غريغوري غوس: الانتفاضات العربية "وحّدت" الدول الخليجية

غريغوري غوس: الانتفاضات العربية "وحّدت" الدول الخليجية

[caption id="attachment_1235" align="aligncenter" width="620" caption="غريغوري غوس "]غريغوري غوس[/caption]

يعمل إف غريغوري غوس الثالث أستاذا للعلوم السياسية في جامعة فيرمونت الأميركية. وهو خبير شهير في العلاقات الدولية في الشرق الأوسط، متخصص في شؤون شبه الجزيرة العربية والخليج العربي. تتضمن أعماله المنشورة «العلاقات الدولية في الخليج الفارسي» (2010)، «ممالك النفط: التحديات الداخلية والأمنية في دول الخليج العربي». (1994)، «العلاقات السعودية اليمنية: الهياكل الداخلية والنفوذ الأجنبي» (1990).

تحدث الأستاذ غريغوري إلى «المجلة»، حيث عرض أفكاره حول الصراعات الإقليمية لانتقال السلطة، والتهديد الذي يمثله التأثير الإيراني، وتقييد القمع السياسي، والأهمية طويلة الأمد لـ«القاعدة» وبقاء تحالف مجلس التعاون الخليجي.

وفي ما يلي نص الحوار:

«المجلة»: أمام الأحداث الأخيرة المذهلة في تونس ومصر والبحرين وغيرها، ما رأيك في تحول السياسة الإقليمية لإيران والسعودية، لا سيما في ما يتصل بعلاقة بعضهما ببعض؟

- أعتقد أن الخصومة بين إيران والسعودية تعود إلى ما قبل الأحداث التي وقعت في الأشهر القليلة الماضية. وأعتقد أنها الفكرة الرئيسة للسياسة الإقليمية منذ عامي 2007 - 2008. لا أدري كيف يمكن أن تتحول لأننا لا نعرف كيف ستتطور الأمور. ونحن نعرف بالتأكيد أن البحرين لن تخضع لتغيير الحكومة وهو ما كان سيعتبر إقليميا بالتأكيد نصرا لإيران. ولكن إذا سقط النظام السوري، ستكون هذه خسارة فادحة لإيران في منافستها الإقليمية على النفوذ. لذلك أعتقد أن الأمور ما زالت غير محددة. وأكثر ما أراه مثيرا للإزعاج هو زيادة الشعور بالطائفية في المنطقة. لا تغيب الطائفية عن المنطقة مطلقا، وفي مناطق مثل لبنان والعراق، حيث وقعت صراعات داخلية، أصبحت هذه الهويات الطائفية أكثر بروزا. ولكن ما نراه اليوم في دول الخليج هو مزيد من التأكيد على الهوية الطائفية، وأرى أن ذلك قد يسبب مشكلات كبيرة على المدى البعيد.

«المجلة»: ما هي تداعيات أو نتائج إجراءات مجلس التعاون الخليجي في ما يتعلق بالبحرين؟ هل تتنبأ بوقوع مشكلات طائفية.

- لست مندهشا بالتأكيد من تدخل السعودية وأعضاء مجلس التعاون الخليجي الآخرين في البحرين. لقد أدركوا أن هناك احتمالية لأن تسقط البحرين ولم يكونوا سيسمحون بوقوع ذلك، فهذا خط أحمر للسعوديين. ولكن رد الفعل البحريني جاء بعد ذلك مع دعم ضمني أو فعلي واضح من دول مجلس التعاون الأخرى، مما تسبب في خلق مشكلة لأن هناك غالبية شيعية في هذه الدولة، ولا يمكن لجم الغالبية على الدوام من دون المخاطرة بحدوث نوع من رد الفعل العنيف. من المؤكد أن هناك عناصر في إيران يسعدها استغلال ذلك بل وتشجيعه. لذا أعتقد أنه في حين قد يكون هناك استقرار في البحرين على المدى القصير، فإن الثمن قد يكون باهظا في المستقبل.

«المجلة»: في هذا الصدد، إلى أي درجة تعتقد أن مجلس التعاون الخليجي يبالغ في حجم التهديد الإيراني؟

- أعتقد أنه من الخطأ رؤية حركات الاحتجاج السياسية الداخلية كمجرد أداة للسياسة الخارجية الإيرانية. أتفهم المخاوف الجيوسياسية التي تمثلها إيران في الخليج، وهي ليست فقط حجم إيران وقوتها العسكرية وإمكانياتها النووية. أعني أننا نعرف محاولة إيران في الماضي لاستغلال الانقسامات الداخلية في الدول العربية. ونعرف أن إيران تدعم جماعات مثل حزب الله وأحزاب معينة في العراق وتحاول تعزيز نفوذها في العالم العربي. ونعرف أنه في الثمانينيات بذل النظام الإيراني جهودا كبيرة لتصدير الثورة إلى الخليج، لذلك من المفهوم أن الحكومات في الجانب العربي من الخليج تنظر إلى إيران بعدم ارتياح وريبة. ولكنهم يرتكبون خطأ حقيقيا باعتبار كل حركة احتجاج داخلية أو حركة سياسية تضم مواطنين من الشيعة أنها بدعم من إيران. سيصبح ذلك نبوءة تتحقق ذاتيا.

«المجلة»: في هذه الحالة، هل ترى أن هناك علاقة بين الأمن الإقليمي والداخلي؟

- أرى أن المشاكل الداخلية من الممكن أن تؤدي إلى مشكلات إقليمية. في هذه الحالة، سيقدم لإيران مجال جاهز لمحاولة السيطرة على السياسة في هذه الدولة، لذا هناك مخاطرة. وأعتقد أن إرضاء المواطنين وسيلة فعالة في منع تسلل إيران إلى الحياة السياسية في الدولة بصورة أفضل من سياسة القمع. بمعنى أنه سيكون هناك دائما توازن بين الترضية والقوة في أي نظام سياسي. إذا حدث ميل نحو جانب القوة – مثلما فعل البحرينيون – يبدو لي أن في ذلك مخاطرة بدفع أكثر الأنماط اعتدالا في المعارضة السياسية لاتخاذ مواقف قد تصبح إيران أكثر قدرة على استغلالها.

«المجلة»: ما رأيك في رد فعل كل من السعودية وإيران على الاضطرابات المدنية الراهنة في سوريا؟

- حسنا، يقف الإيرانيون موقفا محرجا، حيث إن عليهم مساندة حليف مقرب يقمع شعبه بالطريقة التي أدانها الإيرانيون عندما وقعت في البحرين أو مصر أو تونس. ولكن الحرج لا يؤدي غالبا إلى أن تغير الدول سياساتها الخارجية. لذا يبدو لي أن الإيرانيين سيقفون إلى جانب نظام الأسد – على عكس الأتراك – فهم غير ملتزمين بفكرة أن نفوذهم مرتبط بالحركات الديمقراطية في المنطقة، وأعتقد أن هذه رؤية أنقرة ولكنها ليست بالتأكيد رؤية طهران، التي أعتقد أنها ستستمر في مساندة الأسد.

«المجلة»: هل تعتقد أن موقف الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ضعيف؟ وما هي التداعيات الإقليمية لرحيله المحتمل؟

- في رأيي لا يمكن الدفاع عن موقفه. ولكن بالنسبة لشخص في مثل هذا الموقف، يبدو بالتأكيد أنه متمسك بمكانه لبعض الوقت. وفي ظل انقسام الجيش وانشقاق شخصيات قبلية بارزة عن النظام، أشك في أن علي عبدالله صالح يمكنه أن يستمر كرئيس لليمن لفترة أطول. ولكنني لا أعتقد أن هذا سيكون له آثار إقليمية هائلة. على الرغم من أن صالح رئيس لليمن – شمال اليمن ثم الدولة الموحدة – منذ عام 1978، فإن اليمن ذاته كان دائما مكانا غير مستقر نسبيا بحكومة مركزية ضعيفة. وأعتقد أن هذا سيستمر، لذلك لا أرى حقيقة أن بقاء صالح أو رحيله سيكون له أثر إقليمي هائل.

«المجلة»: إذا وضعنا ذلك في الاعتبار، بعد مقتل أسامة بن لادن أخيرا، هل تعتقد أن هذا سيكون له أي أثر كبير على تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أو إقليميا، داخل اليمن؟

- لا أعتقد أنه سيكون هناك تأثير كبير. أصبحت «القاعدة» إلى حد كبير تطبق اللامركزية بالدرجة الكافية لأن يستمر عملها في اليمن، لأن لديها جذورها المحلية ووسائل تجنيد خاصة بها. من الممكن أن يؤدي غياب بن لادن إلى صراع على السلطة في التنظيم المركزي لـ«القاعدة»، وقد يؤدي ذلك إلى مشكلات في انخفاض أعداد المجندين. ولكن يبدو، في ما يتعلق بالمستقبل القريب – سواء بالنسبة لـ«القاعدة في شبه الجزيرة العربية» أو «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» – أن هذه المخاوف مستمرة.

أعتقد أن «القاعدة» كانت على المدى البعيد في طريقها للانحسار في المنطقة. ولا أعتقد أن رسالتها الآيديولوجية حققت شعبية. لا أرى أنها كانت قادرة على تحقيق أي نجاحات في الأعوام الأخيرة. وأعتقد أنها كانت في وضع سيئ في الغالب. وأرى أن مقتل بن لادن إشارة أخرى في طريق انحدار «القاعدة». وفي احتمال على المدى البعيد، أعتقد أن أهمية «القاعدة» ستقل. ولكن في رأيي إن هذه الجماعات العديدة التابعة لـ«القاعدة» هي التي من الممكن أن تسبب مشكلات.

«المجلة»: إلى أي درجة يمكن أن تعيد السعودية تقييم علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وهل تعتقد أن الأحداث الأخيرة ستسمح لدول المجلس الأخرى – وبخاصة الكويت أو قطر – بالحصول على مزيد من النفوذ؟

- أعتقد أن الأحداث الأخيرة جمعت دول مجلس التعاون الخليجي معا، حيث تشترك الدول في شعورها بالتهديد جراء الاضطرابات الداخلية. ويأتي الصالح المشترك لأي نظام في الحفاظ على أنظمة الحكم، وهو ما أعتقد أنه الأساس الذي قام عليه المجلس. من المثير للاهتمام أن قطر أرسلت قوات إلى البحرين، معظم وسائل الإعلام ذكرت أن السعودية والإمارات أرسلت قواتها – وأعتقد أنها كانت أولى البعثات – ولكن أرسلت كل من الكويت وقطر أيضا بعض القوات إلى البحرين. لذلك تبدو هذه إشارة جيدة إلى أن الدولة المختلفة داخل المجلس – قطر- تشارك أيضا في هذه العملية. ونعرف أيضا أن قناة الجزيرة لم تغط بالفعل أحداث البحرين كما فعلت في مناطق أخرى، وفي ذلك إشارة أخرى إلى الموقف القطري من الأحداث. وأرى بالفعل أن تلك الأحداث ساهمت كثيرا في توحيد دول مجلس التعاون الخليجي بدلا من تفريقها.

أجرى الحوار مايكل وايتنغ
font change