[caption id="attachment_1515" align="aligncenter" width="640" caption="حديقة ماجوريل بمراكش"][/caption]
على الرغم من أن أزرق الكوبالت باهر فإن قوته ليست غامرة، بل إنها تأسرك، تسحبك إليها وتضفي عليك هدوءا وسكينة مطلقين.
إن من زار منزل الفنانة فريدة خالو في مدينة المكسيك لديه ألفة بالظلال الداكنة للأزرق. ولكن أزرق ماجوريل فريد، فهو يكاد يكون فسفوريا، مختلفا، استثنائيا، ومذهلا في جماله وقدرته على التنويم المغناطيسي.
تعد حدائق ماجوريل في مراكش واحة، معبدا من الألوان والنباتات والمياه. فأنت تمر بين بساتين الخيزران فور دخولك، ثم تسير إلى جانب الصبارات الاستثنائية خلال تجوالك، حيث تجد أنواعا مختلفة من نباتات الصبار وهي تتجمع معا وتبدو وكأنها عائلات بأكملها تتكون من أب وأم وأطفال. فهناك نباتات صبار صغيرة وأخرى ريانة وأخرى هائلة الحجم. بعضها صغير الحجم والآخر يصل ارتفاعه لنحو 30 قدما. ويمكن للمرء أن يستوحي من الحديقة أو يستسلم فقط لسحرها.
ويعد التناقض الموجود في الحديقة جزءا من تميزها (نخل وخيزران هائل الحجم إلى جانب زهور ونباتات دانية من الأرض)، كما تنتصب الأواني الصفراء والبرتقالية إلى جانب لون الأرض والظلال المختلفة للأخضر الموجودة في الحديقة.
وإذا ما سمحت لنفسك بالتيه في الحديقة – تاركا نفسك لها - سوف تكتشف معنى سيرياليا للسلام والسكينة، بين السلاحف بطيئة الحركة وسمك الشبوط سريع القفز، وزهور الفرانغيباني والجهنمية المبهجتين. يمكن للمرء أن يقضي ساعات عدة هناك، يجلس على أحد المقاعد يحاول اغتنام ذلك الجمال. فيتحرك زوار الحدائق ببطء وهم مستغرقون وحالمون. تستطيع تلك الحدائق ممارسة سحرها دون الحاجة لكثير من القوانين والضوابط.
وعلى الرغم من أن الرحيل هو الجزء الأصعب في تلك الرحلة، فإنك تحمل معك الماجوريل الذي يغمرك بالسلام والسكينة لباقي اليوم.
[caption id="attachment_1517" align="alignleft" width="300" caption="حدائق الماجوريل في الساحات العامة وفي المنازل"][/caption]
يمكنك الاستمتاع بها واصطحابها إلى أكثر المناطق صخبا، في المدينة، وفي الأسواق، وإلى مركز ميدان جامع الفنا بضجيجه وحكائيه وسحرة الأفاعي.
وعلى أية حال، لن يغادرك اللون الأزرق، والإحساس الأثيري المفارق لذلك المكان بكماله وجلاله، على الرغم من أن ذلك النظام البيئي من صنيعة الإنسان، فإنه يحمل روح الطبيعة ويأتي مغايرا لنمط الحدائق منمقة التصميم التي تراها في إنجلترا وفرنسا.
ويعمل في خدمة ماجوريل عدد كبير من العاملين غير المقتحمين لخصوصية الزائرين. وعلى الرغم من أنها ليست صنيعة برية في تنوعها وتناقضاتها فإنها تعكس التنوع البيئي وقدرة الطبيعة على تحرير الروح الإنسانية.
إنه فضاء يغوي، خادع وهادئ. لقد صمم حدائق ماجوريل الرسام الفرنسي جاك ماجوريل الذي استقر في مراكش في العشرينيات من القرن الماضي. فقد حصل على منزل تحول لاحقا لأراضي تلك الحدائق. في عام 1947 فتحت الحدائق للجمهور. في عام 1980 اشترى بيير بيرغ وإيف سان لوران الحدائق وجدداها. ويعود الفضل إلى عمليات إعادة تجديد الحدائق فيما أصبحت عليه الحدائق الآن بينابيعها المترقرقة وحمامات المياه والتيارات ذات المسارات المصممة بعناية خلف خليط من النباتات والأشجار.
وتعد الحدائق الآن منطقة خدمات عامة تدار لصالح الجماهير وفقا لرغبة سان لوران الذي كان يتحدث بحب عن عشقه للمغرب، الذي علمه الضوء واللون والذي أصبح موطنا مميزا له سواء على المستوى الأدبي أو الروحي.
ويمكن مشاهدة نباتات من خمس قارات في تلك الحدائق كما أنها تستضيف متحف الفن الإسلامي الذي يحوي المنتجات التي تمثل ثقافة المغرب والثقافة الإسلامية بصفة عامة. إن تلك الحدائق هي منتج من الحب.. للطبيعة، للون، للجمال، للمغرب، وفوق كل ذلك، للحياة.
نوام شيمل
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.