[caption id="attachment_220" align="alignnone" width="620" caption="عمرو موسى "][/caption]
هناك كثير من الأسئلة التي تحوم في سماء الشرق الأوسط هذه الأيام، الكثير منها يتعلق بعمرو موسى. فقد وجد عمرو موسى (74 عاما)، الدبلوماسي المصري الصريح، الأمين العام لجامعة الدول العربية، نفسه في مرحلة حرجة في تاريخه المهني. حيث تسعى مصر ما بعد مبارك للحصول على زعيم جديد، فيما يعمل أعضاء الجامعة العربية على التوسط لوقف إطلاق النيران في ليبيا. وفي الوقت نفسه، يقفز عمرو موسى بين الإشكاليتين مستخدما المراوغة الدبلوماسية التي اكتسبها عبر خمسة عقود من عمله.
بدأ موسى تاريخه الدبلوماسي في 1958 بعد تخرجه من كلية الحقوق بجامعة القاهرة مباشرة. وبعدما عمل في عدد من البعثات الدبلوماسية، عمل مستشارا لوزير خارجية مصر قبل أن يتم تعيينه في قسم المنظمات الدولية بالوزارة. ثم عمل نائبا لممثل مصر الدائم بالأمم المتحدة، ثم تم تعيينه ممثلا دائما في 1990.
وفي عام 1991، بدأ موسى فترته التي امتدت عشر سنوات وزيرا لخارجية مصر في نظام الرئيس حسني مبارك. وكان مبارك هو من ساعد على ترتيب تعيين موسى في النهاية أمينا عاما للجامعة العربية في 2001.
وعلى الرغم من أنه عمل في نظام مبارك لعقد كامل، فإنه تمكن ببراعة من أن لا يتم حسابه على المؤسسة. فكوزير للخارجية، تمكنت شهرته في النهاية من التغلب على نسبته لنظام مبارك، ويرجع الفضل في جانب كبير من ذلك إلى دفاعه المستميت عن فلسطين. حتى أن شعبان عبد الرحيم، المغني الشعبي المصري، خلد موسى في النهاية في أغنية تقول «أنا بكره إسرائيل وبحب عمرو موسى».
وعندما ألزمه مبارك بالتخلي عن منصبه قبل عشرة أعوام، تساءل كثير من المراقبين بصراحة عما إذا كان ذلك القرار يرجع في جانب منه إلى رغبة الرئيس في الحد من شهرة أعضاء مجلس وزارته. ومع ذلك، عادت شهرته للتزايد بعدما أصبح أمينا للجامعة العربية. وقد احتفى كثير من الناس في الجامعة العربية بمعارضته للغزو الأميركي للعراق، وهو ما تفوق على الاتهامات بالانحياز والعناد التي كان يثيرها ضده بعض زملائه.
وأخذا في الاعتبار شهرته العابرة للحدود، فلا يجب أن يكون مفاجئا أن كثيرا من الناس ينظرون إلى موسى باعتباره المرشح المحتمل للرئاسة بعد مبارك. ويراه المتحمسون له شخصية ملهمة، و ذا خبرة سياسية تمكن من تجنب الوصم بانتمائه لنظام مبارك، وشخصا يمكنه عبور الفجوة الواسعة التي تفصل بين النخبة السياسية في مصر والجمهور الانتخابي النشط والشاب.
وفي بداية فبراير (شباط)، ظهر موسى على نحو مفاجئ أمام المتظاهرين بميدان التحرير في القاهرة، حيث قوبل بالاحتفاء من قبل عدد كبير من المتظاهرين، وقد هتف بعضهم: «نرغب في أن تكون رئيسنا»، عندما اعتلى المنصة. وعلى الرغم من أنه كان دائما حذرا بشأن تطلعاته لمنصب الرئيس قبل أن يغادر مبارك منصبه، كان موسى أكثر إيجابية في ما يتعلق بمستقبله السياسي خلال الأسابيع الماضية، حيث ظل يذكر ناخبيه بأنه «لن يصبح مبارك آخر».
ومع ذلك فما زال من غير الواضح إذا ما كان موسى قادرا على الفوز بما يكفي من الأصوات من الناخبين المصريين المتغيرين أم لا. فما زال بعض الناس في البلاد يعتقد أن لديه صلات قوية بمبارك ويبحث آخرون عن مرشح نظيف ونقي بعيدا عن تاريخ مصر السابق.
ويقر موسى نفسه بالتحديات التي تقف بينه وبين المنصب الرئاسي. فأخيرا، أخبر الصحافيين أن مرشحا من الجيش سوف يكون له «فرصة أكبر في الفوز بالانتخابات» مقارنة بالحزب الحاكم. إلا أنه أعرب عن إحباطه من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يشرف على الفترة الانتقالية.
وحتى الآن فإن أكثر المخاوف التي تواجه موسى ليست الحملة الانتخابية ولكن ليبيا. فعلى الرغم من أن الجامعة العربية قد أعربت رسميا عن تأييدها لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بفرض منطقة حظر جوي على البلاد، يقال إن هناك بعض الدول الأعضاء التي تعيد التفكير في تأييدها لذلك القرار.
وكان موسى قد أعرب عن تشككه في التدخل الأوروبي والأميركي في ليبيا. ربما مستدعيا الصوت المناهض لأميركا الذي أكسبه شعبيه في ذروة الغزو الأميركي للعراق، فقد أعرب موسى بصراحة عن شكوكه بشأن نيات الغرب في المنطقة، وأكد على أن الجامعة العربية يمكنها أن تؤيد فقط العمليات العسكرية شريطة أن لا تغزو القوات الأجنبية ليبيا.
وكان موسى يشن حربا إعلامية ضد معمر القذافي الذي صرح ببعض التعليقات التي تدين الأمين العام للجامعة العربية. وقد أنكر موسى بدوره الاتهامات بأنه يتلقى هدايا فاخرة ويحصل على مخصصات من القذافي فيما كرر مزاعمه بأن الرئيس الليبي حاول اغتياله.
وبعيدا عن لعبة الشطرنج الدولية، هناك كثير من الأشياء التي على موسى حلها في مصر.. «أنا موجود من أجل بلادي»، ذلك ما قاله في عشية أحد الأيام في أوائل شهر فبراير (شباط) بميدان التحرير. «أنا مستعد للعمل كمواطن يمكن له أن يصبح مرشحا».
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.