الذهب غطاء جيد للدول في وقت الأزمات

الذهب غطاء جيد للدول في وقت الأزمات

[escenic_image id="5512632"]

في صيف 2008، شهد الدولار الأمريكي انخفاضًا في قيمته مقابل العملات العالمية الأخرى. فالجنيه الإسترليني كان يعادل دولارين أمريكيين، واليورو 1.60 دولار أمريكي. وما عكس هذا التراجع في قيمة الدولار أن النفط وصل إلى 147 دولارًا أمريكيًا للبرميل. صحيح أن الأزمة الاقتصادية العالمية والهبوط الشديد المصاحب لها في أسواق الأسهم العالمية وتحفظ المستثمرين في استثماراتهم حول العالم؛ كل هذا أدى إلى زيادة الطلب على الدولار الأمريكي بشكل هائل مما عزز قيمته أمام الجنيه الإسترليني والين واليورور وغير ذلك من العملات الوطنية، بيد أنه بينما بدأت الأزمة في التراجع، وبدأ الحل السياسي الأمريكي للأزمة تأثيره، سوف تبدأ الأسس الاقتصادية في استعادة أهميتها من جديد، ويبدأ الدولار الأمريكي في استعادة قيمته النسبية في الأوقات الطبيعية. وبالفعل فإن اليورو استعاد الكثير من قيمته التي فقدها في شتاء 2008-2009.   

وفي حين أن هبوط قيمة الدولار الأمريكي سوف يحفز الاقتصاد الأمريكي على التعافي ويزيد الصادرات الأمريكية، إلا أنه ينذر بخسائر كبيرة بالنسبة لمن يحوزون أصولًا بالدولار الأمريكي من الأجانب. وبشكل خاص، فإن البنوك المركزية الأجنبية في الصين والخليج العربي التي تمتلك احتياطيات ضخمة من الدولارات، سوف تكون عُرضة لهذه التطورات والمشكلات المتعلقة بتنويع حافظاتها الاحتياطية. كما أن زيادة أسهمها من الذهب الذي يعد أكثر الأصول النقدية تقليدية في العالم سوف يكون بمثابة مخرج من هذه الأزمة بالنسبة للكثير من الاقتصادات المتمركزة حول الدولار الأمريكي.

جدول 1. كبار البنوك المركزية التي تحوز الذهب، 2001 و2009

الدولة

2001

(أطنان)

الدولة

2009

(أطنان)

الولايات المتحدة

8149.0

الولايات المتحدة

8133.5

ألمانيا

3456.6

ألمانيا

3412.6

فرنسا

3024.7

فرنسا

2527.5

إيطاليا

2451.8

إيطاليا

2451.8

سويسرا

2270.1

الصين

1054.0

اليابان

765.2

سويسرا

1040.1

هولندا

884.9

اليابان

765.2

الصين

395.0

هولندا

621.4

المصدر: صندوق النقد الدولي، مجلس الذهب العالمي

وهناك أسباب عديدة وراء حوزة الذهب. فأولًا، الذهب لا يخضع لمسئولية أي دولة. فعلى العكس من الدولار، ببساطة لا تستطيع أي دولة أن تطرح كميات غير محدودة من الذهب في الأسواق الدولية. وثانيًا، مقدار الذهب الموجود بالعالم ثابت نسبيًا. فقد تم استخراج ما يقرب من 160 ألف طن من الذهب على مدار تاريخ البشرية، ويتوقع مجلس الذهب العالمي أنه سيتم استخراج 2400 طن فقط سنويًا في المستقبل المنظور. وتحوز البنوك المركزية على 20 ألف طن، أي حوالي 1/8 هذا الذهب. وغالبًا ما لا يتم تقدير مدى ضآلة الذهب الموجود بالفعل؛ فجميع الذهب الموجود في العالم يمكن أن يقدر فقط بالثلث السفلي من مسلة واشنطن الشهيرة. وبالتالي، فإن الذهب بمثابة أصل جيد تحفظ به القيمة على المدى الطويل. وعلاوة على ذلك، يمكن أن يكون بمثابة ضمان لقروض دولية كما أنه من الممكن أن يباع مباشرة وقت الأزمات. وقد استخدمت الهند احتياطياتها من الذهب في عام 1991، كضمان لقرض دولي، كما تستهدف سويسرا غطاءً ذهبيًا يمثل 40% من احتياطياتها كي  تعزز الثقة بالفرنك السويسري والنظام المالي السويسري.   

جدول 2: الذهب كنسبة من الاحتياطيات، 2009، مجموعة منتقاة من الدول

الدولة

الذهب في الاحتياطيات (2009)

نسبة الذهب من الاحتياطيات (2009)

منطقة اليورو (بما يشمل البنك المركزي الأوروبي)

10905.5

58.5

المملكة العربية السعودية

143.0

12.4

الكويت

79.0

11.9

الهند

557.0

6.5

قطر

12.4

3.7

البحرين

4.7

n.a.

الصين

1054.0

1.6%

المصدر: صندوق النقد الدولي، مجلس الذهب العالمي، معلومات من بيانات صحفية خاصة بالبنوك المركزية الوطنية

وهناك دلائل تشير إلى أن الدول بدأت في الالتفات إلى الدور المهم للذهب في تنويع حافظاتها. ففي حين يجرِّد العالم المتقدم نفسه من الذهب، تضيف الدول النامية إلى حافظاتها. وتحوز الدول الأوروبية 60% تقريبًا من احتياطياتها ذهبًا، لكنها تُقلل من هذا المقدار بشكل مستمر. وقد استهدف البنك المركزي الأوروبي ما نسبته 15% كحصة ملائمة للذهب من احتياطياته. وفي هذه الأثناء، زاد الصينيون من ممتلكاتهم من الذهب من 395 طنًا في عام 2001 إلى ما يزيد على ألف طن في عام 2009 (انظر الجدول المرفق). وفي حين أن هذه النسبة لا تزيد كثيراً عن 1% من إجمالي احتياطياتها الأجنبية، إلا أنها تكفي لأن تجعل الصين سادس أكبر مالك للذهب في العالم.

لقد ركزت الصين على شراء الذهب المنتج محليًا. وإذا استمرت في هذه الإستراتيجية، فسرعان ما ستفوق جميع الدول الأوروبية التي تحوز الذهب خلال خمس سنوات. وإذا التزمت بكين بنسبة صغيرة فقط من فائضها التجاري الذي يزيد على 200 مليار دولار أمريكي لشراء الذهب بدلًا من الأصول المعتمدة الدولارية، فإنها سرعان ما تتجاوز الولايات المتحدة التي تعد أكبر مالك للذهب في العالم. واشترت الهند أخيرًا 200 طن من صندوق النقد الدولي، ويبدو أنها عازمة على زيادة هذا الإجمالي. أما معظم دول الخليج بما فيها المملكة العربية السعودية وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة فإنها لا تمتلك الكثير من الأصول ذهبًا، في حين تمتلك قدرًا هائلًا من الأصول الدولارية. وحيث إن هذه الدول مصدرة للنفط، الذي هو عماد اقتصادها، فإن انخفاض قيمة الدولار الأمريكي يؤثر عليها تأثيرًا فعليًا ومتزايدًا. 

إن الأزمة الحالية، إضافة إلى انخفاض أسعار النفط الذي أعقبه انخفاض في قيمة الدولار من جديد، تنذر بتعرض ماليات العديد من دول الخليج إلى ضغوط مالية متزايدة. والتحوط من المزيد من الانخفاض في سعر الدولار يمثل أهمية كبيرة بالنسبة للدول المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالولايات المتحدة. وإذا ما اتبعت دبي والإمارات العربية المتحدة النموذج السويسري في حوزة نسبة كبيرة من احتياطياتها الأجنبية ذهبًا، فإن المخاوف الحالية المتعلقة بمصير شركة دبي العالمية سوف تقل كثيرًا في الأسواق المالية.

الآراء الواردة في هذا المقال خاصة بالمؤلف، وهي ليست متعلقة بالضرورة بالكلية الجوية الأمريكية أو وزارة الدفاع الأمريكية.

font change