حزب «التجمع الوطني» الفرنسي اليميني المتطرف ينتخب رئيساً شاباً له

النائب الأوروبي الشاب جوردان بارديلا برفقة مارين لوبن (أ.ف.ب)

حزب «التجمع الوطني» الفرنسي اليميني المتطرف ينتخب رئيساً شاباً له

باريس: للمرة الأولى منذ خمسين عاماً، يصبح لحزب «التجمع الوطني» اليميني الفرنسي المتطرف رئيس لا ينتمي لعائلة لوبن، بعد أربعين عاماً من رئاسة الأب جان ماري و11 عاماً من رئاسة الابنة مارين؛ فقد أسفرت الانتخابات الداخلية للحزب، الذي كان يُسمى سابقاً «الجبهة الوطنية»، عن فوز كاسح للنائب الأوروبي الشاب جوردان بارديلا البالغ من العمر 27 عاماً. لكن بارديلا الذي كان رئيساً للحزب بالوكالة منذ نحو السنة، ليس بعيداً عن عائلة لوبن، لأن رفيقة دربه، نولين أوليفيه، ليست سوى ابنة أخت مارين لوبن.

وحصل بارديلا الذي يجسد الجيل الجديد من محازبي «التجمع الوطني» على 85 في المائة من الأصوات المنتمين للحزب في انتخابات أُجيرت إلكترونياً مقابل لويس أليو، عمدة مدينة بربينيان المطلة على مياه المتوسط، رفيق درب مارين لوبن السابق طوال عشر سنوات.

منذ ترشحها للانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي أُجريت في أبريل (نيسان) الماضي، تخلت مارين لوبن عن رئاسة الحزب التي عهدت بها إلى جوردان بارديلا مفضلة إياه على لويس أليو. وبعد الانتخابات التشريعية في يونيو (حزيران) التي حقق فيها حزبها اختراقاً غير مسبوق منذ قيام الجمهورية الخامسة بحصوله على 89 نائباً، اختارت لوبن أن تكون رئيسة لمجموعة حزبها النيابية. وبعد أن كانت قد لمحت سابقاً إلى أن حملتها الرئاسية الثالثة التي خسرتها مرة إضافية بوجه الرئيس إيمانويل ماكرون ستكون الأخيرة، فإن التقدم الاستثنائي لحزبها نيابياً دفعها إلى تغيير قرارها، معتبرة أن المجتمع الفرنسي يتبنى أكثر فأكثر الطروحات اليمينية المتشددة التي يدافع عنها حزبها بالنسبة للهجرات والإسلام والهوية وسياسة الأفضلية الوطنية والحاجة إلى الحزم في التعامل مع كل هذه المسائل.

ويرى مراقبو الشأن السياسي في فرنسا وتحولاتها السوسيولوجية والاقتصادية والسياسية، أن لوبن الابنة نجحت في تغيير صورة الحزب الذي كان يُتهم سابقاً بمعاداة السامية والعنصرية، وجعلت منه حزباً كبقية الأحزاب.

وجاءت التطورات الحاصلة في بلدان أوروبية أخرى، مثل إيطاليا والدنمارك وهولندا، لتشجع لوبن على البقاء في وسط الحلبة السياسية مع التخلي عن الشؤون الإدارية الداخلية في إدارة حزبها، علماً بأنها ستبقى الصورة المهيمنة عليه. ولا تتخوف لوبن من أن ينقلب بارديلا عليها، وبالتالي فإنها تعتبر أن إيصال شاب يجيد الدفاع عن سياسة الحزب، ويتمتع بحضور إعلامي واضح وقدرة على الجدل من شأنه أن يفيدها، وأن يواصل إرساء قواعد الحزب، بما في ذلك لدى شريحة الشباب.

إلا أن ما عكر صفو هذا الانتخاب الحادثة التي تسبب بها غريغوار دو فورناس، أحد نواب «التجمع الوطني» قبل يومين، بمناسبة جلسة للبرلمان الفرنسي؛ فقد صرخ الأخير، عندما كان زميل له اسمه كارلوس مارتينس بيلونغو، أسود البشرة، ينتمي إلى حزب «فرنسا المتمردة» اليساري المتشدد، يطرح سؤالاً على الحكومة حول مأساة الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط: «فليعد إلى أفريقيا». وعندها حصل هرج ومرج داخل قاعة المجلس، وقررت رئيسته وضع حد للجلسة، بعد أن تجمع عشرات النواب قرب منصته، داعين لمعاقبة وطرد غريغوار دو فورناس. أما زملاء الأخير من حزبه، فقد تضامنوا معه، وأكدوا أنه لم يكن يعني النائب بيلونغو بل المركب المسمى «أوشيون فايكينغ»، الذي يعمل في مياه المتوسط على إنقاذ المهاجرين غير الشرعيين، وغالبيتهم الكاسحة من الأفارقة.

واقترح مكتب المجلس، في جلسة طارئة معاقبة دو فورناس بحرمانه من المجيء إلى البرلمان طيلة 15 يوماً، واقتطاع نصف مرتبه لشهرين، وهو ما وافق عليه النواب برفع الأيدي في جلسة عامة.

font change