تحديات الانتخابات الأفغانية تقرير آسيا رقم 171 مجموعة الأزمات الدولية 24 يونيو/حزيران 2009. الانتخابات الأفغانية : من الذي خسر؟ وماذا خسر؟ شهادة أليكس ثير أمام الكونجرس معهد الولايات المتحدة للسلام 1 أكتوبر 2009

تحديات الانتخابات الأفغانية
تقرير آسيا رقم 171
مجموعة الأزمات الدولية
24 يونيو/حزيران 2009.
الانتخابات الأفغانية : من الذي خسر؟ وماذا خسر؟
شهادة أليكس ثير أمام الكونجرس معهد الولايات المتحدة للسلام 1 أكتوبر 2009

[escenic_image id="5510760"]

صدر تقرير مجموعة الأزمات الدولية قبل شهر من انتخابات شهر أغسطس/آب، المثيرة للجدل في أفغانستان. ويركز التقرير تحليله على السياق السياسي الأفغاني، والتحديات التي وضعها أمام  العملية الانتخابية. أولا، يلقي التقرير الضوء على المؤسسات الضعيفة في أفغانستان، بالإضافة إلى الوضع الأمني الأفغاني المتردي، وكذلك العوامل التي من المحتمل أن يكون لها تأثير على الانتخابات. ولم يُغفل التقرير ضعف البنية التحتية الانتخابية في أفغانستان والمحاولات السابقة الفاشلة لتحقيق الديمقراطية، وهي عوامل تعرقل إجراء انتخابات نزيهة وذات مصداقية.

تبعا لذلك، فإن التقرير لخَّص التحديات التي تواجه الانتخابات في ثلاثة جوانب وهي : التقنية والسياسية والأمن. من حيث  الجانب التقني، يؤكد التقرير على فشل الحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي في اغتنام فترة ما بعد انتخابات عام 2004، كفرصة لبناء القدرات. ويشير التقرير أيضا إلى أن هذه الفترة كانت  مناسبة لتزويد اللجنة الانتخابية الأفغانية المستقلة  بدعم كان من شأنه زيادة شرعيتها.

كما تم توصيف المركزية السياسية الأفغانية كعامل سياسي أدى إلى إضعاف العلاقة بين فروع الحكومة، وأثَّر سلبًا على عملية التصويت في الانتخابات. واستنادًا إلى حالة الأمن، أوضح التقرير بُعد نظره بتوقعه انخفاض معدل الإقبال على التصويت في الأقاليم التي تواجهها تهديدات أمنية، والتي حدثت بالفعل وقت الانتخابات. وبالتالي ، نصح واضعو التقرير بزيادة الإجراءات الأمنية لتعويض أوجه القصور التنظيمية والهيكلية، بالإضافة إلى التركيز على توفير "الحيادية" و "النزاهة" و "المهنية" لموظفي الانتخابات.

ورغم المستوى التحليلي الرفيع  الذي يتميز به التقرير، فهو يعاني من عدة أوجه قصور. أولا، في خضم العديد من التوصيات التي يقدمها التقرير، فإنه أخفق في تقديم توصيات بضرورة وجود تعاون بين أفرع الحكومة المختلفة، وذلك لضمان وجود "الضوابط والتوازنات " في النظام.

ثانيا،أغفل التقرير ثقافة المجتمع الأفغاني. على سبيل المثال، قلما تستطيع النساء في أفغانستان مغادرة منازلهن دون موافقة أزواجهن، وذلك يشكل فرصة ذهبية لأولئك الذين يقومون بتزوير الانتخابات. ففي مكاتب التسجيل، قام رجال بتسليم قوائم طويلة بأسماء نساء بزعم أنهن زوجاتهم أو إناث تربطهم بهن صلة قرابة. كما يمكن انتقاد التقرير من حيث التوصيات التي قدمها، بوصفها توصيات نظرية إلى حد كبير ولا تمت بصلة للظروف المتدهورة في أفغانستان. فإذا كانت الحكومة الأفغانية، بمساعدة المجتمع الدولي، فشلت في تحقيق الأمن وإحلال الديمقراطية خلال أربع سنوات، فإنه من المستبعد جدًا تحقيق التوصيات خلال الفترة القصيرة السابقة للانتخابات الأفغانية.

أما التقرير الثاني، فقد تناول شهادة أليكس ثير أمام الكونجرس، ومعهد السلام الأمريكي بأفغانستان وبرنامج باكستان. جاءت الشهادة بعد الانتخابات وقبل شهر من إعادة انتخابية محتملة بين كرزاي وعبد اللـه. وتمهد الشهادة الطريق لتحليل الانتخابات من خلال  التأكيد على أهميتها باعتبارها استفتاء "على ما يقرب من ثماني سنوات من الشراكة بين إدارة كرزاي والمجتمع الدولي". وبالنسبة لثير، تعتبر الانتخابات مجرد وسيلة لتصوير إمكانية وجود ديمقراطية خالية من العنف في أفغانستان. ورغم أخطاء الانتخابات، يرى ثير أن ثمة  بارقة أمل  خلال جولة إعادة الانتخابات المقبلة، يمكنها أن تعيد الثقة في كل من الحكومة والحقوق التي يمكن أن تقدمها للشعب الأفغاني .

ومن الركائز التي اعتمد عليها ثير في  شهادته، الخصوصية المتبادلة بين الأمن والشرعية فى أفغانستان، وهو ما تعارض في وقت لاحق مع الإشارة إلى أنه تم تخصيص مبلغ 300 مليون دولار لمكافحة التمرد والعنف دون جدوى، أي دون  إحلال للأمن ووضع حد للفساد.

ويشيد ثير بوجود  مؤسسات مثل اللجنة الانتخابية المستقلة ولجنة الشكاوى الانتخابية واللتان تستطيعان فرض احترام القانون على الجناة. ولذلك، يرى ثير أن هناك أملا في تطبيق الدروس المستفادة في جولة الإعادة، وعلاج بعض الأخطاء التي حدثت في انتخابات أغسطس. غير أن ثير لم يذكر أن اللجنة الانتخابية المستقلة هي إحدى ضحايا مركزية السلطة، وبالتالي وقعت في براثن الفساد. كما أغفل ثير ذكْر أن غالبية أعضاء لجنة الشكاوى الانتخابية، وهي اللجنة التي كشفت عملية الاحتيال – ليسوا أفغان. وجدير بالذكر أنه سيتم وضع قانون برلماني يمنع أن تكون أغلبية أعضاء لجنة الشكاوى الانتخابية من غير الأفغان، ومن ثَم ينزع منها استقلالها.

ويشير ما سبق إلى أن أفغانستان لا تزال تعتمد على الدعم الدولي، وذلك على خلاف ما يزعمه الكثيرون.    

وبغض النظر عن المخاوف المتوقعة من أعمال العنف خلال إعادة الانتخابات، ينصح  ثير الولايات المتحدة باتخاذ نهج أكثر جدية  في تعزيز المؤسسات في أفغانستان، بالإضافة إلى مساعدة الرئيس المقبل على  إعلان سياسة عدم التسامح تجاه الفساد. إلا أن ثير يتجاهل دور الأمم المتحدة في بناء البنية التحتية الانتخابية  في أفغانستان. فقبل الانتخابات،  دعا نائب رئيس بعثة الأمم المتحدة، بيتر جالبريث، إلى إغلاق 1500 "مكتب وهمي" غير آمن بسبب الخوف من استغلال هذه المكاتب  في عمليات التزوير. ولكن جالبريث أُقيل، وتم تزوير بطاقات الاقتراع في تلك المحطات، كما توقع جالبريث عن يقين.

كما دعا ثير إلى محاربة ثقافة الحصانة في أفغانستان، ولكنه حتى في حالة الأخذ بنصيحته، فمن سيعاقب من؟

ورغم وجود التكامل التحليلي عند الجانبين، أخفقت مجموعة الأزمات الدولية وأليكس ثير في تقديم حلول جديدة وعملية لقضية مستمرة في أفغانستان، والتي تزيد على كونها مجرد تزوير في الانتخابات.

font change