الاستثمار في الأوراق المالية اليونانية والسندات القابلة للتحويل

الاستثمار في الأوراق المالية اليونانية والسندات القابلة للتحويل

[escenic_image id="5538504"]

عندما اجتمع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم 16 فبراير/شباط، للنظر في عجز الميزانية اليونانية وخروج الدين العام عن معايير ماستريخت، لم يستغرقوا وقتًا طويلًا ليقتنعوا بأن الإصلاحات السابقة التي اقترحتها اليونان، والتي كانت موجهة إلى حد كبير لتعزيز الإيرادات بدلًا من محاولة خفض الإنفاق العام، لن تحد من العجز في الميزانية لعام 2010 بنسبة 4 %، كما هو مطلوب. وقد أشار الوزراء، تأكيدًا على انعدام ثقتهم في نجاح اليونان، إلى تلك الإخفاقات التي منيت بها اليونان وعجزها عن  الوفاء بمتطلبات سابقة.


وخلص الاجتماع إلى أنه ينبغي على الحكومة اليونانية، بحلول 16 مارس/آذار 2010 ، أن تضع ميزانية جديدة لتنفيذها هذا العام. وإحقاقًا للحق، فقد أعلنت اليونان في 3 مارس/آذار عن تخفيضات في الإنفاق بلغت 4.8 مليار دولار، وأصدرت سندات مدتها عشر سنوات. وليس من المستغرب أن يفوق الاكتتاب في هذه السندات ما كان متوقعًا، حيث تبلغ نسبة العائد عليها 6.4 ٪، بشكل يقترب من فارق العرض و الطلب (290+ نقطة أساس) على مثيلتها من السندات الألمانية.


وكما لو أن اليونان ليس لديها ما يكفي من المشكلات، لا يوجد أي مؤشر على أن البنك المركزي الأوروبي ينوي تقليل الضمانات المطلوبة من اليونان، خاصة بعدما أصدر قرارًا في ديسمبر/كانون أول الماضي بإعادة وضعها في التصنيف الأعلى، من حيث صلاحيتها للحصول على قروض ائتمانية، بحلول نهاية عام 2011، ويعود الفضل في هذا القرار، من جانب البنك المركزي، في ارتفاع نسبة الإقبال على شراء السندات اليونانية، بعد التدهور الذي أصابها في نهاية العام الماضي. ولكن هذا لا يمنع من احتمال تعرض السندات اليونانية لخطر التدهور من جديد، إثر التدهور الذي أصاب المصارف الأربعة الرئيسية في اليونان، والذي من شأنه أن يجعل السندات اليونانية غير مدرجة في خطة الإصلاح الحالية.


ويتمثل السؤال الحقيقي فيما إذا كانت اليونان تستطيع تحقيق موجة من خفض الأجور في القطاع العام وإصلاح نظام المعاشات ونظام الرعاية الصحية وإصلاح الإدارة العامة، وكذلك إجراءات إصلاح أسواق المنتجات وإصلاح بيئة الأعمال وتحسين الإنتاجية وتحقيق النمو في التوظيف.. وسوف يظل العجز عند 8,7% حتى في حالة اتخاذ تلك الإجراءات، وتضم خطة أخرى، متوقع اكتمال إعدادها بحلول 15 مايو/آيار 2010، تفاصيل حول مقترحات إعادة عجز الديون إلى حدود معقولة بحلول عام 2012، وكانت فوارق العرض والطلب بالنسبة لمقايضات الديون التي يتم العجز عن سدادها عند كتابة هذا التقرير 298 نقطة أساس، وهو المعدل الذي لا يزال مرتفعًا رغم انخفاضه بنسبة 25% مقارنة بالأسبوع السابق.


وقد حدث كل ذلك في إطار مناخ اتسم بالتوجس المتزايد من جانب الطبقة السياسية الأوروبية، خاصة بعد تذكر أن اليونان دخلت في صفقات فيما يتعلق بمشتقات العملة عام2001، كوسيلة لتحسين وضع ميزانيتها العمومية قبل الانضمام لليورو، لكن الرئيس ساركوزي أظهر مؤشرات يوم 7 مارس/آذار على دعمه الواضح لليونان مقارنة بموقف أقل تأييدًا بكثير من جانب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والأكثر من ذلك هو أن السياسيين انضموا للحملة الصاخبة التي تستهدف ما يوصف بالسوق "العارية" لفوارق العرض والطلب فيما يتعلق بالديون السيادية، والتي يقولون إنها مسئولة عن البعض من مشكلات اليونان، والحقيقة أن هذا يمثل انتهازية سياسية "سافرة".


ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة للمستثمر العادي؟ إن هذا يعني عوائد أعلى على الأوراق المالية اليونانية على المدى القصير، وهو ما يعد أمرًا محل ترحيب دائمًا.


- المشكلات فيما يتعلق برأس المال المعد للاستخدام في الطوارئ

وبعد أن جذبت انتباهكم، سوف أناقش معكم بعض التحفظات حول السندات القابلة للتحويل، فهي بالنسبة للبعض تعد أحدث مثال للأدوات الجيدة لرأس المال، وبالنسبة لآخرين تعد محفوفة بالمشكلات، دعوني سنعرض سبعة من تلك التحفظات لنفكر فيها معًا:        


1. مشكلة السيولة: إذا تم تحويل السندات القابلة للتحويل، فمن المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم سيناريو التوتر. فعند الإعلان عن وقوع حدث مؤثر فإن ذلك من شأنه أن يؤثر سلبًا على السيولة المتاحة للبنك.
2. تحديد المخاطر: لن يكون المستثمرون قادرين على تحديد المخاطر المتضمنة في السندات القابلة للتحويل:
تعريف رأس المال الأساسي: إذا استمرت تعريفات رأس المال في التغير، فكيف يتأتى للمستثمرين الحكم على الاحتمالات الضمنية للتحول المحتمل إلى الأسهم إذا لم تكن قد وُضعت بعد قواعد لذلك؟

 
مقدار رأس المال الأساسي: في الوقت الذي لا يزال فيه المشرعون يقومون بتقييم مستوى رأس المال، الذي ينبغي أن تحافظ عليه البنوك، ثمة سؤال حول المستوى الملائم الذين يمكن أن يشعر معه المستثمرون بالارتياح في الاكتتاب؟ فإذا كان الحدث منخفضًا جدًا في تأثيره، فإنه بناءً على المستوى الذي اعتادت أن تدير عنده البنوك رأس مالها الأساسي، ربما لا تكون هناك أي مزايا لإصدار السندات القابلة للتحويل، إلى أن تصل الأزمة إلى نقطة قد لا يكون للتحول إلى الأسهم أي ميزة. 


2. الطلب: كثير من حاملي السندات طويلة الأجل والأوراق المالية الهجينة قد لا يكونون قادرين على استخدام السندات القابلة للتحويل نتيجة لخيار تحويل الأسهم المدمج.. بيد أن السندات القابلة للتحويل قد تكون مناسبة بصورة أكبر لصناديق التحوط التي سوف تسعى لحماية السندات من خلال تقليل الأسهم الأساسية.


3. التسعير: يمكن أن تكون السندات القابلة للتحويل ذات ثمن مرتفع للغاية. وآخر إصدار تطلب من المستثمرين كي يحصلوا على السندات القابلة للتحويل من خلال تبادل السندات التي لم يكن متوقعًا لها أن تصبح سندات قابلة للاسترداد أو تحصل على فوائد، وهذا الذي أدى إلى خفض سعر السندات القابلة للتحويل.  


4. الإفصاح: إذا أدرك البنك أنه قد خرق مستوى الإطلاق خلال 12 شهرًا فهل من المعقول أن يفصح عن هذا الخرق الذي قد يتسبب في عقبات لإصدار مزيد من رأس المال.


5. التدفقات النقدية: اتفق المشرعون على جعل السندات القابلة للتحويل أوراقًا مالية إلزامية (الأموال الخاصة المساندة أو حتى الديون الأولية)، ومن ثم فإن النشاط التجاري سوف يفقد المزيد من النقد لسداد الفوائد، وهو الأمر الذي أرادت المفوضية الأوروبية إيقافه.


6. التصنيف: إذا لم تتضمن السندات القابلة للتحويل حدًا موضوعيًا للتحويل يمكِّن المستثمرين من قياس المخاطر المرتبطة بالتحويل، فإن مؤسسة موديز العالمية قد لا تقوم بتصنيف السندات قابلة التحويل، الأمر الذي سوف يحد من طلب المستثمرين. وقد حذرت وكالة "ستاندرد آند بورز" المؤسسات من السندات قابلة التحويل وقالت إنها لا تعتبرها بديلًا عن رأس المال الدائم.
إذن قبل أن تندفع لشراء السندات القابلة للتحويل، ينبغي أن تسأل نفسك عما إذا كانت ستفيدك حقًا.

 

رئيس الشئون العامة، لمنطقة أوروبا، في بنك ستاندر

font change