نحن في ثورة، وان هناك اولويات، وهذا الطرح غير صحيح، ففي السابق ايضا كنا نطرح دائما شعارا معروفا، وهو لا صوت يعلو فوق صوت المعركة. اجلنا كل المعارك بما فيها معركة الجولان. وأنا أعتقد أنه لابد من الحديث عن الأخطاء، لابد من تصحيح المسار، لابد من تصحيح الحوار، لابد من الشفافية في العمل. ان لم ننجح في ذلك فبالتأكيد سنفشل كما فشل غيرنا.
* هل طرحت نفسك بديلا لبرهان غليون في رئاسة المجلس الوطني؟
ـ لا استطيع أن أطرح نفسي بين تكتلات هنا وهناك، وانا لم أطرح نفسي رئيسا للمجلس الوطني، بل بالعكس، انا دعمت برهان غليون على الرغم من اني لا اعتبره رجل مرحلة، لكن خوفا من التشتت دعمت التمديد لغليون، واعتقد ان المسألة مبنية في الاساس على توافقات، وليست مبنية على الانتخاب وهنا المشكلة، وانسحبت من المجلس لأني وجدت أن طريقي في المجلس غير معبد وغير سالك.
* هناك انتقادات بأن الاخوان يستأثرون بالمجلس الوطني ما صحة هذه الانتقادات؟
ـ أنا لا أعتقد ذلك، لأن هناك قوى عدة موجودة في المجلس غير فاعلة، المسألة مسألة تكتلات، فهناك إعلان دمشق، والحقيقة أنه ليس له شيء على الارض، ومع ذلك يعتبرونه تكتلا، وضمن اعلان دمشق هناك تكتلات أخرى، والاخوان المسلمون. الحقيقة هم الوحيدون الذين يمكن تسميتهم بالكتلة، لأنه تنظيم قديم ومعروف منذ اكثر من سبعين عاما، وهذه المجموعات التي تطلق على نفسها كتلا، هي تعتبر مكمن الخطر في المجلس.
* هل اقنعك انسحاب الأكراد من مؤتمر المعارضة في اسطنبول؟
ـ الإخوة الأكراد كانت لديهم مطالب تتعلق بتعهدات على المعارضة تقدمها لهم، وانا نقلت وجهة نظري للاكراد، ومفاده اننا في المعارضة جميعا تحت مسمى الثوار، وهناك ثوار على الأرض هم الذين يتظاهرون والمنشقون الذين يحمونهم، ونحن أي المعارضة الخارجية ثوار، لذا لا يستطيع أي طرف معارض منح الطرف الآخر اي شيء، من يعطي ويمنح مستقبل الدولة السورية بعد اسقاط النظام، وكلنا نسعى الى دولة ديمقراطية تعددية تصان فيها حقوق المواطنين بالتساوي.
* ما مدى تعويلكم على الجيش الحر؟
ـ الجيش الحر سيقوى، ونحن بجهودنا كمعارضة سنسعى لتسليح الجيش الحر، وسنقدم كل الدعم الممكن له، حتى نتمكن من اسقاط النظام، يعني لدينا نقاط عدة مهمة سنعتمد عليها الاولى: هو الاقتصاد المنهار بشكل كامل، والنقطة الأخرى والأساسية التي نعتمد عليها هو الجيش الحر، وأراهن أن عدد المنشقين للجيش الحر سيصل الى 100 ألف منشق عندها سيسقط النظام.
* ما الخيارات أمام المعارضة خلال المرحلة الراهنة؟
ـ الشعب السوري يواجه أبشع وأسوأ أنواع الأنظمة في العالم العربي، وهذا نتيجة ركود على نظام بوليسي ارهابي استبدادي، ورغم ان الشعب السوري تحرك في فترات متعددة وقمع. نحن فقدنا في الثمانينات آلاف الشهداء في سجني تمر ومزة العسكري، اذن كانت مرحلة في منتهى القسوة كان في السجون 50 الف معتقل، وكنت من بينهم، والعالم كله سكت عن هذه الجرائم، وتم التستر على جرائم حافظ الأسد، وانتهت الحقبة بدون محاسبة، الآن باعتبار الثورة عمت سوريا كلها، والشعب انتفض على مساحة الوطن، والاعلام فضح كل شيء، لم يعد بالامكان التستر على هذا النظام، وبالتالي الشعب يواجه اصعب انواع الأنظمة وهو عاري الصدر، حتى ان كان هناك بعض المسلحين من العسكريين المنشقين يحملون بعض الرشاشات فلا نقارنهم بآليات النظام الثقيلة. تصوروا ثلاثة آلاف دبابة تجوب شوارع المدن السورية، هذه حرب يشنها النظام على السوريين، اذن لا يوجد لدينا خيارات في ظل هذا الواقع، وهذه الصورة تنتفي معها إمكانية انهاء المشكلة سلميا، الشعب يريد حل المشكلة بتحقيق مطالبه في اسقاط النظام، الشعب لم يقدم هذه التضحيات من اجل أن يبقى بشار الأسد وزمرته يحكمون البلد، هذا مستحيل. وبالتالي الخيار الوحيد هو التفاوض على رحيل النظام.
* متى سيسقط النظام؟
ـ النظام سيسقط كما سقط الاتحاد السوفياتي، الذي لم يكن احد يتوقع سقوطه، وانهارت المنظومة السوفياتية مثل علبة الكرتون، والآن هذا النظام في داخله منهار، كما ينخر السوس الخشب، سينهار هذا النظام، وسيكون ذلك في القريب العاجل.