رشاد حسين، المبعوث الأمريكي الخاص لمنظمة المؤتمر الإسلامي


رشاد حسين، المبعوث الأمريكي الخاص لمنظمة المؤتمر الإسلامي

[escenic_image id="5538492"]

ولد رشاد حسين، وهو أمريكي مسلم من الجيل الثاني من الهنود في الولايات المتحدة، في ولاية ويومينج وتربى في ولاية تكساس، واهتم بالسياسة منذ نعومة أظافره، وكصبي، فاز هو وصديقه جوش جولدبيرج "ببطولة المناظرات" في الولاية، وقد قال جولدبيرج "كنا نمزح بأننا يومًا ما سوف نتوصل إلى حل لعملية السلام".


لقد كان جولدبيرج، وهو أمريكي يهودي، يعي من البداية أن علاقته مع حسين تعد علاقة فريدة جدًا، حيث يقول: "رغم أننا كنا مجرد صبيين من تكساس، كنا نعي أن علاقتنا تعد نموذجًا للتعايش وأنها تعزز أهمية الحوار بين الأديان والثقافات والأمم، لقد كانت علاقتنا مثالًا حيًا أن ما يجمعنا أقوى مما يفرقنا".


حصل حسين على مؤهله الجامعي في الفلسفة والعلوم السياسية من جامعة نورث كارولينا، ونال درجة الماجستير في اللغة العربية والدراسات الإسلامية من جامعة هارفرد، ثم حصل بعد ذلك على درجة علمية في القانون من جامعة ييل، واكتسب حسين خبرة في بداية حياته المهنية من خلال العمل في لجنة الشئون القضائية بمجلس النواب الأمريكي، وبعد ذلك عمل في المجال القانوني بمحكمة الاستئناف الأمريكية، ثم محامي مرافعات في وزارة العدل الأمريكية، وفي يناير/كانون ثانٍ عام 2009 تم تعيينه نائب مستشار مساعد للرئيس باراك أوباما.


وكوَّن أوباما انطباعًا جيدًا عن حسين من البداية بعد إسهامه بمشورة قيمة فيما يتعلق بخطاب الرئيس في القاهرة في يونيه/حزيران عام 2009، وبعد ثمانية أشهر تم  تعيين حسين مبعوث أمريكي خاص لدى منظمة المؤتمر الإسلامي، وهو ثاني شخص يشغل هذا المنصب، وقد قال عنه أوباما بعد تعيينه في هذا المنصب: "لقد لعب رشاد، كمحام متميز وكعضو مقرب محل ثقة من بين العاملين في البيت الأبيض، دورًا رئيسيًا في تكوين الشراكات التي دعوت إليها في القاهرة، وباعتباره حافظًا للقرآن، هو عضو يحظى بالاحترام بين الطائفة المسلمة الأمريكية، وأنا أشكره على القيام بهذا العمل المهم".


وتعد إقامة علاقة راسخة وإيجابية مع العالم الإسلامي من الأهداف الرئيسية لإدارة أوباما، ويري أوباما أن هذه الشراكة يجب أن تقوم على التفاهم وعلى المصالح المشتركة وعلى الثقة المتبادلة، فكما ذكر راشد حسين أخيرًا"تغيير المفاهيم سوف يحتاج إلى وقت، خاصة في توقيت تخوض فيه الولايات المتحدة في حربين في الدول الإسلامية وتحارب التهديد المستمر للإرهاب، والتحدي هو التأكيد على فكرة أن هذه عملية طويلة الأمد".


ويرى حسين أن هناك حاجة إلى جهد مشترك لتحسين العلاقات بين الدول الإسلامية والغرب، حيث ذكر أنه "تم القيام بالكثير فيما يتعلق بالمفاهيم الأمريكية الخاطئة تجاه المسلمين، لكن هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة لدى المسلمين تجاه الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي يجب تحسينه من خلال الجهد المشترط  والتفاهم المتبادل، ومن الواضح أننا لن نتفق على كل القضايا، ومهمتنا سوف تكون هي تعظيم جوانب الاتفاق والنظر في جوانب الاختلاف، من أجل الوصول إلى أحسن السياسات".


وكان حسين قد تعرض لانتقاد حاد على المستوى الداخلي لتعليقاته الناقدة عام 2004، لطريقة تعامل إدارة بوش مع المحاكمات الخاصة بالإرهاب، وشكك الكثير من السياسيين في ولائه بل واعتبروه يمثل خطورة، و لكن جوش جولدبيرج قال إنه بينما كان يشاهد قيام الإعلام الأمريكي بانتقاد حسين: "أظهر التليفزيون لي مرة أخرى بجلاء كيف يتم اغتيال الشخصية، لكن الوضع كان مختلفًا هذه المرة، فضحية الإعلام الإخباري لم يكن شخصًا لا أعرفه، بكل كان المستهدف هو رجل عرفته طوال حياتي كصبي ورجل أحترمه كثيرًا ومعجب به كثيرًا، فقد شاهدت وصف هذا الرجل الذي يعد صديقًا جيدًا بأنه "جهادي" وبأنه "متعاطف مع الإرهابيين" وبأنه "مخترق" للمجتمع الأمريكي، وبما هو أسوأ من ذلك من أوصاف، وكان رد فعلي هو التشكيك في هذه المزاعم المنافية للعقل والمشينة والجديرة بالازدراء".


ورغم أن هذه الهجمات تم شنها من قبل أقلية صغيرة، كان لا يزال على رشاد حسين إثبات مصداقيته أمام كل من الأمريكيين وأمام الطائفة المسلمة ككل، فكما ذكر أخيرًا سادا  كومبر، المبعوث الخاص الأمريكي السابق لدى منظمة المؤتمر الإسلامي: "سوف يواجه حسين تحديًا مزدوجًا يتمثل في أن يثبت للعالم الإسلامي أن خطاب أوباما في القاهرة كان أكثر من مجرد كلمات وردية وأن يظهر للجمهور الأمريكي أن تأكيد الإدارة الحالية على القوة الناعمة يحقق نتائج ملموسة".


ويرى جولدبيرج أن أهم سمات حسين الجديرة بالاحترام تتمثل في "قوة شخصيته ونزاهته"، فهو رجل يهدف إلى "خدمة الصالح العام، وليس تحقيق مكاسب شخصية"، وقد ذكر لي سادا كومبر أخيرًا أن "أحد أسباب احترامي لحسين هو أنه حافظ للقرآن، فحفظة القرآن يكون لديهم فهم حقيقي لما يدعو إليه القرآن، ويميلون إلى التسامح الشديد وإلى السعة والتنوع في الأفق، وإلى البعد عن من يروجون لسيطرة رجال الدين على الإسلام، ويدعون أن القرآن كتاب دين يدعو إلى السلام، وعلى النقيض تكون معرفة من يعُرفون بالزعماء الدينيين، والذين يتبنون رؤية متطرفة للإسلام،  بالقرآن محدودة".

ويمثل رشاد حسين دليلًا حيًا على إمكانية التوفيق بين العقيدة الإسلامية وبين القيم الغربية الحديثة، فهو مسلم قوي العقيدة وعالم بالقرآن، إضافة إلى كونه مواطنًا أمريكيًا كامل المقومات، وتقوم زودته أيضًا بـ"كسر الكثير من المفاهيم الخاطئة حول المرأة في الإسلام"، وذلك عن طريق إحداث توازن بين معتقداتها الإسلامية القوية وارتدائها الحجاب من ناحية وبين وضعها التعليمي العالي كدارسة للقانون في جامعة ييل.


وتعد قصة رشاد حسين مبهجة للقلب، فهو مسلم من الجيل الثاني من المسلمين الأمريكيين، تغلب على العقبات وصعد إلى قمة الساحة الدولية، إلا أن قدرة حسين على التأثير على من هم خارج حدود الولايات المتحدة وعلى تحقيق نتائج ملموسة في بيئة إسلامية تتسم بالتنوع الشديد لم تُختبر بعد، وكانت الشراكة بين منظمة المؤتمر الإسلامي والولايات المتحدة قد أتت أخيرًا بالكثير من النتائج الإيجابية، وشمل ذلك تعاونًا أقوى من أجل خفض معدلات الوفيات بين الأمهات في إفريقيا والاعتراف الأكبر بكسوفو كدولة ذات أغلبية مسلمة، ويمثل حسين جسرًا جديدًا، لكن معالجة جراح الماضي سوف تحتاج إلى التزام قوي وطويل الأمد من قبل مختلف الأطراف المعنية، وبالتالي حان الوقت لبناء قوة دفع ولتحويل الأقوال إلى أفعال.

font change