شير هيفر يبحث التحولات الاقتصادية المحتملة في شرق أوسط جديد

شير هيفر يبحث التحولات الاقتصادية المحتملة في شرق أوسط جديد

[caption id="attachment_723" align="aligncenter" width="620" caption="رفض شعبي لبيع الغاز المصري الى "اسرائيل""]رفض شعبي لبيع الغاز المصري الى "اسرائيل"[/caption]في حوار مع «المجلة»، تحدث الاقتصادي الإسرائيلي، شير هيفر، حول بعض التأثيرات الاقتصادية للاضطرابات المدنية وتغير الأنظمة في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من كونه متخصصا في اقتصاد الأراضي الفلسطينية التي تحتلها "إسرائيل"، استكشف هيفر التغيير المحتمل للوضع الاقتصادي الراهن في المنطقة وكيف يمكن دفع الولايات المتحدة للسعي وراء استراتيجيات جديدة لممارسة نفوذها المتزايد، وقد تناول الفرص المتاحة أمام مصر في تبني نظام اقتصادي بديل، وأعرب عن اعتقاده بأن التغيرات المحتملة في العلاقة المستقرة بين "إسرائيل" ومصر يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة.

ومن المعروف أن رجل الاقتصاد لا يجب أن يقترن اسمه بالتحريض، فالاقتصاديون فئة من الناس ترغب في تحقيق الاستقرار الدائم، فيما يظل احتفاؤهم بالتغيير محدودا. ولكن هيفر ليس اقتصاديا تقليديا، فقد اشتهر بأنه ناقد شرس ومحلل لسياسات "إسرائيل" القمعية في الضفة الغربية وغزة. وبالتالي لم يصب بالتشاؤم عندما شهدت المنطقة تغيرات راديكالية مثل خلع الرئيس المصري حسني مبارك. بل كان ذلك سببا في شعوره بالحماس، فيقول: «أنا متحمس للغاية. يبدو أن ذلك انهيار أو على الأقل بداية انهيار نظام كان راسخا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدار عقود. نظام رسخته الولايات المتحدة أو ساعدت إلى حد كبير على ترسيخه للفصل بين ما تطلق عليه الأنظمة المعتدلة والأنظمة الراديكالية، وهو النظام الذي أصبح من خلاله أي نظام يتلقى المساعدات من الولايات المتحدة ويشتري الأسلحة منها نظاما معتدلا، وكل نظام لا يفعل ذلك يصبح راديكاليا، بغض النظر تماما عما يفعله ذلك النظام بشعبه ومدى ممارسته للديمقراطية بالداخل. وأعتقد أن ذلك النوع من الاضطرابات التي نشهدها الآن تجلب الأمل في وجود نظام جديد».

ووصولا إلى لب القضية، يثير هيفر قضية المساعدات العسكرية الهائلة التي تتلقاها مصر من الولايات المتحدة. فمن وجهة نظره، لا تواجه مصر تهديدا خارجيا خطيرا، وأن أسباب تلك المساعدات العسكرية ربما كانت، حتى الآن، موجهة ضد الشعب المصري. فالولايات المتحدة كانت طرفا في النظام العسكري لمبارك ولكن في ظل التزام الحكومة العسكرية بالتحول السريع، فربما تتخذ الولايات المتحدة مسارا مختلفا، وفقا لهيفر: «بعدما ثار الشعب المصري ضد النظام ربما يكون على الولايات المتحدة أن تجد استراتيجية جديدة».

وعلى الرغم من النظرة المتشائمة المنتشرة والمتعلقة بأن حمى الاضطرابات المدنية التي تعم الشرق الأوسط ربما تزيد الأزمة الاقتصادية سوءا - في ظل وصول نسبة البطالة إلى مستويات مخيفة - فإن هيفر متفائل بشأن المستقبل، ويعتبر الاستقرار مسألة نسبية. فبالنسبة له «فإن ما يطلق عليه عادة الاستقرار الاقتصادي والانتعاش الاقتصادي - بخاصة في العقود الأخيرة - كان احتكارا لرأس المال واستحواذ فئة معينة من الشعب على رأس المال. وطالما كانت أرباحهم مستقرة، فإنهم يصفون استقرارهم بـ(المستقر)».

وحول العالم - بخاصة في أيسلاندا وأيرلندا واليونان - فقد شوهد رفض للالتزام بتلك القواعد وهو ما تلاه انسحاب لرأس المال الأجنبي مما أدى إلى أزمات اقتصادية طاحنة. ولكن لا يجب أن يكون الأمر على ذلك النحو، ففي حالة مصر هناك إمكانات اقتصادية هائلة - بخاصة في ما يتعلق بقناة السويس وسد أسوان ونهر النيل، بالإضافة إلى العائدات الهائلة للقوى البشرية - سكان متعلمون ونظام تعليم جامعي قوي يضع مصر في مكان يؤهلها للحصول على العديد من الفرص التجارية. وذلك هو ما يجده هيفر مشجعا، حيث يقول: «هناك نظام اقتصادي بديل وأكثر من نظام، وعلى الشعب المصري اختيار أي نوع من الأنظمة الاقتصادية يمكنه أن يلبي تطلعاته على نحو أفضل وما هي أفضل طريقة لتعزيز التعافي، كما يجب توزيع الثروة على نحو عادل».

ويمكن أن يتم تجاهل المساواة والعدالة في عالم الاقتصاد الجاف، ولكن في النهاية، وبعيدا عن الأرقام والبيانات، تؤثر حياة الناس على التقلبات الاقتصادية.

ويشير هيفر إلى أن هناك سياسة واحدة للإدارة المصرية الجديدة تستحق الفحص وهي العلاقة التجارية غير المتوازنة مع "إسرائيل". فيقول: «على سبيل المثال، يمكنهم الاستمرار في بيع الغاز الطبيعي إلى إسرائيل بسعر منخفض للغاية مثلما كانوا يفعلون من قبل، وهو ما كان جزءا من استراتيجية مبارك لدمج نفسه مع "إسرائيل". ولكنهم إن فعلوا ذلك سيخسرون أموالا طائلة يمكن استخدامها لصالح الخدمات العامة».

وللأسف فإننا لا نستطيع الاحتفاء بمجمل العواقب الاقتصادية لما حققته الإدارة الشعبية في مصر حتى الآن. وعلى رغم أنه ما زال من المبكر المخاطرة والذهاب بالتكهنات بعيدا، يضع هيفر منظورين مختلفين للغاية حول حصار غزة، إذا ما أنهت الإدارة الجديدة علاقة البلاد المعقدة مع حصار القطاع.

في السيناريو الأول، يمكن إجبار "إسرائيل" على إعادة التفكير الشاملة في استراتيجيتها تجاه غزة نظرا لأن وجود ثغرة في الحصار على الحدود المصرية ربما يضعف من الإجراءات الأمنية والإجراءات المتعلقة بالجمارك.

وفي أفضل الأحوال، سوف يشتمل ذلك على إعادة تفاوض حول الشروط الاقتصادية مع الفلسطينيين والسماح بقدر أعلى من الانفتاح على الحدود. ولكن للأسف فإن الاقتصادي المتفائل دائما ما كان متشائما في ذلك الإطار، مشيرا إلى أن الناتج الأكثر ترجيحا «هو السيناريو الأقل تفاؤلا، وهو اعتماد إسرائيل ما كانت قد لوحت به إذا ما تم فتح معبر رفح. وهو أن تعزل غزة تماما عن الضفة الغربية وعن "إسرائيل" وأن تضع حدودا كاملة الإغلاق. وهو ما سيكون له آثار مدمرة على غزة».

مايكل وايتنغ- محرر.
font change