اليمن: الخوف من الفشل جيني هيل تشاتام هاوس يناير/كانون ثانٍ 2010

اليمن: الخوف من الفشل
جيني هيل
تشاتام هاوس
يناير/كانون ثانٍ 2010

[escenic_image id="5515428"]

لا شك في أن حالة عدم الاستقرار، التي تشهدها اليمن حاليًا تمثل تحديًا مهمًا بالنسبة للدبلوماسيين الغربيين، الذين يسعون لتقليل عدد الدول التي تعتبر بمثابة ملاذٍ آمن للإرهابيين. خاصة أن تضاعف عدد المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه اليمن زادت من حدة الأزمة وعجز الحكومة عن الهيمنة على المناطق النائية في البلاد.

"جيني هيل"، من مركز تشاتام هاوس، لديها دراية تامة باحتمال أن تصبح اليمن بمثابة تهديد للأمن الإقليمي، وهي تستعرض معنا تقريرًا معدلًا لتقرير سابق يتعلق بالعقبات الحالية التي تواجه الحكومة اليمنية. ومن خلال اعتماده على أبحاث سابقة، أبرز هذا التقرير الجوانب التي ساء فيها الوضع الأمني وأسباب تدهوره. ويقدم التقرير للحكومة اليمنية وشركائها الإقليميين وحلفائها الغربيين توصيات سياسية كاشفة.  

ومن بين الموضوعات المتنوعة التي يبحثها مركز تشاتام هاوس تبرز حقيقة أن اليمن أصبحت الآن في مفترق طرق. وأرقام التنمية تؤكد موقفها كأفقر دولة في العالم العربي – حيث تعاني تضخمًا نسبته 27% ونسبة بطالة تصل إلى 40% ونموًا سكانيًا سريعًا.. فكيف وصل بها الحال إلى هذا التدهور؟

فالمشكلات التي تتعلق بالتواجد الحكومي في المناطق النائية في البلاد والحرب الأهلية في الشمال وحركة الانفصاليين في الجنوب وتمرد الجماعات الإرهابية في البلاد، لم تمكن اليمن من الهيمنة على مستقبلها. وعلاوة على ذلك، يبرز التقرير حقيقة أن العوامل الاقتصادية تلعب دورًا مهمًا في زيادة عدم الاستقرار.. "فالميزانية الحكومية تقوم بشكل كبير على أساس عوائد النفط المتضائلة، كما تتضاءل أيضًا فرص اليمن في تشكيل مستقبلها وبناء اقتصاد قوي بعد نفاد النفط".

ومن حظ اليمن العاثر أن ظروفها لا تتحسن، وإنما تتكون دائرة خبيثة يؤدي فيها غياب الفرص الاقتصادية إلى العنف وعدم الاستقرار اللذين بدورهما يعوقان إمكانية تحقيق التنمية الاقتصادية.

ومن الأمثلة المهمة على الدائرة الخبيثة، التي ظهرت في هذا البلد تزايد الجماعات الإرهابية على أراضيه، فقد أشار التقرير إلى أنه في عام 2009، تحديدًا اندمجت فروع القاعدة في اليمن وتلك الموجودة في باقي أجزاء الجزيرة العربية ليتشكل تنظيم انتقالي موحد هو القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

وكما يشير التقرير أيضًا فإنه في أغسطس/آب الماضي، نجا الأمير محمد بن نايف، نائب وزير الداخلية السعودي من محاولة لاغتياله، عندما فجر أحد أعضاء تنظيم القاعدة نفسه أمام منزل الأمير.. واعترف تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بمسئوليته عن الحادث، مشيرًا إلى أن ذلك بمثابة رد على الهجوم بالقذائف الصاروخية الذي قادته أمريكا في وقت سابق من نفس العام.

ومع ذلك، لا يمثل الإرهاب التهديد الأمني الوحيد الذي تواجهه اليمن. فتقرير تشاتام هاوس يشير إلى مدى أهمية موقع اليمن بالنسبة للمصالح الإقليمية المختلفة وكيف أن تزايد عدم الاستقرار وتدهور الوضع الأمني يعرضان مبادرات مهمة للخطر.. الأمر الذي يمكن أن يؤثر على وحدة اليمن. فأولًا موقع اليمن على البحر الأحمر يؤدي إلى زيادة عمليات القرصنة، التي تتمخض عن الأزمة اليمنية. والمشكلات الأمنية الأخرى لها انعكاسات سلبية على أمن طرق الشحن والنقل بما في ذلك نقل النفط عبر قناة السويس. وعلاوة على ذلك، فإنه يفترض أن عدم استقرار اليمن يمكن أن يزيد من رقعة المنطقة التي يغيب عنها القانون والتي تمتد من شمال كينيا مرورًا بالصومال ووصولًا إلى خليج عدن".

وغني عن القول أن كلًا من اليمن والأطراف الأخرى في المنطقة يرغبون في تحسن الوضع الأمني للبلاد ويؤكد هذه النقطة أن التقرير يقدم ملاحظات مهمة، خاصة بالنسبة للغرب، فيما يتعلق بكيفية مساعدة اليمن. وفيما يتعلق بضرورة التوصل إلى تسوية سياسية، تقول هيل: إن الوساطة الخارجية سوف تكون ضرورة أساسية لتحسين شرعية الحكومة ودعم تدابير حل الصراع التي وضعتها. إلا أن التقرير واضح بشأن الطريقة التي لا ينبغي للحكومات الغربية أن تنخرط فيها، حيث أشار إلى أن الوساطة الغربية المباشرة ستكون غير مناسبة وغير مثمرة. حيث يرى البعض أن هذا النهج يحتمل أن يشجع على ردود الأفعال العنيفة ويقوض شرعية الحكومة.

من ناحية أخرى ، يوضح التقرير أن الدول العربية التي تشارك الأطراف الدولية الرئيسية الفعالة لها دور مهم في الوساطة المباشرة. فهذه التوصية ثاقبة في قدرتها على قياس توجس اليمنيين من التدخل المباشر، والطريقة البديلة تتمثل في تقديم النتائج المرجوة. ومع ذلك وكما يشير التقرير فإن اليمن بمثابة فرصة ذهبية فيما يتعلق بمصالح غربية مهمة جدًا وأنه من غير المرجح أن العديد من الحكومات الغربية ستقف بعيدًا تمامًا إذا رأوا أن الظروف لم تتحسن. وعلاوة على ذلك، ينبغي التساؤل عما يعنيه التقرير بالتعاون الإقليمي مع الحكومات الغربية. وهل سيشمل ذلك الهجمات العسكرية الأمريكية التي تقودها الولايات المتحدة ضد الإرهاب في هذه البلد؟ هذه الأسئلة المهمة تُركت دون إجابة في هذا التقرير.

  ومع ذلك، فإن التقرير يوضح أهمية المساعدات الاقتصادية، حيث ينبغي أن تكون لهذه المساعدات الأولوية بالنسبة للجهات الدولية الفعالة لتشجيع الرئيس اليمني علي عبداللـه صالح على إحياء عملية الإصلاح الراكدة وتحسين امتثال النخبة.وتشير  هيل إلى أنه منذ عام 2006، قدم المتبرعون الدوليون 5 مليارات دولار في شكل مساعدات للتنمية، ولكن جزءًا بسيطًا  من الأموال تم إنفاقه.. ومثلما تفعل الجهات المانحة المحلية والمستثمرون  فإن الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي منوط بهم دور مهم في تنمية اليمن. كما أن وجود نهج  إقليمي منسق أمر لابد منه لضمان مستقبل الدولة.

font change