العراق...الصعود أو السقوط

سيناريوهات الخروج من ”جمهورية الفوضى“
والصدام الأميركي- الإيراني 

رسوم ايما دافيس

رسوم ايما دافيس

العراق على مفترق طرق بعد 20 سنة من الغزو والتغيير وسقوط النظام وإزالة تمثال الرئيس الأسبق صدام حسين، في التاسع من أبريل/ نيسان 2003.

في الملف، نستعرض سيناريوهات الخروج من "جمهورية الفوضى"، ونستعيد يوم إعدام صدام حسين، ومكان الحبل الذي شُنق به.

وفي جانب من الملف نورد رواية دبلوماسي أميركي سابق لتجربته غداة الغزو، ونمر على مصير التفويض بـ"استخدام القوة" بمناسبة مناقشته في الكونغرس بعد مرور أكثر من 20 سنة.

ترصد "المجلة" أيضا تهديدات تنظيم "داعش" بعد سقوطه جغرافياً يوم 19 مارس/آذار 2019، وتتجول في شوارع مدينة الفلوجة بعد 19 سنة من مقتل أميركيين، وتعليق جثثهم على جسر المدينة.

في هذا العدد نختبر علاقة الأكراد وبغداد في تحقيق من أربيل، ونحلل اقتصاد العراق وأرقامه، ونستعرض الأفلام السينمائية العراقية والعالمية حول الحرب.

في هذا الملف، تكشف "المجلة" أيضا عن المحضر الرسمي السوري للقاء السري بين صدام حسين وحافظ الأسد في الأردن العام 1987.

ختاما، يتحدث مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون، لـ"المجلة" عن العراق والمنطقة والعالم، مدافعا عن الحرب، ومعتبرا إياها "حملة رائعة"، لكنه يعترف بوقوع أخطاء سياسية.

 

العراق ليس وحيداً

REUTERS

REUTERS

العراق هو “قصة الغلاف” في عدد مجلتنا لهذا الشهر. لم يكن الأمر في حاجة إلى كثير من النقاش. الملف فرض نفسه على مائدة التحرير.
الغزو الأميركي بدأ في 20 مارس/آذار، واسقاط تمثال الرئيس صدام حسين في 9 أبريل/نيسان كان رمزا لنهاية النظام وبدء مرحلة جديدة.

تلك الحرب، غيرت الكثير في العراق وتوازنات المنطقة. حولت “الجبهة الشرقية” العربية ساحة للصراعات والتفاهمات الأميركية - الإيرانية. كشفت حدود القدرة العسكرية والقوة الناعمة. نقلت خطوط “الجبهة” ووضعتها في أمصار متحركة.

الغزو الأميركي للعراق، سابقة في العلاقات الدولية. دولة عظمى كان لها دور في بناء المؤسسات الدولية والأمم المتحدة في 1945 شنت “حربا غير مبررة، بل غير قانونية، كما أعلن الأمين العام كوفي أنان”، حسب قول الوزير اللبناني والمبعوث الأممي السابق غسان سلامة لـ “المجلة” في فبراير/شباط. ويضيف: “كان هناك شعور(من أميركا) مبالغ فيه بالقوة، وان هناك ظرفا تاريخيا كي تتخلص من خصم يزعجها”، أي الرئيس صدام.

هذه “السابقة” ولدت “استسهال استعمال القوة” من دول كبرى أخرى وصولا إلى ضم روسيا شبه جزيرة القرم في 2014 والحرب في أوكرانيا في 2023، بل انسحبت “السابقة” على انغماس دول “متوسطة القوة” في “ساحات كثيرة” خصوصا ما يحصل في العالم العربي في العقد الأخير.

سيناريوهات الخروج من
«جمهورية الفوضى» العراقية

عشرون عاماً من التأرجح بعد الغزو

رسوم - إدواردو رامون

رسوم - إدواردو رامون

مرة يكون عنوانها «شرعية ثورية»، وأخرى تدّعي امتداد شرعيتها من معارضة النظام الديكتاتوري، وثالثة تريد فرض نفسها بعنوان «شرعية الجهاد وحمل السلاح». ودائماً ما يكون الشعب خارج حسابات منظومة السلطة والقوى المرتبطة بها.

عشرون عاماً استبدلنا فيها «جمهورية الخوف» التي أسس لها حكم «البعث»،
بـ «جمهورية الفوضى والفساد» التي أسست لها جميع الأحزاب السياسية التي كان مشروعها بعد 2003 تقاسم السلطة أولاً وأخيراً، متجاهلةً تماماً أي مشروع لبناء الدولة، بل هي لم تكن تحمل مشروعاً للدولة مِن الأساس، لأنها لم تكن تحلم بأن
تتاح لها فرصة حكم العراق، ولولا التدخل العسكري الأميركي لبقي الموضوع مجرد
حلم وأمنيات.

بغداد - إياد العنبر

بغداد - إياد العنبر

يوميات أميركي على خطوط النار في العراق

دبلوماسي يكتب في "المجلة" عن تجربته بعد الغزو

رسم - سيباستيان تيبو

رسم - سيباستيان تيبو

لم يكن الأميركيون يسيطرون على كل جوانب الحياة في العراق، حتى بعد سقوط صدام حسين مباشرة. وحين وصلتُ إلى النجف في نهاية أغسطس/آب 2003 لأكون ممثلاً لسلطة التحالف الموقتة بقيادة بول بريمر، كانت لا تزال هناك كتيبة من مشاة البحرية الأميركية تدير المدينة، وكان عناصر مشاة البحرية الأميركية (المارينز) يحاولون أن تقوم قوة شرطة النجف بدورها، لكن رجال الشرطة العراقية لم يكن لديهم أجهزة راديو أو هواتف. لذلك، كان رقباء المارينز يحاولون الحفاظ على قدر ولو ضئيل من خدمات الكهرباء والمياه بالإضافة إلى الخدمات الطبية وجمع القمامة. في زيارتي الأولى لمبنى المحافظة الكبير في وسط مدينة النجف، لم يكن ثمّة سوى موظفين اثنين وكانت عشرات المكاتب في المبنى خالية من الأثاث ومخلّعة الأبواب والنوافذ بعدما نُهبت في الربيع. أخبرني قائد قوة المارينز (وكان برتبة عقيد) أن الموظفين يأتون مرة واحدة فقط في الشهر لتحصيل رواتبهم البالغة مئة دولار شهريا. عرفت وقتذاك أن إعادة بناء الدولة ستمثّل تحديا هائلاً.

لم نكن نرغب في قتال طويل
كان الوضع في النجف وباقي أنحاء العراق قريبا من الانفلات والفوضى. وقد تجلت هذه الحقيقة عندما اعتقلتني مجموعة من مقاتلي «منظمة بدر» في النجف مع ضابط برتبة نقيب من مشاة البحرية تحت تهديد السلاح لمدة ثلاث ساعات في بداية سبتمبر/أيلول.

وأطلق المراهقون المسلحون سراحنا أخيرا، لكن مشاة البحرية لم يفعلوا أي شيء، بل كانوا يرغبون بقوة في العودة إلى الوطن، إلى قاعدتهم في كاليفورنيا، بدلا من أن يبدأوا حربا جديدة مع «قوات بدر». لذلك استبدلهم أحد الجنرالات، وهو إسباني، بجنود من هندوراس والسلفادور أرسلهم إلى النجف، على الرغم من أن الجنرال الإسباني لم يكن يريد محاربة الميليشيات أيضا. في أكتوبر/تشرين الأول، سمح الجنرال للميليشيات الشيعية بالعمل بحرية في النجف، دون أن يبلغوني أو يبلغوا مكتب بريمر بذلك. وحين أوقفتْ نقطة تفتيش من القوة الهندوراسية مقتدى الصدر في سيارته في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، كان ذلك فرصة لاعتقاله وعرقلة انتشار «جيش المهدي»، لكن الهندوراسيين أطلقوا سراحه على الرغم من احتجاجاتي.

روبرت فورد – واشنطن

روبرت فورد – واشنطن

صدام للأسد:
«ماكو» مصافحة...
وأنا رئيس سوريا والعراق والأردن

«المجلة» تنشر نص المحضر الرسمي لاجتماعهما السري بوساطة الملك حسين في الأردن 1987

في ربيع 1987، توفرت ظروف طوعت الرئيسين حافظ الأسد وصدام حسين لقبول عرض العاهل الأردني الملك حسين، للجمع بين خصمين «بعثيين» على جانبي حدوده. الأسد «المحاصر» والعائد من زيارة محبطة من موسكو «السوفياتية» بعد لقاء ميخائيل غورباتشوف. صدام، الواقع تحت ضغوط الحرب مع إيران المستمرة منذ 1980.
في ربيع 1987، جدد العاهل الأردني الراحل جهود الوساطة بين الخصمين «البعثيين»، وفي 10 فبراير/شباط وصل إلى دمشق، وقال للأسد إن صدام أبلغه الموافقة في «اجتماع مغلق» بعيدا عن «الرفاق» المعارضين.

وافق الأسد على طرح الملك حسين لعقد «لقاء سري في مطار أردني»، لكنه تحفظ على المكان لـ«عدم إمكانية تأمين السرية في مطار سوري أو عراقي أو أردني»، فاقترح «دولة اشتراكية».

ويقول نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام، في أوراقه التي تتضمن وثائق رسمية سورية ومذكراته وكان نقلها إلى باريس بعد انشقاقه في 2005 وحصلت «المجلة» على نسخة منها: «استدعاني الرئيس بعد حفلة العشاء الحادية عشرة ليلا إلى منزله وسألني رأيي، وأجبته: الوضع في المنطقة بمنتهى الخطورة ويحتاج إلى عمل شيء جديد. وداخليا مثل هذا اللقاء يترك ارتياحا بين الناس، ونحن محاصرون وبحاجة إلى كسر الحصار، وبعض الدول العربية وأميركا لا يريدون أي تطور إيجابي في الوضع العربي».

لندن - إبراهيم حميدي

لندن - إبراهيم حميدي

أميركا دون تفويض
بـ «استخدام القوة»؟

عند الساعة 5:35 فجرا بتوقيت بغداد في 20 مارس/آذار2003، أصدر الرئيس الأميركي جورج بوش الابن قرارا رئاسيا بشنّ ضربات عسكرية على نظام صدام حسين في العراق.

لم يتضمّن القرار إعلانا رسميا بشنّ حرب، فهذا من صلاحيات الكونغرس الأميركي بحسب البند الأول من الدستور، إذ إن القانون يعطي الرئيس حق توجيه ضربات عسكرية لأسباب متعلقة بالأمن القومي الأميركي، لكنه يلزمه إبلاغ الكونغرس خلال فترة 48 ساعة من شن أي ضربة، كما أنه يمنع بقاء أي قوات أميركية في أرض المعركة أكثر من ستين يوما من دون إقرار تفويض.

لهذا، لجأ بوش الابن إلى المجلس التشريعي ليطلب منه رسميا إقرار تفويض بشنّ الحرب على العراق للعام 2002، فأقر الكونغرس التفويض بمجلسيه في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، أي قبل شهر من الانتخابات النصفية، بغالبية 296 نائبا ومعارضة 133 في «النواب»، ودعم 77 سيناتورا ومعارضة 23 في «الشيوخ».
يسمح التفويض المذكور للرئيس الأميركي بتوظيف «القوات المسلحة للولايات المتحدة كما يراه ضروريا ومناسبا بهدف الدفاع عن الأمن القومي الأميركي ضد التهديد المستمر من العراق، والحرص على فرض كل القرارات الأممية المتعلقة بالعراق».


أهـالي الفلوجة يتذكرون
«جـــــــــثــــــــــــثــاً تتدلى من الجسر»

رسم - كيبايليه يارمان

رسم - كيبايليه يارمان

"ذهبت بعد ذلك لرؤية الجثث تتدلى من الجسر"، كانت تلك الكلمات الهادئة لأحد سكان المدينة في منطقة الأنبار الغربية في العراق.

 «تملكني الرعب. تساءلتُ حينها: ما الذي يحدث لمدينتنا الحبيبة وأهلها»، قال أستاذ الدراسات الدينية البالغ من العمر أربعين عاما لـ«المجلة»، خلال زيارة إلى المدينة ذكرى الحرب في 20 مارس/آذار، تعليقا على حادث وقع في مارس 2004.

حصل هذا بعد مرور عام على بدء الولايات المتحدة غزوها البري للعراق الذي استمر قرابة شهر، لكنّ آثاره لا تزال محسوسة حتى اليوم، شاهد الناس جثتين معلّقتين على جسر في المدينة، من أصل أربع جثث مشوهة لمتعاقدين اميركيين قُتلوا في الفلوجة على يد سكان محليين. وانتشرت صور سكان الفلوجة المبتهجين وهم يهتفون ويضحكون ويصفقون في كافة أنحاء العالم عبر شاشات التلفزيون والصحف، وانطبعت في أذهان الموجودين هنا.

شيلي كيتلسون - الفلوجة

شيلي كيتلسون - الفلوجة

الأكـــــــراد يـفــــوزون
بـ«فيديرالية شـرعية»

بعد سنوات «الاستقلال الواقعي»

باربرا جيبسون

باربرا جيبسون

في مرويته الذاتية عن إعادة تشكيل العراق الجديد، بعد إسقاط نظام حكم حزب «البعث» والرئيس السابق صدام حسين في شهر أبريل/نيسان من 2003، يسرد وزير الخارجية العراقي السابق والقيادي في «الحزب الديموقراطي الكردستاني» هوشيار زيباري كيف أن قيادة حزبه تحركت بقرابة خمسين سيارة مصفحة، من مدينة أربيل نحو العاصمة بغداد، للمرة الأولى منذ 12 عاماً، وكيف أنهم صُدموا من هول ما وجدوه في بغداد من تحولات، بعد سنوات القطيعة تلك.

فالمناطق الكردية في العراق، في محافظات السليمانية وأربيل ودهوك، كانت خارج سيطرة النظام تماماً منذ العام 1991، وتشكل منطقة مستقلة عن باقي مناطق العراق ونظامها الحاكم، بكل تفاصيل ومسارات وأدوات «السيادة العامة»، السياسية والعسكرية والاقتصادية والرمزية على حد سواء. لكن هذه المناطق، ومع كل هذه الاستقلالية، لم يكن معترفاً بها رسمياً، لا من النظام العراقي ولا من دول الجوار ولا حتى من دول ومؤسسات المجتمع الدولي.

اربيل – رستم محمود

اربيل – رستم محمود

إقتصاد العراق:
ديكتاتورية الفساد

مصير الأرقام والثروات بعد عقدين على الغزو

بعد عشرين عاما على غزو العراق، تقرع التقارير الدولية أجراس الإنذار، محذِّرةً من وضع اقتصادي واجتماعي قاتم في العراق، بالتزامن مع تدهور مستوى الخدمات الأساسية في مجالات الصحة والتعليم والكهرباء وفرص العمل، واضمحلال الزراعة والصناعة ودور القطاع الخاص. الباحث في الأرقام لا يرى سوى عقدين من الاثباتات على هول الكارثة التي ألمت بالبلاد.


خلص تقرير للبنك الدولي تحت عنوان “مراجعة الإنفاق العام للتنمية البشرية في العراق”، في مايو/أيار من عام 2021 إلى أن “الاقتصاد العراقي لا يزال هشا، خصوصا في ظل شبكة محسوبية ومحاصصة تستفيد من عائدات النفط، بدلا من استخدامها في تحسين البنية التحتية وجودة التعليم”، وذلك على الرغم من ثروات البلاد ومن أن الموارد المحققة على مدى جيلين تقدَّر بمئات المليارات من الدولارات أنتجتها الطفرات في أسعار النفط خلال السنوات المنصرمة، أبرزها في عام 2008، عندما بلغ سعر برميل النفط 147 دولارا.

لندن - خالد القصار

لندن - خالد القصار

أين جثة صدام؟
أين حبل المشنقة؟

Mahmud Saleh/AFP via Getty Images

Mahmud Saleh/AFP via Getty Images

أُثير جدال كبير حول موعد تنفيذ حكم الاعدام في حق صدام حسين، وما دار قبل شنقه في 30 ديسمبر/كانون الأول 2006، الذي وافق أول أيام عيد الأضحى المبارك، وكيفية نقل جثته من بغداد إلى مسقط رأسه.

روى شهود عيان وأظهرت صور أن عناصر من «حزب الدعوة» نقلوا جثة صدام إلى أمام منزل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في المنطقة الخضراء في بغداد، قبل أن يأتي وجهاء من عشيرة البوناصر لنقله إلى العوجة قرب تكريت. ورويت قصص عما قاله المالكي بعدما شاهد الجثة.

مع تجدد الحديث عن الجثة والذكرى العشرين لغزو العراق، قالت رغد ابنة الرئيس العراقي السابق، في مقابلة صحافية أعادت نشرها على حسابها في «تويتر»، تعليقا على تصريحات مسؤولين عراقيين عن رمي جثة صدام في أحد الشوارع: «أولا نحن كمسلمين هذا الشيء لا يجوز شرعا، ولا يجوز من الناحية الأخرى أدبيا أن يساء إلى الرموز بأي طريقة. هذه الأمور غير قابلة للنقاش ليس فقط في العراق وإنما في كل دول العالم، العربية وغير العربية أيضا».

جون بولتون: نُجرب كل شيء ثم نقوم بالصحيح

قال في حديث إلى «المجلة» إن «حملة العراق كانت رائعة» حصلت أخطاء بعدها

«أسوأ قرار اتخذته الولايات المتحدة كان في عام 2011، عندما سحب باراك أوباما القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها. وكان هذا نقضا كليا لقرار بوش بالغزو.
«كان وجود قوات التحالف في العراق مهيمنا على الحلبة» مع السماح للعراقيين بتشكيل حكومتهم التمثيلية، يشلّ الإيرانيين والسوريين، ويشكل قوة للاستقرار الاجتماعي داخل العراق.

«لذلك عندما يتحدث الناس عن عدم الاستقرار الذي خلقناه... لقد خلقنا حالة عدم الاستقرار هذه عمليا عندما انسحبنا». بل إن بولتون يعتقد أن إحدى النتائج الرئيسية لقرار أوباما بسحب قوات التحالف من العراق كانت ظهور «داعش»، الذي شكل ما يسمى بـ «الخلافة» المزعومة في شمال غربي العراق وشمال شرقي سوريا.

ولا ينتقد بولتون قرار أوباما بالانسحاب من العراق فحسب، بل يعتقد أن فشله في الوفاء بوعده بشن عمل عسكري ضد الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2013 كان بمثابة «كارثة للغرب».

لندن - كون كوخلين

لندن - كون كوخلين

صعــود «داعــش» وســقوطه... جغرافيــا

REUTERS

REUTERS

لا يمكن لأحد أن يشكّ في الأهمية الهائلة لغزو العراق وفي تهيئة المناخ لما نعرفه باسم «داعش»، بينما يتفكّر العالم في الذكرى السنوية العشرين لهذا الحدث الكبير. فقد خلقت الإطاحة السريعة لنظام صدام حسين واجتثاث «البعث» السيئة الذكر ووقوع العراق في حال من الفوضى، ظروفا مثالية للمتطرف. لم يكن «داعش» وحيدا في الأيام الأولى للتمرد السني في العراق، بل كان ثمّة تنافس بين عدد كبير من الجماعات. بيد أن الرؤية الشريرة لمؤسس «داعش» الأول، أبي مصعب الزرقاوي، هي التي ضمنت الهيمنة للتنظيم في النهاية.


تعود جذور «داعش» في الواقع إلى أواخر الثمانينات، عندما قام الزرقاوي بتأسيس خلية صغيرة، سمّاها «بيت الإمام». مُهِّد لهذا المسار في السجن عندما التقى الزرقاوي بـ «المنظّر» الأردني أبي محمد المقدسي، فدفعه ذلك للسفر إلى أفغانستان، ثمّ رتّب لهجمات إرهابية في وطنه، الأردن، قبل أن يعتقل من جديد، ليُطلق سراحه في عام 1999 ويواصل بذلك أنشطته الإرهابية.


انتظر الزرقاوي حتى مطلع الألفية الجديدة لكي يقوم برحلة ثانية إلى أفغانستان، تواصل الرجل خلالها مع «القاعدة» وزعيمها أسامة بن لادن. بحسب تقارير، فقد صُدِم بن لادن نفسه من سلوكيات الزرقاوي البغيضة، لكن قياديا آخر في «القاعدة»، هو سيف العدل، أبدى تعاطفا مع الزرقاوي الذي استطاع الحصول على تبرع بقيمة 200,000 دولار لإنشاء معسكر تدريب على أراضي «طالبان».

تشارلز ليستر زميل ومدير قسم مكافحة الإرهاب بمعهد الشرق الأوسط – واشنطن

تشارلز ليستر زميل ومدير قسم مكافحة الإرهاب بمعهد الشرق الأوسط – واشنطن