وقعنا في أخطاء فادحة في الحركة الإسلامية أكبرها الاستيلاء على السلطة عسكرياً

وقعنا في أخطاء فادحة في الحركة الإسلامية أكبرها الاستيلاء على السلطة عسكرياً

[escenic_image id="555937"]

حسن الترابي سياسي وعالم وفيلسوف والحوار معه قد يكون من أصعب الحوارات نتيجة الأفكار الضخمة التي يحملها، إلا انه بالمقابل شخصية براغماتية ليس من السهل إحراجها سياسيا لذا كان يحلق بكثير من الأسئلة  التي لا يرغب في إبداء رأي صريح فيها إلى فضائيات متفق عليها لا تملك إلا أن  تخضع لإرادته الساحرة وفي قدرته على التنقل بين أفكاره بسلاسة متناهية ، (المجلة) أجرت معه لقاء حول أبرز المواضيع السياسية الراهنة بداءً من علاقات إيران بالمنطقة ومرورا بقضية دار فور والحركة الإسلامية في السودان .

س 1: تم قصف قافلة مساعدات إيرانية قادمة من السودان ما موقفكم من تدخل إيران في الأمن العربي ؟

ج : في البداية العالم كله بداء يتدافع ويتعاون ، فهناك أزمات عالمية وإقليمية ، بعضها تجارية وعسكرية ، كما أن وسائل الاتصال الحديثة ولنقل الأخبار قربت  العالم من بعضه البعض ، كما أننا مسلمون علينا أن نتناصر جميعاً مهما تباعد المحتاج فينا ، فلا الطائفية في مذاهب الدين ولا العرقية تثنينا عن أن نتحد،  وكان الأجدى بالعرب وقد تركوا حماس وقد حوصرت هذا الحصار العالمي أن يفتحوا المجال لمن أراد  نصرتها سواء إيران أو غيرها ، صحيح انه  يتعثر على إيران ان تعبر العراق ولبنان وأزمتها السياسية والصفة الغربية لخلافها مع حماس، ووجدت البحر، لذا ينبغي أن تكون الشعوب المسلمة والرأي العام المسلم اقرب إلى النصرة وكان الأولى أن  تتولى الحكومات والشعوب العربية ذلك.

س 2 : هل ترون أن هناك أطماع إيرانية في المنطقة العربية  ؟

 ج2 :  الحق يقال إن المسلمون أمة واحدة وعليهم أن يتحرروا من الطائفية التي مزقت العالم الإسلامي فالشيعة والسنة مسلمون وكلنا شيء واحد، والعالم اليوم في أوروبا الغربية تكتلوا كتلة واحدة برغم الفوارق ، ونحن علينا أن نجتمع لنقوى واذا لم نجتمع يحدث شيئان : يبتلعنا الكبار ، وتأخذنا النزعات القومية فإيران بحماستها الدينية  ونزعتها القومية الفارسية كما العربية بالتعصب للسان العربي , وأرجو أن يتوحد العرب لأن العالم اليوم تكتلات، والعالم اليوم عصر التكتلات العالمية  ونحن اليوم عالة على غيرنا ، وأنا أتحدث إلى الإيرنيين بكل صراحة صحيح ان هناك حاجز من اللغة الفارسية بينها وبين العرب لكن هذه اللغة لم تقف يوما سداً بين الطرفين بل كان هناك امتزاج وتعاون .

س3 : هل ترون في تسليم البشير ضرورة لحل أزمة دار فور ؟

ج3: دارفور كانت دولة إسلامية أقوي من السودان حاربوا مع العثمانيين، وهي دولة قران، شعب متدين، والسودان بلد شعوب وأعراق يتباينون الآن لذا لابد أن نتوازن في السلطة والشورى والاقتصاد والنظام لم يرد الشورى ولا الحرية وبدء ينفرد بالسلطة ، والجنوب حاربونا وانتصروا علينا بالغرب واخذوا كل ما يسألونه.

وما ذنب دار فور إلا أنهم مسلمون كلهم لا يريدون القتل! النظام جمع بين التسلط والفساد ونحن خرجنا عليه لأنه انقلب على الشورى ونرد عليه بكلمة الحق ونحن نقصد الإسلام، والبشير أراد السلطة كلها والحكم مقاسمة بين الراعي والرعية فلا يكون الحاكم جبارأ ولا يأكل أموالهم وهذا ما أردناه واختلفنا عليه ، ليست دارفور وحدها بل لكل ولايات السودان أن تأخذ استقلالها، والمحكمة تقول انه المسئول قانونا لأنه إذا لم يفعلها بنفسه فقد علم بها  ، ونحن سياسيا نقول انه مسئول عن دار فور سياسيا والملايين من النازحين ومئات الحالات من الاغتصاب وقتل وحرق مئات الألف من البشر وهو مسئول عنها سياسياً .

ونحن في ديننا لا نعرف حصانة لأحد، وإذا لم تتوافر العدالة في السودان يمكن أن نستفيد من عدالة غيرنا، والعدالة إذا توفرت في الخارج خير من العلاقات الدولية السياسية التي كلها ضغوط وهذه عدالة القانون  ، وإذا كان البشير غير مذنب يدافع عن نفسه وله حق الدفاع ويبري نفسه ، ولن تضيع السودان أبداً فالدستور ينص كيف يدار البلد في مثل هذه الحالة .

وهو ليس موقف شخصي بيني وبين البشير وإنما هي البحث عن العدالة حتى إسرائيل التي نكرهها تقيم العدالة وإذا لم يرغب الذهاب يستقيل ، والبشير لو سلم نفسه فقد أحسن لنفسه وللسودان وجنب قومه الحروب كالعراق.

س4 : أخطاء الحركة الإسلامية في السودان وامتلاك السلطة كيف تقيمون هذه التجربة ؟

ج4: الإسلام كل ما اقترب من السلطة في السودان الغرب سلط عليه القوات المسلحة مع نميري عندما بدأ تطبيق الشريعة ومنع الخمور والرباء ومع الصادق المهدي ضغطوا علينا، ونحن نريد منهج الخلافة الراشدة وليس نموذج الصراعات السياسية كالدولة العباسية وغيرها من قتل وسفك دماء ، وإنما بالانتخابات ويحاسب الإمام كما يحاسب غيرة ونحن نريد الشورى لكل الناس أردنا كل ذلك واستعنا بالعسكر حتى نختبئ عن الغرب والعالم قرأه انقلاب عسكرياً، لكنهم بعد ذلك خافوا من الغرب أكثر من خوفهم من الله واختلفنا معهم على الحريات والأمر بالمعروف والشورى ونريد الحرية والانتخابات ، ونترك أموال الناس والاستيلاء عليها ونريد العدل وعلى الحركات الإسلامية أن تستفيد من تجربتنا في إدارة السلطة والاقتصاد ولا تقع فيما وقعنا فيه ، لابد أن نتعلم كيف يحكم الإسلام على الواقع العالمي وعلاقاته الدولية ، وفشلنا لأننا كنا نظن أن الذي تربى في الحركة الإسلامية لن يغريه المال والسلطة ويأكل أموال الناس بالباطل ويتفردون بالسلطة .

ونسعى لأن نسجل هذه التجربة بكل ما فيها في كتب أعكف حالياً على كتبتها وأعظها تحت الطبع وسوف أصدرها قريباً، وفيها أن على الحركات الإسلامية لا تستولي على الحكم حتى تعرف عواقب هذا الاستيلاء ومعوقاته لأنكم ستفتنون حتى وان كنتم مؤمنين بأفكاركم لأن الإسلام غاب سنين طويلة ، فهناك التضخم في المال العام والعلاقات الدولية والسلطان والقضاء هذه أشياء ليست مادة كتابية تتوافر وإنما عملية لابد من التهيؤ لها والتفقه فيها عمليا

س5: هل ارتكبت الحركة الإسلامية في السودان أخطاء كبيرة ؟

ج5: ارتكبت أخطاء فادحة أولاً، أنها دخلت في السلطة لا كما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة بالتراضي وإنما دخلت بالانقلاب على السلطة والقوة العسكرية ، والله تعالى ما أوصانا أن نكره الناس هكذا لأنه بالرضي تفتح الحريات والتوسيع على الناس، ونحن أخطئنا الطريقة بالاستعانة بالعسكر .

font change