ماذا تفضل روسيا استمرار المواجهة بين إيران والغرب؟

ماذا تفضل روسيا استمرار المواجهة بين إيران والغرب؟

[escenic_image id="5538501"]


وتحقق روسيا عدة مكاسب من استمرار المواجهة بين طهران والحكومات الغربية، فهذه التوترات تحافظ على وضع روسيا الحالي كأكبر شريك اقتصادي لإيران وتتيح للدبلوماسيين الروس فرصة القيام بدور الوسيط بين طهران والغرب.. كما أن نفور طهران من الغرب يساعد على دعم أسعار الطاقة العالمية من خلال منع إيران من الإسهام بمواردها من الطاقة في خطوط أنابيب قزوين التي يرعاها الغرب، والذي يمكن أن يقلل من اعتماد أوروبا على إمدادات النفط التي تخضع لسيطرة روسيا.


وقد هددت العديد من التطورات، التي حدثت العام الماضي، الوضع الجيد الذي كانت تتمتع به روسيا في هذا الصدد، فمن جهة، سعت إدارة أوباما إلى إشراك الحكومة الإيرانية دبلوماسيًا في محاولة لحل الخلافات بين واشنطن وطهران، ولحسن حظ موسكو، فشلت المساعي الرامية لتحقيق المصالحة بين واشنطن وطهران ويرجع ذلك في الأساس إلى الوضع الفوضوي داخل إيران منذ انتخابات الرئاسة في يونيه/حزيران من العام الماضي.
ومن جهة أخرى، استمرت إيران في المضي قدمًا لتصنيع قنبلة نووية. ولهذا السبب، قام صانعو السياسات الروسية بتبني لهجة أكثر حدة نوعًا ما في التعامل مع إيران، كما حدث في سياسات روسيا تجاه عقوبات إيران ومبيعات الأسلحة الروسية لطهران.  
ومنذ الأنباء التي صدرت في سبتمبر/أيلول الماضي، التي تفيد بأن إيران أقامت منشأة لتخصيب اليورانيوم في قم، لا يزال المسئولون الروس يطلبون مزيدًا من الشفافية فيما يتعلق بأنشطة إيران النووية. وكان هؤلاء المسئولون قد أشاروا سابقًا إلى أنهم من الممكن أن يقوموا فقط بتأييد فرض المزيد من العقوبات ضد إيران إذا قدمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أدلة ملموسة تفيد بأن الحكومة الإيرانية كانت تسعى للحصول على سلاح نووي. ومنذ اكتشاف منشأة قم تحاول موسكو الضغط على إيران لكي تقدم المزيد من الأدلة التي تفيد بأن برنامجها لا يستهدف بناء أسلحة نووية.


وبما أن المحادثات استمرت بشأن احتمالات أن تسمح إيران للحكومات الأجنبية بتخصيب اليورانيوم الإيراني تحت رقابة دولية بدلًا من قيام إيران بتخصيبه بنفسها، كان بإمكان المسئولين الروس الاعتراض على العقوبات على أساس أنها من الممكن أن تعصف بالمفاوضات الهشة، وقد أقدمت إيران على تخصيب اليورانيوم بنفسها بنسبة تصل إلى 20%، بما يقترب من درجة التخصيب اللازمة لبناء أسلحة نووية، وتوصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران ربما تكون بصدد تطوير أسلحة نووية، من هنا قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية أندري نستيرنكو: "ليس بمقدورنا الاستبعاد التام لبدء العمل في إعداد مسودة بفرض جولة أخرى من عقوبات مجلس الأمن ضد إيران".

ومع ذلك، قدم المسئولون الروس عددًا متنوعًا من التقييمات المتعلقة بما إذا كانت موسكو ستدعم فرض مزيد من العقوبات ضد إيران ومن ستشملهم هذه العقوبات. وفي حين أشار واضعو السياسات الروسية بأن موسكو ربما تقبل مزيدًا من العقوبات لإبطاء برنامج إيران النووي، إلا إنهم أوضحوا إنهم سيعارضون العقوبات "القاسية" التي تنادي بها إسرائيل وبعض الحكومات. وأوضح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في حوار تم عقده أواخر فبراير/شباط مع وكالة الأخبار الروسية الرسمية "نوفوستي" قائلًا: "إذا قمنا بدعم العقوبات، فلن نتجاوز هدف الدفاع عن نظام منع انتشار الأسلحة النووية. فنحن لا نريد أن نستغل نظام منع انتشار الأسلحة النووية في خنق إيران".  وبالرغم من أن المسئولين الروس يستشهدون بالاعتبارات الإنسانية، فإنه من الواضح أنهم يريدون تجنب إلحاق الضرر بالمصالح الروسية في إيران من خلال اتخاذ تدابير من شأنها التأثير على الاقتصاد الروسي اليومي.


وإضافة إلى سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إقناع روسيا بتأييد فرض عقوبات قاسية ضد إيران وذلك خلال زيارته لموسكو في فبراير/شباط، فإنه أراد أيضًا من هذه الزيارة منع روسيا من تنفيذ تعاقدها مع إيران في عام 2007، والذي ينص على تسليم أنظمة دفاع صاروخية إس-300 لإيران. وكان المسئولون الإسرائيليون والغربيون قد حذروا من أن تسليم الأنظمة الصاروخية إس -300 يمكن أن يجبر إسرائيل على شن هجوم على الأهداف النووية الإيرانية قبل أن تدخل حيز التشغيل لأن فاعليتها العالية يمكن أن تزيد الخطر الذي يهدد الطيارين الإسرائيليين. 

وحتى وقت قريب، كان المسئولون الروس لديهم إصرار على أنهم سيقومون بتسليم الأنظمة الصاروخية إس-300 لإيران حيث تمثل الطائرات الاعتراضية سلاحاً دفاعياً، وحيث إن بيعها يمكن أن يتطابق بشكل تام مع القانون الدولي والروسي. لكن بعد أعوام من الشائعات حول موعد التسليم، وبعد التصريحات الروسية المتكررة بأن المشكلة تقتصر على حل بعض الصعوبات المالية والفنية قبل إنجاز الصفقة، اعترف لافروف في فبراير/ شباط أنه بينما تمتلك روسيا الحق القانوني في إتمام هذه الصفقة، فإن الاعتبارات السياسية تحول دون إنفاذ تلك الصفقة في وقت قريب.


الطلب على الصادرات الروسية من الأسلحة يبلغ مستويات هائلة، حيث إن الطلبات التي تم حجزها بالفعل تبلغ قيمتها 34 مليار دولار أمريكي. ولذلك بمقدور موسكو أن تؤجل صفقة الصواريخ إس-300 لعدة سنوات أخرى. بيد أن لافروف أشار بأن روسيا تنتظر من الحكومات الأخرى أن تفعل نفس الشيء؛ في تحذير لإسرائيل والولايات المتحدة بتقليل مبيعاتهما من الأسلحة لجورجيا.

 

زميل ومدير مركز التحليل العسكري السياسي بمعهد هدسون، واشنطن.

font change