[caption id="attachment_55230835" align="aligncenter" width="620" caption="أيد.. وأيد"][/caption]
التصق التعبير باليد عند العرب بالعطاء والجود والندى. ويمتد التعبير بها إلى الكف والراحة، اللذين يؤديان المعنى نفسه، يقول جرير: ألستم خير من ركب المطايا.. وأندى العالمين بطون راح. كما استعملت للتعبير عن القوة والطول كما في قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم}، وفي الحديث: يد الله مع الجماعة. واليد هي أداة الربط والحل: وقديما قالوا (يداك أوكتا وفوك نفخ). يعني أن المسؤولية تقع على عاتقك كاملة.
واستعملت اليد للكناية عن الخير والسلام: فيقولون إن لفلان أيادي بيضاء.
كما استخدموها في التشتت والانقسام فقالوا:
تفرقوا أيدي سبأ، وأيادي سبأ. كلاهما واحد.
قال ذو الرمة: فَيَا لَكِ مِنْ دارٍ تَحَمَّلَ أَهلُها
أَيادِي سَبأ عنها، وطالَ انْتِقالُها
والمعنى أَن نِعَمَ سبأ تفرقت في كل مكان، فقيل: تفرَّقوا أَيادِيَ سبأ أي في كل وجه.
وكانوا يقولون: اشْدُد يديك بغَرْزِه. يقال ذلك لمن أفاد شيئا يُغْبَط به. أي لا تفرط في هذا.
وأصله في الفرس الكريم يصيبه الإنسان، فيحتفظ به.
واليَدُ هي الكَفُّ، وهي أُنثى محذوفة اللام، وزنها فَعْلٌ يَدْيٌ، فحذفت الياء تخفيفاً فاعْتَقَبت حركة اللام على الدال، والنسَبُ إِليها عند سيبويه: يَدَوِيٌّ، نقول: إنها صناعة يدوية. والأَخفش ينسبها هكذا: يَدِيٌّ، كَنَدِيٍّ، والجمع أَيْدٍ، وأَصلها يَدْيٌ على فَعْل، ساكنة العين، لأَن جمعها أَيْدٍ ويُدِيٌّ،على ما يغلب في جمع فَعْلٍ. مثل فَلْسٍ وأَفْلُسٍ وفُلُوسٍ. ولا يقال فِلس بكسر الفاء، لأنه بالكسر اسم صَنَمٌ كان في الجاهِلِيَّة، ولا يجمع فَعَلٌ على أَفْعُل إِلا في حروف يسيرة معدودة مثل زَمَنٍ وأَزْمُنٍ وجَبَلٍ وأَجْبُلٍ وعصاً وأَعْصٍ، وقد جمعت الأَيْدي في الشعر على أَيادٍ؛ قال جندل بن المثنى:
كأَنه، بالصَّحْصَحانِ الأَنْجَلِ.. قُطْنٌ سُخامٌ بأَيادي غُزَّلِ.
وهو جمع الجمع مثل أَكْرُعٍ وأَكارِعَ؛ ومثله قول الآخر:
فأَمَّا واحداً فكفاكَ مِثْلي.. فمَنْ لِيَدٍ تُطاوِحُها الأَيادِي؟
وقال ابن سيده: أَيادٍ جمع الجمع. إلا أن ابن جني فك هذا الاشكال في أيد وأياد، حيث قال: أَكثر ما تستعمل الأَيادي في النِّعم لا في الأَعْضاء. واليَدُ: النِّعْمةُ والإِحْسانُ تَصْطَنِعُه والمِنَّةُ والصَّنِيعَةُ، قال اللغويون وإِنما سميت يداً لأَنها إِنما تكون بالإِعْطاء والإِعْطاءُ إِنالةٌ باليد، والجمع أَيدٍ، وأَيادٍ جمع الجمع.
يقولون فلان طَوِيلُ اليَدِ وطويلُ الباعِ إِذا كان سَمْحاً جَواداً كريما.
واليَدُ: الغِنَى والقُدْرةُ، تقول: لي عليه يَدٌ أَي قُدْرة. واليَدُ النِّعْمةُ، واليَدُ السُلْطانُ، واليَدُ الطاعةُ، واليَدُ الجَماعةُ، واليَدُ الأَكْلُ؛ يقال: ضَعْ يدَكَ أَي كُلْ، واليَدُ النَّدَمُ، ومنه يقال: سُقِط في يده إِذا نَدِمَ، وأُسْقِطَ أَي نَدِمَ.
وفي القرآن الكريم: ولما سُقِطَ في أَيديهم؛ أَي نَدِمُوا،
قال الشاعر:
له عليَّ أَيادٍ لَسْتُ أَكْفُرُها.. وإِنما الكُفْرُ أَنْ لا تُشْكَرَ النِّعَمُ
وبقدر ما هناك أياد للخير، هناك أيضا أيد للبطش والتنكيل. فمن الناس من لهم أياد بيضاء، ومنهم من لهم أياد شريرة، تفسد في الأرض، وتوطد للظلم.
****
اللغة العربية رحبة جدا ودقيقة في تَقْسِيمِ الآثَار عَلَى اليَدِ فقد کانوا یقولون:
يَدِي مِنَ اللَحْم غَمِرَة، ومنَ الشَّحم زَهِمَة، ومِنَ السَّمَك صَمِرَةٌ، والصَمَرَ بالتحريك: النَتْنُ.
وَمِنَ الزَّيت قَنِمَة، وَمِنَ البَيضِ زَهِكَة، وَمِنَ الدُّهن زَنِخَةٌ، و مِنَ الخَلِّ خَمِطَة. وَمِنَ العَسَل لَزِجَة، وَمِنَ الفَاكِهَةِ لَزِقَة، وَمِنَ الزَعْفَرَانِ رَدِعَة، والرَّدْعُ اللطْخ بالزعفران.
ورَدَعْتُهُ عن الشيء أَرْدَعُهُ رَدْعاً فارْتَدَعَ، أي كففتُه فكَفَّ.
والرُداعُ بالضم: وَجَعُ الجسدِ أجمَع. قال الشاعر:
وكان فِراقُ لُبْنَى كالخِداعِ... فَواحَزَناً وعاودني رُداعي
وَمِنَ الطِّيبِ عَبِقَةٌ:
مسكيةُ النفحاتِ إلا أنهـا... وحشيةٌ بسواهمُ لا تعبقُ
وَمِنَ الدَّم ضَرِجَة:
وللحرية الحمراء باب.. بكل يد مضرجة يدق
وَمِنَ المَاءِ لَثِقَة:
اللَثَقُ بالتحريك: البَلَلُ، وطائرٌ لَثِقٌ، أي مبتلٌّ
وَمِنَ الطِّينِ رَدِغَة:
الرَّدَغَة والرَّدْغَةُ - بالتحريك والتسكين-: الماء والطين والوحل الشديد، والجمع رَدْغُ ورَدَغٌ ورِدَاغ. وهي مفردة سمعتها في بعض البلاد العربية
وَمِنَ الحَدِيدِ سَهِكَة، وَمِنَ الوَسَخِ دَرِئَةٌ.
والدَرَنُ: الوَسَخُ.
وَمِنَ العَمَلِ مَجِلَة.
ومَجِلَتْ كَفَّاه بعدَ لِينِ، ومَجِلَتْ يدُه، بالكسر، ومَجَلَت تَمْجَل وتَمْجُل مَجَلاً ومَجْلاً ومُجُولاً: نَفِطَتْ من العمل فمَرَنَتْ وصَلُبت وثَخُن جلدُها وتَعَجَّر وظهر فيها ما يشبه البَثَر من العمل بالأَشياء الصُّلْبة الخشِنة.
وَمِنَ البَرْدِ صَردَةٌ.
والصَّرْدُ والصَّرَدُ: شِدَّة البَرْدُ، تقول: يومٌ صَرِدٌ ولَيلَةٌ صَرِدَةٌ. ومازالت كلمة الصرد بمعناها هذا تستعمل في بعض البلاد العربية.
وفي مادة قنم نجد الآتي:
قَنِمت يدي من الزيت قَنَماً، فهي قَنِمة: اتَّسخت.
والأقانيمُ: الأصول، واحدها أُقْنومٌ
****
نَالَتْ عَلَى يَدِهَا مَا لَـمْ تَنَلْـهُ يَـدِي
نَقْشاً عَلَى مِعْصَمٍ أَوْهَتْ بِهِ جَلَـدِي
كَأنـهُ طَـرْقُ نَمْـلٍ فِـي أنَامِلِـهَا
أَوْ رَوْضَةٌ رَصَّعَتْهَا السُّحْـبُ بالبَـرَدِ
لقد رسخت في القلب منك محبة
كما رسخت في الراحتين الأصابع
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.