نموذج العائلة الحاكمة في الجمهورية الإسلامية

نموذج العائلة الحاكمة في الجمهورية الإسلامية

[escenic_image id="5548216"]

هم خمسة أشقاء، عرفوا بأن لديهم حاسة شم قوية لاقتناص الفرص في بازار السلطة والنفوذ، مستفيدين من موقع والدهم الرفيع  في المؤسسة الدينية كمرجع كبير، والزيجات " الكبرى" التي جعلتهم من الأسر الراقية في إيران، وهم يجمعون بين علوم الدين والدنيا، ليمسكوا بأرفع المقامات والمسئوليات الحساسة في نظام الجمهورية الإسلامية. وهم اليوم في صدارة الأسر الكبيرة  في تاريخ العائلات التي فرضت هيمنتها على سدة بعض المناصب في الحكومة في عهد ما بعد الثورة في إيران.

ويمكن القول: إن أسرة الإخوة " لاريجاني"  أصبحت  بمرور الوقت حزبًا أسريًا وواحدًا من مراكز القوة على  شاكلة الأحزاب الخاصة، وباتت تحرك تيارًا مناهضًا  للإصلاحات، وطرحت نفسها كمنقذ للتيار المحافظ  من خطر الحركة  الإصلاحية، ومن الزعماء الإصلاحيين، و تقوم كذلك بالدفاع عن أربعة أصول متشددة ومحافظة هي؛ حكومة العائلات والنظرة التقليدية للدين الرسمي في البلاد، وتقديس الملكية الخاصة والنظم الاستبدادية، بعد أن أصبحت أسرة لاريجاني ركنًا أساسيًا من أركان السلطة في إيران.


الإخوة الخمسة "علي وصادق ومحمد جواد وباقر وفاضل، تقلدوا مناصب متعددة في الجمهورية الإسلامية، ليس عن طريق الانتخابات فحسب بل عن طريق تنصيبهم بسبب تقربهم التدريجي إلى رأس الهرم في النظام، آية اللـه علي خامنئي، الذي يملك وحده حق التعيين في المؤسسات التي تتعامل خارج نطاق القانون:


فالأخ الأكبر محمد جواد، المعروف برجل الدبلوماسية في النظام، والمنظّر الفكري للتيار الديني المتشدد وعموم المحافظين التقليديين، يعمل مستشارًا لرئيس السلطة القضائية الذي يشغله شقيقه صادق. وعلي يتولى منصب رئيس السلطة التشريعية، وباقر يشغل موقع رئيس كلية راقية متخصصة في الطب بجامعة طهران. أما الأخ الأصغر "فاضل" والمعرف بالدبلوماسي الهادئ، والذي كان يعيش في كندا طوال السنوات الماضية، فيشغل الآن عضوية العديد من المجالس الإستراتيجية والمراكز العلمية.
وتعود جذور آل لاريجاني إلى قرية " پردمه " من توابع مدينة لاريجان، في مازندران في شمال إيران، ووالدهم آية اللـه العظمى الراحل؛ " ميرزا هاشم آملي " كان من علماء الدين البارزين في الحوزة الدينية، وكان أحد طلاب " ميرزائي نائيني" ومدرسًا لعلماء دين آخرين أصبحوا مراجع وشخصيات نافذة في النظام، منهم  " ناصر مكارم الشيرازي " ، " عبد اللـه جوادي آملي " ، " حسن حسن زاده آملي" ، " محمد گيلاني " ، " مرتضى مفتح " ، " مصطفى محقق داماد " ، "محمد يزدي".

 

وبسبب ضغوط الشاه  على علماء  الدين، قام لاريجاني الأب في عام 1932، بالهجرة إلى النجف  بالعراق، وعاش هناك لثلاثة عقود، ولهذا السبب  ولد جميع أبنائه في النجف، أما أمهم  فهي بنت أحد المجتهدين في مدينة بهشهر في محافظة مازندارن بشمال إيران، وهو " آية اللـه سيد محسن أشرفي".


وإثر الثورة غيرت أسرة  " آملي " اسمها العائلي إلى " لاريجاني ".


 بعد ثلاثة عقود قضاها "لاريجاني" الأب في الغربة عاد إلى إيران، لكن هذه المرة اختار الإقامة في مدينة قم الدينية، ومكنت هذه الهجرات الإخوة الخمسة من الدراسة وفي سطوح عليا، في  الحوزات العلمية، بالإضافة إلى تحصيلهم الجامعي .ماعدا " باقر " و " فاضل " اللذين  أكملا دراستهما الحوزوية فقط في مراحلها الابتدائية.


وحصر آل "لاريجاني"  مصاهراتهم بالأسر من علماء الدين المشهورين، فقد بدأ "لاريجاني" الأب هذه المصاهرة بزواجه من ابنة " آية اللـه أشرافي"

وتزوج " علي " من ابنة " آية اللـه مرتضى مطهري "  و "صادق" تزوج من ابنة " آية اللـه العظمى وحيد خراساني " و" باقر" تزوج من ابنة " آية اللـه حسن زاده آملي" وتزوجت البنت الوحيدة في أسرة "لاريجاني" من أحد طلبة "لاريجاني" الأب، وهو"  آية اللـه  مصطفى محقق داماد "  والذي كان ولسنوات عضوًا في المجلس الأعلى في القضاء، ورئيس دائرة التفتيش المركزية، وانتقد أخيرًا صهره  صادق لاريجاني بسبب موافقته على إعدام شابين بحجة المشاركة في الاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية، التي اندلعت في يونيه/حزيران الماضي، وخاطبه :" لوّثت يديك بدماء الأبرياء".
كذلك فإن النائب البرلماني الأصولي البارز " أحمد توكلي" هو ابن خالة الإخوة "لاريجاني" .


 رجل الظل


الأخ الأكبر محمد جواد ـ 59 ـ شخصية إستراتيجية أصولية يلقبونه برجل الظل للدبلوماسية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو الرجل المتحرك خلف الستار. ويعتبره كثيرون الشخصية الأكثر إثارة للجدل.
دخل محمد جواد بعد تخرجه في الحوزة العلمية في شبابه جامعة شريف الصناعية لدراسة هندسة الكهرباء، وتوجه بعد بعدها إلى بركلي في الولايات المتحدة الأمريكية، وحصل على  درجة الدكتوراه، وعاد بعد انتصار الثورة الإسلامية إلى إيران، وانخرط بشكل سريع في المجال السياسي.

وأثناء رئاسة " مير حسين موسوي" للوزراء، كان " محمد جواد " يتولى منصب مساعدٍ في الشئون الدولية بوزارة الخارجية وكان إلى جانب "علي أكبر ولايتي" يدير الدبلوماسية الخارجية للجمهورية الإسلامية، و ترك بعدها وزارة الخارجية بسبب موقفه من فتوى قتل " سلمان رشدي"، لكنه ظل يعمل في الظل، حيث عرف  برجل الدبلوماسية الخفية، لكن بعد ثمانية أشهر من توقيع إيران معاهدة وقف إطلاق النار مع العراق العام 1988، تسربت معلومات عن أن جواد تم طرده من وزارة الخارجية نهائيًا بقرار من وزارة الاستخبارات بسبب خلاف بينه وبين وزير الخارجية آنذاك " على أكبر ولايتي " واكتشاف مباحثات سرية أجريت بينه وبين دبلوماسيين أجانب دون أي تنسيق مع مرءوسيه.

 ومن الأحداث المهمة التي ميزته آنذاك، سفره إلى موسكو في ديسمبر/كانون أول من عام 1988، برفقة أحد تلاميذ والده، وهو ( آية اللـه جوادي آملي ) من أجل تسليم رسالة من " الإمام الخميني إلى "ميخائيل جورباتشوف " آخر رئيس للاتحاد السوفيتي.

وكان "محمد جواد لاريجاني " نائبًا في البرلمان الإيراني في دوراته الثانية والرابعة والخامسة قبل أن ينتقل إلى السلطة القضائية كمستشار أعلى، إضافة إلى أنه كان عضوًا من ثلاثة أعضاء يشرفون على إدارة مؤسسة الإذاعة والتليفزيون أثناء إدارة محمد هاشمي" شقيق رفسنجاني" لها، وأسس مركز " دراسات الأقوام البشرية" لتقديم تقارير إستراتيجية لأولي الأمر.

ثم أصبح مستشارًا للأمن القومي، وهو منصب ابتكره محمد جواد أملًا في أن يصبح " هنري كيسنجر" الجمهورية الإسلامية، لكنه فشل تمامًا، وأثناء سباق  الانتخابات الرئاسية عام 1997،  دعم كبقية المحافظين ـ كانوا يسمون اليمين الديني ـ علي أكبر ناطق نوري" والذي كان ينافس الإصلاحي (اليسار الديني)  " محمد خاتمي "، إذ  كان  محمد جواد حينها يترأس مركز الدراسات في مجلس الشورى الإسلامي ( البرلمان)، والتقى سرًا  في  رحلة إلى لندن بالمدير العام لوزارة الخارجية البريطانية "نيك براون " وعرّف نفسه على أنه أحد المعارضين لعملية اقتحام السفارة الأمريكية في طهران في نوفمبر/تشرين ثان، 1979، ويعارض الفتوى الصادرة ضد " سلمان رشدي " و نقل له أن فوز اليمين في الانتخابات سيضمن مصالح بريطانيا والغرب في إيران، وفي ذلك  اللقاء المثير للجدل أظهر " محمد جواد لاريجاني" صورة راديكالية ومتطرفة لمناصري " خاتمي" حتى يضمن دعم البريطانيين لليمين في إيران من أجل الفوز بالانتخابات الرئاسية.

وهو الآن يعمل مستشار رئيس السلطة القضائية، وسكرتير عام لجنة حقوق الإنسان في السلطة القضائية، ورئيس مركز البحوث للفيزياء النظرية والرياضيات.

 

وذهب " محمد جواد " إلى جنيف "الشهر الماضي" لكي يمثل إيران في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هناك، وأثناء لقاء صحفي هناك قال: لا يسجن أحد في إيران بسبب الاحتجاج إلا إذا استخدم المحتجون العنف، في الاحتجاجات الأخيرة التي ذكر أنها  تسببت في قتل 20 من أفراد الباسيج و13 مدنيًا.

ويعتقد الخبراء بأن "محمد جواد لاريجاني" قام بصياغة الأطروحة و المفهوم السياسي بشكل مختلف تمامًا، بحيث فصل فيها مفهوم مقبولية النظام عن مفهوم شرعيتها. وهو فصل يفتح الباب واسعًا أمام اليمين المحافظ في إيران لممارسة التسلط والاستبداد العلنيين من أجل المحافظة فقط على السلطة.
 علي لاريجاني


رجل هادئ بمناصب مثيرة للجدل
هو الأخ الثاني 53 عامًا، لكنه أكثر أفراد الأسرة شهرة في إيران، في عام 1957، تزوج وهو في سن العشرين من ابنة المفكر الإسلامي المعروف " مرتضى مطهري"، فعلاوة على دراسته الحوزوية ودراسة الرياضيات والكمبيوتر والفلسفة، انضم إلى الحرس الثوري وهو في سن 24 ثم أصبح الرئيس العام للقسم الدولي ثم رئيسًا لمركز الأخبار في هيئة الإذاعة والتليفزيون، ليسلك بعد ذلك طريقه في الوظائف القيادية متقلدًا منصب وكيل وزارتي الأشغال والمواصلات حتى أصبح نائبًا لقائد الحرس الثوري.


وأثناء فترة رئاسة " رفسنجاني في عام 1991، تقلد علي لاريجاني منصب وزير الثقافة والإرشاد خلفًا لمحمد خاتمي، الذي كان قد استقال من هذا المنصب بسبب خلاف بينه وبين رفسنجاني آنذاك، و بقي " على لاريجاني " في هذا المنصب إلى أن عينه المرشد "على خامنئي" في منصب رئيس هيئة الإذاعة والتليفزيون.


 كان علي لاريجاني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، وهو الذي كان كبير المفاوضين في الشأن النووي الإيراني، وفي الوقت الحالي يشغل منصب رئاسة البرلمان، وهو أحد أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام وعضو في المجلس الاستشاري الأعلى للثقافة.


 تليفزيون لاريجاني والفساد


في إيران يعتبرون فترة تولي " علي لاريجاني " رئاسة هيئة الإذاعة والتليفزيون والتي طالت لعشر سنوات مختلفة من كل النواحي، ففي حين شهدت هذه الفترة الكثير من التغييرات، ازداد عدد القنوات التليفزيونية من ثلاث إلى سبع، وأحدث نوعًا من النظرة الأحادية الجانب في الهيئة بحيث كانت تروج لسياسة معاداة الإصلاحيين والمشروع الإصلاحي؛ وانتُقد بشدة بشكل غير مسبوق بسبب هذه السياسات.


دار أيضًا الحديث حول الفساد المستشري داخل الهيئة الخاصة للمرشد، بحيث دفع البرلمان في دورته السادسة والذي كانت تسيطر عليه الأغلبية من الإصلاحيين، إلى طلب إجراء تحقيقات في هذا الخصوص، لكن مجلس الخبراء منع هذه الجهود والتحركات بحجة أن " المرشد فوق الكل و(القانون)"، لكن مع ازدياد إصرار النواب في البرلمان استسلم المرشد لهذا القرار واشترط على البرلمان الخوض فقط في ثلاث مسائل هي: " الميزانية و طريقة صرف الأموال فيها والدخل الناتج عن عرض الإعلانات" و" مشتريات الهيئة من الخارج البلاد" و" إهداء الهدايا".


 ولم تتعاون الهيئة حتى في هذا الخصوص، فحصلت انتهاكات ومضايقات لعمل البرلمان بشكل أعاق التحقيقات وتسبب في تأخر صدور النتائج النهائية مدة عام كامل؛ بحيث قامت كل من هيئة الإذاعة والتليفزيون بتهديد البرلمان بمحاكمة المسئولين عن هذا الملف ما  لم تتوقف هذه الإجراءات. وامتدت التحقيقات إلى البرلمان في دورته السابعة بهيمنة المحافظين، ثم أغلق نهائيًا دون الوصول إلى نتيجة.


إلا أن ما كشفه تقرير أصدره البرلمان السادس عن نتائج بعض ما قام به من تحقيقات يقول فيها : انه استطاع فقط التحقيق في خمسة من أصل 200 حساب مصرفي خاص بالهيئة وتم رصد مخالفات مالية تصل قيمتها الإجمالية إلى قرابة خمسة مليارات، و250 مليون دولار أمريكي.


 لكن " علي لاريجاني" سخر من هذا التقرير، ثم بدأت الهيئة ببث برنامج كان يقدمه رجل الدين المتشدد جدًا ضد الإصلاحيين "روح اللـه حسينيان" بعنوان "المصباح" اتهم فيه الإصلاحيين بضلوعهم في جرائم القتل التي استهدفت صحفيين وسياسيين، وعرفت باسم " القتل المتسلسل" ونسب إلى أحد الضالعين في هذه الجرائم باسم " خسرو  خوبان" بأنه واحد من الإصلاحيين.


 ولم يكن الفساد وحده هو الملاحظ على أداء هيئة الإذاعة والتليفزيون في فترة رئاسة علي لاريجاني، بل يثير الكثير من الانتقادات خصوصًا دورها في تشويه البرلمان ذي الأغلبية الإصلاحية، بل وتشويه الإصلاحيين بشكل عام، وعدم التغطية الإعلامية لأداء حكومة خاتمي بشكل موضوعي ومنصف، والاستهزاء بالنواب الإصلاحيين خصوصًا عند استقالة عدد منهم اعتراضًا على بعض إجراءات مجلس صيانة الدستور المهيمن عليه متشددو المحافظين.


المجلس الأعلى للأمن القومي


 حتى بعد تركه هيئة الإذاعة والتليفزيون، احتفظ بعضويته في مجمع تشخيص مصلحة النظام والمجلس الأعلى للثقافة، وفي 25 مايو/آيار 2004، أصدر المرشد قرارًا بتنصيب " علي لاريجاني " كممثل له في المجلس الأعلى للأمن القومي، كذلك شارك في الانتخابات الرئاسية التاسعة 2005، والتي تلقى فيها خسارة قاسية.


 وعندما وصل أحمدي نجاد إلى منصب الرئاسة قرر تنصيب " علي لاريجاني " كأمين عام مجلس الأمن القومي، وكبير المفاوضين في فريق المباحثات في الشأن النووي الإيراني،  وبمهارة فائقة تمكن "لاريجاني" من نقل صلاحيات السياسة الخارجية من وزارة الخارجية إلى  المجلس الأعلى للأمن القومي، لكن في خريف 2007، قدم استقالته بسبب خلافات مع الرئيس أحمدي نجاد، الذي قبلها هذه المرة، رغم رفضه لها مرات سابقة.


وأرجع الخبراء الخلاف إلى أن الرئيس أحمدي نجاد صرح بأن نقل ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن الدولي، يعني أن على إيران أن تدير ظهرها للمفاوضات، في الوقت الذي كان " علي لاريجاني" لا يزال يتفاوض مع " خافيير سولانا "، المفوض الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحادي الأوروبي في هذا الخصوص، وعكست استقالته حجم خلافاته مع أحمدي نجاد.


احتجاجات ما بعد الانتخابات بعد أن فاز علي لاريجاني بمقعد في البرلمان عن مدينة " قــم " تم انتخابه كرئيس للبرلمان بعد انعقاده في جلسته الرابعة( هذا أرفع منصب يحصل عليه بشكل ديمقراطي بعد فشله في الانتخابات الرئاسية).


وفي أول إجراء له، قام لاريجاني بإرسال تهنئة إلى مير حسين موسوي مباشرة وبعد إغلاق أبواب الاقتراع، والهجوم على الحرم الجامعي أثناء احتجاجات الطلبة على نتائج الانتخابات الرئاسية، شكل لاريجاني لجنة خاصة للتحقيق في ملابسات هذا الحادث.


كما قام بتوجيه الكثير من الانتقادات للزعيم الإصلاحي، مهدي كروبي، بسبب الرسائل والانتقادات التي كان يوجهها كروبي لـ" لاريجاني"، طالبًا منه التدخل للتحقيق في تعرض معتقلين  للاغتصاب.


ورغم أن "لاريجاني" كان من أكثر المنتقدين لحكومة أحمدي نجاد بسبب مشروع الميزانية والسياسة الخارجية ومشروع حذف الإلغاء التدريجي للدعم  الحكومي والمخالفات القانونية في التشريعات.

ورغم سخريته من الخطب المتأنقة التي ألقاها الأشخاص الذين تم تعيينهم في الحكومة قائلًا: "يجب أن نجمع هذه القصائد في كتاب! إلا أنه كان حريصًا خلال الجلسات على أن تتم الموافقة على منح الثقة للحكومة سريعًا.


وخلال الشهور الماضية هاجم "علي لاريجاني" كثيرًا قيادات الإصلاحيين من جهة والمتشددين من مؤيدي حكومة أحمدي نجاد من جهة أخرى، بالإضافة إلى إدانته للغرب بسبب انتقاده طريقة تعاطي السلطة مع مظاهرات عاشوراء الأخيرة، وطالب قيادات الإصلاحيين بالاستسلام.
 ورغم الدور الكبير الذي يلعبه "لاريجاني" في إيران، فإنه يفضل أن تكون تحركاته السياسية في الخفاء، فهو لا يخاطر باللعب علنًا حتى لا تصيبه موجات الانتقاد التي قد تنال من هيبته السياسية.

 فهو لا ينسى خطابه في جامعة شريف الصناعية عام 2003، الذي قال فيه: " قبل دخول الإسلام إلى إيران كان الإيرانيون أميين لا يعرفون القراءة والكتابة ومتوحشين ولا ثقافة لهم، وأنهم كانوا يفضلون البقاء أميين"، فأثار الكثير من الانتقادات ضده ولا يريد أن تتكرر هذه الانتقادات التي يعتبرها خصمًا من رصيده.


صادق لاريجاني

يدان ناعمتان تلطختا بالدم


 هو الأخ الثالث الذي فضل على عكس كل إخوته الاستمرار في الحوزة العلمية، لذا كان الإصلاحيون يصفونه بصاحب اليدين النظيفتين والناعمتين، لأنه قضى كل وقته في الدرس والتحصيل العلمي في أقبية قم الباردة.


 أكمل صادق لاريجاني دراسته في الحوزة العلمية منذ السنوات الأولى من انتصار الثورة، وهو من المؤيدين المتشددين " للولاية المطلقة لولي الفقيه "، وفي 2006، تم تنصيبه كأحد أعضاء مجلس صيانة الدستور، وهو من أشد المؤيدين لفكرة أن الناس لا يمكنهم أن يُفقدوا شرعية الحكومة حتى في حال عدم موافقتهم عليها عندما قال:" يمكن للناس أن يحددوا فقط كفاءة أو عدم كفاءة الحكومة، ولا يمكن لرأي الناس أن يعطي الشرعية للحكومة".


الشيء الوحيد الذي يمكن أن نحسبه لصالح صادق لاريجاني، أثناء وجوده في مجلس الخبراء هو؛ ذهاب المرشحين في انتخابات مجلس الخبراء في دورته السابعة إليه، والتوقيع على ورقة تشير إلى أنهم يوافقون على الولاية المطلقة للمرشد علي خامنئي، حتى يتمكنوا من نيل رضا المجلس وتأييد صلاحيتهم من أجل خوض الانتخابات.


 وقبل توليه منصب رئاسة السلطة القضائية لم يكن اسم صادق لاريجاني معروفًا لدى الكثيرين، لكن تعيينه في هذا المنصب وتصريحاته وإجراءاته تشير إلى أن هذه الأسرة مصممة على توريث نفسها السلطة.


 وأول إجراء قام به " صادق لاريجاني" بعد تعيينه كرئيس للسلطة القضائية هو؛ إيقاف بث المحاكمات المتعلقة بالاحتجاجات الأخيرة عبر التليفزيون، وإلغاء إعدام سبعة من المحتجين، إلا أنه رضخ أخيرًا وصادق على إعدام اثنين من الشباب لينهي فترة اليد النظيفة ويلطخها بالدماء.

 المحتجون ألعوبة في يد الغرب


صادق لاريجاني الذي يتقلد عدة مناصب مهمة في البلاد من بينها؛ عضويته في جامعة مدرسي الحوزة العلمية بقم، وعضوية مجلس خبراء القيادة، بالإضافة إلى رئاسته للسلطة القضائية، اعتبر أن المحتجين على نتائج الانتخابات ألعوبة في يد الغرب، لم يكن الناس يريدون النزول إلى الشارع بل جيء بهم  عبر التغرير، وأن هناك بعض الأفراد الذين كانوا يديرون حملة مير حسين موسوي، هم من دفعوا الناس إلى النزول إلى الشوارع؛ فهل يعقل  أن مرشحًا يرفض نتائج الانتخابات قادرًا على  تأسيس حركة بهذا الحجم في البلاد؟ وإذا كان من المقرر أن تخرج الحركة الخضراء وتنزل إلى الشارع من أجل إلغاء نتائج الانتخابات، فهذه الأمور تشير إلى مخطط يتحكم بمفاتيحه العدو".


 وحول عدم السماح بإجراء مراسم تأبين لـ "ندا آقا سلطان" التي اغتيلت في الاحتجاجات، قال صادق لاريجاني: إننا لم نسمح لإقامة هذه المراسم، لأن الإصلاحيين يتصيدون الفرص من أجل النزول إلى الشارع، ولابد للتليفزيون الإيراني أن يحذف هذه مشاهد لأنهم سيستغلونها من أجل إبقاء نار الاحتجاجات مشتعلة".


اجتماعات أسبوعية


 اختلافات السياسة لا تمنع الإخوة من التقارب الأسري، فكما قال صادق لاريجاني قبل ذلك لصحيفة " اعتماد ملى : " إننا نجتمع مرة واحدة كل أسبوعين في بيت الوالدة، والدتي تقترح دومًا أن نتحدث حول القضايا الكبيرة" فالأساس الذي يجمع الأشقاء الخمسة هو؛ التعاون من أجل حفظ نفوذ الأسرة، حتى وإن كانوا يختلفون أحيانًا في قضايا إيران،مثلما حدث في إعادة انتخابات الرئيس المطعون فيها فتحدث علي لاريجاني مطالبًا أعضاء مجلس صيانة الدستور بعدم الوقوف إلى جانب مرشح رئاسي معين"، بينما دعم صادق والأعضاء الـ11 الآخرون في مجلس صيانة الدستور النتائج المتنازع عليها.


بينما فضل الأخ الرابع " فاضل لاريجاني "  كعادته البعد عن السياسة وهمومها، فهو كان يشغل قرابة عقد كامل منصب باحث مساعد في الجامعة الحرة، والمسئول عن وحدات الانتماء الثقافي في الجامعة الحرة وفروعها خارج البلاد، ولا ننسى أنه كان الملحق الثقافي في السفارة الإيرانية في كندا، ومنذ عودته إلى إيران حافظ على علاقته بالسياسة عبر المشاركة في المجالس الإستراتيجية في المراكز العملية، و تعاون مع جامعة " بيام نور"، وقد يكون أهم اختلاف بينه وبين إخوته هو؛ ابتعاده عن المناصب السياسية الكبرى، والمعروف عنه أنه يصب اهتمامه على  الدبلوماسية الناعمة.


الأصغر في عائلة السلطة


 أما أصغر الإخوة وهو باقر لاريجاني، المولود عام 1961، اشتهر عنه، طوال نشاطاته السياسية الانخراط في المسئوليات الجامعية على خوض المعترك السياسي، ففي بداية التسعينيات كان يشغل منصب وكيل وزارة الصحة أثناء تولي "علي رضا مرندي" لهذه الوزارة في عهد رفسنجاني، وأثناء وصول الرئيس الإصلاحي " محمد خاتمي " إلى رئاسة الجمهورية، عاد إلى تقبل مسئوليات في المراكز العلمية من جديد، وبعد فوز أحمدي نجاد 2005، كان مرشحًا لنيل وزارة الصحة لكنه تراجع بشكل مفاجئ عن قراره هذا وانسحب، ثم عاد ليتقلد منصب وكيل وزارة الصحة من جديد في الحكومة التاسعة السابقة، ثم بدأ بحوثه العلمية في مجال" الخلايا الجذعية"، ويشغل الآن منصب رئيس جامعة طهران للطب.

 رسالة احتجاجية

 أرسل بعض أعضاء الهيئات العلمية في جامعة طهران للطب رسالة لباقر لاريجاني، يحتجون على سياسات الاعتقال والاستجواب ووضع قيود وحرمان الطلبة من إكمال دراساتهم الجامعية بسبب مشاركتهم في الاحتجاج على نتائج الانتخابات، وأن هذا النوع من التصرفات يصيب الأساتذة والطلبة على حد سواء بالإحباط، وجاء في الرسالة أيضًا" أنتم تعلمون بأن أولياء بعض هؤلاء الطلبة هم أساتذة في الجامعة وأعضاء في الهيئات العلمية، وهذا الأمر لم يسبق حدوثه تاريخ الجامعة أن يعتقل الطالب أثناء حضور الأستاذ في الصف، أو يتلقى الأستاذ استدعاء قضائيًا أو أمنيًا، وأن يتم استجوابهم بهذا الشكل، وهناك حادثة أخرى كذلك أن يؤخذ أستاذ جامعي من عيادته ويؤخذ وهو معصوب العينين ويتم الإبقاء عليه معصوب العينين لمدة ثلاث ساعات خلف أبواب المدعي العام في الوقت الذي هناك الكثير من المرضى ينتظرون في عيادته.

font change