مرشد الإخوان المقبل قد يكون من خارج مصر، وحزب الإخوان لن ير النور وهذه هي الأسباب !

مرشد الإخوان المقبل قد يكون من خارج مصر، وحزب الإخوان لن ير النور وهذه هي الأسباب !

[escenic_image id="554507"]

لم يستبعد محمد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، أن تتولى شخصية من خارج إخوان مصر مقاليد الأمور في الجماعة خلفاً له بعد قراره التنحي نهاية يناير المقبل، واعترف عاكف في مقابلة خاصة مع "المجلة" بأنه يتعرض لضغوط قوية داخل الجماعة ومكتب إرشادها للتراجع عن قراره.

ورفض عاكف الذي تجاوز الثمانين من عمره الإفصاح عن أبرز المرشحين لخلافته، مؤكدًا أن الأمر يخضع لقرار مجلس شورى الجماعة على مستوى العالم.

وقال المرشد السابع للجماعة منذ تأسيسها عام 1928 ،إنه يرحب بعضوية المرأة في مكتب الإرشاد، وأنه ليس هناك تحفظ على توليها مناصب قيادية داخل الجماعة، شريطة أن يسمح الظرف السياسي والأمني بذلك، كما أعرب عن إستعداده للحوار مع الإدارة الأمريكية إذا تمت دعوته لذلك، وأكد عاكف أن إنشاء حزب للإخوان لن ير النور ... محملاً النظام الحاكم في مصر المسئولية عن حالة الاستبداد والفساد التي تعيشها البلاد، ونافيًا في الوقت نفسه ما يتردد عن وجود أية صفقات بين الطرفين لتمرير سيناريو التوريث.

العديد من التساؤلات والقضايا المثارة على الساحة كانت محور المقابلة التي أجرتها "المجلة" مع مرشد الإخوان في مقر مكتبه بمنطقة المنيل وسط القاهرة.

*المجلة: قراركم بالتنحي مع نهاية ولايتكم الأولى في يناير المقبل يثير اهتمامًا واسعًا وأسئلة مهمة بإعتباره سابقة في الحياة السياسية المصرية .. هل الأمر ينم عن رغبة شخصية؟ أم اتجاه داخل الجماعة؟ وما الدوافع الحقيقية لهذا القرار؟

عاكف: هذا اتجاه لدى الجماعة منذ عام 1994، وكنت صاحب الاقتراح بأن تكون ولاية المرشد لمدة 6 سنوات قابلة للتجديد، ولكن تم تحديدها بفترتين، أما بخصوص قراري؛ فهذا الأمر ليس بجديد، فمنذ انتخابي مرشدًا والإخوان يعلمون أنني أريد أن أتقاعد بعد سن الثمانين، وهم طلبوا مني أن أستمر، وتعرضت لضغوط كثيرة من داخل مكتب الإرشاد للاستمرار في موقعي لفترة ثانية، وحتى الآن هناك من يضغط عليّ لكي أتراجع عن قراري، لكن الأمر يعد مسألة مبدأ بالنسبة لي، وفي نفس الوقت هو قرار مؤسسي أيضًا من حيث المبدأ، وقرار شخصي من حيث النتيجة.

*المجلة: البعض يتحدث عن إمكانية اختيار قائد إصلاحي للجماعة مثل "عبد المنعم أبو الفتوح" أو "عصام العريان".. ما تعليقكم؟ وهل يمكن أن تتولى المسئولية شخصية غير مصرية من حركة الإخوان؟

عاكف: هذا الأمر يرجع إلى مؤسسات الجماعة ومجلس شورى الإخوان، ولا أتدخل فيه، فهو الذي يختار وينتخب المرشد المقبل، وليس من حقي أن أرشح أحدًا حتى ولو كان ذلك من حقي ما رشحت أحدًا، بل أترك المجال لمؤسسات الجماعة تقوم بدورها وتحسم هذا الأمر، أما بشأن إمكانية تولي الدكتور "عبد المنعم أبو الفتوح" أو الدكتور "عصام العريان" المسئولية، فهذا أمر يتوقف أيضًا على قرار مجلس الشورى العالمي، وقد يكون المرشد المقبل من خارج إخوان مصر فاللائحة تبيح ذلك، وما يقال عن أن العرف جرى أن يكون مرشد الجماعة من مصر فإنما هذا يرجع إلى إدراك الإخوان في مختلف أنحاء العالم لقيمة وتاريخ مصر وقدر إخوان مصر، وما أحسست في يوم من الأيام من الإخوان في الخارج _ومنهم من هو أعلم وأفضل منا_ إلا كل الاحترام والتقدير لمكانة مصر وإخوانها.

*المجلة: البعض يتحدث عن أن الجماعة ما زالت يسيطر عليها التيار المحافظ ما يجعل الحديث عن أي تطور إصلاحي مجرد دعاية لتحسين صورة الجماعة.. ما ردكم؟ ولماذا لا يعترف الإخوان بوجود تيارات داخل الحركة ويسمح بالتعبير عن الرأي المخالف بشكل علني وصريح؟

عاكف: هذا كلام لا أساس له من الصحة وهي ادعاءات لا يرددها سوى العلمانيين، فليس عندنا ما يسمى بمحافظ وإصلاحي وحرس قديم وجديد،  أو تصنيفات من قبيل أن نائب المرشد الدكتور "محمد حبيب" من الصقور وهذا من الحمائم، فالإخوان هيئة إسلامية جامعة قائمة على الشورى والعمل المؤسسي، وما يتردد في هذا الشأن كلام فارغ لا أساس له يردده قوم لا يعرفون حقيقية فكرتنا ودعوتنا ورسالتنا ولا يدركون طبيعة الإخوان وربانيتهم في التعامل مع بعضهم البعض، أما بشأن الشق الثاني من السؤال؛ فمن عظمة الجماعة أنها تحترم الرأي الآخر سواء أكان صادرًا من داخلها أم خارجها وعندما أجد قيادات الجماعة وأعضاء مكتب الإرشاد على رأي واحد أطلب منهم التوقف لمراجعة هذا الأمر؛ فلابد أن يكون هناك رأي ورأي آخر وهذا أمر صحي وأسعد به، وفي النهاية ما يجتمع عليه الإخوان ويرضي ربنا يكون هو المسلك.

*المجلة: هل الجماعة قطعت بالفعل أشواطًا في عملية الإصلاح بداخلها؟ وما  المؤشرات؟ وما الخطوات التي ترون أنها ما زالت تحتاج إلى دفع داخل الجماعة لإتمام النهج الإصلاحي؟

عاكف: الجماعة ليس لديها أزمة حتى تقوم بإصلاحها، وهي في كل يوم ترى ما المناسب لها ولأفرادها وما يخدم رسالتها وتقوم به ونحن نريد إصلاح المجتمع ونسعى لذلك، ومبادرتنا للإصلاح السياسي التي طرحناها في مارس 2004 ،تبنت العديد من محاور الإصلاح في المجتمع على جميع المستويات والجوانب، أما ما يتعلق بمواقف ورؤى الجماعة فيما يتعلق بقضايا الإصلاح الداخلي أو أية تطورات على الساحة أو إذا ظهرت صورة معينة ترى الجماعة أنها لا تتوافق مع فكرها فسرعان ما تقوم بتقويم ذلك، فالإصلاح منهج داخل الإخوان في كل وقت لا يرتبط بفترة دون أخرى ولا يتوقف على جانب دون غيره، ومواقفنا تجاه الأقباط والمرأة والعدو الصهيوني وغيرها من القضايا المثارة على الساحة معروفة للجميع.

*المجلة: تحت رئاسة مهدي عاكف، شاركت جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية التي شهدتها مصر عام 2005، وفازت خلالها بــ 88 مقعدًا.. ما تصوركم للانتخابات التي ستجرى العام المقبل؟ وهل يمكن أن تكرر الجماعة نفس النجاح ؟

عاكف: نعم فازت الجماعة بـ 88 مقعدًا وكان يمكن لها أن تفوز بـ 120 مقعدًا، لولا أحداث التزوير التي وقعت خلال جولات المعركة الانتخابية ومنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم في الكثير من الدوائر، ولا أدري ماذا سيكون غدًا، كما لا يمكنني الحديث عن أي تصور للانتخابات المقبلة 2010 ،أو أية سيناريوهات مستقبلية بشأنها أو بشأن غيرها من القضايا، ففي ظل الدولة الاستبدادية الظالمة الفاسدة لا تستطيع أن تُكّون رأيًا أو تتوقع سيناريوهات مستقبلية لمثل هذه الملفات، خاصة في غياب القانون واحترام أحكام القضاء والدستور، أما إذا كانت هناك دولة تحترم القانون والدستور والقضاء فيمكن في هذه الحالة وعلى أسس ومعايير منهجية وعلمية توقُّع أمر ما، أو التحدث عن سيناريوهات مستقبلية، ومن يتحدث في هذا الجو الاستبدادي عن المتوقع خلال المرحلة المقبلة على الساحة المصرية إنما هو عبث لأنه لا توجد أسس حقيقية يمكن أن تبني عليها رؤيتك وتوقعاتك، لكن ما يتعلق بمشاركتنا في انتخابات البرلمان المقبلة فهذا أمر محسوم، ومبدأ المشاركة في أي انتخابات مبدأ حاسم عند الإخوان ولا تراجع عنه مهما كانت الضغوط وحملات التضييق، وحجم المشاركة يتحدد في وقته فلكل حدث حديث.

*المجلة: قضية إنشاء الإخوان لحزب سياسي لم تحسم حتى الآن، ويبدو أن الجماعة غير جادة في هذا الأمر.. ما ردكم؟ ولماذا تأجيل تلك الخطوة  حتى الآن؟

عاكف: حزب الإخوان لن يظهر للنور طالما استمر هذا النظام المستبد، فالأمر برمته يتعلق بواقع الحياة السياسية في مصر وبمواقف النظام الحاكم، فعندما يُحترم القانون والقضاء والبشر أنفسهم قبل كل شيء، عندئذ يظهر برنامج الحزب، والانتقادات التي وُجهت للبرنامج ليست هي السبب كما يردد البعض في التراجع عن هذه المسألة،  بل على العكس من ذلك، فما جاءنا من ردود على البرنامج آراء ممتازة استمعنا لها بإنصات واستفدنا منها كثيرًا، لكن ظهور الحزب على الساحة أمر مرهون بتغير الظرف السياسي في البلاد .

* المجلة: الفترة التي توليتم خلالها المسئولية شهدت ظهور جيل جديد من المدونين وأعضاء الجماعة الإصلاحيين الشبان.. كيف ترون هذه الإفرازات؟ ولماذا حتى الآن دور الشباب محدود داخل قيادة الجماعة؟ ولماذا لا تتنحى قيادات الجماعة ممن تجاوز السبعين؟!

عاكف: أنا مع المدونين وسعيد بهذه الظاهرة في صفوف الجماعة، وأدعم تزايدها وقلت لهم أريد مليون مدون داخل الجماعة، وقد استمعت لهم ولآرائهم ووجهت لهم النصح بأن يكونوا جادين في رسالتهم ويحددوا رؤيتهم ولا ينساقوا وراء عناوين الصحافة التي تبغي مجرد الإثارة فقط، وأرد على ما يُقال عن تهميش دور الشباب وإقصائهم من المواقع القيادية داخل الجماعة بسؤال: مَن يدير الجماعة في كثير من المواقع وفي مختلف المستويات؟ ستجد دورًا كبيرًا ممنوحًا للشباب، ومكتب الإرشاد الذي ينهي فترته خلال أشهر لن تجد سوى أربعة من أعضائه ممن تجاوزوا الستين من عمرهم، وهناك العضو "محيي الدين حامد" في الـ 48 من عمره  والدكتور "محمد سعد الكتاتني" رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين في سن الـ 49 ،و"أبو الفتوح" والدكتور "محمد مرسي" وغيرهما فوق الخمسين، وليس هناك مانع أن يكون هناك عضو مكتب إرشاد في الثلاثينيات من عمره، وأذكر أنه في عهد الأستاذ "حسن الهضيبي" _رحمه الله_ عندما زُج بالكثير من الإخوان داخل السجون، كان أكبر عضو في مكتب الإرشاد سنًا هو الأستاذ "عمر التلمساني" وستفاجأ عندما أخبرك أن عمره حينئذ كان 38 عامًا.

* المجلة: رغم الدور الذي لعبته المرأة داخل الجماعة في إيصال مرشحي الجماعة إلى قبة البرلمان فإن ثمة انتقادات تتعلق بتهميش الجماعة لدورها والانتقاص من المسئوليات الموكلة إليها بل وحرمانها من الكثير من الحقوق داخل الجماعة؟ ما تعليقكم؟

عاكف: ما زال دور المرأة مؤثرًا ومهمًا داخل الجماعة،  والتقارير الدولية تقول ذلك وتشيد بهذا الدور، وهذا النهج يظهر من خلال وجودها في الشارع المصري ومشاركاتها في العمل السياسي وفي الانتخابات التي تشارك فيها الجماعة وترشيحها في انتخابات البرلمان، فضلاً عن دورها التربوي والأسري بين قواعد الجماعة، والكلام عن عدم وجودها في منصب قيادي بمكتب الإرشاد، فهذا يرجع إلى رغبة منا في حمايتها، فعندما يكون هناك نظام حاكم مهذب ويحترم القانون والمواطنين فمرحبا بها ولا تحفُّظ على دخولها مكتب الإرشاد.

* المجلة: ملفات شائكة مثل توريث الحكم في مصر تظل مطروحة بقوة على الساحة.. هل يمكن عقد صفقة في هذا الشأن مع النظام الحاكم في مقابل بعض المكاسب وتخفيف القبضة الأمنية المفروضة عليكم؟

عاكف: بداية لا توجد بيننا وبين النظام أي صفقات، ولا ننتظر خيرًا من نظام مستبد، وجميع القضايا الملفقة للجماعة ما هي إلا توجهات أمنية فاسدة وتكرار توجيه الاتهامات ضد الشرفاء من أبناء هذا الوطن لا يمكن وضعها إلا في إطار محاولات النظام لتصفية حساباته مع الإخوان.

* المجلة: حالة من الزخم الإعلامي والسياسي رافقت زيارة الرئيس الأمريكي للقاهرة.. كيف ترون هذه الزيارة؟ وما توقعاتكم لنتائجها؟

عاكف: لا أنتظر شيئًا من الغرب إلا إذا اتحد العرب بأجندة واحدة وتحت هدف واحد، أما ما داموا متفرقين يعانون التشرذم والخلافات فلا تنتظر شيئًا من وراء هذه الزيارة، ولكن هذا لا يعني أنني أرفض الحوار مع الآخر، فلو دُعيت للحوار مع الإدارة الأمريكية سأجيب الدعوة.

font change