دول مجلس التعاون الخليجي وطموحات إيران النووية

دول مجلس التعاون الخليجي وطموحات إيران النووية

[escenic_image id="5510563"]

بالنسبة لدول الخليج العربي، فإن دخول منافستهم الفارسية إلى نادي النخبة من الدول المسلحة نوويًّا سيكون تطورًا إستراتيجيًّا يحمل أبعادًا مدمرة. وتمتد منافسة الدولة الفارسية لهم لقرون طويلة. وسوف يزيد هذا التطور من التوترات السُّنيَّة الشيعية، ويتحدى مفاهيم التفوق السني، ويغذي المخاوف من تزايد "التدخل" الإيراني في الشئون العربية، ويرسخ الدولة الفارسية باعتبارها القوة المهيمنة في المنطقة.

وكما قال جيرد نونمان القاسمي، أستاذ دراسات الخليج العربي في جامعة إكستر وخبير الخليج العربي في المعهد الملكي للشئون الدولية: "الشاغل الرئيسي لدول الخليج العربي ليس الهجوم العسكري المباشر، ولكن ببساطة، الإحساس بأن إيران وهى الصبي اليافع، سوف تتحول لتصبح أكثر شبهًا بالفتوة – ويصبح الأمر خوفًا عامًا من استغلال إيران لثقلها فيما حولها". 

ولم يقلل استعداد إيران أخيرًا لإجراء محادثات حول برنامجها النووي مع مسئولين أمريكيين وأوروبيين من حدة قلق عرب الخليج، خصوصا لأنهم لا يصدقون أن إيران سوف تتخلى أبدًا عن طموحاتها النووية. وبالرغم من أن توجيه ضربة عسكرية من قِبل الولايات المتحدة أو إسرائيل إلى المنشآت النووية الإيرانية يلقى تعاطفًا، يعارض معظم صانعي السياسة هذا الخيار بسبب رد الفعل القاتل الذي تعتقد دول الخليج أنها سوف تعانيه كرد إيراني انتقامي.

وبخلاف ذلك، فإن دول الخليج العربي لم تتوصل بعد إلى رد موحد بشأن جارتهم العنيدة، مما يعكس عجزهم القديم عن التعاون بشأن السياسات الرئيسية. والواقع أن أمامهم القليل من الخيارات الجيدة ونفوذًا محدودًا للتأثير على إيران.

ولكن الأمر الأكثر إثارة للفزع؛ أن المؤشرات الأولى لسباق تسلح نووي في منطقة الخليج آخذة في الظهور، بينما تقيم أو تأمل دول الخليج في إقامة برامج نووية مدنية.. وتسعى كل دول الخليج بدرجات متفاوتة للحفاظ على العلاقات الثنائية مع إيران على قدم المساواة، أملا في أن يتمكنوا عبر الاتصال من تحجيم النزعات العدوانية لطهران. وتعد سلطنة عمان هي الأكثر ودًا بين دول الخليج مع إيران، ولديها تاريخ طويل من العلاقات الجيدة مع طهران، بالإضافة إلى قطر التي تود البقاء صديقة لإيران لأنها تشترك معها في حقل ضخم للغاز الطبيعي.

والدولتان الأكثر فزعا بين دول الخليج هما الكويت والبحرين، وتشعر الأخيرة بحساسية خاصة نحو احتمالات قيام إيران بالوقيعة بين أغلبية البحرين الشيعية. وهناك تصريحات عفوية للمسئولين الإيرانيين بأن البحرين في حقيقة الأمر تنتمي للأراضي الإيرانية مما يزيد من التوتر.

وربما تحتفظ دولة الإمارات العربية المتحدة بالعلاقة الأكثر تعقيدًا مع إيران. وهناك نزاع مرير يمتد لعقود مضت بين البلدين حول ثلاث جزر صغيرة، حيث يدَّعي كلا البلدين ملكيته لهما على حد سواء؛ وتحتلهما إيران حاليًا. وفي الوقت نفسه، تعد مدينة دبي في دولة الإمارات مركزًا رئيسيًّا للتجارة ومستودعًا استثماريًّا لإيران، والذي يفيد كلا الجانبين.

 وبالطبع فإن موقف المملكة العربية السعودية تجاه خطط إيران النووية هو الأكثر أهمية. وتحتفظ الرياض بعلاقات سليمة مع طهران، وإن لم تكن ودية. ولكي تحرم إيران من استخدام خطابها اللاذع ضدها، تجنبت المملكة العربية السعودية التعليق على مشكلات إيران الداخلية الأخيرة، بما فيها احتجاجات الشوارع التي تلت انتخابات يونيو الماضي وانقسامات الزعامة، بالإضافة إلى التفجير الانتحاري الأخير الذي خلَّف ستة قتلى من الحرس الثوري في جنوب شرق إيران.

ويعبر بعض المسئولين السعوديين بشكل غير رسمي عن اعتقادهم بأن هذه المشاكل السياسية، بالإضافة إلى اقتصاد إيران المضطرب، سوف يتسببان في انفجار البلاد قبل أن تحقق طموحاتها النووية بشكل كامل. ولكن السعوديين لا ينتظرون أن يحدث ذلك. وعلى غرار جاراتها الخليجية، تبرم المملكة العربية السعودية صفقات أسلحة كبيرة للحفاظ على تحديث قواتها التقليدية.

كما وقعت المملكة مذكرة تفاهم بشأن التعاون النووي مع واشنطن في العام الماضي، وسوف توقع اتفاقية أخرى مع فرنسا خلال زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للمملكة في شهر نوفمبر الجاري. وإذا مضى السعوديون قُدمًا ودشَّنوا برنامجًا نوويًّا مدنيًّا، فسوف يحذون حذو دولة الإمارات، وهى أول دولة خليجية تقوم بذلك. ففي وقت سابق من هذا العام، وقَّعت دولة الإمارات والولايات المتحدة اتفاقيات تسمح للأولى بشراء تقنية الطاقة النووية الأمريكية والوقود.

وتقول كلتا الدولتين إن هذه البرامج المدنية مخصصة لتلبية الاحتياجات المحلية من الطاقة في المستقبل. ويرى المراقبون الأجانب دافعا ثانيًا لذلك أيضًا. "يمثل التهديد النووي الإيراني السبب وراء تحرك دول مجلس التعاون الخليجي في اتجاه الحصول على التقنية النووية"، هكذا كتبت كريستيان يوليرشين، وهى باحثة في كلية لندن للاقتصاد. وتعتبر هذه التحركات "أنه تصريح ينطوي على نوايا امتلاك خيار صنع سلاح نووي في وقت ما في المستقبل، بغض النظر عن عدم واقعية ذلك... ولا أظن بالتأكيد أن السبب هو توليد الطاقة."

ويقول جريج جوس، وهو خبير بشئون الخليج العربي في جامعة فيرمونت: "سوف تسير دول الخليج وراء الولايات المتحدة الأمريكية حتى تصل إلى مرحلة امتلاك إيران سلاحًا نوويًّا وعندها سوف تضطر إلى اتخاذ قرارات صعبة".

 وحيث إنها تفتقر إلى البنية التحتية الفنية الطبيعية، والمعرفة العلمية لبدء برنامج عاجل للأسلحة، يشير بعض المراقبين إلى أن بعض دول مجلس التعاون الخليجي قد تشتري قنبلة بدائية من دولة صديقة مثل باكستان. إنه سيناريو مخيف، ولكن تصميم إيران الواضح على أن تصبح قوة نووية يفصح عن مستقبل مخيف في منطقة الخليج.

font change