كاي إيدي، مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى أفغانستان

كاي إيدي، مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى أفغانستان

[escenic_image id="5541322"]

في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لإرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان ملمحة إلى أن الحل العسكري يمكن أن يؤدي إلى الاستقرار هناك، يعرب كاي إيدي، مبعوث الأمم المتحدة إلى أفغانستان، المنتهية فترة ولايته عن رأي مخالف، حيث كان قد قضى الأشهر الأخيرة من ولايته يؤكد ضرورة التفاوض مع حركة طالبان، والأكثر من كاي إيدي المؤيد لإيجاد حل سياسي للنزاع كان ـ حتى وقت قريب ـ جزءًا من تفاوض غير رسمي مع  أعضاء حركة طالبان.

إلا أن مصداقية مبعوث الأمم المتحدة النرويجي الجنسية ثار حولها الكثير من الجدل، فولايته التي استمرت عامين لم تتسم بزيادة  الاستقرار، بل اتسمت بزيادة سفك الدماء، كما أن التزوير الذي شهدته الانتخابات الرئاسية الأخيرة في أفغانستان قوض من شرعية الحكومة الأفغانية بدرجة كبيرة، وهي تطورات قللت بشكل كبير من إمكانية التوصل  إلى حل سياسي  وجعلت الدبلوماسي الأمريكي بيترجالبرث النائب السابق لإيدي، يتهمه بغض الطرف عن ممارسات التزوير التي أدت إلي إعادة انتخاب قرضاي، وهي الاتهامات التي أدت لاحقًا إلى إقالة بيتر جالبرث، لكن هذا لم يعزز من مصداقية إيدي في نظر الأفغان ولا في نظر المجتمع الدولي.

ورغم هذا الجدل ، فإن خبرة إيدي فيما يتعلق بأفغانستان، واتصالاته مع الحكومة الأفغانية وحركة طالبان تجعله في وضع جيد لتقديم الرأي القائم على الخبرة فيما يتعلق بالخيارات الواقعية بالنسبة لهذا البلد، وإضافة إلى رأيه بأن الحل السياسي هو الحل الوحيد، استفاد إيدي من الاهتمام الذي صاحب مغادرته أفغانستان، لإرسال رسالة مفادها أنه يجب  موازنة الجهود العسكرية عن طريق الجهود السياسية، وقال إيدي لصحيفة نيويورك تايمز، "إنه في حالة عدم الدفع بالتيارات السلبية إلى المسار الإيجابي، لن يمكن القيام بالكثير من أجل إعادة السلام إلى البلاد"، لكن يمكن أن يكون الدرس الذي سلط الضوء عليه  بدرجة أكبر هو أن "العمليات العسكرية ضد المتمردين  يجب إرجاؤها  حتى لا تعرقل الجهود الرامية إلى التفاوض من أجل التوصل إلي حل سلمي معهم".

وأظهرت مقابلة لإيدي مع هيئة الإذاعة البريطانية أن رسالته إلى المجتمع الدولي لم تجد آذانًا صاغية، حيث انتقد إيدي الاعتقالات الأخيرة ضد أعضاء كبار في حركة طالبان من قبل قوات أمريكية- باكستانية مشتركة لأنها أضرت بالاتصالات التي كان يجريها مع أعضاء حركة طالبان منذ يناير/كانون ثانٍ 2009، وهو لم يندد فقط  بتأثير هذه الاعتقالات، بل وندد أيضًا  بالنوايا المفترضة وراءها.

وقال إيدي إن  باكستان ربما كانت تعلم أن هناك مفاوضات تُجرى مع طالبان،واتهمها بمحاولة عرقلة التوصل إلى حل سياسي يكون للحكومة الباكستانية دور بارز فيه، ورغم أن الحكومة الباكستانية فندت تلك الادعاءات،فإنه ألقى تبادل الاتهامات الذي حدث الضوء على أهمية التعاون السياسي في التعامل مع الصراع، حتى وإن لم يكن بالشكل الذي يقترحه إيدي.

إن الصراع في أفغانستان، وكما أظهرت فترة ولاية إيدي، استمر ليس فقط لأن حركة طالبان ترفض قطع العلاقات مع تنظيم القاعدة، بل أيضًا  لكون الجوانب السياسية والجغرافية للصراع تتطلب تعاونًا سياسيًا ليس فقط بين طالبان والحكومة الأفغانية، بل يجب أن يكون هناك  تعاون جدي بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة وأفغانستان وباكستان، و ذلك إذا أرادوا تفادي سيناريوهات تنطوي على تشكيك كل طرف في نوايا الطرف الآخر وتؤدي إلى تقويض آليات بناء الثقة اللازمة للتعاون بين الأطراف المعنية.

إلا أن إيدي كمبعوث للأمم المتحدة في أفغانستان، كان ينبغي أن يقع جانب كبير من مسئولية التنسيق عليه، فبينما  لا يمكن إلقاء المسئولية عليه بشكل كامل فيما يتعلق بتزوير الانتخابات، لم يتم الوفاء بالتزامات  للأمم المتحدة كوسيط بشكل مرضٍ، ويجب أن يكون خليفة إيدي مؤهلًا بشكل أفضل بشأن التفاوض بخصوص المصالح المتفاوتة للأطراف المعنية.

وإذا لم يستمر المبعوث الحالي للأمم المتحدة لدى أفغانستان في السير على نفس المسار الذي سلكه إيدي من خلال الدعوة للمفاوضات، فيجب أن يكون قادرًا على التنسيق بين هذه الخطط والسياسات الأخرى التي وُضعت لإضعاف طالبان، وبصرف النظر عن الجانب العسكري من هذه السياسات، كانت هناك أيضًا جهود مبذولة لاجتذاب أعضاء طالبان من خلال توفير الأمن والعمل لهم كي يتركوا التنظيم، هذه الجهود ينبغي أن تُدمج في خطة أكثر قوة وتأثيرًا للتعامل مع حركة طالبان من الناحية السياسية.. والأهم من ذلك، هو ضرورة تأمين مستوى رسمي من المفاوضات، وذلك لتجنب أي اتهامات بأن من يناقشون القضايا التي يختص بها مجلس الكويتا شورى غير مخولين للقيام بذلك.

يبلغ السيد إيدي من العمر 60 عاماً وهو دبلوماسي نرويجي، وقد وصف عام 2010 بأنه أكثر الأعوام تحدياً لجهود المجتمع الدولي في أفغانستان منذ الغزو الأمريكي. ومع ذلك، فإننا نكون قد أسأنا التقدير إذا قلنا إن السنوات السابقة لم تكن صعبة. فعلى العكس من ذلك، كانت سنوات ولاية السيد إيدي شديدة الصعوبة دون شك، على الرغم من خبرته الطويلة في البلدان التي تمزقها الصراعات.

شغل إيدي سابقًا منصب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في كوسوفو في عام 2005 ومنصب الممثل الخاص للأمين العام في البوسنة والهرسك في الفترة 1997-1998. وقبل ذلك، شغل منصب سفير النرويج لدى منظمة حلف شمال الأطلسي من 2002 حتى 2006 ، ولدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من 1998 حتى 2002. وعلى الرغم من خبرته، فإن الكثيرين انتقدوا أساليبه في أفغانستان، و قالوا إنه ركز على بناء علاقات مع الأطراف المتحاربة أكثر من تركيزه على أن يسود القانون، وكان لهذا تأثير كبير على أفغانستان حتى أن مجموعة الأزمات الدولية دعت لاستقالته.

ولكن السيد إيدي أكد أنه لن يستقيل من منصبه كمبعوث للأمم المتحدة في أفغانستان.. ولكنه سيظل على وعده لأسرته أنه لن يمكث في كابول سوى عامين فقط، والأكثر أهمية من سبب رحيل السيد إيدي هو مَن سيحل محله، وكيف سيتعامل مع تأثير الفترة التي قضاها إيدي في أفغانستان؟!

font change