مع تصاعد حملة القمع للاحتجاجات في سوريا وارتفاع عدد الضحايا في صفوف المدنيين واستعمال النظام السوري كل أنواع الأسلحة لاسكات الأصوات المنادية بالتغيير واخماد انتفاضة شعبية تنادي برحيل الرئيس بشار الأسد وحزب البعث الحاكم، عقدت هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي في سوريا- مكتب الخارج - اجتماعها الأول بالعاصمة الألمانية برلين، الذي أُعلن عن تشكيله نهاية يونيو)حزيران( الماضي. وهي تمثل محاولة لتجميع القوى اليسارية والعَلمانية في الحراك السوري الحالي.
حسن عبد العظيم رئيس هيئة التنسيق الوطني الديمقراطي ورئيس حزب الاتحاد العربي الاشتراكي الديمقراطي والناطق باسم التجمع الوطني الديمقراطي، وفي حوار مع "المجلة" قال إن "عقد الاجتماع هو بهدف مناقشة واقرار مشروع وثيقة سياسية تم تداولها بين الأحزاب والشخصيات عقب تشكيل اطار سياسي جمع غالبية المعارضة السورية في الداخل في ما سمي هيئة التنسيق الوطني، في يونيو الماضي وهدفها التغيير الوطني الديمقراطي في سوريا، مشيرا الى أن "هيئة التنسيق الوطنية تجمع 80 في المائة من المعارضة السورية، كما انه لا يمكن للمعارضة أن تتوحد بحل سحري فهناك اختلافات في الرؤى السياسية، وهناك اختلافات في أسلوب العمل".
فيما يلي نص الحوار..
المجلة: الموقف الإيراني بدا واضحا منذ اندلاع الاحتجاجات بالوقوف مع النظام، هذا الدعم الذي وصل إلى حد الدعم اللوجستي الا يشكل تحديا أكبر أمام المعارضة في تحقيق مطالبها بالتغيير؟
- إيران بحكم تحالفها الاستراتيجي مع النظام السوري تتخذ موقفا سلبيا من الثورة السورية، وهذا موقف يسيء لإيران ولنظامها الذي يعتبر نفسه نظاما ديمقراطيا، وهناك تداول سلمي للسلطة وانتخابات برلمانية، واي نظام في الاقليم أو في العالم يقف ضد مطالب الشعوب سوف يخسر في النهاية، ونطالب القيادات الإيرانية بعدم التدخل في الشأن الداخلي في سوريا، وان تتخذ موقفا مماثلا لتركيا بنصح النظام للاستجابة الى المطالب الشعبية.
المجلة: ماذا عن الأنباء التي تتحدث عن وجود قوات من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله لقمع الاحتجاجات في سوريا؟
- لا أتصور أن حزب الله يدخل في مسألة القمع، رغم ان هناك دعما سياسيا، وفيما خص الحرس الثوري يقال انه هناك عناصر ايرانية، وان صحت الأنباء، فإنه خطأ قاتل من ايران يثير عداء من قبل الشعب السوري للشعب الايراني.
[caption id="attachment_3270" align="alignleft" width="300" caption="حسن عبد العظيم"][/caption]
المجلة: ما حقيقة المعلومات حول وجود قاعدة عسكرية إيرانية في مطار اللاذقية؟
- سوريا لديها امكانات عسكرية تغنيها عن الاستمداد العسكري. النظام السوري لديه خبرة وامكانيات في القمع، واذا ثبت أن هناك تدخلا ايرانيا مسلحا فهو خطأ قاتل للنظام الايراني.
المجلة: حدثت انشقاقات في الجيش، وخلال اقتحام الجيش لمدينة اللاذقية وقعت اشتباكات بين عناصر منشقة والجيش السوري، هل تعول المعارضة على الانشقاقات في الجيش لممارسة ضغط على النظام؟
- نحن نتمنى أن يبقى الجيش الوطني متماسكا موحدا، يدافع عن الشعب وليس عن السلطة، لا يستخدم ضد الشعب والحراك الشعبي وقمع الانتفاضة، لأن المفروض انه جيش وطني لحماية الوطن وحماية الشعب، وليس للحلول الأمنية والعسكرية، لأنها ضد عقيدته لأن عقيدته هي حماية الشعب والحرب ضد العدو الإسرائيلي، ليحمي سياج الوطن وحدود الوطن، وهذا ما يعرضه للانشقاق، ونريد وقف العنف وسحب الجيش.
المجلة: إذا ما المساعي التي انتم بصددها للضغط على النظام لتحقيق مطالبكم؟
- نحن أولا بأحزابنا السياسية والشخصيات الوطنية نحن جزء من الانتفاضة ولسنا كل الانتفاضة، ونحن ندعم استمرار الانتفاضة واستمرار حق التظاهر السلمي والحراك الشعبي والشبابي الذي يضغط على النظام، ويشعر العالم بأهمية الاستجابة لمطالب الشعب، وهي مطالب عادلة ونراهن على انسداد الأفق امام الحلول العسكرية والأمنية، وفشل محاولات ما يسمى بالحوار المزعوم الذي هو عبارة عن تغطية للحلول الأمنية والعسكرية، ورسالة موجهة للخارج من قبل السلطة على انها تحاور المعارضة، وهذا اثبت فشله ولم يبق مخرج لحل الأزمة إلا بحلول سياسية حقيقة، وذلك بتوقف العنف، والاستجابة للمطالب الشعبية لحل الأزمة.
صمت مريب
المجلة: ما أهمية خطاب العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، لبلورة موقف خليجي موحد ضد الحل الأمني من قبل النظام في سوريا ضد المحتجين؟
- كان هناك صمت عربي مريب ازاء ما يحصل في سوريا، ولكن امام انسداد الأزمة وحمام الدم والعنف والقتل، استجاب الملك عبدالله بن عبد العزيز وطالب النظام في سوريا بوقف العنف، وتعتبر مساعدة في عملية التغيير، ولكن العامل الاساسي هو استمرار الانتفاضة.
المجلة: ماذا يميز اجتماع هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطية في سوريا- مكتب الخارج - في برلين عن المؤتمرات والاجتماعات التشاورية السابقة للمعارضة في انطاليا واسطنبول والدوحة وايضا في دمشق؟
- بداية نحن في هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني الديمقراطي في سوريا، نعقد اجتماعاتنا في الداخل وليس في الخارج، وباعتبار أننا نعتبر أن المعارضة في الداخل هي الأساس والمعارضة في الخارج هي جزء من المعارضة في الداخل وهي تابعة لها، لذلك فالمؤتمر يجب ان يضم ممثلي الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية، الذين شاركوا في تأسيس هيئة التنسيق، أو انضموا اليها لاحقا، وباعتبار ان لهذه الاحزاب ممثليات في الخارج، فلا بد من تنظيم جهودهم في الخارج بالتنسيق مع الداخل من خلال هذا المؤتمر .
المعارضون في الخارج سواء أكانوا ممثلين عن الأحزاب السياسية أو شخصيات مستقلة، يتكاملون مع الداخل ويتعاونون وهم جزء من مؤسسات الهيئة بالداخل.
المجلة: شخصيات معارضة التقت وزيرة الخارجية الأميركية، وطالبت الإدارة الأميركية بالضغط على نظام بشار، المعارضة في الداخل الى أي مدى تعول على التدخل الأميركي للعب هذا الدور؟
- نحن في هيئة التنسيق لم نلتق لا بالسفير الأميركي أو أي أحد من الادارة الأميركية، ورغم اهمية الدور الأميركي، الا انها محكومة بمصالحها واستراتيجتها في المنطقة، بالتالي نحن لا نعول كثيرا على هذا الدور، كما اننا نرفض التدخل العسكري أو تطبيق حصار اقتصادي يضر بمصالح الشعب السوري، ونطلب من الشعوب العربية والشعوب الإسلامية والمنظمات الحقوقية والسياسية مثل الجامعة العربية والمؤتمر الاسلامي دعمنا، وندعو الى اتخاذ مواقف واضحة من دول اقليمية مثل تركيا وايران حول دعم التغيير الديمقراطي في سوريا.
المجلة: هناك حديث عن سيناريو تركي - أميركي لإقامة منطقة عازلة في سوريا، ما موقف المعارضة في الداخل من هذا السيناريو المحتمل؟
- نرفض التدخل العسكري سواء أكان اقليميا أم دوليا، نحن مع ممارسة ضغوط سياسية، خاصة ان النظام اصبح معزولا اقليما ودوليا، مع ارتفاع اصوات في دول عربية تطالبه بوقف العنف.
المجلة: خلال بعض المظاهرات أبدى المحتجون عدم رضاهم من الموقف التركي الأخير، وإبدائه ليونة في الضغط على النظام، مقارنة بمواقف سابقة في بداية الاحتجاجات، انتم كمعارضة كيف تنظرون للدور التركي في المرحلة الحالية؟
- تركيا دولة جارة للشعب السوري جغرافيا وحضاريا، وهي تبدي اهتماما واضحا بسياسات المنطقة، خاصة بعد رفض ضمها للاتحاد الأوروبي، ودخلت مع النظام السياسي بسوريا في تحالف استراتيجي، وحدث انفتاح سياسي واقتصادي خلال السنوات الأخيرة مع تركيا، وعقب الثورات العربية التي غيرت أنظمة في المنطقة وانتفاضات الحرية والعدالة والكرامة وامتدادها في المنطقة ووصولها الى سوريا، كانت تركيا اول من بدأ بنصح النظام في أن يتولى عملية التغيير الديمقراطي واجراء اصلاح حقيقي، لكن النظام مايزال يصر على العنف والحل الأمني وبالطبع هذا يضر مصالح الشعب السوري ومصالح تركيا ايضا، وكان على النظام الاستجابة للنصح التركي والاستفادة من نظام الحكم في تركيا وتركيا مهتمة بسوريا، ولا يمكن لنظام ديمقراطي أن يقف ضد المطالب الشعبية المشروعة ومن هنا جاء التحرك التركي.
المجلة: هناك من عزا تأخر الدعم الإقليمي أو الدولي للمعارضة كون المعارضة مشتتة، وخاصة ما شهدناه في مؤتمر اسطنبول من انسحاب الاكراد، إلى أي مدى هناك مساع لاحتواء الخلافات بين أطياف المعارضة السورية وتوحيد كلمتها؟
- هناك اجماع في المعارضة حول هدف واحد وهو التغيير الوطني الديمقراطي وعدم القبول بالوضع الحالي، أما ما يخص توحيد كلمة المعارضة، فهيئة التنسيق كثفت جهودها خلال الفترة الماضية مع التجمع الوطني الديمقراطي ولجان احياء المجتمع المدني والتجمع اليساري وشخصيات وطنية، وتم تشكيل هيئة تنسيق وطنية تضم اكثر من عشرين حزبا، وهي 5 احزاب للتجمع الديمقراطي، و4 أحزاب التجمع اليساري، اضافة الى 5 احزاب كردية، وانضم الى الهيئة مؤخرا (حزب البعث الديمقراطي)، و(حركة الاحياء المدني)، اضافة الى الشخصيات الوطنية في الداخل والخارج ما يعني ان هيئة التنسيق الوطنية تجمع 80% من المعارضة السورية، كما أنه لا يمكن للمعارضة أن تتوحد بحل سحري، فهناك خلافات في الرؤى السياسية وهناك خلافات بأسلوب العمل.
ومؤتمر الانقاذ الذي عقد في اسطنبول خلال الشهر الفائت كان محاولة من قبل التيار الاسلامي السياسي، وشخصيات معارضة ليبرالية، واتفق على عقد هذا المؤتمر قبل تشكيل الهيئة، والهيئة مفتوحة امام كل الاطراف للدخول اليها، بمن فيهم المشاركون في مؤتمر اسطنبول، ونحن حاليا في مساع لتوحيد المعارضة ضمن اطار سياسي واحد حول برنامج متفق عليه، من خلال دعوتنا جميع الاطراف للانضمام اليه.
المجلة: يعني أن الأكراد أجلوا خلافاتهم الى ما بعد مرحلة التغيير؟
- الأكراد مشاركون أساسيون في الهيئة، اكثر من نصف الأحزاب السياسية الكردية مشاركة في الهيئة، والاحزاب الكردية غير المشاركة موجودة في اعلان دمشق، وفي تحالفات أخرى للمعارضة الأكراد غالبيتهم منضمون الى المعارضة.
تغيير النظام
المجلة: ما سبب عدم تمثيل التنسيقيات الشبابية التي تقود الحركة الاحتجاجية في الهيئة؟
- في الوثيقة السياسية التي تم اقرارها من قبل الهيئة، التي تعتبر جزءا من الحراك الشعبي، جاء أنه يجب أن يتمثل الحراك (التنسيقيات الشبابية)، ضمن مؤسسات الهيئة، بما لا يقل عن الثلث، وبما أن حراك التنسيقيات ميداني، الأمر الذي يشكل خطورة على حياة قياداتهم في حال تم الاعلان عنهم كممثلين عن التنسيقيات، وهو ما يشكل خطورة على حياة من يمثلهم في الهيئة، وعليه نطالب التنسيقيات ببلورة موقف محدد حول من يمثلهم من الشخصيات الوطنية في الهيئة.
المجلة: وهل هم راضون عن هذه النسبة، خاصة أنهم هم من يقومون على أرض الواقع بقيادة الحراك الشعبي؟
- النسبة قابلة للتعديل حسب حجمهم، وتبلور مواقف من يمثلهم، ومن الممكن أن تصل نسبة تمثيلهم الى النصف أو اكثر في المستقبل.
المجلة: كان هناك حديث عن أن هذا الاجتماع هو محاولة لتجميع القوى اليسارية والعلمانية في الحراك السوري الحالي ضد الأحزاب الإسلامية، بماذا ترد؟
- التيار الإسلامي ممثل في الهيئة إلى جانب ممثلين عن جميع التيارات الاخرى، كالتيار الليبرالي واليساري والقومي، والممثلان عن التيار الإسلامي هما رياض درار ومحمد العمار في المكتب التنفيذي، وهناك نسبة جيدة من الإسلاميين والديمقراطيين، الكثير من الاسماء لا نريد ذكرها، ونجدد بأن الهيئة مفتوحة امام كل التيارات.
المجلة: لمَ تم استبعاد الإخوان المسلمين؟
- الإخوان المسلمون جماعة منظمة وليس تيارا. ولأن قانون 49 يحكم بموجبه من ينتمي الى الجماعة بالإعدام، فلا يمكن للمنتمين للجماعة الإعلان عن أنفسهم في الداخل السوري، وعندما تم الاعلان عن الوثيقة، أكدنا انها مفتوحة امام جميع القوى التي تقبل ببرنامج الهيئة، وهم لم يطلبوا الانضمام الى الهيئة.
[caption id="attachment_3273" align="alignleft" width="201" caption="حظر نفطي أوروبي على سوريا"][/caption]
المجلة: ما أهم بنود الوثيقة؟
- تتفق جميع القوى والأحزاب والشخصيات على هدف التغيير الوطني الديمقراطي السلمي، وعلى بناء دولة مدنية على نهج ديمقراطي، وعلى تعددية حزبية وسياسية وتكافؤ الفرص وسيادة القانون.
المجلة: لكن الشارع يطالب بإسقاط النظام؟
- نحن نطالب بتغيير النظام، انطلاقا من رفضنا للنظام الشمولي الذي تتجلى خلاله ظواهر الاستبداد والفساد، نحن نطالب بنظام وطني وديمقراطي، ولن نجتث أحدا، فكل من هو في النظام ولم تتلوث أيديه بالدماء، ولا يصر على الفساد، ولا يصر على النهج الاستبدادي، تيار المعارضة مفتوح امامه، نحن لسنا استئصاليين ولسنا شموليين.
ضياع الفرص
المجلة: هل يعني ذلك أن هناك مجالا للحوار مع السلطة؟
- أية أزمة وطنية كالأزمة في سوريا، لا يمكن أن تعالج بالعنف، وانما عن طريق الحوار الوطني، وتهيئة ظروف والبيئة المناسبة للحوار، منها وقف العنف العسكري والحلول الأمنية والسماح بالتظاهر السلمي، وتغيير لهجة الاعلام، فالإعلام السوري يتعامل كسلطة مع الأزمة والحراك الشعبي والانتفاضة، على أنه مؤامرة وفتنة خارجية وعصابات مسلحة، ويجب اطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، ووقف حملات الاعتقال وتنفيذ حالة الطوارئ بشكل فعلي، والدعوة العلنية لمؤتمر حوار وطني يضع مشروع دستور جديد، وقانون انتخابات ومشرع قانون احزاب، ويضع حلولا سياسية للازمة الوطنية.
المجلة: هل مازال أمام النظام فرصة لتهيئة البيئة المناسبة لحوار وطني؟
- مع الأسف الشديد النظام يضرب بعرض الحائط كل الحلول السياسية، ويصر على الحلول الأمنية والعسكرية، وهذا لا يهيئ اي مناخ لحوار وطني حقيقي، ولذلك المسؤولية تقع على النظام في استمرار الأزمة وتعمقها وتصاعدها.
المجلة: في ظل المرحلة الحالية على ماذا تعول المعارضة، بعد إضاعة النظام الحلول السياسية للازمة؟
- أولا التعويل الأساسي على استمرار الانتفاضة السلمية والاصرار على تحقيق مطالبها في الحرية والعدالة والديمقراطية والتظاهر السلمي حتى يتحقق التغيير الوطني الديمقراطي، تماما ترفض العنف الذي تمارسه السلطة أو يمارسه اي طرف آخر، ولا تقبل النهج الشمولي وسيطرة حزب واحد على الدولة والمجتمع، في تقديرنا ان كل الحلول الأمنية والعسكرية وصلت الى طريق مسدود، وفشلت في حل الازمة. بل بالعكس فهي عمقتها وصعدتها ووسعتها، ولا يمكن حل الازمة الا بحلول سياسية حقيقية.
أجرى الحوار: روشن قاسم