[caption id="attachment_595" align="aligncenter" width="620" caption="الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في حديث مع رحيم مشائي"][/caption]
«من دون إيران، يضيع الإسلام»، ذلك هو ما قاله رئيس الأركان أسفنديار رحيم مشائي في أغسطس (آب) من العام الحالي، وهو ما أثار سيلا من انتقادات الشيعة المحافظين.
وبالنسبة لخصومه، كان التعليق دليلا إضافيا على سلوك مشائي المندفع والمثير للخلاف. وباعتباره الذراع اليمنى للرئيس الراديكالي المحافظ محمود أحمدي نجاد، أثار مشائي غضب الفصائل الدينية في الحكومة من خلال تبنيه لآيديولوجيا وطنية إيرانية تفوق تبنيه للآيديولوجيا الشيعية. وتفسر سياسات مشائي المثيرة للمشكلات والأقرب للعلمانية طلب المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي إقالته من منصب نائب الرئيس في أعقاب انتخابات 2009. وعلى الرغم من أن أحمدي نجاد لم يستجب للطلب، فقد استقال مشائي خشية حدوث اضطرابات سياسية.
وتعد المزاعم بعلمانيته تحولا غريبا مقارنة بماضيه المحافظ للغاية. فقد كان إبان مراهقته يصقل مهاراته الخطابية من خلال حفظ القرآن الكريم في مراسم دينية عامة. وعندما كان في الثامنة عشرة من عمره، تأثر بالثورة الإيرانية حتى أصبح ينظم المظاهرات ويوزع المنشورات التي تؤيد آية الله الخميني، الأب المؤسس للجمهورية الإيرانية الإسلامية.
ثم حصل مشائي على درجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية. ثم انضم لحرس الثورة الإيراني، وهو فرع النخبة العسكرية الذي كان أحمدي نجاد عضوا سابقا به أيضا. وعلى الرغم من أن الاثنين لم يعملا في الحرس الثوري معا فإنهما التقيا في بداية الثمانينيات عندما كان مشائي عميلا لاستخبارات الحرس الثوري وكان أحمدي نجاد محافظا لمدينة أذربيجان الغربية. وعندما أصبح أحمدي نجاد حاكما لمقاطعة أردبيل في 1993، طلب من مشائي أن ينضم لإدارته.
من الإشراف على محطات الإذاعة والتلفزيون إلى العمل وزيرا للداخلية، خدم مشائي الحكومة في مناصب مختلفة خلال تاريخه السياسي. ومنذ تم إجباره على الاستقالة من منصب نائب الرئيس في 2009، تم تعيينه في 17 منصبا حكوميا مختلفا. كما عزز زواج ابنة مشائي من ابن أحمدي نجاد في 2008 من الروابط السياسية مع الرئيس التي يصفها الإصلاحيون بأنها تحمل قدرا من محاباة الأقارب.
وتتضمن أخطاء مشائي الأخرى من حيث تعارضها مع كونه محافظا، حضوره لاحتفالية في تركيا في 2007 كانت بها راقصة. كما أنه أصدر تعليقات علنية موالية لإسرائيل والولايات المتحدة في 2008 تعارضت مباشرة مع آيديولوجيا حكومة أحمدي نجاد. وبعد تلقيه لانتقادات حادة، سحب مشائي تصريحاته.
وعلى الرغم من أن مشائي أصبح عبئا سياسيا، أخبر أحمدي نجاد الصحافيين أخيرا أن لديه ثقة عميقة في مساعده. ولكن مشائي ربما يكون السبب في فقد أحمدي نجاد لمساعديه النافذين. وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أصدر الحرس الثوري تقريرا قاسيا يوبخ فيه الرئيس لأنه ليس محافظا بالقدر الكافي، ولأنه يتسبب في انقسامات بين الفصائل المحافظة. ويلقي رجال الدين باللوم على مشائي متهمين إياه بعرقلة أجندة أحمدي نجاد الراديكالية. وقد كرر كبار رجال الأعمال الإيرانيين تلك التعليقات، خشية أن يكون لخطاب مشائي المثير للجدل تأثيرات سلبية على التجارة. كما كانت هناك أيضا إشاعات حول عمل مشائي مع الحركة الخضراء، وهي المجموعة الإصلاحية.
إذن ما سر التحالف المستمر بين الرئيس ومشائي؟
يعتقد بعض المحللين السياسيين أن أحمدي نجاد يرشح مشائي الذي يبلغ خمسين عاما لكي يكون رئيس إيران التالي، وبالتالي يعزز نفوذه في الشؤون الحكومية حتى يمكنه إعادة الترشح مرة أخرى. ولكن حتى الذين يرغبون في التخلص من مشائي ضمن فريق أحمدي نجاد يقولون إنه ليس محافظا بالقدر الكافي. وخلال الشهر الماضي فقط، كان هناك شريط فيديو يظهر كبار النواب وهم يمزقون ملصقات كبرى تحمل صورة مشائي، كفعل رمزي يعبر عن غضبهم المتزايد وكدليل على اتساع الصدع بين فصائل المحافظين. ولكن نظرا لأن التعيينات السياسية كافة يجب أن تمر على المرشد الأعلى، فإنه من المستبعد أن يفوز مشائي برضا خامنئي.
ومع ذلك، يبدو أن نفوذ مشائي يتزايد في إدارة أحمدي نجاد، وهو يتحدث عادة نيابة عن الرئيس. وفي مارس (آذار) 2010، أجرت «ذانيويوركر» حوارا معه حول انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد. وكانت عصبية مشائي تتزايد خلال الحوار، حيث كان يشن هجوما حادا على الغرب لجذب الانتباه بعيدا عن إيران.
كما أنه انتقد دول الشرق الأوسط المجاورة التي تعد، وفقا لمشائي، أقل تقدمية في ما يتعلق بقضايا المرأة. ولكن ذلك، على أي حال، يصدر عن رجل يبرر عقوبة الرجم بالحجارة المثيرة للجدل وهي العقوبة التي تطبق على المرأة التي تدان بالزنا في إيران.
وباعتباره عضوا في الفريق الدبلوماسي لأحمدي نجاد، الذي يرأسه المرشد الأعلى، يمثل مشائي أيضا البلاد في موقفها النووي. وقد قال إن البرنامج يستهدف فقط تخفيض تكلفة الطاقة وإن البلاد لا تنوي تسليح تلك التكنولوجيا. ولكن رفض إيران الصارم لمعاهدة منع الانتشار النووي منذ 2003، والذي لم يتأثر بالعقوبات الاقتصادية القاسية، عزز المخاوف الدولية بشأن طموحات البلاد.
ويتمثل ذلك الموقف العنيد تماما في شخص مشائي الذي قال: «إن القضية النووية هي رمز للصمود الإيراني». وأكد أن البلاد لن تلين في مساعيها. ومع ذلك، عبر الرئيس أحمدي نجاد في الأسابيع الأخيرة عن اهتمامه باستمرار المفاوضات المتعددة الأطراف شريطة أن تؤدي إلى إضفاء الشرعية على برنامج إيران. وتشير تلك التناقضات الدبلوماسية إلى تزايد الصراع على القوة والصعوبات في التواصل داخل الحكومة الحالية.
ولحسن الحظ بالنسبة لأحمدي نجاد، يقول المحللون إنه لا توجد دلالات واضحة على أن المرشد الأعلى سوف يسحب تأييده الرئاسي بسبب سلوك مشائي، إذا ما تم النظر إلى تقرير الحرس الثوري باعتباره امتدادا لرؤى خامنئي. وعلى نفس الصعيد، كان لدى الفصائل المحافظة في إيران أشياء أخرى تتجادل حولها غير الخلاف حول أحد السياسيين ومن غير المرجح أن يحل رحيل مشائي المشكلات. وربما، يكون من الأفضل، حتى الآن، أن يعمل الرئيس أحمدي نجاد على إبقاء مستشاره، وصديقه الوفي على مقربة منه.
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.