فرصة عربية ثمينة

فرصة عربية ثمينة

[escenic_image id="5531987"]

من واقع رؤيتك للقضية الفلسطينية، كيف ترى الأزمة التي تمر بها حاليًا في ظل انشقاقات الفصائل، وتحديدًا فتح وحماس؟

- القضية تمر حاليًا بأسوأ مراحلها منذ وقوع الاحتلال الإسرائيلي على فلسطين، فمثلًا رغم فداحة هزيمة67 على مصر،  لكن أعقبها صمود ومقاومة وتضامن عربي في حربي الاستنزاف وأكتوبر/تشرين أول 73.. أما الآن فنحن بصدد حقائق صادمة تواجه مستقبل القضية الفلسطينية تتلخص في ثلاث ملاحظات أولاها: الانقسام غير المسبوق بين فتح وحماس الذي وصل لحد الاحتكام للسلاح، مما أدى لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وإن كانت كل حركات التحرر الوطني عرفت ظاهرة الانقسام ولجأت إلى السلاح ولكن ليس لهذا الحد بين فتح وحماس، فالانقسام الراهن يهدد بتصفية القضية. وللأسف لا توجد أفاق حتى الآن لعبور هذا التشرذم، ومازال مشروعا فتح وحماس يسيران في خطين  متوازيين لا تلاقى بينهما .

وثانيها: إن أفق التسوية مسدود منذ سنوات لأن ميزان القوى مختل لصالح إسرائيل، التي ليس لديها رغبة في السلام ولا دافع لتحقيق تسوية مع الفلسطينيين والعرب لأنها في وضع مريح رغم ما عانته من مصاعب  أثناء عدوانها على جنوب لبنان في عام، 2006 على قطاع غزة في 2009 حيث  تسود حاليًا حالة من الهدوء على الجبهتين بالنسبة لإسرائيل مما يساعدها على إبقاء الوضع على ما هو عليه، علاوة على أن كل مبررات العرب الدبلوماسية  لم تؤد لشيء محدد حتى الآن .

وثالثها: وهو الأخطر على القضية للمرة الألف أن المتغير الدولي لن يكون فاعلا في دعم الحق العربي في مسألة التسوية، وليس أدل على ذلك من باراك أوباما،  فقد قدم طرحًا مغايرًا من الناحية النظرية لحل القضية واختلفت لغة الخطاب والتعالي الأمريكية وقتها ولكن بعد مرور عام على رئاسة أوباما  اعترف بأن إدارته بالغت في تقدير فرص التوصل إلى تسوية.

 إذن إلى أي اتجاه تسير القضية؟      

- نحن أمام قضية بالغة الخطورة أطرافها منقسمون على أنفسهم، وخصمهم  لا يريد من قريب أو بعيد التوصل إلى تسوية ففي الوقت الذي نطالب فيه بوقف الاستيطان يعلن نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه  في حالة التوصل إلى معاهدة سلام مع فلسطين سيتم الاحتفاظ بقوات في غور الأردن  وما إلى ذلك، إذن الموقف الإسرائيلي تجاه السلام يتراجع كل يوم، والعامل الدولي لا يبدو مواتيًا لنا، كما أن الطرف العربي غير موحد الكلمة في هذا الصدد  إما لأن الدول العربية فقدت اهتمامها بالقضية أو بعض الدول المعنية تختلف في المناهج التي تتبعها في التعامل مع القضية، وبالتالي القضية الآن في أسوأ مراحلها.

 البعض يرى أن اتفاقية أوسلو هي القشة التي قصمت ظهر المقاومة الفلسطينية؟

- نعم، الاتفاقية سمحت للطرف الفلسطيني بتشكيل سلطة لها رئيس ومجلس تشريعي وأخذت شكل الدولة وما هي بدولة، وصارت المقاومة الفتحاوية التي كانت تتصدى للاحتلال في السابق مجرد قوات أمن داخلي وتدير علاقة مع الاحتلال على أمل جلاء المحتل بالطرق السلمية وهذا لم يتم، بقيت بعد هذا فصائل المقاومة الأخرى وعلى رأسها حماس التي ابتلعت الطعم بدخول انتخابات عام 2006  وفازت بها فقامت بتشكيل حكومة وتحولت هي الأخرى إلى سلطة وليس إلى حركة مقاومة مما أسفر عن حدوث صراع بين قوتين سياسيتين حول السلطة لأن حماس تحولت إلى شبه دولة لها تشكيلها الوزاري وقواتها الأمنية ولها حساباتها .

 هل بذلك تحولت الساحة الفلسطينية إلى صراع على السلطة؟

- بالتأكيد أصبحت الساحة ومازالت مسرحًا للاختلاف بين فتح وحماس حول مغانم السلطة التي لا تفيد القضية من قريب أو بعيد  بل أضاعت القضية تمامًا.  

 هل توجد أمور أجدى من المصالحة بين الطرفين؟

-أعتقد ذلك، فمثلا لو سادت الديمقراطية ربما تظهر قوى أخرى تقوم بدور مهم في العمل السياسي الفلسطيني كما أن إعادة بناء منظمة التحرير أهم من المصالحة، فضلا عن أن جزءًا من الأزمة يتمثل في افتخار حماس بأنها جزء من المشروع الإسلامي العام .
 وما مدى صحة ذلك؟

- في اعتقادي أن تلك النظرة لحماس غير صائبة  لأن الظروف أصعب من جعل حماس رأس رمح للمشروع الإسلامي .
المجلة: هل يمكن الحكم على جهود المصالحة العربية بين فتح وحماس وآخرها المصرية بالفشل؟
- رغم أن جهود المصالحة العربية وصلت إلى أفاق غير مسبوقة مرة بجهود العاهل السعودي الملك عبد اللـه بن عبد العزيز وأخرى بواسطة الرئيس اليمني علي عبد اللـه صالح في صنعاء وأخيرًا جهود الوساطة التي يبذلها الوزير عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات المصري، فإن كل هذه الجهود لم يكتب لها النجاح   فكان لابد من طريق آخر أعتقد أنه يتحقق الآن من خلال فكرة المفاوضات غير المباشرة، فقد كنا نتساءل لماذا لا نسلك طريقًا آخر  ويتم الاتفاق مثلا على أجندة للتفاوض بين الطرفين بشأن القضايا المتفق والمختلف عليها بين الجانبين، ولماذا لا يتفاوض مع إسرائيل وفد بعيد عن فتح وحماس كما كانت تجربة مدريد الأولى.. حيث رأس الوفد الفلسطيني حيدر عبد الشافي برغم عدم انتمائه لمنظمة التحرير، وهذا من الممكن أن يتحقق بالمفاوضات غير المباشرة إذا تم تنفيذها فلسطينيًا وعربيًا بشكل جيد.

 إذن أنت رافض لجهود المصالحة؟

-لا يجب التوقف كثيرًا عند حد المصالحة بين فتح وحماس لأن ذلك يعني وضع "العقدة في المنشار"، فلماذا لا نتحرك فهذا ربما يؤدي للصلح وخاصة بعدما فشل المنهج المباشر في  التعامل مع الطرفين.
 

ولكن كيف يكون هناك تحرك في ظل انقسام فلسطيني؟

- بالطبع غياب وحدة الصف الفلسطيني  لن يكون في صالح القضية لأن الانقسام يضعف المقاومة والتفاوض معًا، حيث لا تستطيع حركة حماس المقاومة بشكل فعال ولا فتح يمكنها التفاوض بقوة. ولكن لابد من الالتفات إلى الوضع الحالي بنهج غير مباشر وإلا سيبقى الوضع على ما هو عليه.
 وما الذي يعرقل دور الدول العربية وتحديدًا مصر والسعودية في رأب صدع الفصائل الفلسطينية؟

- المشكلة تكمن في أن معظم الدول العربية مهما حاولت الحياد فهي تواجه اتهامًا من أحد الأطراف الفلسطينية بأنها منحازة إلى الطرف الآخر وعلى سبيل المثال مصر حافظت على أقصى درجات الحياد والموضوعية في رأب الصدع بين فتح وحماس، ولكن في النهاية دخلت  مصر في  مشكلة أخيرًا مع حماس فيما يتعلق بالحدود وتحديدًا معبر رفح مما أدى لوجود اتهامات متبادلة..وحتى عندما يكون الإخلاص موجودًا كما في الحالة السعودية الأولى فإن التناقض بين الطرفين يدمر الاتفاق، فقد كان من الممكن  أن يتم تنفيذ الاتفاق، ولكن  نوايا فتح أو حماس كانت  تتجه لعدم تنفيذه.

 ماذا عن مبادرة  الملك عبد اللـه بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين التي أطلقها في قمة الكويت الماضية؟

- المبادرة كانت لرأب الصدع في الصف العربي وهذا الدور مهم جدًا لتوحيد الصف وأيضًا لتوفير ظهير عربي قوي يدعم المقاومة الفلسطينية  لأن الدعم ضعيف ولا يرقى لحجم القضية.وللأسف مبادرة خادم الحرمين  لم تحقق الأهداف المرجوة منها  نظرًا للخلافات العربية و يأتي في مقدمتها استمرار الخلاف المصري السوري بغير سبب واضح في رأيي الشخصي، فقد قيل في السابق إن الخلاف حول لبنان، وكان هذا الخلاف أيضًا بين السعودية وسوريا ولكن تم التوافق على الوضع الآن، وقيل مرة أخرى إن سوريا تشجع حماس وغيرها على عدم المصالحة، علاوة على أن الدبلوماسية السورية النشيطة تجاه إيران قد تكون أحد أسباب الخلاف بين مصر وسوريا .
 

هل سوريا بدخولها في تحالف مع إيران تكون قد خرجت  عن الصف العربي ؟

- سوريا من حقها كدولة لها مصالحها وتواجه تهديدات دولية ارتأت أن تواجهها من خلال الامتداد بسياستها عبر النظام العربي إلى تركيا وإيران وربما يكون ذلك السبب أحد معوقات المصالحة. بمناسبة هذا تردد في الفترة الأخيرة أن بعض القوى تسعى للقيام بأدوار في المنطقة على حساب كل من مصر والسعودية؟

- هناك أدوار عربية لا يمكن أن تخضع  للمنافسات  أو المماحكات أو شيء من هذا القبيل كالدور المصري والسعودي وحتى السوري .وفى تقديري هذه الأدوار باقية ومهمة، لكن المشكلة أنه رغم إخلاص الكثير منها،  فإنها تحتاج لإعادة نظر في المنهج.

 قد يفهم من كلامك أنه  دعوة للحرب على إسرائيل بعدما تعثرت جهود السلام ؟

- كلامي ليس دعوة للحرب وإنما لابد من إعادة النظر في الإستراتيجية العامة نحو التحرك إزاء القضية، وموقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن يحسب له في هذا الاتجاه  فرغم اعتداله الشديد يرفض الدخول في مفاوضات لمجرد أنها لا تثمر عن شيء .أنا لا أطالب بوضع عراقيل لأنها  لاتصل بنا لشيء.لكن  الامتناع عن التفاوض مع إسرائيل يضعها في مأزق.

 خلال السنوات الماضية برز دور الملك عبد اللـه بن عبد العزيز في  تحقيق أكبر قدر ممكن من المصالحات بين الزعماء العرب كيف ترى مستقبل هذه المصالحات ؟

- لا أخفي أنني من  المعجبين بهذا الدور، لأنه ينم عن إخلاص حقيقي للقضية ورغبة حقيقية من خادم الحرمين الشريفين في التوفيق بين الدول العربية لتحقيق وحدة الصف العربي،  وقد بدأ الملك مبادرات الإصلاح منذ قمة الكويت وقد تحدث عن مسئولية الجميع في  تدني الوضع العربي  ولم يستثن نفسه وبالتالي يحاول خلق مناخ لجمع العرب، ولكن للأسف بعض العوامل لا ترقى لمستوى الهموم الإستراتيجية التي يواجهها العالم العربي . وهذا لا يمنع الاعتراف بأن دبلوماسية العاهل السعودي استطاعت حل كثير من المشاكل وحققت انفراجة كبيرة على الصعيد العربي وكانت فرصة ثمينة أمام العرب لبدء صفحة جديدة في العلاقات، لكن اليد الواحدة لا تصفق.
 

 ماذا تعنى؟

- بعض الدول العربية لها مواقف تتعارض  مع إمكانية وصول هذه المبادرات لغايتها الحقيقية،علاوة على أن إيران وإسرائيل برغم فارق المقارنة بينهما فإن كلتيهما لن تكونا سعيدتين بمصالحة حقيقية لأن إيران مثلا لها مشروعها الإقليمي في المنطقة وهذا يتطلب نظامًا إقليميًا وليس عربيًا، فإذا نجح الملك عبد اللـه في رأب الصدع في النظام العربي فإن هذا يؤدي لفشل المخطط الإيراني،  ولو تم المشروع الإيراني سيكون على أساس من الندية بين العرب وإيران.

 

 إذن إيران تعادى كلا من الدور المصري والسعودي في المنطقة؟

- نعم، لأن صعود الدورين المصري والسعودي في المعادلة العربية يعتبر معوقًا لمخططات إيران وهذا ظهر جليًا عندما عارضت إيران بشدة فحوى إعلان دمشق عام 1991.

 وإلى أي مدى نجح النظام الإيراني في الشروع في مخططاته؟

- إيران نجحت جزئيًا حتى الآن، فقد أصبح لإيران مناطق في الوطن العربي تتمتع بحضور قوي فيها مثل العراق ولبنان من خلال العلاقات الرسمية بين البلدين، بالإضافة إلى بعض الدول العربية التي تربطها علاقات لا بأس بها مع إيران فضلا عن حماس وحزب اللـه.

 

 ما أسباب اختراق إيران  لبعض الأنظمة العربية؟

- الأمر يعود إلى تراجع النظام العربي بصفة عامة، لأن أغلب الأنظمة العربية غير متماسكة وبالتالي لا تستطيع التصدي للمشروع الإيراني، ولا يخفى على أحد أن ما تسعى إليه إيران كان مرفوضًا جملة وتفصيلا قبل الثورة لأنه كان مشروعًا أمريكيًا بامتياز، إنما الآن مشروعها نابع منها مما أغرى قطاعات من الوطن العربي على تأييده.

 

 يرى الخبراء أن حزب اللـه اللبناني أداة في يد إيران للعبث بالمنطقة وتحديدًا لبنان؟

- حزب اللـه يعتز بعلاقته بإيران ولكنه ينكر أن يكون أداة في يدها إنما هناك إستراتيجيات مشتركة بين الجانبين، وحزب اللـه أقوى في علاقته بإيران من حركة حماس. وللعلم حزب اللـه لا تأثير له على العلاقات العربية  ودوره مقصور على الساحة اللبنانية،  وتحديدًا مقاومة إسرائيل .

 

 ولكن حسن نصر اللـه حاول تأليب الشعب المصري على حكومته إبان العدوان الإسرائيلي على غزة؟

- بالتأكيد فعلها بدعوى  الحرص على القضية العربية ولم ينجح فيما دعا إليه بالرغم من وجود متعاطفين مصريين مع نصر اللـه في مقاومته ضد إسرائيل، إنما رفضوا تدخله في الشأن المصري الداخلي، وعمومًا تأثير حزب اللـه خارج الساحة اللبنانية لا يذكر.

 

 نبرة الخطاب الإيراني  يراها الخبراء أنها لا تخدم سوى الطرف الإسرائيلي؟

- بطبيعة الحال الخطاب السياسي الإيراني  والنبرة الإعلامية الزاعقة  لا تخدم سوى الطرف الإسرائيلي لأنها تظهر المسلمين عمومًا وإيران على وجه التحديد  بأنهم وحوش ينفون عن إسرائيل حقها في البقاء  في ظل تأييد المجتمع الدولي لإسرائيل


في ظل كل هذا  الوضع العربي الراهن يقودنا إلى أين؟

- في صورته الحالية يمكن أن يصل بنا لدرجة الاختفاء الفعلي للنظام العربي من ساحة التاريخ ونتحول إلى مجموعة من الدول لا تتحرك حركة مشتركة من قريب أو بعيد، وربما ينشأ نظام إقليمي جديد على خلفية الوضع الحالي قوامه تركيا وإيران وسوريا وربما العراق في حالة خروج الاحتلال  الأمريكي من أراضيها،  إذن الاحتمالات صارت خطيرة ولم تعد مسالة ضعف طارئ يمكن التغلب عليه.


 وكيف نتصدى لمثل هذه الاحتمالات ؟

- الأمل في تعاون عربي فعال على الأقل اقتصاديًا وسياسيًا، لأن التعاون الراهن باهت وواهن للغاية.

 

 ولماذا لا يتحقق على الأقل التعاون الاقتصادي ونرى  السوق العربية المشتركة ؟

- نحن واجهنا الأمرين في إقامة منطقة للتجارة الحرة العربية، فما بالك بالسوق المشتركة. والمشكلة أن القرارات في هذا الصدد سياسية..فضلا عن ضرورة تهيئة الاقتصادات العربية سوق عربي مشترك..والتقدم في تلك المجالات يحتاج إلى مناخ سياسي مغاير تمامًا لما نحن عليه ومستقر مثلما كانت الحال في أوروبا الغربية قبل عام 57 بعد الحرب العالمية الثانية، فالاستقرار في المناخ الأوروبي سمح ببروز وتقدم مشروع الاتحاد الأوروبي.

 

 أزمة الحوثيين الأخيرة في اليمن، كشفت عن ماذا؟

-عن ضعف دولة اليمن، حيث إن المناهج المتبعة مع المتمردين والقوى المعارضة ليست ناجحة،علاوة على وجود اختراق خارجي للنظام العربي من جانب إيران وليس أدل على ذلك من امتداد الحرب إلى الحدود السعودية .

 

 الموقف السعودي كان حازمًا  تجاه تلك الأزمة؟
- هذا طبيعي ومنطقي ..فمن حق المملكة الدفاع عن حدودها والتصدي لأي محاولات تسعى إلى اختراق أراضيها .

 

 كيف ترى المصالحة بين اليمن والحوثيين التي تمت أخيرًا؟

- هناك مبادرات للمصالحة إما تعكس رؤية معينة للحل أو تكتيكًا ما، ولا أستطيع الحكم على مبادرة الحوثيين، ولكن الصراع إن لم توجد آليات سياسية لإنهائه سيطول وخاصة فيما يتعلق بالحروب الأهلية وخير شاهد على ذلك القضية الكردية بالعراق فهي مستمرة منذ خمسينيات القرن الماضي.

 

 بم تفسر تراجع دور جامعة الدول العربية عن القيام بمهامها؟

- جامعة الدول العربية هي عرَض من أعراض المرض العربي. فالجامعة بمثابة منظمة بين الحكومات العربية  تنفذ إرادتهم المشتركة، ونظرًا لأن إرادة العرب واهنة وضعيفة وتكاد تكون غائبة  يبدو للبعض أن الجامعة ضعيفة.

 

أين دور الأمين العام للجامعة عمرو موسى؟

- بصراحة جهاز الأمانة العامة للجامعة برئاسة عمرو موسى في أحسن حالاته ولكن لا يستطيع التصرف من وحي أفكاره أو تلقاء نفسه .. فالأمين العام مؤمن بقضية العمل العربي المشترك ويتمتع بخبرة عميقة وشخصية تحظى بالاحترام، وله مبادرات دبلوماسية في بعض الأزمات العربية ومع ذلك يوجد حدود لمهامه لأنه لا يتصرف بمفرده .ويكفي الجامعة الآن أنه لا يوجد وفد يأتي لمصر إلا ويلتقي الأمين العام وهذا لم يحدث في السابق.


 ولكن ما التأثير الفعلي للجامعة؟

- تأثيرها في النظام العربي يتوقف على إرادة عربية مشتركة وهذا غير متوفر وبالتالي تأثير الجامعة محدود.

 أصبح الشارع العربي لا يعول كثيرًا على القمم العربية، فهل قمة ليبيا القادمة ستخالف كل التوقعات؟
- قمة ليبيا ستكون كغيرها من القمم، الأخيرة فالقمم لم تحقق شيئا لانها كانت تتخذ قرارات جيدة ولكنها لا تجد طريقها للتنفيذ.


 هناك أصوات تطالب بإلغاء القمم العربية بدعوى عدم جدواها، فما رأيك ؟

- أنا ضد وقف القمم العربية لأنها الخيط الرفيع الذي يربط بين العرب حتى الآن، ويشعرنا بعروبتنا، وأنا سعيد بها وإن كانت لا تفعل شيئًا، لكن علها تصل لشيء في موقف من المواقف.

 بم تفسر  تراجع الأنظمة العربية؟

- معظم الأنظمة مأزومة إما لأسباب اقتصادية أو انقسام بعض الدول إلى طوائف  أو غياب الشرعية السياسية عن بعض الدول؛ الصومال مثلا مفككة منذ تسعينيات القرن الماضي والعراق تعاني الاحتلال والنزاعات الطائفية، واليمن يعاني من المتمردين في الجنوب والحوثيين في الشمال،  فضلا عن خلافات فتح وحماس في فلسطين، علاوة على الأزمات اللبنانية  الممتدة ومحاولات لانفصال في السودان عام 2011، إذن معظم الدول مشغولة بمشكلاتها الداخلية.

 دور مصر في إفريقيا، هل يشهد تراجعًا كما يؤكد بعض المراقبين؟

- دور مصر تراجع في إفريقيا منذ أواخر القرن الماضي لأن مصر كان لها دور فاعل في حركات التحرر الوطني..وزادت فاعلية الدور المصري تجاه إفريقيا عندما تولى بطرس غالي وزارة الدولة للشئون الخارجية فقد كان يؤمن بأن الدائرة الإفريقية لمصر أهم من العربية، ورغم أنني  أختلف معه، فإنه  بذل جهدًا كبيرًا على المستوى الإفريقي . وأخيرًا ظهرت صحوة متأخرة في الدور المصري ناحية إفريقيا وخاصة بعد تزايد مشكلات دول حوض النيل مع مصر والتلويح بالمساس بحصة مصر من المياه.

 وهل كان بطرس غالي محقًا فيما ذهب إليه بأن الدائرة الإفريقية أهم من العربية بالنسبة لمصر؟
- ليس صحيحًا، والسياسة المصرية تعاني من عدم وضع الأولويات في ترتيبها الصحيح، كما أن الدائرة العربية أهم من إفريقيا التي تأتي في الترتيب الثاني، وأخشى أن يكون الدور المصري بإفريقيا مرهونًا بموقف معين.

 البعض طالب مصر بالتخلي عن دورها  تجاه القضية الفلسطينية  عقب الحملات التي تشنها حماس على مصر؟

ـ مصر لا تستطيع التخلي عن القضية فلا يمكن اختزال فلسطين  في حماس، لأنها  ترتبط بأمن مصر.

 

- مدير معهد البحوث والدراسات العربية-

font change