ونفى العوا ما تردد بشأن علاقته بالشيعة، قائلا: "أنا سني ضد التشيع". ووصف أعضاء المجلس العسكري المصري، بأنهم "خلطوا عملا صالحاً وآخر باطلاً"، وأن سوء خبرتهم فى إدارة البلاد، وراء كثير من مشاكل مصرالحالية، نافيا أية احتمالات لتأثير المجلس في ترجيح كفة أحد المرشحين للرئاسة.
وتعليقا على تعرضه لهجوم شديد من بعض الشباب في إحدى جولاته الانتخابية، لاتهامه بالدفاع عن المجلس العسكري، قال العوا: "أنا أكثر من انتقد المجلس العسكري بشراسة وعلنا في كثير من المواقف، التي أراه مخطئا فيها، بل وأتصدر المشهد بمواقفي هذه، خاصة عندما كانت الرؤية غير واضحة حول موعد تسليم السلطة، وعندما اطلقت وثيقة السلمي (علي السلمي نائب رئيس الوزراء للتنمية السياسية والتحول الديمقراطي)".
جدير بالذكر أن الفقيه القانوني والمفكر الإسلامي الدكتور العوا، تولى منصب الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وترأس جمعية مصر للثقافة والحوار، وهوعضو مؤسس في الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي.
يتسم فكره بالاعتدال والبعد عن الصدام، حتى أصبح أبرز رواد الحوار الوطني المصري، ومع ذلك كانت له مواقف صدامية مع نظام مبارك، تعرض على إثرها لمضايقات أمنية عديدة. وكان إعلانه ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية في العام الماضي، مفاجأة أثارت جدلا في الأوساط السياسية، خاصة لمن يشترطون صغر سن الرئيس مع اقتراب عمر العوا من السبعين عاما، كما يتخوف بعض من ضعف خبرته السياسية العملية، ويفضلونه مفكرا أكثرمن كونه رجل دولة.
وقد ناقشت "المجلة" هذه القضايا وغيرها مع الدكتور العوا في الحوار التالي:
هموم الوطن
* بداية ما سر ابتعادك عن الإعلام بالمقارنة بمرشحي الرئاسة المنافسين؟
ـ أنا حاضر في الإعلام سواء المحلي أو الإقليمي أو الدولي فى لقاءات متنوعة، ولعل حوارنا اليوم هو خير دليل على اهتمامي بالتواصل مع الإعلام بكافة فئاته وأطيافه، ولكن وقتي مشغول للغاية، لحرصي على زيارة أكبر عدد ممكن من المدن والقرى في مصر من أقصاها إلى أقصاها، بالإضافة لعقد لقاءات متنوعة مع المتخصصين في كل مجال في إطار الحملة الانتخابية للرئاسة.
* لماذا رشحت نفسك للرئاسة؟
ـ رشحت نفسي لأني على مدار حياتي وأنا مهموم بهذا الوطن، وأرى أن لدي المقومات والمعطيات التي يمكن أن تعلي من شأنه، وتعمل على رفعته، وعليه قررت أن أرشح نفسي لرئاسة الجمهورية. ولن أتغير، وقد يهديني الله إلى أحسن مما أنا عليه الآن، ولكني لن أغير قناعاتي وعقيدتي، مهما كلفني الأمر، قد أغير آرائي السياسية، أما آرائي العقائدية وفكري، فغير قابل للتغيير، لأني لا أتبنى فكرا إلا بعد الدراسة. ومنذ تعلمت الكلام، وأنا أحمل هموم هذا الوطن، وأعيش مشغولا بالفقراء، وإذا رأى الناس أنني أصلح لهذا المكان، فسأستمر في حمل هذا الهم.
* ما أكثر التحديات التي تخشاها كرئيس محتمل لمصر؟
ـ التحدي الأساسي الذي يواجه الرئيس المقبل، هو إقناع الشعب المصري بأن يتحول من شعب يبخل على وطنه، إلى شعب يؤدي حق هذا الوطن، ويجب أن نزرع في أولادنا وأحفادنا أن للوطن حقا، وعلينا أن نؤدي واجبنا قبل السؤال عن حقنا.
الرؤساء المفكرون
* بحكم مرجعيتك الإسلامية المعروفة لدى الجميع، هل تعتمد على مساندة أحد الأحزاب الإسلامية لك في حملتك الانتخابية؟
ـ أنا مرشح الشعب المصري بكل طوائفه وفئاته، ولكني أحتفظ بعلاقات طيبة بأقطاب الإخوان منذ سنوات طويلة، كما تجمعني في الوقت ذاته، علاقات قوية جداً بالسلفيين والليبراليين والعلمانيين، وجميع التيارات الموجودة في المجتمع.
* هناك اتهام موجه لك من قبل البعض بعدم امتلاك الخبرة السياسية اللازمة لقيادة مصر في تلك المرحلة الحرجة، ويفضلونك مفكرا وليس رجل دولة؟!
ـ وهل الحلول الحقيقية تأتي من الهواء أم تأتي من الفكر!.. إن برنامجي لا يشتمل على حلول نظرية أصلًا، لأنني عشت حياتي مهمومًا بالهم الوطني، مشغولًا بالعمل فيه.. وأنا أؤكد أنني لدي خبرة ليست عند الآخرين، لكنني أمتلك رؤية ليست لدى كثير من الناس، وهذا عموما ما يسمونه "المفكر".. ثم إن الرؤساء المفكرين هم من أنقذوا أوطانهم، وانظر إلى حالة الرئيس البوسني الراحل عزت بيجوفيتش فقد كان كاتبًا ومؤلفًا وأستاذًا جامعيًا.. والرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي كان مفكرًا، وكذلك مهاتير محمد صانع نهضة ماليزيا وغيرهم، فالمفكر هو الذي يستطيع أن يدير أيضًا شؤون الحياة.
* ما أهم دعائم برنامجك الانتخابي؟
ـ برنامجي يرتكز على محاور عدة مهمة، وهي إعادة اكتشاف الانسان المصري لذاته، واقامة دولة القانون، والنهوض بالتعليم، وانعاش الاقتصاد.
لا لأحزاب شيعية
[caption id="attachment_55233925" align="alignleft" width="300" caption="العوا في ميدان التحرير"][/caption]
* ماذا عن ملامح سياسة مصر الخارجية فى برنامجك الإنتخابي؟
ـ لدينا محوران الأول: محور القاهرة ـ انقرة ـ طهران، وهو محور اقتصادي صناعي، والثاني: محور القاهرة ـ الرياض ـ دمشق، وهو محور ثقافي اجتماعي، لكي نحافظ على الثقافة العربية.
* ما ملامح العلاقة مع السعودية وإيران وأميركا في حال صرت رئيسا لمصر؟
ـ أنا أرى أن العلاقات الخارجية لمصرعامة كانت في العهد السابق "مشخصنة"، وفي الحقيقة فإن المملكة العربية السعودية دولة عزيزة على المصريين بكافة أطيافهم، حيث يربط الشعبين علاقات عميقة وتاريخية، وإذا قدر لي أن أكون رئيساً للجمهورية، فسأولي اهتماماً خاصاً لتوطيد العلاقات المصرية العربية، خصوصاً مع السعودية، وسأعمل بكل قوة على تعزيز العلاقات المصرية السعودية، باعتبار أن البلدين عمقان استراتيجيان لبعضهما بعضا، وركيزة مهمة في تعزيز العمل العربي المشترك. أما عن إيران فإن لديهم ما ليس لدينا من تكنولوجيا متقدمة جداً في العالم. وأريد هنا أن أضرب مثلاً بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عندما قرر التخلي عن نوع الأسلحة، التي كان يستخدمها الجيش المصري واستخدام نوع متقدم، فحينها توجه لأميركا، ولكنها رفضت بيع السلاح، وعندما لجأ لتشيكوسلوفاكيا باعوا له ما شاء، هذا بالإضافة إلى عدد من الدول الأخرى. ومنذ ذلك الحين أصدرت الولايات المتحده الاميركية قراراً بألا تصدر التكنولوجيا الى مصر ابداً. وعليه فالتفكير الآن في الحصول على التكنولوجيا المتطورة من إيران وتركيا، وإذا لم نستطع، فيجب ان يكون بيننا وبينهم علاقات اقتصادية وتكنولوجية لمجاراة العالم في الاقتصاد والتكنولوجيا. أما بالنسبة لنشر المذهب الشيعي في مصر، فأنا أؤكد أنه مرفوض تماماً، إضافة إلى بناء الحسينيات وعمل الأحزاب الشيعية، حيث إن الأصل في الأحزاب أن تكون مدنية لا دينية. أما عن علاقتنا بأميركا، فالتركيز في المرحلة القادمة هو التأكيد على مكانة مصر كبلد هادية ورائدة ومرابطة وقائدة، فلن نقبل بأن يتحكم في مقدراتنا أحد.
* لكن هناك من يتساءل عن ميلك للشيعة والتعاون معهم؟
ـ أنا مسلم سني حنفي ضد التشييع، وضد إقامة أية أحزاب شيعية في مصر. فباب التشييع مغلق في مصر تماماً.
الرئيس القادم
* كيف ترى مواصفات رئيس مصر القادم؟
ـ أن يكون رجلا مهموما بالوطن، تؤرقه دوماً رغبة جارفة في حب الناس وإحقاق العدل، كما يجب أن يتمتع الرئيس المقبل بثقافة عريضة، كأن يكون لديه علم بالفكر والأدب والفلسفة والقانون والتاريخ، خاصة تاريخ بلده ومنطقته الإقليمية والعالم. كما أنه يجب أن يكون رجلاً طال ما طالنا، وعلى علم تام بمشاكلنا، ويستطيع أن يشعر بكل ما يصيب الإنسان المصري في كل بقاع مصر، ويجب أن يكون رجلاً ذا كفاءة بعيداً عن أصله أو عرقه أو دينه أو ميوله الشخصية، وتكون مهمته الأساسية أن يحقق لمصر مستقبلاً تكون فيه حرة وهادية ورائدة وقوية، غير تابعة لأي بلد سواء أكان قريبا أم بعيدا.
* هل تعتقد أن المجلس العسكري يمكن أن يتحكم في توجيه دفة الانتخابات تجاه مرشح رئاسي بعينه؟
ـ إذا كنت تقصدين ما يتردد عن وجود مرشح للمجلس العسكري، فأعتقد أنه لا يوجد مبرر لهذا الأمر، لأن القرار الأخير للشعب الذي سينتخب الرئيس القادم، والانتخابات هي الفيصل في اختياررئيس مصر بعد ثورة 25 يناير.
* ماذا تقول لمن يطالبون بضرورة وجود رئيس عسكري لمصر خلال الفترة الحالية؟ وما رأيك في ترشح بعض العسكريين لمنصب الرئيس؟
ـ الاختيار متروك للشعب المصري، ولن أصادر على رؤية بعض، ولكني أرى أن العسكر يفتقرون إلى الخبرة السياسية، وهو ما قد يحول دون قدرتهم على إدارة البلاد بالشكل الذي نطمح إليه، كما أرى أن حماية البلاد داخلياً وخارجياً، هي أمر غاية في الأهمية يتطلب منهم جهدا هائلا، ويجب تركيز كافة الطاقات لخدمة هذا الهدف.
حكم العسكر
[caption id="attachment_55233926" align="alignleft" width="130" caption="العوا.. مرشح الرئاسة"][/caption]
* ما تقييمك لحكم العسكر؟ وهل بالفعل حدث انحدار في مستوى التأييد الشعبي المصري للمجلس العسكري في الفترة الأخيرة؟
ـ المجلس العسكري أصاب وأخطأ بدون سوء نية، ولا خيانة ولا عمالة لدول أجنبية، ولكن لسوء خبرة من أعضاء المجلس العسكري، وبوجه عام، فقد أعلن المجلس العسكري عن نيته الواضحة في تسليم السلطة في يونيو (حزيران) 2012، وهو القرار الذي يجب احترامه ومساندة المجلس من أجل تحقيقه. وأنا أحاول قدر المستطاع أن أقول الحق أينما دار، فعندما يكون تصرف المجلس العسكري في نظري صحيحاً كنت أقول أنه كذلك، وأكون أكثر المؤيدين، وعندما تكون التصرفات في نظري غير مناسبة انقدهم علناً، ومن دون خوف في الحالين، وقد تصدرت المشهد في ذلك، وخاصة عندما لم يكن هناك ميعاد واضح لتسليم السلطة، أو عندما اطلقت وثيقة السلمي. من وجهة نظري فالمجلس العسكري هم بشر يصيبون ويخطئون، وقد خلطوا عملا صالحاً وآخر باطلاً.
*هل تعتقد بصحة ما يتردد على الساحة، من حديث حول الأطراف الخفية والخارجية، التي تشعل الفتن في مصر؟
ـ بالتأكيد هناك جهات وأفراد يهمها اشتعال الأوضاع وعدم استقرار الوطن، وتستفيد من كل حالات الاحتقان لتزيد الأمور اشتعالا، ويتسبب البطء الشديد في الكشف عن مرتكبي الحوادث وعدم الإعلان بوضوح وشفافية عن سير التحقيقات في مزيد من الاحتقان، وأعتقد أن وراء كل هذه الحوادث نفس الأشخاص وذات الأهداف، ولن تستقر الأمور تماماً إلا بسرعة إنهاء المرحلة الانتقالية في الموعد المحدد، وتطبيق القانون على الجميع بكل حزم.
برلمان الإخوان
* ما تقييمك للأداء البرلماني الإخواني؟ وهل تعتقد أن حكومة الإخوان لو شكلت ستنجح في قيادة البلاد؟
ـ حتى الآن لا يمكن الحكم على أداء البرلمان، لأننا لم نعطه الفرصة لإثبات كفاءته على كل المستويات، في ظل ظروف عدم الاستقرار التي نعيشها، ولكن في كل الأحوال، فإن هذا البرلمان اختاره الشعب المصري بكامل إرادته، حيث قام 35 مليون مصري لانتخاب هذا البرلمان، وان لم يقم هذا البرلمان بالنتيجة المتوقعة، فلن يتقدم الناخبون لانتخابه مرة أخرى. وعن الحكومة فأنا أرى أنها ستكون أيضاً حكومة منتخبة فسيختارها أعضاء مجلس الشعب، وهم من اختارهم الشعب في الأساس وأولاهم ثقته كاملة. وعليه لست مع تقدير الأمر قبل حدوثه، ولكني مع التفكير في كيفية دعم أية وزارة أياً كانت. فأياً كانت الوزارة، فلابد وأن تتكاتف مجهودات الحكومة والشعب والبرلمان ليكونوا يداً واحدة لنصرة هذا الوطن. فالحكومة وحدها لن تستطيع أن تتخطى كافة التحديات التي لم تعد باليسيرة ولا القليلة.
* هل حسنت مصر الثورة من إدارتها لتعامل مع القضية الفلسطينية، أم أن الأمر لم يتغير؟
ـ هناك تطور ملحوظ، فاتفاق الصلح الذي أبرمته مصر بين حركتي فتح والمقاومة الشعبية (حماس) العام الماضي برعاية المجلس العسكري وحكومة شرف، يعد خطوة مهمة على طريق سعي الفلسطينيين لإقامة دولة مستقلة في الأراضي التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967. وكلي تفاؤل أنه إذا تشرفت بتولي مسؤولية الرئيس سأضع القضية الفلسطينية على رأس أولوياتي، لما تحتله مصر من مكانة جعلتها دائماً رائدة ومرابطة وهادية للوطن العربي بأكمله.
* ما رأيك في ما يجرى بسوريا؟ وكيف نفض هذه الأزمة الخطيرة؟
ـ أرى أن ما يحدث في سوريا هو جريمة واضحة، والحل هو أن تتكاتف كافة القوى العربية، وعلى رأسها الجامعة العربية لاتخاذ قرار رادع بشأنه، ووقف نزف الدماء الذي لا ينتهي في سوريا.
لا للتنازل
* في ظل العدد الكبير من المترشحين للرئاسة، هل يمكن أن يتنازل الدكتور العوا لصالح أحدهم في صفقة سياسية، مقابل منصب نائب الرئيس مثلا؟
ـ أولا ظاهرة تزايد المرشحين سببها مشاعر الكبت السياسي لدى المصريين عبر سنوات طويلة، في نظام مبارك، ولا شك أن هذا العدد ستتم تصفيته، وأنا أعتبرها ظاهرة صحية تسرني شخصيا، لأنه كلما زاد عدد المرشحين، فإنه يعكس الوعي السياسي المتزايد للمصريين. لكن هذا الزخم في أعداد المرشحين، لا يعني إمكانية تفكيري في التنازل، مقابل منصب ما مع من أتنازل له في صفقة، كما تقولين، فهذا أمر غير وارد لأني لا يمكن أن أفرط في ثقة من يعطوني أصواتهم، وأبيعها لمرشح آخر في سبيل منصب سياسي، فهذا الأمر مخالف لمبادئي. وفكرة التنازل أساسا غير مطروحة، فنحن في سباق تنافسي، وكل منا يعرض برنامجه على الشعب المصري، الذي يملك القدرة والدراية الكافية، التي تؤهله لاختيار الأصلح لصالح هذا الوطن.
من هو د. محمد سليم العوا؟
• وكيل النائب العام بمصر1963 ـ 1966.
• محام بإدارة الفتوى والتشريع بمجلس الوزراء الكويتي، في إعارة من هيئة قضايا الدولة المصرية 1967 ـ 1969.
• محام في هيئة قضايا الدولة بمصر 1966-1971.
• طالب بحث بقسم الدكتوراه بمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية - جامعة لندن 1969 ـ 1972.
• عضو من الخارج في مجلس كلية دار العلوم بجامعة القاهرة.
• أستاذ مساعد للقانون المقارن - كلية عبد الله بايرو - جامعة أحمد وبللو كانو - نيجيريا 1972.
• أستاذ مشارك، ثم أستاذ الفقه الإسلامي والقانون المقارن في قسم الدراسات الإسلامية ـ جامعة الرياض (الملك سعود حاليا) - المملكة العربية السعودية 1974 ـ 1979.
• أستاذ زائر في القانون المقارن لكلية الدراسات الاجتماعية بجامعة أم درمان الإسلامية بالسودان 1976 -1977.
• عضو اللجنة الفنية لتعديل القوانين السودانية بما يتفق مع الشريعة الإسلامية 1977ـ 1980.