رضا نقدي الإيراني الجديد قائد الباسيج

رضا نقدي الإيراني الجديد قائد الباسيج

[escenic_image id="5513441"]

برغم كل الشكوك التي دارت حوله، وأنه أُرسل إلى إيران من قِبِل استخبارات الجيش العراقي ليتجسس على الجمهورية  الإسلامية الفتية، فقد منح الولي الفقيه آية اللـه علي خامنئي مسئولية قيادة قوات الباسيج" قوات المتطوعين أو قوات التعبئة الشعبية"الي محمد رضا نقدي ليخلف قائدها السابق  حجة الاسلام حسين طائب، وذلك تقديرًا لدوره المحوري في عمليات القمع التي مورست مع المحتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية، ويصفه الإصلاحيون بـ " جلاد الحي الجامعي".

محمد رضا نقدي، عراقي ذو أصول إيرانية، نجح في التسلق إلى مواقع خطيرة في جهاز الولي الفقيه، ونفّذ العديد من المهام، وكان آخرها مراقبة نشاط المرشحين الإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة؛ مير حسين موسوي ومهدي كروبي، قبل أن يُعيَّن قائدًا لـ "الباسيج" وسط حيرة الإصلاحيين الذين تفاءلوا للوهلة بحصول تغيرات إيجابية في قيادة قوات " الباسيج" عندما تسربت أنباء عن " إقالة " أو " تغيير" قائدها السابق " حسين طائب "، ولكنهم صعقوا لأن الولي الفقيه قام بتبادل مواقع ليس إلَّا، فحلَّ نقدي محل طائب الذي ذهب إلى موقعه السابق في قيادة جهاز استخبارات الحرس الثوري الذي أصبح يملك صلاحيات أكبر.

واعتبرالإصلاحيون تولي رضا نقدي مسئولية قيادة قوات الباسيج، دليلًا آخر على أن خامنئي ليس بصدد مراجعة مواقفه وسحب دعمه غير المحدود  لمحمود أحمدي نجاد، بل هو مؤشر خطير على أنّ السلطة ماضية في خطواتها نحو اجتثاث الحركة الإصلاحية بشكل كامل، حيث عهدت للعميد نصف العراقي ونصف الإيراني  محمد رضا نقدي، بهذه المسئولية، وتم منحه تفويضًا كامل الصلاحيات لعمل ما يراه مناسبًا لحماية نظام ولاية الفقيه.

خيبه الاصلاحيين في تقدي سببها ما ارتكبه من جرائم بشعة بحق الطلاب وغيرهم من كبار الإصلاحيين، حينما کان قائدًا لاستخبارات قوات الحرس الثوري، وفي الاحتجاجات الأخيرة، فلم يكن مجرد قائدًا و انما متخصص في إنتزاع الاعترافات من أنصار الزعيمين، مير حسين موسوي، ومهدي كروبي .

نقدي الشمّاع 

ويُنظر إلى نقدي ـ نجل الشيخ علي أكبر ثماني شمس الملقب بـ "شمّاع" لأنه كان بائعًا للشموع في شبابه قبل ارتدائه زي رجل دين ـ في إيران، بكثير من الريبة التي وصلت إلى حد التشكيك بولائه، وأنه كان متعاونًا مع استخبارات الجيش العراقي أثناء توليه مسئولية كبيرة في جهاز استخبارات فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.

فقد طُرد محمد رضا ثماني شمس المعروف بمحمد رضا نقدي، من العراق بعد قيام الثورة  الإسلامية في إيران بعام واحد ضمن قوافل العراقيين المهجرين من ذوي الأصول الإيرانية، وأسكنه مكتب شئون المهجرين في وزارة الداخلية، هو وأسرته، في مدينة نقدة الكردية شمال غربي إيران. وتطوع محمد رضا في صفوف قوات بدر  للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، رغم أنّ استخبارات مدینة أُرومية، عاصمة محافظة أذربيجان الغربية، حذّرت المجلس الأعلى من إسناد مهمّات أمنية واستخبارية إلى نقدي، إثر اعترافات أدلى بها أحد رجال البشمرجة التابع لحزب كردي إيراني معارض ، الذي كان على صلة بالنظام العراقي السابق، والذي كشف عن أسماء بعض المعاودين– أي المهجرين من العراق– المتعاونين مع استخبارات الجيش العراقي.

ونجح  نقدي  في أن يُتسلّم القيادة في استخبارات المجلس الأعلى ليصبح قائدًا لاستخبارات المجلس في الجبهة الشمالية، لكنه اعتقل عام واحد سنة، من قِبِل استخبارات الحرس الثوري بعد إخضاعه لمراقبة متواصلة عدة أسابيع. و كان سبب وراء الاعتقال قيام نقدي يوميًّا بالذهاب إلى مكان خارج مدینة أرومية لتعذيب نفسه، تارة بحرق أصابعه وتارة أخرى بحرق رجليه. واعترف نقدي بعد استجوابه بأنّه يمارس رياضة تعذيب نفسه ليكون مستعدًا لتحمل التعذيب في سجون صدام حسين في حالة أسْرِه في جبهات الحرب .وقد تمّ الإفراج عن نقدي بعد ثلاثة أشهر بأوامر صادرة عن قيادة الحرس الثوري، وعاد إلى فيلق بدر، ليس كمسئول استخبارات بل كضابط لوجيستي في أركان الفيلق.

وبعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، إنتقل نقدي إلى فيلق القدس، كمسئول العمليات السرية خارج البلاد. ومع بدء الحرب في البوسنة، توجّه نقدي ضمن وحدة من رجال الكوماندوس التابع لفيلق القدس إلى البوسنة، حيث تولّى تدريب الشبان المسلمين على فنون الاستخبارات واستجواب المعتقلين. وزار نقدي لبنان أيضًا ضمن  جماعة الضغط المعروفة داخل إيران بـ" أنصار حزب اللـه إيران "التي كان يقودها العميد حسين اللـه كرم.

كادت لبنان تكون المحطة الأخيرة في حياه نقدي عندما أرسل  قائد وحدات الحرس المستقرة في لبنان آنذاك، العميد علي رضا عسكري (مساعد وزير الدفاع فيما بعد والذي اختفى في تركيا العام 2007، وقيل إنه كشف عن أسرار المنشآت النووية والعسکرية الإيرانية والمختبرات النووية السورية التي ضربتها الطائرات الإسرائيلية عقب لجوئه إلى الولايات المتحدة خلال زيارة لدمشق ومن بعدها اسطنبول) بتقرير إلى قيادة الحرس في طهران أبدى خلاله شكوكه حول سلوك نقدي، وأشار إلى أنّ الأخير مهتم أكثر من اللازم بالتعرف على مواقع حزب اللـه السرية ومستودعات أسلحته علي الفور تقررت عوده .

عاد نقدي إلى طهران وكانت المهمة الأولى له لتحديد ولائه أن يقوم باغتيال ابن عمه محمد حسين نقدي، القائم بالأعمال الإيراني بعد الثورة في روما بسبب التحاقه بالمعارضة، فلم يتردد نقدي في تنفيذ المهمة بنجاح فاغتال ابن عمه  بعدة رصاصات أطلقها أحد معاوني نقدي في رأسه. ليفلت من عقاب شديد و يصدر قرارًا  وبناء على طلب قائد الحرس وقتذاك، بترقيه نقدي إلى رتبة عميد، وعُهِدت إليه مسئولية استخبارات قوات الحرس. وفي هذا المنصب أظهر نقدي جدارته وولاءه، وذلك خلال توليه مسئولية استجواب عمدة العاصمة الإصلاحي البارز غلام حسين كرباستشي في عهد الرئيس محمد خاتمي، و163 مديرًا ومساعد مدير في بلدية طهران.

وفي معتقل "وصال" مارس العميد محمد رضا نقدي أبشع أنواع التعذيب وأكثرها قسوة وغير أخلاقية  بحق كرباستشي ومعاونيه، وأثارت تصريحات بعض المعتقلين خلال محاكمتهم حول ممارسات نقدي، ضجة كبيرة في البلاد. لدرجة أن قرر بعض النواب الإصلاحيين في البرلمان استدعاء نقدي إلى البرلمان لاستجوابه، لكن خامنئي أنقذه، بنقله إلى مديرية مكافحة تهريب الأموال والمخدرات ومنها إلى هيئة أَركان القوات المسلحة.

 وأدرج اسم نقدي قائمة المشمولين من المسئولين عن البرنامج النووي الإيراني عندما شدد مجلس الأمن الدوي العقوبات على إيران بالقرار 1803 في مارس/ آذار 2008، إذْ وصف القرار محمد  رضا نقدي بأنه النائب السابق لقائد أركان الجيش الإيراني لشئون الإمداد والتموين والبحوث الصناعية. وقال المجلس إن نقدي من خلال مسئوليته عن إدارة مكافحة التهريب كان مسئولا عن جهود إيرانية للتحايل على الحزمتين السابقتين من العقوبات. وكان نقدي قد أعلن عقب فرض الحزمة الثانية من العقوبات في مارس/آذار 2007، أن بلاده اتخذت إجراءات لمواجهة العقوبات وأن لديها إمكانات لمواصلة برنامجها دون الحاجة لاستيراد مواد من الخارج.

 وعمل نقدي عام 1993، كنائب لمدير مخابرات قوة القدس، التابعة للحرس الثوري والمسئولة عن العمليات الخارجية، لكن أبرز دور له هو الخطوة التي لجأ إليها نقدي في أعقاب توجيه القضاء  اتهامات لنائب وزير  الاستخبارات  للشئون الأمنية " سعيد إمامي"  بقتل مثقفين علمانيين، حيث قام برفقة طاقمه بتشكيل "قوة استخبارات موازية" لكي يتجنب مثل هذا التدقيق. وهو ما سمح لنقدي ورفاقه بالعمل خارج نطاق سيطرة الرئيس آنذاك، محمد خاتمي، الذي توعد بتطهير الوزارة. وبالرغم من محاولات الإصلاح التي سعى خاتمي لتحقيقها، فإن استمر يقود رجالة في  ارتكاب ممارستهم الوحشية. و في تعذيب مجموعة من الأعضاء البارزين في حزب المعارضة الخاص بالرئيس الأسبق  أكبر هاشمي رافسنجاني. بالإضافة لدوره الرئيسي في تنظيم وتمويل" أنصار حزب اللـه إيران"، التي دبرت الهجوم الذي تم تنفيذه على الحي الجامعي للطلاب في جامعة طهران عام 1999.

الانتخابات الأخيرة

 وعقب انطلاقة الحركة الخضراء الاحتجاجية، عُهدت إلى نقدي مسئولية استجواب المعتقلين البارزين بالتنسيق مع جواد آزاده، مساعد وزير الاستخبارات الأسبق المعروف بقسوته في تعذيب المعتقلين ونجاحه في أخذ الاعتراف بعمالة أمريكا من أي شخص يقضي يومين في زنزانته. وما من شك في أن نجاح نقدي وزميله آزاده في إرغام إصلاحيين بارزين مثل الدكتور سعيد حجاريان، مستشار خاتمي، والمنظّر الإصلاحي المعروف حجة الإسلام محمد علي أبطحي مساعد رئيس الجمهورية السابق، على قراءة الاعترافات المعدة لهم أمام كاميرا التليفزيون الإيراني كان أهم مؤهلات تعيينه قائدًا لقوات الباسيج.

font change