كريستوفر هيل، السفير الأمريكي بالعراق

كريستوفر هيل، السفير الأمريكي بالعراق

[escenic_image id="5514373"]

  لا يعرف "كريستوفر هيل"  العربية، يفهم النفسية العربية جيدًا، ويتقن التعاطي مع دهاليز السياسة في الشرق الأوسط، لذا فإنه سيضطر إلى (لسان مساعد) ينطق العربية بطلاقة، رجل اسمه (روبرت فورد)، سيكون بمثابة هارون من موسي، يشدد أزرهيل، ويتكلم بطلاقة عربية نيابة عنه، هيل يحتاج إلى هذا اللسان الطليق، فبرغم أن الرجل يملك مهارات شتى ومشهودًا له بالحنكة، فإن مهمته في العراق ليست مهمة يسيرة على الإطلاق.. لا سيما أن الإدارة الأمريكية تعقد آمالًا كبيرة على عاتق كرسيتوفرهيل فيما يتعلق بالملف العراقي.

كريستوفر هيل ولد  لدبلوماسي أمريكي في باريس في عام 1952. وانتقلت عائلته إلى ليتل كومبتون في جزيرة رود في سن صغيرة جدًا، وقضى هناك أغلب طفولته. التحق هيل بكلية بودوين في برونزويك بولاية مين في الفترة من 1970 إلى 1974، حيث حصل على درجة البكالوريوس في علم الاقتصاد. وفي عام 1994، ارتقى بدراسته من خلال حصوله على درجة الماجستير من أكاديمية الحرب البحرية. وعند إتمام دراسته الجامعية، أصبح هيل متطوعًا في قوات حفظ السلام، وخدم في الكاميرون في الفترة ما بين 1974-1976. وفي عام 1977، نجح في امتحان الخارجية الأمريكية، مما مكنه من الانضمام إلى وزارة الخارجية الأمريكية، حيث خدم بلاده كدبلوماسي دائم. ونظرًا لخبرته الواسعة في شرق وجنوب أوروبا والبلقان، يتحدث هيل البولندية والصربية-الكرواتية والمقدونية والألبانية.

وفي وقت مبكر من حياته المهنية بالخارجية، عمل هيل في بلجراد ووارسو وسول وتيرانا. وخلال ذلك الوقت، خدم في قسم تخطيط السياسات ومركز العمليات التابعين لوزارة الخارجية. وعزز هيل إلى حد كبير مهاراته التفاوضية من خلال لعبه دورًا أساسيًا مع الفريق الذي تفاوض على تسوية سلمية في البوسنة عام 1995. وعمل كنائب في محادثات دايتون للسلام، تحت وصاية الدبلوماسي المخضرم ريتشارد هولبروك، ولعبت هذه التجربة دورًا كبيرًا في حياة هيل المهنية. ووصفه هولبروك فيما بعد بأنه "رائع وجسور، ومحاور جيد وشديد الهدوء وحنون" وأشاد أيضًا "بمهاراته التفاوضية الجيدة جدًا".

وفي الفترة ما بين 1996 و 1999،  ارتقى هيل بعمله الدبلوماسي من خلال عمله في منصب سفير بمقدونيا. وفي الفترة ما بين 1998-1999، عمل كمبعوث خاص لكوسوفو، وفي هذه التجربة فشلت المفاوضات مع الصرب، حيث كانوا غير راغبين في التخلي عن معقلهم في كوسوفو، وأدى ذلك إلى قيام حلف شمال الأطلسي بحملة قصف على الصرب. وفي أواخر 9019،  شغل هيل أيضًا منصب المساعد الخاص للرئيس ومدير شئون جنوب شرق أوروبا في مجلس الأمن القومي. وانتهت حياته المديدة التي قضاها في أوروبا بخدمته كسفير في بولندا في الفترة ما بين2000 و2004، حيث عاد إلى سول.

وفي الفترة من 2004 إلى 2005، شغل هيل منصب سفير بلاده إلى كوريا الجنوبية. وكان ناجحًا في إدارة العلاقة ثنائية الأطراف التي تضمنت وجود 30 ألف جندي أمريكي هناك. وسرعان ما أكسبه نهجه الدبلوماسي المنفتح والمحترم شعبية بين العديد من الكوريين الجنوبيين. وكثيرًا ما ألقى خطبًا في مؤسسات معروفة بمناهضتها للولايات المتحدة مثل الجامعات، حتى أنه أقام غرفة دردشة على الإنترنت ورد فيها شخصيًا على الأسئلة المثيرة للجدل من عامة الجمهور.

وبعد أن شغل منصب سفير، تم تعيين هيل كمساعد وزير الخارجية لشئون شرق آسيا والمحيط الهادي حيث شغل منصب رئيس وفد الولايات المتحدة في المحادثات السداسية مع كوريا الشمالية. واتضح أن مفاوضات نزع السلاح النووي مع الكوريين الشماليين مهمة شاقة للغاية. وبعد الكثير من النقاش في عام 2008، تم التوصل إلى اتفاق مبدئي يقضي بإيقاف كوريا الشمالية لمنشآتها النووية الرئيسية وفرض مراقبة دولية كاملة لعملية تخصيب البلوتونيوم. وبالرغم من أن هذا كان يمثل تقدمًا كبيرًا في ذلك الوقت، فان الحاضر يشهد جمودًا بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة حول العديد من القضايا وأبرزها الترسانة النووية الكورية الشمالية. ومع ذلك، يعتقد هيل أن المحادثات السداسية كانت خطوة مهمة ليس فقط في دفع العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، ولكن أيضًا في تحسين العلاقات الثنائية مع الصين، حيث يعتقد أن الصين أهم شريك تجاري لأمريكا في المستقبل.

وفي عام 2006، عين الرئيس السابق جورج بوش هيل كممثل دبلوماسي دائم، وهي ثاني أعلى رتبة في السلك الدبلوماسي بعد منصب السفير الدائم. وفي 27 فبراير/شباط 2009، عُين هيل كسفير لأمريكا في العراق. وعندما أعلن الرئيس أوباما هذا القرار، قال إن 'السفير هيل قد تم اختباره، وأثبت الواقعية والمهارة التي نحتاجها الآن." وفي 20 أبريل نيسان، تمت الموافقة على تعيينه في جلسة استماع في مجلس الشيوخ بأغلبية 73 صوتًا مقابل 23 صوتًا. وهكذا أصبح السفير الرابع في العراق منذ الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين وتكوين حكومة عراقية جديدة.

وفي أوائل عام 2009، كان تعيين هيل محل جدل شديد من قبل السياسيين في دوائر واشنطن. وتعرض هيل إلى انتقادات في الماضي، لاسيما من نائب الرئيس السابق ديك تشيني، نظرًا لشدة حرصه على التوصل إلى اتفاق وتحرره الشديد في منح التنازلات ووده البالغ مع وسائل الإعلام. وعلاوة على ذلك، تساءل الكثيرون عما يعتبرونه إخفاقًا في تعاملاته السابقة مع الانتشار النووي وحقوق الإنسان في كوريا الشمالية. وبالإضافة إلى ذلك، قبل التصويت بالموافقة على تعيينه في مجلس الشيوخ، شكك بعض مسئولي الحكومة في صحة ترشيحه كسفير بالعراق نظرًا لقلة خبرته في سياسات الشرق الأوسط، والإرهاب ولأنه لا يتحدث اللغة العربية.

وبالرغم من جوانب القصور المحتملة لدى هيل، فإن عمله الذي استمر 32 عامًا كدبلوماسي وسمعته الممتازة كمستمع محترم ومفاوض متعدد المستويات في القضايا المهمة، تتحدث عن نفسها. وقد أكسبه ذلك احترامًا كبيرًا في الداخل والخارج على حد سواء.. وحصل هيل على عدة جوائز لخدمته  في الخارجية، وأبرزها جائزة وزير الخارجية للخدمة المتميزة (وهى أعلى جائزة في وزارة الخارجية) في مناسبتين: عمله في التفاوض على اتفاق السلام بالبوسنة (1996)، وقيادته في المحادثات السداسية مع كوريا الشمالية (2009).

وتأمل إدارة أوباما أن يوظف هيل مهاراته وخبراته الواسعة بشكل عملي ربما في التحدي الأكبر في مهنته  الدبلوماسية إلى الآن. وسوف يحاول الاضطلاع بأهداف أمريكا الطموحة في العراق، وسيعمل على وجه الخصوص علي دعم الحكومة العراقية وقوات الأمن العراقية من أجل منع البلاد من الوقوع في عنف عرقي وطائفي أوسع نطاقًا. وسوف توضع قدرات هيل التفاوضية على المحك بشكل يومي، بينما يواصل تحسين العلاقات بين الأطراف الفاعلة داخل العراق ومنطقة الشرق الأوسط. ومن المقرر أن يعمل هيل  جنبًا إلى جنب مع النائب روبرت فورد، وهو يتحدث العربية وله خبرة كبيرة في العراق. وسوف يسعيان معًا إلى أداء دور دبلوماسي رئيسي لضمان عودة جميع القوات الأمريكية المقاتلة إلى وطنها في عام 2010 وإتمام الانسحاب الكامل بحلول عام 2012 كما هو مخطط له من قبل إدارة أوباما.                    

font change