طهران: تأججت الاحتجاجات في أنحاء إيران على مقتل مشاركين في الحركة الاحتجاجية التي أشعلتها وفاة مهسا أميني، وفق منظمات غير حكومية، وسقط ما لا يقل عن خمسة قتلى في زاهدان، مركز محافظة بلوشستان جنوب شرقي إيران، وفقاً لتقارير محلية، في وقت سمع فيه دوي إطلاق نار مكثف في مهاباد شمال غربي البلاد، التي تشهد توتراً لليوم الثاني على التوالي.
ونزل الآلاف في مسيرات احتجاجية واسعة النطاق، بعد نهاية صلاة الجمعة في زاهدان، حسبما أظهرت تسجيلات الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي. وردد المتظاهرون هتافات مناهضة للدولة. وأطلقت قوات الأمن النار في محيط جامع مكي، حيث تقام صلاة الجمعة. يظهر محتجون يجرون بعد سماع طلق ناري لم يتضح مصدره. كما سُمع دوي وابل من نيران الأسلحة الآلية وقالت منظمة «حقوق الإنسان في إيران» إن الطلقات استهدفت متظاهرين كانوا يحاولون الاحتماء منها.ومن جانبها، ذكرت «وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان»(هرانا) عبر تويتر أن «قوات الشرطة الخاصة قمعت المتظاهرين وأطلقت النار على حشد» من الناس تجمعوا بعد صلاة الجمعة في زاهدان.
وأفادت تقارير أولية عن مقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص في زاهدان. لكن وكالة» تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» ذكرت إن «قتيل سقط وأصيب 14 بجروح خلال أعمال الشغب بمدينة زاهدان». وأظهر تسجيل فيديو عدداً من الأشخاص الذين يحملون على أكتافهم مصابين. وكتبت مغردة بلوشية على «تويتر»: «هنا ليس القدس، إنه جامع مكي في زاهدان الذي تراق فيه دماء المحتجين». وأضافت: «الأوضاع متأزمة ومقلقة، سقط العشرات بين جرحى وقتلى».من جانب آخر، أعلن الإعلام الحكومي توتر الأوضاع في زاهدان. وذكرت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن المشاركين في صلاة الجمعة، نظموا تجمعاً قصيراً أمام جامع مكي بعد انتهاء صلاة الجمعة وتفرقوا بعد ذلك، لكن عدداً من الأشخاص انقسموا إلى مجموعات وأقدموا على حرق العجلات ورشق قوات الشرطة بالحجارة. وقالت: «تشهد شوارع أطراف جامع مكي هدوءاً نسبياً، لكن هناك تجمعات متفرقة في بعض المناطق بما في ذلك هامش المدينة».
وجاءت المسيرات الاحتجاجية بعدما اجتمع أنصار إمام الجمعة في زاهدان ومفتي أهل السنة في إيران عبد الحميد ملازهي، مساء الخميس، في جامع مكي للتنديد بالضغوط التي مارستها السلطات ضده، بعدما حمّل مسؤولين كباراً، على رأسهم المرشد الإيراني علي خامنئي، مسؤولية مقتل العشرات في الجمعة الدامية في زاهدان.
من جهته، أشار «مرصد نت بلوكس» الذي يراقب شبكة الإنترنت عالمياً إلى تعطل خدمة الإنترنت في محافظة بلوشستان.
عشية تجدد الاحتجاجات في زاهدان، أعلن الإعلام الحكومي عن إقالة مسؤولَين أمنيَين بالمدينة، بينهما قائد الشرطة، على خلفية أحداث الشهر الماضي التي راح ضحيتها العشرات، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال مجلس أمن المدينة إن معارضين مسلحين هم من بدأوا الاشتباكات التي أدت إلى مقتل أبرياء، لكنه أقر بوجود «أوجه قصور» من جانب الشرطة.
وبلغت حصيلة القتلى من المدنيين 35 شخصاً، بحسب البيان الحكومي الذي أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، لكن العديد من المنظمات التي تراقب انتهاكات حقوق الإنسان في إيران أكدت مقتل ما لا يقل عن 93 مدنياً بنيران قوات الأمن.
على خلاف رواية السلطات الرسمية، ندد إمام جمعة المدينة عبد الحميد ملازهي الأسبوع الماضي بعمليات القتل، ووصفها بأنها «جريمة»، وقال إن المرشد علي خامنئي ومسؤولين آخرين «يتحملون المسؤولية أمام الله». ويوم السبت، أصدر «الحرس الثوري» الإيراني الذي يشارك في حملة قمع المحتجين، ما قال إنه «تحذير أخير» لعبد الحميد بألا يثير حمية الشباب؛ لأن هذا «قد يكلفك غالياً».
ويوضح العنف في زاهدان مدى انتشار الاحتجاجات التي بدأت بعد وفاة مهسا أميني في مقر للشرطة، وسط الجماعات العرقية الإيرانية، لتتحدى سيطرة الحكومة في أجزاء من البلاد أخمدت فيها السلطات المعارضة السابقة بلا هوادة.
وقال عبد الحميد إن رد الفعل القوي على وفاة أميني يُظهر أن «الشعب الإيراني غاضب في جميع أنحاء البلاد»، بحسب بيان نشره موقعه الرسمي على الإنترنت يوم 20 سبتمبر (أيلول)، وأشار فيه إلى الأزمات الاقتصادية الشديدة والفساد وعقوبة الإعدام، و«تصعيد الضغط الديني على الأقليات».
وواجهت أقلية «البلوش» التي يقدر عددها بنحو مليوني نسمة، التمييز والقمع على مدى عقود، وفقاً لجماعات لحقوق الإنسان. وتقع محافظة بلوشستان في جنوب شرقي إيران، على الحدود مع باكستان وأفغانستان، وهي واحدة من أفقر المناطق في البلاد، وشهدت عمليات قتل متكررة على أيدي قوات الأمن في السنوات الماضية حسب «رويترز».