التنافس الأميركي - الصيني
على السعودية
"حرب خفية" على ممرات
وقواعد الخليج والقرن الإفريقي

التنافس الأميركي - الصيني
على السعودية
"حرب خفية" على ممرات وقواعد الخليج
والقرن الإفريقي

زيارتان بارزتان شهدتهما السعودية العام الماضي، كان لهما وسيكون تأثير كبير في الإقليم والعالم، بحكم الدور المحوري للمضيف والضيوف: الأولى، زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن في منتصف يوليو/تموز. الثانية، زيارة الرئيس الصيني شي جيبينغ في ديسمبر/كانون الأول. خلال الزيارتين الرئاسيتين، إلى جدة والرياض، عُقدت قمم ولقاءات ثنائية وجماعية عربية.
نقاشات كثيرة خاضها فريق التحرير في "المجلة" حول "قصة غلاف" لعدد مارس/آذار، إلى أن استقر الخيار على ملف يهم القارئ العربي والدولي معا، هو: "التنافس الأميركي – الصيني على السعودية".
الواقع، انه عندما كان العدد في طريقه القراء في منصات "المجلة" المتعددة، اعلنت بكين عن رعايتها لاتفاق بين الرياض وطهران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، ما اعطى قصة الغلاف أهمية اضافية.
هنا، تقدم "المجلة" مقالات وتحليلات قصة الغلاف بصورة عصرية، اضافة الى تقديمها في منصاتها الرقمية الاخرى:
توجهات جديدة
في السياسات الخارجية السعودية
مصالح اقتصادية مع الصين وعلاقات أمنية مع أميركا

تاريخيا، كانت السياسات الخارجية للمملكة العربية السعودية تقترب كثيرا من مواقف الولايات المتحدة باستثناء ما يتعلق منها بالصراع العربي -الإسرائيلي. هذا التقارب كان حصيلة عاملين؛ الأول هو الحرب الباردة بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي الذي رأت فيه المملكة تهديدا أيديولوجيا لأمنها واستقرارها.
ويعود الثاني الى اتفاق بين الطرفين يصل الى حد الشراكة تقوم فيه المملكة بإمداد السوق العالمي باحتياجاته النفطية مقابل ضمانات أمنية تقدمها اليها الولايات المتحدة بما في ذلك تزويدها السلاح وحمايتها من أية اعتداءات خارجية.

هشام الغنام – فيينا
هشام الغنام – فيينا
سياسة أميركا في الخليج:
باقون بسياسة أمنية جديدة
التنافس الحقيقي بين واشنطن وبكين في آسيا

بات من الضروري أن نتحدّث بصراحة عن تزايد نفوذ الولايات المتحدة والصين المتصاعد في منطقة الخليج. حتى الآن، لا ترى واشنطن أن ثمّة تنافسا حقيقيا بينها وبين الصين على السعودية ومنطقة الخليج عموما، فالعلاقة بين أميركا والخليج ترجع إلى عقود كثيرة، وقامت على أساس تبادلي بسيط: الأمن الأميركي مقابل الوصول العالمي إلى الطاقة.
لا شكّ أن مسار العلاقات الأميركية - السعودية شهد بعض المطبات الكبيرة، وبخاصة في السنوات العشر الماضية، سوى أن أساس العلاقة لم يتغير. بل إن حرب أوكرانيا أكّدت لأميركا أن صادرات الطاقة السعودية لا تزال مهمة جدا للمصالح الأميركية، إذ لا تزال أسعار الوقود المرتفعة قضية سياسية بالغة الحساسية في أميركا، الأمر الذي دفع الرئيس جو بايدن ليؤكّد بنفسه، مرتين العام الماضي، السياسة الأميركية للمساعدة في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.

روبرت فورد – واشنطن
روبرت فورد – واشنطن
الصــين تبــادر لـ"مــلء الفــراغ" الأمـــيــركــــي
بكين تدعم تعاون جنوب - جنوب وتعددية قطبية

كان اتخاذ القرارات بناء على منظور استراتيجي، الميزةَ الرئيسة للصين. كان هذا فعالاً وحاسماً بشكل خاص في عقود التنمية المطردة على الرغم من تعقيدات المشهد الدولي. إذا وضعنا تفكير الصين ورؤيتها الاستراتيجية في السياق الصيني - العربي الذي أبرزته زيارة الرئيس تشي جينبينغ على رأس وفد كبير للسعودية في نهاية عام 2022، لأمكننا أن نرى أن الموقع الاستراتيجي للمملكة في العالم العربي لدى الصين ارتفع إلى مستوى جديد. هدفت الزيارة إلى حضور قمة ثنائية والقمة الصينية - العربية والقمة الصينية - الخليجية، ومثّلت أكبر وأعلى وفد صيني يزور العالم العربي منذ عام 1949.
جاءت القمّتان وزيارة الدولة للرياض، في وقت مثالي تتصاعد فيه العلاقة بين الصين والدول العربية، بينما يتراجع الوجود الغربي وتأثيره. وستسعى الصين والسعودية، على وجه الخصوص، لإظهار كيف يمكن للاستراتيجيات القائمة على البراغماتية أن تكون حجر الزاوية للاستقلال الفعال والسيادة

بيكي شين – بكين
بيكي شين – بكين
قواعد أجنبية كثيرة
في دولة صغيرة
جيبوتي على مدخل باب المندب حيث يمر 30% من التجارة العالمية

باتت جيبوتي، الدولة الواقعة على مدخل باب المندب من حيث يمر 30 % من التجارة العالمية، ظاهرة دولية بسبب تعدد القواعد العسكرية التي تعمل على اراضيها.
الموقع معطى أساسي في جذب القوى الدولية الى انشاء قواعدها ونشر قواتها في الدولة الافريقية، إضافة الى اداء القواعد الحفاظ على امن جيبوبي نظرا الى الوضع المضطرب في اليمن والصومال وتفاقم ظاهرتي القرصنة في غربي المحيط الهندي ودول القرن الافريقي، واتخاذ جماعات ارهابية أهمها “حركة الشباب”، معاقل لها في الصومال مستفيدة من ضعف السلطات هناك.
في واقع الامر، تتباين طريقة حساب القواعد العسكرية الاجنبية العاملة في جيبوتي وتتراوح بين ثماني و11 قاعدة، أهمها واقدمها القاعدة الفرنسية فيما كثفت الولايات المتحدة حضورها في سياق “الحرب على الارهاب” بعد هجمات 11 سبتمبر/ ايلول.
صعوبات ”الطلاق“
مع واشنطن
خفت ثقة "التعاون الخليجي" بالضمانات الأميركية

كيف تنظر اليابان إلى المنافسة الأميركية- الصينية على السعودية والخليج؟ هل يمكن اعتبار الولايات المتحدة والصين في سباق على الخليج؟
سؤال أثارته زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ للسعودية في ديسمبر/كانون الأول الماضي مع جملة من التكهنات الأخرى.
الحال أن العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين في تزايد، سنة إثر سنة، ولا ريب في أن المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي رحّبت بالرئيس شي جينبينغ بحرارة وتقدير. ولا ريب أيضا في أن دول مجلس التعاون الخليجي باتت تعلّق أهمية أكبر على العلاقات بينها وبين الصين، ولا سيما في المجال الاقتصادي.
أما هل ستتوسع هذه العلاقات المعزّزة لتشمل مجالات أخرى أبعد في مجالي السياسة والأمن، فأمر لا يزال من المبكّر تقديره.

ساتوشي إكيوتشي- طوكيو
ساتوشي إكيوتشي- طوكيو
حرب أوكرانيا ترمي روسيا
في الحضن الصيني
قدرات محدودة لموسكو في السباق بين بكين وواشنطن

ماهو موقف روسيا من التنافس الاميركي الصيني؟ لنفهم كيف نجيب بشكل صحيح، يجدر بنا أن نربط سلسلة منطقية من الموضوعات التي قد تبدو للوهلة الأولى وكأن لا علاقة لها بعضها ببعض، بل ومتناقضة أحيانا. لا يوجد مكان هنا للسفسطة، فهذا الأسلوب المزخرف له حقّا ما يبرره، ذلك أن فبراير/شباط 2022 قلب نظام القوة الروسية السابق رأسا على عقب.
مرّ عام كامل على غزو روسيا لأوكرانيا، ولا يزال الكرملين يحتفظ بموقف متماسك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي اتسمت استجابتها لبدء ذاك النزاع العسكري الواسع النطاق في وسط أوروبا بنوع من ضبط النفس، فلم تدعم العقوبات ضد روسيا ولم تقطع العلاقات معها.
“إن العالم العربي يحب القوة”، كما يشرح لنا بعض الديبلوماسيين الروس بوضوح وإيجاز الموقف العربي تجاه الهجوم على اوكرانيا، الذي “يتفهم بالتالي صراع بوتين مع الغرب، على الرغم من أنه كان لدينا في كثير من الأحيان في عام 2015 وجهات نظر مختلفة جدا حول رؤيتنا للأمور”. إنهم، أي العرب، يفضلون التزام الصمت حيال حقيقة أن مسار الحرب الأوكرانية يؤثر بطريقة ما على تصور العالم لفاعلية السياسة الخارجية الروسية.

أنطون مارداسوف – اسطنبول
أنطون مارداسوف – اسطنبول
”حــرب خفيــة“
عــلى ممــرات الخليــج والقــرن الأفريقــي
دور محوري للمنطقة في صياغة التحالفات الدولية

يرتكز جيوبوليتيك الشرق الأوسط على مجموعة من نقاط القوة، منها الاقتصادية المستندة الى ثرواته الطبيعية من النفط والغاز وامتلاك مساحات زراعية هائلة، بالإضافة الى ديموغرافيا بشرية شابة (يشكّل الشباب ما نسبته 32% من السكان)، لكن المعطيات الجغرافية وضعته على نقاط تقاطع المصالح الدولية وفي صلب استراتيجياتها منذ ما قبل اكتشاف موارده الطبيعية وتشكّل دوله.
لقد جعلت المضائق البحرية الخمس، مضيق جبل طارق، مضيق باب المندب، مضيق هرمز، قناة السويس، والبوسفور والدردنيل، بالإضافة الى الخليج العربي والبحر الأحمر، من الشرق الأوسط النقطة المحوريّة في استراتيجيات القوى الكبرى ذات الثقل البحري وخطها الدفاعي الذي ينبغي التمسّك به أمام أيّة قوة معاديّة. مكّنت هذه المعطيات الجغرافية الشرق الأوسط من الاحتفاظ بثقله الجيوسياسي خلال السباق الاستعماري في القرن التاسع عشر وخلال التنافس الأيديولوجي بين قطبيّ العالم في النصف الثاني من القرن العشرين، كما أكسبته ميزات جديدة مع انتهاء الحرب الباردة حين تغيّرت التوازنات الدولية وتلاشت مجالات التأثير التي فرضتها القوتان العظميان حيث شرعت القوى الدولية في إلقاء ثقلها نحو المنطقة بالتزامن مع تطور قدرات القوى الإقليمية.

خالد حماده – بيروت
خالد حماده – بيروت
قنـاة السـويس: رئـة مصـر
طريق بحر الشمال منافس غير تقليدي يزحف وسط كاسحات الجليد والعسكر

تحظى قناة السويس بمكانة خاصة في وجدان المصريين والعرب. هي لم تكتسب مكانتها العريقة من كونها أول قناة حُفرت في التاريخ فحسب، ذلك أنها موقع جغرافي فريد على خريطة العالم يصل شرق الأرض بمغربها بأقصر الطرق وأسرعها ما بين البحر الأبيض المتوسط عند بورسعيد والبحر الأحمر في السويس.
قناة السويس قبلة للسفن والممر البحري المفضل لدول العالم في المنطقة، وركن أساسي في سلاسل الإمداد اللوجستية، يمر عبرها 12 في المئة من التجارة الدولية و10 في المئة من شحنات النفط والغاز العالمية ونحو 22 في المئة من تجارة الحاويات. لها ألف حساب في العلاقات الجيواستراتيجية، الاقتصادية والسياسية والعسكرية الدولية. تدرك مصر جيدا أن مفتاح أمنها القومي يرتبط بقناة السويس، المتعلق بدوره بأمن البحر الأحمر والدول المشاطئة له على الضفتين، كذلك الدول الأفريقية (الصومال وجيبوتي وأريتريا) المطلة على باب المندب.
من فكرة إنشاء قناة تربط البحرين الأحمر والمتوسط، في الألف الثاني قبل الميلاد كما يستدل من الآثار والمخطوطات القديمة (في عهد الفرعون سنوسرت الثالث في الألفية الثانية قبل الميلاد)، الى عقود من الامتياز الفرنسي ثم البريطاني لتشغيل القناة انتهت بعودتها إلى أحضان مصر بعد التأميم عام 1956 بإعلان جريء من الرئيس جمال عبد الناصر استجرّ عدوانا ثلاثيا من فرنسا وبريطانيا وإسرائيل لاسترجاع القناة وانتهى بانسحاب الدول الثلاث تحت ضغوط أميركية ودولية ومقاومة شعبية.

خالد القصار – مدير تحرير
خالد القصار – مدير تحرير