[caption id="attachment_992" align="aligncenter" width="620" caption="حازم صاغية "][/caption]
"المجلة" التقت حازم صاغية الذي هو من أهم كتّاب الرأي والمحررين في صحيفة "الحياة". وهو كذلك واضع العديد من الكتب التي تتراوح في مواضيعها من حزب البعث العراقي الى الحرب الأهلية اللبنانية، وصولاً الى "حزب الله" وسلاحه. يعيش صاغية في بيروت وهو أحد مؤسسي "كلمن" وكتّابها، وهي مجلّة فصلية، تغطّي المواضيع السياسية والثقافية والاجتماعية في لبنان والمنطقة.
وفي ما يلي نص الحوار:
"المجلة": كيف تنظر الى الانتفاضات القائمة في المنطقة، وإلى ما ستؤدي برأيك؟
- أعتقد أنّ هذه الثورات جاءت نتيجة عوامل عدة. أحدها هو التناقض الموجود بين أنظمة متقدّمة في السن، وشعب في ريعان شبابه. تشبه مجتمعاتنا اليوم دور الحضانة، لجهة أنّ 60 و70 في المائة من الشعب دون سن الـ 25. وفي الوقت نفسه، الحكام إمّا يلفظون أنفاسهم الأخيرة أو يعيشون في المستشفيات. ففي سوريا، تأسّس نظام البعث عام 1963، وفي ليبيا، تمّ فرض نظام القذافي منذ عام 1969، وفي مصر، استلم حسني مبارك الحكم عام 1981 ولكنّه جاء الى السلطة منذ الانقلاب العسكري في تموز 1953، وغيرهم كثر. من الطبيعي إذاً أن ينفجر هذا التناقض.
العامل الأساسي الذي ساعد هذا الانفجار على الحدوث يتألّف بدوره من مظاهر عدّة. أحدها هو ثورة العولمة. هذا البعد الذي منحته العولمة جعل الناس حول العالم أقرب الى بعضهم البعض، وقادرين على رؤية ما يحصل في بقية أنحاء العالم، وعلى إجراء مقارنات بين مختلف البلدان والمجتمعات. والمظهر الثاني يتعلّق باتساع شريحة الشباب، ولأنّ الشباب يرتبط بالعزة والفردية والاستقلالية، بات من الصعوبة بمكان القبول بتوريث السلطة في ظل أنظمة يُفترض أن تكون جمهورية. وثالثاً، بلغت الأزمة الاقتصادية حداً غير مسبوق. ومن ثم يأتي أيضاً عامل الشعور بالإذلال على مستوى الوطن. فمثلاً، يبدو بلد مثل مصر لا يمتلك سياسة خارجية، والهم الوحيد لمصر هو كيف ستحارب السودان، أو مشكلة غزة، أو الشبكات المتعلّقة بـ "حزب الله". فالنظام "المخلوع" في مصر قلّل كثيراً من من أهمية مصر، ويمكن الشعور بهذه الحقيقة المرّة عندما تلاحظ أنّ مصر لم تعد لاعباً أساسياً في تشكيل صورة الشرق الأوسط.
"المجلة": ما هو مستقبل هذه الانتفاضات، هل ستؤدي الى دول حديثة قائمة على الديمقراطية الحقيقية وعلى الإصلاحات؟
- من الصعب الإجابة على هذا السؤال، لأنّ مقاربة هذه التحرّكات كما لو أنّها واحدة ونسخة طبق الأصل عن بعضها هو أمر مبالغ فيه أو على الأقل ليس دقيقاً كما يجب. فصحيح أنه يوجد شبه لجهة العناصر التي يتألّف منها الشعب، ولكن ثمة فروقات كذلك. في مصر مثلاً، قد تشكّل الأقلية القبطية التي لا يمكن تجاهلها، إذ تشكّل 10 في المائة من عدد السكان، مشكلة في بناء مستقبل لمصر، مستقبل قائم على نوع من التوافق. وينطبق الأمر نفسه على تونس، حيث يوجد تناقض في مستويات المناطق بين المنطقة الساحلية والصحراء، ولكن يبدو أنّ التونسيين سوف يتخطّون هذه الإشكالية، ربما بسبب التقدّم الذي أحرز خلال حكم بورقيبة والذي مكّن التونسيين من ردم هذه الهوّة.
ولكن الوضع يختلف في مجتمعات مثل اليمن، والبحرين، وليبيا. فهو أقرب الى الوضع في السودان من قربه الى مصر أو تونس، لجهة أنّه في هذه المجتمعات، التناقضات الطائفية، والدينية، والمناطقية هي أكبر بكثير منها في مصر أو تونس. فمشكلة البحرين هي بين السنة والشيعة. وفي اليمن، المشكلة هي بين الشمال والجنوب، وحتى داخل الشمال، ثمة صراع بين قبيلتي حاشد و بكيل. وفي ليبيا، يوجد الانفصال بين بنغازي وطرابلس. وهكذا، فإنّ الأنظمة الفاسدة والاستبدادية عملت جاهدة للحفاظ على هذه التناقضات، وتخليدها، وكذلك على الزيادة من حدتها، وهي للأسف نجحت في مسعاها هذا، ممّا ساعد على بقائها وصعّب من عملية إجراء أي تغيير. ولذلك، أعتقد بأنّ هذه الأنظمة أضرّت بالماضي (لأنها صنعت التاريخ) بقدر ما أضرّت بالحاضر (لأنّها حكمت الناس بطريقة استبدادية وفاسدة)، وكذلك بقدر ما أضرّت بالمستقبل (لأنّها مع هذه المشاكل التي أوجدتها، بات من الصعب جداً التطلّع بأمل نحو المستقبل).
"المجلة": شاباً، دعمت الثورة الإسلامية في إيران، والعام الماضي، ألّفت كتاباً تنتقد فيه ثقافة السلاح والمقاومة، كيف تعتقد أنّ ثقافة المقاومة تغيّرت خلال هذه الأعوام، وهل باتت هدفاً بحد ذاتها؟
- أعتقد أنّه بين الثورة الإيرانية عام 1979 وأيامنا هذه، حصلت أحداث غاية في الأهمية أظهرت شيئاً من الحقيقة التي كنّا غافلين عنها. أحد هذه الأحداث التي أثرّت علينا تتعلّق بالثورة الإيرانية نفسها لأنّها تحوّلت الى نظام ديني، لا يربطه بالعالم الخارجي إلاّ القليل القليل. إنه نظام قمعي، شبه ديكتاتوري، وفوق كل ذلك يدافع عن نفسه باستخدام وسيلتين، السلاح والعقيدة "الإديولوجيا".
ولا تنسي الحدث العظيم المتمثّل بانهيار الاتحاد السوفياتي والكتلة الشرقية، التي كانت قوية جداً من الناحية العسكرية، ولكن ما أن باتت قوّتها العسكرية أهم من أي شيء آخر حتى تداعت وسقطت.
إذن، هذه الظواهر القائمة على عقيدة الحرب والسلاح لا تستطيع الصمود في وجه التقدّ م الصناعي والتكنولوجي، القائم على وسائل الاتصال الذكية والتي بحوزة كل فرد، ولا بوجه الشباب الذي يواجه العنف باللاعنف. لا يمكن تجاهل هذا الميل لدى الشباب عندما تشاهد المظاهرات في مصر وتونس، وشعاراتها السلمية. فإذا ما أضفت هذه التجارب الى تجربتي الخاصة، الى ما كتبته، وما آمنت به، لا أعتقد أنّه من الصعب الوصول الى هذه النتيجة التي توصلّت إليها بشأن "المقاومة" اليوم.
"المجلة": ما هو الفارق الرئيس بين المقاومة والحرب الأهلية؟ أين تنتهي الأولى وأين تبدأ الثانية؟
- المقاومة غالباً ما تؤدي الى حرب أهلية. وفكرة أنّ بلدا ما موحّدا يجتاحه بلد آخر، فما يكون منه إلاّ أن يتوحد تحت راية المقاومة لمحاربة المحتل ليست سوى ضرباً من ضروب الخيال. ولا يوجد في التاريخ مثل ما يمكن أن يؤكّد هذه المقولة. وأعتقد أن السبب في ذلك هو عدم وجود توافق بين أفراد الشعب أنفسهم. ففي الحقبة التي تلت الاستقلال، لم يُبذل الجهد الكافي لبناء دول وأوطان حقيقية. فقد استمرّت التناقضات الموروثة من حقبة ما قبل الاستعمار، وتنامت، حتى بات بالكاد يوجد شيء يجمعنا، فما أن يأتي محتل من الخارج، حتى تجد بعض الطوائف والجماعات في ذلك ذريعة لكي تحمل السلاح، تحت ستار من الحداثة، تُطلق عليه اسم "التحرير"، ومن ثم تستخدم هذا السلاح إن لم يكن ضد إخوانهم في الوطن، فكرافعة تمنحهم اليد العليا في إملاء الوضع السياسي والسيطرة عليه. وقد يشعر آخرون بالتهديد والخوف جراء ذلك. وإن لم يؤد ذلك الى حرب أهلية، فهو سيبقى سببا لاندلاعها في أية لحظة.
المشكلة مع العقائد التوتاليتارية هي انّها تجعل من القتل عملاً بطولياً. هذا هو الفارق بين القول إنّي مضطر لفعل ذلك والقول إن المقاومة، والموت، والشهادة هي مبتغاي في الحياة. في ظل الديمقراطية، يكون هدفك العيش حياة أفضل، والعمل بشكل أفضل، وتحقيق المزيد، ولكي تحقّق إن لم يكن لنفسك فلأولادك تعليماً أفضل، وبيئة أفضل. وفي حال أراد أحد ما منعك من تحقيق ذلك، فعليك أن تتصدى له. ولكن هذه ليست الخطوة الأولى، بل تبدأ ممّا تريد تحقيقه. من جهة أخرى، لدى الفريق الاستبدادي أو شبه الاستبدادي، يكون الدافع الرئيس هو أنّك تريد محاربة العدو، وأميركا، وإسرائيل، والى ما هنالك، وهذا القتال هو قتال مجيد ومستحب.
"المجلة": لقد تعرّفت على مختلف العقائد والمفاهيم خلال حياتك السياسية في لبنان، هل تعتقد أنه لا يزال ثمة مكان لأي إديولوجية في المنطقة، أم علينا أن ننظر الى السياسة من زاوية أخرى؟ هل لا تزال الإديولوجيات قادرة على العمل؟
- أعتقد أن كل شيء يرتكز الى عقيدة ما، ولكن المشكلة تكمن انّه في المعنى الحديث فإن الإديولوجيات، يمينية كانت أو يسارية، أو قومية، أو ديمقراطية، أو اشتراكية، هي نتاج الحداثة. أما في لبنان وبعض البلدان العربية، فنعيش في حقبة ما قبل الحداثة، ولكن بالنسبة لي، فإن الأمر يتعلّق أكثر بحسنّا الفردي "الاستقلالي" ممّا يتعلّق ببرامج يمكن أن تُنفّذ في الواقع. وسأعطي مثالاً على ذلك، خذ الاشتراكية مثلاً. الاشتراكية تعني توزيع الثروة بطريقة ما، ولكن لكي تكون اشتراكياً، يجب أولاً أن تكون لديك دولة. ليس لدينا مثل هذا الشيء. والأمر الذي يدعو للضحك في كل ذلك هو أنّ كل سني تقريباً في لبنان يؤيد الليبرالية الجديدة في الاقتصاد، لأن الحريري يدعم هذا الاقتصاد، بينما كل شيعي هو اشتراكي التوجّه. في حين أنّ لا للسنة علاقة بالليبرالية الجديدة ولا للشيعة علاقة بالاشتراكية.
"المجلة": الى ماذا تحوّل إذا سعي الفرد للحصول على هوية؟
- إن الشرط الأساسي للمذهب القائم على الفردانية هو وجود دولة، وتوافق وطني. فمن دون دولة لا يستطيع أحد ان يحمي الفرد.
مع تداعي الامبراطوية العثمانية، انتقلنا نظرياً، الى مرحلة الدول القومية، ولكن كان لدينا شرخ بين الحقيقة حيث يوجد دول قومية لديها مناهج تعليمية، واعلام، ومجالس تشريعية، واقتصاد وطني، ولكنّهم "المواطنون" لم يدركوا هذه الحقيقة. ولذلك ظلوا يقولون البلدان العربية، الوطن العربي، والبلدان المسلمة، وغير ذلك. أشعر أنّه مظهر من مظاهر الغنى أن تشعر بالفخر لانتمائك الى مثلاً ثقافة عربية، وتقاليد إسلامية، والى منطقتك، وعائلتك، ووطنك.
إن كل مستوى من مستويات الانتماء هذه له أهميته، شرط أن يكون كل مستوى مهما في مجاله الخاص. فمثلاً، عندما يتعلّق الأمر بالسياسة، أنت لبناني أولاً، وعندما يتعلّق الأمر بالثقافة، أنت عربي قبل أي شيء آخر، وعندما يتعلّق الأمر بالانتماء الديني، تكون حينها سنياً، أو شيعياً، أو مسيحياً، وعندما تتحدّث عن المناطق، تقول إنّك تفضّل منطقتك، سواء أكانت في الشمال أو الجنوب، ولكن عليك أن تكون حازماً وصارماً، عندما تتناول المستوى السياسي. فالمستوى السياسي يعني الدولة القومية، ويجب ان تكون الأولوية لانتمائك الوطني.
"المجلة": ماذا عن العلمانية؟ هل باتت شرطاً لقيام دولة قوية؟
- إذا أردنا التحوّل الى العلمانية، وامتلاك دولة مدنية، علينا أن نتخلّص من تأثير الطوائف الدينية، وعلينا كذلك أن نتخلّص من سلاح "حزب الله". فلا تستطيع التخلّص من سلاح "حزب الله" من دون معالجة موضوع الطائفية. وحتى إن استطعت من الناحية العسكرية، وهي إمكانية شبه مستحيلة، فإن لم نقم بمحاصرة الطائفية ومنعها من أن تكون صاحبة اليد العليا في المجتمع، سيكون لدينا دائماً طائفة ما تريد حماية نفسها، طائفة يمكن أن تكون مسلّحة وتسعى لفرض جدول أعمالها على المجتمع. علينا أن نبني دولة حقيقية مصحوبة بتوافق وطني، علينا أن نمنح الأولوية للولاء للدولة وليس للقبيلة أو الدين.
"المجلة": "حزب الله"، والقاعدة، والجماعات السلفية المختلفة في العالم العربي، هل هي ظواهر ثقافية واجتماعية ثابتة ومستمرة أم عابرة؟ وماذا يمكن أن نفعل لمكافحتها؟
- في الواقع، إنها ظواهر مؤلفة من عوامل عدّة. هي ثقافية، واقتصادية، وديمغرافية، وتربوية، ولا يمكن عزل أحد هذه العوامل عن البقية. ومن شأن ذلك أن يساعدنا على تشخيص طريق الخلاص، أو الحل. أعتقد أنه يمكن مكافحة هذه الظاهرة فقط في حال قامت النخب الثقافية، والاقتصادية، والسياسية في المنطقة بوضع برنامج عمل متعدّد الأبعاد. ويجب أن يرتكز هذا البرنامج على الحس الوطني، وأعني بالحس الوطني هنا أن يكون ولاؤك للدولة الوطنية. فالوطنية ليست الغلو في التعصّب للوطن، أو العنصرية، أو العدائية. بل هي السبيل الأصلح للعيش في مجتمع عصري، حيث يوجد نسيج واحد يجمع أبناء الوطن الواحد ببعضهم البعض. لا نستطيع العيش من دون حكم القانون، ولا من دون جواز سفر، ولذلك نحن بحاجة الى دولة، والعالم مؤلف من دول عدة. فنحن ممثلون في الأمم المتحدة كدولة، ولسنا ممثلين كدولة عربية، أو دولة إسلامية. هذا هو واقع العالم المعاصر الذي نعيش فيه. علينا كذلك ان نشدّد على الاستقرار، وحينها ستتداعى الحروب، والمعارك، والتوترات، والأفكارالمتطرفة.
الحروب تحتاج الى رجال وليس الى نساء، هي بحاجة الى مقاتلين وليس الى مثقفين، والأهم من كل ذلك هي أنّها تحتاج الى صلة وصل قوية بالأصالة والإرث، لأنك عندمت تصبح مقاتلاً عسكرياً، يكون عليك أن تشدّد على ما يتعلّق بالأصالة في تاريخك. والإسلام يأتي في صلب سجّل الذكريات هذا، ولذلك لا يمكنك أن تقول أريد أن أصبح علمانياً ومقاتلاً في الوقت عينه، وكل التجارب في العالم العربي المسلم تخبرنا أنّه خلال الحروب، والتوترات، والاضطرابات، ينتصر المتشدّدون والمتدينون على العلمانيين، والمتحررين، واليساريين، وكل نتاج الحداثة.
بالإضافة الى ذلك، علينا ان نعيد تأهيل شعارات العلمانية. ولكي ننجح في ذلك، علينا أن نكون مستعدين للمساعدة على الإنعاش الاقتصادي. أي علينا أن نعالج مشاكل الفقر والتفاوت الاقتصادي في المجتمع. على سبيل المثال، علمنا أن حسني مبارك سرق 70 مليار دولار، لا يسعنا إلاّ أن نعتبر أنّ هذه الأموال كان من الممكن أن تطوّر مصر وتنمّيها. عندما أفكّر في ذلك، تخطر على بالي هذه البروباغندا الغبية المعادية للإمبريالية التي تسوّق لفكرة أنّ الغرب يسرقنا، في حين أن حكّامنا هم من يقومون بذلك. فهذه الأموال الضخمة التي سرقها هؤلاء الديكتاتوريون العرب كان يمكن أن تخلق ثورة اقتصادية غير مسبوقة في المنطقة.
"المجلة": ماذا عن الصراع السني- الشيعي الذي اوجدته الحركات المتطرفة في المنطقة؟ ما مدى صحة هذا الصراع على المستوى السياسي اليوم؟
- المشكلة السنية- الشيعية ليست مشكلة دينية، بل طائفية. إنها الطائفية، وثمة فارق بينهما. إذ يمكنك ان تكون كافراً وطائفياً في الوقت عينه، أي أن تكون غير مؤمن بالله، ولكنّك متمسّك بالطائفة التي تنتمي إليها.
هذه المشكلة تتعلّق بشكل من أشكال التضامن أو التكافل الأوتوماتيكي بين بعض المجموعات، هي نوع من صلة القرابة التي تجمع عددا كبيراً من الأشخاص فينتمون الى جماعة واحدة ويتطلعون للحصول على حصة أكبر وعلى تقدير أكبر. وبهذا المعنى، لا أميل الى مقاربة المشكلة السنية- الشيعية كموضوع ديني، بل باعتبارها من نتائج غياب الدولة والتوافق الوطني.
"المجلة": وفي خضم كل ذلك، أين يكمن دور المثقف؟
- يكمن من خلال تعبيره عن رأيه بقدر ما يستطيع، وبقول الحقيقة والحق، وعدم اتباع الأساليب الشعبوية والبدء بالتنظير للشعب ولميوله العسكرية، فقط لأنها شعبية، أو انصياعاً لرغبة القوي "وخوفاً منه". إن طريق المثقفين والمذهب المنادي بالتزام العقل وأحكامه يجب أن يعيدا على الأقل أفكار التنوير، والتقدّم، وبناء دول قومية، ومساواة بين الجنسين، ودور القانون، والسلام، لأن المذهب العقلاني يزدهر فقط في مناخ سلمي. فالحروب هي العدو الأكبر للعقلانية والثقافة حيث لا يعود من الممكن تطوير أفكار جديدة، والاستقرار ينتج عن السلام، لا يمكن أن تعيش الاستقرار وأنت تشن حرباً. لذلك، فالسلام ومن ثم الاستقرار هي الأفكار التي يجب أن يدافع عنها المثقفون ويعملوا على تعزيزها، ولكن للأسف هذا لا يحصل في العالم العربي.
حوار: حنين غدّار
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.