تحديات الأمن البشري في الدول العربية تقرير التنمية البشرية العربي لعام 2009 برنامج الأمم المتحدة الإنمائي نحو اتصال بيني مثمر من أجل المعرفة تقرير المعرفة العربية لعام 2009 برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم

تحديات الأمن البشري في الدول العربية
تقرير التنمية البشرية العربي لعام 2009
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي

نحو اتصال بيني مثمر من أجل المعرفة
تقرير المعرفة العربية لعام 2009
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم

[escenic_image id="5511455"]

لسوء حظ منطقة الشرق الأوسط  لاتسير ثروة الموارد مع النمو جنبًا إلى جنب. وثمة عوامل عديدة تحدد ما إذا كانت الدولة تحقق قدرًا من التنمية وهذا بالضبط مايوضحه تقرير التنمية العربية لعام 2009 وكذلك تقرير المعرفة العربية.

والأهم من ذلك فإن هذين البحثين نجحا في صياغة سؤال التنمية بطرق شتى. وبعبارة أخرى، فمن خلال الاعتراف بأن الثروة لا تتضمن التنمية، ينطلق كلا التقريرين من ضرورة تحليل التنمية من أجل تحديد كيفية قياسها.

بهذا المعنى، تبرز بوضوح الأصالة التي يتسم بها تقرير المعرفة العربية لعام 2009. وجاء بالتقرير: " لقد فتحت ثورتا المعرفة والاتصالات في الوقت الحالي آفاقا جديدة لتنمية الأوضاع المعيشية للبشر ودعم الجهود لزيادة أشكال المعرفة التي تسهم في تحقيق الرخاء البشري". وبعبارة أخرى، فإنه وفقًا لما جاء بالتقرير فإن قدرة الحكومة على تدشين وتشجيع إنتاج المعرفة ونشرها يعتبر عاملًا مهمًا في تزويد الأفراد بالقدرة على تحسين معيشتهم.

وفيما وراء النظر إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي مثل إجمالي الناتج المحلي ،على سبيل المثال، فإن تقرير المعرفة العربية يتخذ جانبا أكثر تحديدًا من التنمية يمكن وصفه بالبعد الإنساني للتنمية وهو ينجح في تحقيق ذلك في الوقت الذي يعير فيه اهتماما للخصوصيات التاريخية والثقافية للمنطقة والتي قد تؤثر على نتيجة الممارسات.

وعلى سبيل المثال، يصف التقرير المقاربة التي اتبعها، والتي تنصب على بعض العناصر المكونة للمجالات المختلفة للمعرفة في الواقع العربي. ويزعم التقرير أن هذا يتيح لهم تشخيص وقياس حجم الفجوات المعرفية الحالية وبالتالي توليد نقاش داخلي يطمح إلى بناء وتطوير الأداء المعرفي العربي.

وكنتيجة لهذه الأهداف، فإن التقرير يتناول مسألة المعرفة العربية من خلال موضوعات محددة. ويبرز أهمية خاصة لتوسيع قدرة المؤسسات المتصلة بالمعرفة في المنطقة. وقد ركز الفصل على الهموم الخاصة بالكيفية التي قد يؤثر بها تقييد الحريات الاقتصادية على هذه المؤسسات. ويعترف التقرير بأن الانتعاش النفطي لم يسهم كثيرًا في دعم الحريات الاقتصادية. كما يقيم التقرير صعود التيارات الدينية المتطرفة على أنه عامل مهم يعيق تطور المعرفة العربية.

وبينما يقدم طريقة مبتكرة لتقييم التنمية فإن تقرير التنمية البشرية العربي يأخذ في الاعتبار مجموعة أكبر من العوامل التي تؤثر بشكل مباشر على التنمية وبالتالي يتمكن من تقديم تعريفات أكثر تحديدًا من تلك التي يقدمها تقرير المعرفة العربية.

ويتمحور تقرير التنمية العربية والذي يرعاه البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ويكتبه مفكرون وعلماء من الدول العربية حول مفهوم الأمن البشري. ويعرف البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة الأمن البشري بأنه: " تحرير البشر من تلك التهديدات الشديدة والشاملة والممتدة التي تتعرض لها حياتهم وحريتهم". والأهم من ذلك يرى التقرير أن معوقات التنمية البشرية في المنطقة التي ثبت أنها تستعصي على الحل تكمن في خصائص المنطقة ذاتها والتي تقوض الأمن البشري.

وهكذا فإن التقرير يسجل الهشاشة التي تتسم بها الهياكل البيئية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية للإقليم وافتقاره إلى سياسات تنموية تركز على الأفراد وكذلك تعرضه للتدخل الخارجي. ويخلص التقرير إلى أن الأمن البشري  شرط أساسي للتنمية البشرية ويعد غيابه على نطاق واسع في الدول العربية سببًا في إعاقة تقدمها.

ويلخص تقرير التنمية العربية سبعة أبعاد للتهديدات، إلا أنه يقدم اقتراحات حول كيفية التغلب عليها. وكما هو الحال في كثير من الدول النامية فإن ارتفاع معدل البطالة واستمرار الفقر يتم التركيز عليهما باعتبارهما يمثلان نوعًا من التحديات الخاصة.

وكنتيجة لذلك، يلاحظ التقرير أن " الثروة النفطية الخيالية للدول العربية تقدم صورة مضللة  عن وضعها الاقتصادي، والذي تختبئ وراءه أوجه القصور الهيكلي لكثير من الاقتصادات العربية وما يصحبها من الشعور بعدم الأمان على مستوى الأفراد والدول على حد سواء".

وثمة تحد آخر مهم طالما واجه الشرق الأوسط يتعلق بالنمو السكاني وماكان له من آثار. ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، سيبلغ عدد سكان الدول العربية 395 مليون نسمة بحلول عام 2015 في منطقة تعاني من انكماش المياه والأراضي الخصبة.

وبالإضافة إلى ذلك فإن مسألة التدخل العسكري تمثل كذلك عقبة في طريق الأمن البشري بالمنطقة. وفي العراق والأراضي الفلسطينية المحتلة والصومال تعرضت الحقوق الأساسية للأفراد في تقرير مصيرهم والعيش في سلام للإلغاء العنيف. فهم يواجهون تهديدات عديدة تفسد عليهم حياتهم وحرياتهم وأرزاقهم وشئونهم التعليمية والصحية ومستوى التغذية. وكل هذه التهديدات تعمل إلى حد كبير على تقويض جهود التنمية في المنطقة.

ويسلم التقرير بأن التوصيات اللازمة لإصلاح هذه الأوضاع لا قبل لقدرات الدول الفردية بها-حيث إن ماهو مطلوب بالفعل يتضمن مبادرات على مستوى المنطقة بأسرها. وبهذا المعنى فإن كلا التقريرين يلتقيان فيما يقدمانه من توصيات رغم أنهما يرتادان أفاقا تنموية مختلفة.

وبينما يقدم تقرير المعرفة العربية تفسيرا فريدا للتحديات التي تواجه التنمية في الشرق الأوسط، وحيث إنه من المؤكد أن نشر المعرفة هو عامل ضروري لدعم التنمية‘ فإنه مقارنة بتقرير التنمية العربية يعاني من بعض أوجه القصور. وعلى سبيل المثال، فإن التقرير يركز على عرض الأبعاد النظرية للمعرفة وأهداف مخطط البحث. وإذ تعد هذه من الجوانب الأساسية في البحث ربما بدونها جاء التقرير ناقصًا، إلا أنه يبدو أن التركيز على الأسس النظرية للنقاش قد أدى إلى إهمال الحلول الممكنة التي يمكن أن تضطلع بها دول المنطقة.

ومن ناحية أخرى، فإن تقرير التنمية العربية، رغم تغطيته نطاقًا أوسع فإنه قد نجح في استكشاف كل جانب بشيء من التفصيل. وقد يكون الأهم من ذلك هو قدرة التقرير على الربط بين التحديات المختلفة وإلقاء الضوء على ما تتسم به من آنية والتوصية بتبني السياسات الضرورية للحد من تأثيرها. والتقريران مجتمعان يقدمان تقييما مهما للتحديات التي تواجهها المنطقة. وبالرغم من وجود بارقة أمل، فمن الواضح أن المنطقة لايمكن أن تستمر في تجاهل توفير الرخاء لمواطنيها وأنه يجب تبني نظرة كلية للتنمية إذا ما أريد لهذه المنطقة أن تشهد ترجمة عملية لثروة الموارد إلى تحسين شامل في نوعية الحياة التي يحياها الأفراد. ومن خلال المقاربة المتفردة التي يتبناها التقريران عن التنمية، فإنهما لم ينجحا في إعادة تعريف قضية التنمية فحسب ولكن أيضا في إعادة النظر في العوامل التي تؤثر على التنمية. ويلاشك تلقي هذه المقاربة الضوء على عناصر مخاطرة مهمة كان من الممكن ألا تتم ملاحظتها من خلال مقاربات أخرى. 

font change