انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي يساعدها على تحقيق أهدافها الطموحة

انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي يساعدها على تحقيق أهدافها الطموحة


يُذكِّر إلقاء القبض على عسكريين أتراك كبار يشملون قادة سابقين للقوات الجوية والقوات البحرية  كجزء من التحقيقات في مخطط مزعوم للإطاحة بالحكومة  بشكل كبير بعمق الانقسامات السياسية التي كانت تعصف بتركيا، ويعد مؤشرًا أيضًا على استمرار النضال من أجل إحلال الديمقراطية وزيادة السيطرة المدنية على القوات المسلحة.


ويذكر إلقاء القبض على هؤلاء العسكريين بأهمية قيام تركيا بالتركيز على الجائزة التي تتمثل في الانضمام الفعلي لعضوية الاتحاد الأوروبي، باعتباره أمرًا محوريًا لمساعدة تركيا في تخفيف توتراتها الداخلية وتعزيز ديمقراطيتها، فالانضمام للاتحاد الأوروبي سوف يساعدها في تحقيق بعض أهدافها الطموحة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.


لقد كان طريق تركيا باتجاه عضوية الاتحاد الأوروبي، بالفعل، طريقًا طوي ومليئًا بالإحباط، حيث يرجع إلى عام 1959 ، عندما تقدمت أنقرة بطلب لتصبح عضوًا في المجموعة الاقتصادية الأوروبية، وتم الاعتراف رسميًا بتركيا كمرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي عام 1999 ، وبدأت التفاوض مع بروكسيل عام 2005 ، ولكن بعد مجموعة أولية كبيرة من الإصلاحات، يبدو أن أنقرة فقدت تحمسها تجاه مشروع الاتحاد الأوروبي، ويمكن إرجاع جانب من ذلك للإحباط للتباطؤ والمعارضة الأوروبية لانضمام تركيا للاتحاد، ويتمثل سبب آخر في تزايد إحساس تركيا بإمكاناتها كقوة سياسية واقتصادية في المنطقة التي تقع فيها، وفي الواقع يبدو أن عدم وجود مشكلات لأنقرة مع جيرانها فيما يتعلق بالسياسة الخارجية وقيامها بإلغاء متطلبات التأشيرة مع العديد من الدول في المنطقة أمور تمت صياغتها، إلى حد كبير، على غرار جهود بروكسيل لإحلال الاستقرار في القارة الأوروبية.


لكن وجود شراكة ذات معنى مع الاتحاد الأوروبي سوف تكون بمثابة دفعة للكثير من أهداف أنقرة طويلة الأمد فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فخطة تركيا لتصبح نقطة عبور كبرى للنفط والغاز سوف تواجه عقبات إذا لم يتم دمجها بشكل كامل في السياسة المشتركة لأوروبا فيما يتعلق بالطاقة وفي شبكتها لخطوط النفط والغاز. وفي الوقت ذاته ترتبط خطط أنقرة من أجل تحويل نفسها إلى وسيط إقليمي، خاصة في الشرق الأوسط، بقدرتها على تقديم تركيا ك"جسر" لأوروبا، وتوفير سهولة في عبور هذا الجسر، وهو ما يمكن أن يقوم به الاتحاد الأوروبي، سوف يعزز من وضع تركيا كدولة تربط بين الشرق والغرب.


والأهم هو أن العضوية في الاتحاد الأوروبي سوف تساعد تركيا على التغلب على خلافاتها الداخلية، والتي تمثل أكبر عقبة أمام تحقيق أنقرة للأهداف الطموحة التي وضعتها لنفسها، فالانضمام للاتحاد الأوروبي  أو على الأقل الدخول في عملية ذات معنى تؤدي إلى تلك العضوية  يوفر لتركيا أحسن فرصة للوصول إلى نظام سياسي يستطيع التعامل بنجاح مع هذه الانقسامات الخطيرة ويستطيع تخفيف تأثيرها. وفي الواقع يعد من المهم عدم التقليل من شأن التأثير الذي أتى به دخول تركيا في عملية الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي خلال العقد الماضي لتلك الدولة فيما يتعلق بتطوير المجتمع المدني وتقوية المؤسسات وسيادة القانون وتكوين نظام حكم يعترف بالاختلاف ويقبل به، ورغم أن افتتاح مراكز دعم المشروعات الصغيرة بتمويل من الاتحاد الأوروبي في البعض من أكثر مناطق تركيا فقرًا وتدريب المحامين والقضاة على يد نظرائهم الأوروبيين ليست من نوعية الموضوعات التي تحظى بالاهتمام الإعلامي، لكنها مشروعات ساعدت في إحداث تأثير على كيفية إدارة الأمور في البلاد.


كما خلقت إمكانية الانضمام للاتحاد الأوروبي  وفي ضوء محدودية خبرة تركيا فيما يتعلق بالديمقراطية حيث تاريخها للانقلابات العسكرية  قوة دفع لتنفيذ إصلاحات لم يكن من الممكن قيامها بتنفيذها دون هذه الإمكانية. وطبقًا لأحد المحللين يعد الانضمام للاتحاد الأوروبي أمرًا مهمًا لتصبح تركيا عضوًا ذا وضع جيد في تجمع ذي نظم جيدة، فما تحتاجه تركيا، بعد أربعة انقلابات وعقود من القتال المرير، هو منع الاضطراب السياسي والمزيد من الالتزام بالنظم.



يجال شليفر - كاتب حر مقيم في اسطنبول، يعمل كمراسل لصحيفة كريستيان ساينس مونيتور

font change