و أبو إسماعيل معروف كمرشح برلماني خاض الانتخابات البرلمانية مرات عدة ضد مرشحة الحزب الحاكم في النظام السابق الدكتورة امال عثمان والتي أثبتت التحقيقات حدوث تزوير عامي 1995 و 2005 لصالحها وهو ما أدى إلى مقاطعته الانتخابات عام 2010 من دون أن يتوقع أحد ترشحه في ما بعد لرئاسة الجمهورية ضمن قافلة كبيرة من النشطاء السياسيين أصحاب المرجعيات الدينية.
وما بين اللحظة الفارقة والحلال والحرام في حملة أبو إسماعيل يشعر كثير من المصريين بخاصة الأقباط والليبراليين بالقلق وعدم الإرتياح لوجود وجوه من التيارات الدينية المتشددة في السباق الرئاسي مثل أبو إسماعيل ولكنهم في نفس الوقت لا يعتقدون في احتمالات نجاحه.
لكن الواقع يكشف القدرات الكبرى لحازم أبو إسماعيل بخاصة وأنه خاض غمار السياسة منذ صباه وكانت له صولات وجولات في قضايا مثل كامب ديفيد وتجميد حزب العمل ومقاومة لائحة الجامعات المصرية عام 1979 إلى جانب عمله في حزب العمل فقد شارك أيضا في عدة أحزاب مصرية أخرى منها الأحرار والوفد والتجمع كما رشّحه الاخوان في انتخابات 2005.
وعلى الرغم من قربه من تلك الأحزاب إلا أنه فضل أن يعلن نفسه مرشحا مستقلا وليبراليا على حد وصفه لنفسه إلا أن المراقب السياسي لا يمكن أن يغفل إنتماءه الأساسي للجماعات الدينية وارتكازه إلى دعمهم وهو ما يكشفه التأييد المعلن من قبل القنوات الدينية ذات الجماهيرية والقائمين عليها بل واستغلال تلك القنوات في عمل دعاية انتخابية له بشكل صريح وهو ما يزيد من قلق المعارضين حيث يعتبرون الامر خروجا على قواعد الحياد والمساواة بين جميع المرشحين والتلاعب بعواطف الناخبين.
ولم يكتف أبو إسماعيل بنشاطه في نقابة المحامين المصرية ودفاعه عن الإخوان المسلمين في قضايا كثيرة ومشاركته الدائمة في الانتخابات البرلمانية سابقا، بل مارس نشاطا سياسيا واسعا في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يكشف مشواره السياسي الطويل رغم سنوات عمره التي لاتتجاوز نصف قرن أنه ظل على مدار العشرين عاما الماضية حريصا على السفر لأمريكا في فترات الحملات الانتخابية لانتخابات الرئاسة للمشاركة بآرائه في المناظرات التي تتم في تلك الأثناء.
ولاشك أن دعوة أبو إسماعيل لتطبيق الشريعة الإسلامية ومناداته بالشرعية والقوة كمحاور أساسية في برنامجه الإنتخابي لاشك انها تلقى رواجا كبيرا وتأييدا واسعا على الجانب الآخر من الأطياف المصرية المتدينة والمنتمية إلى تيارات إسلامية مختلفة ولكن رغم ذلك تبقى الصورة ضبابية إلى حين.
تطبيق الشريعة أمر لا خلاف عليه!
لاشك أن هناك حالة قلق من مرشحي الرئاسة الذين ينتمون إلى تيارات دينية متشددة بخاصة إذا كانوا ينادون صراحة بتطبيق الشريعة الإسلامية. إلا أن لغة الحوار والتفاهم بالعقل والمنطق معهم تكشف سوء ظن الكثيرين فيه وهو ما تبيناه من خلال حوارنا مع مرشح الرئاسة الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل الذي كشف لنا عن كثير من الاعتدال في أفكاره على عكس الصورة التى كان يروج لها في نظام مبارك للجماعات الاسلامية لاستخدامها كفزاعة ومبرر لسطوة الامن. وفي البداية سألناه:
* لماذا رشحت نفسك لانتخابات الرئاسة وسط هذا الزخم من المرشحين؟
- بسبب إحساسي بما تمر به البلد من مخاطر بخاصة في ظل ما كشفته أحاديث ممن يطلق عليهم النخبة السياسية من ضحالة سياسية واتجاه إلى تسليم البلد للأمريكان والصهاينة مرة أخرى.
* ما الذي تتميز به عن هذا العدد الكبير من المرشحين المنافسين؟
- أنني أمتلك تاريخا نضاليا كبيرا وأهم ما يرجح كفتي هو الرؤية الشاملة لإدارة الدولة فقرار ترشحي للرئاسة جاء كمسألة تراكمية لاستكمال مشوار العمل الوطني.
[caption id="attachment_55228566" align="alignright" width="300" caption="حملة طلاب الجامعات لترشيح ابو اسماعيل"][/caption]
* بحسابات الأمر الواقع هل تعتقد في إمكانية فوزك أو حتى منافستك بشكل قوي؟
- لا أهتم بالحسابات وأنا جزء أصيل من شعب مصر وفرصتي في الفوز بمقعد الرئاسة غير مشكوك فيها إذا كانت الانتخابات نزيهة.
* ولكن انتماءاتك للتيار الدينى المتشدد قد تبعد الكثيرين عن تأييدك؟
- لست منتميا لحزب وأنا مرشح إسلامي مستقل في الأساس وأفكاري ليبرالية.
ليبرالي جدا
* كيف تتلاءم الليبرالية مع توجهاتك الإسلامية؟
- الليبرالية لا تعني الانفلات من الشرع والدين لكنها سعي للتفتح والانطلاق و الحيوية الفكرية وبهذا المعنى فأنا ليبرالي جدا.
* ما أدواتك في تحقيق تلك الليبرالية؟
- من خلال مشروع حضاري أعلنت عنه يرتكز على ثلاثة ركائز هي الشريعة والشرعية والقوة.
* إلى أى مدى تحظى بدعم من التيارات الدينية بخاصة مع وجود أكثر من مرشح ذي خلفية إسلامية؟
- الحمد لله كثير من علمائنا ومشايخنا من مختلف التيارات الدينية في مصر يؤيدون ترشحي بقوة.
* بم تفسّر هذا الانتشار الكبير للجماعات الدينية على الساحة السياسية المصرية ومسارعتها لتكوين أحزاب؟
- هذا أمر طبيعي في ظل هذه الفترة الانتقالية فالكل يسعى لفرصة سياسية وتكوين أحزاب خوفا من تكرار المنع في مرحلة مقبلة كما كان في عهد مبارك.
* ما ردك على اتهام التيار الإسلامي بأنه ركب الثورة المصرية رغم ضعف تأثيره قبل الثورة؟
- التيار الإسلامي كان موجودا دائما وأعضاؤه من أكثر الذين دفعوا الثمن بالتعرض لأبشع عمليات القمع في عصر مبارك.
* تنادي في حملتك الانتخابية بدولة إسلامية فكيف تحقق ذلك؟
- تطبيق الشريعة أمر لا خلاف عليه، ولكنه سيكون بالتدرج وسنطبق الحد الأدنى المتفق عليه الذي لم يختلف عليه أحد.
* ما أهم محاور برنامجك الإنتخابي؟
- يعتمد على 3 محاور هي إدارة الدولة مؤسسيا وكفاءة التواصل في ما بين مؤسساتها و بناء قاعدة بيانات صحيحة وغير مزيفة كما كان في الماضي.
* وماذا عن نصيب الاقتصاد من اهتمامك؟
- له نصيب كبير بدليل أنني أعددت عشرة مشروعات اقتصادية كبرى كفيلة بدفعها للأمام وتشمل مشروعات تجارية وزراعية وصناعية وبحثية مع تطوير أبحاث استخدامات الطاقة النووي وأبحاث تطوير المجال الكيميائي، وأبحاث التربة في سيناء.
*هل تعتقد أن المجتمع الدولي سيتقبل مصر بنظامها الإسلامي الذي تدعو إليه في برنامجك الإنتخابي؟
- بما أن المجتمع الدولي له مصالح في الشرق الاوسط بصفة عامة ومصر بصفة خاصة فلا بد أن يقبل التعامل مع مصر ورئيسها الذي انتخبه الشعب ويحترم اختياره.
* وما ملامح سياستك الخارجية عندئذ؟
- سياسة مصر الخارجية أوسع من مجرد شكل علاقة مع دول معينة، إنما هي عملية متكاملة تعتمد على مصالحها بالتركيز على العمق الأفريقي والبعد العربي والمحيط الإسلامي.
* وماذا عن العلاقة مع أمريكا وإسرائيل؟
- بالنسبة لأمريكا فالصدام معها غير وارد، لأنني أتفهم تمامًا اعتبارات القوى الأخرى، إنما يمكن أن تحدث تفاهمات على أرضية المصالح المشتركة.
[caption id="attachment_55228565" align="alignleft" width="197" caption="حملة أبو اسماعيل على الفيس بوك"][/caption]
* وماذا عن إسرائيل؟
- بيننا وبينهم 3 أنواع من المعاهدات واحدة بمقابل، وهي معاهدة السلام، والثانية بلا مقابل، وهي اتفاقية المعابر، والأخيرة بمقابل بخس، مثل اتفاقية الغاز، ولست راضيا عن تلك الاتفاقات.
* هل تعنى أنك ستلغى كامب ديفيد؟
- سأبذل قصارى جهدي لإلغائها ولكن لن يحدث ذلك قبل دراسة الأمر من جميع جوانبه حتى لا نجعل ظهورنا مكشوفة ولا نجر إلي أي نوع من الحروب.
الكفاءة والأمانة
* وكيف ترى العلاقة بتركيا وإيران؟
- بالنسبة لتركيا فلا يجب أن نتعامل معها على أساس أنها النموذج المنشود لأننا مختلفون عنها. أما إيران فلها أهداف إقليمية توسعية في المنطقة، والاقتراب منها يضرّ بعلاقتنا بدول الخليج العربي ولكن يمكن التعامل معها بشكل متوازن.
* لوعدنا لمصر فكيف يتعامل الشيخ حازم أبو إسماعيل مع الأقباط؟ وهل يمكن أن تختار قيادات منهم؟
- أولا معيار الاختيار هو الكفاءة والامانة وليس الديانة والتعامل مع الاقباط يتلخص في العدالة الواضحة الحاسمة وتطبيق مبدأ المحاكمات العلانية على المسلم و المسيحي.
* وما رأيك في من يثيرون الأزمة الطائفية في مصر؟
- أقول لهم إن وضع الأقباط في مصر أفضل بكثير من وضع المسلمين في أمريكا ودول أوروبية. وما حدث أخيرا ليس فتنة إنما هو تدبير موجه والحل سرعة معاقبة الجناة.
* هل تعتقد أن هناك من يدبر المؤامرات للوقيعة بين المصريين بواسطة البلطجية؟
- يجب أن نعرف ان ما يحدث هو إنفلات أمنى وهو صناعة تدعم البلطجي الذي يجد من يدفع له لينفذ تلك المؤامرات وعلى الأجهزة الأمنية أن تسيطر على الأمور.
* أخيرا هل تخشى على الثورة المصرية؟
- أخشى ممن يعملون على سرقتها للعودة بنا إلى عهد مبارك من خلال بعض الوجوه التى تطل علينا من أزلامه ويسعون لإقحام أنفسهم في الانتخابات سواء البرلمانية أو الرئاسية.
صفاء عزب