"لقد أُلغيتْ الخلافة". بهذه الكلمات القوية، ألغى الرئيس التركي مصطفى كمال أتاتورك آخر خلافةٍ رسميةٍ إسلامية في 3 مارس/آذار 1924. ووقع هذا بعد أربعة أشهرٍ فقط من إعلان الجمعية الوطنية التركية عن تحوّل تركيا إلى جمهورية وإنهاء الإمبراطورية العثمانية بعد خمس سنوات ونيف من هزيمتها في الحرب العالمية الأولى. ونُقل جزءٌ من واجبات الخليفة وبعضٌ من مهامه وما تبقى من أمواله إلى البرلمان التركي. وتضاءلت مكانة الخلافة، التي كانت ذات يوم رمزا من رموز الوِحدة والسلطة الإسلامية، الآن لتصبح سلطةً دينية شبه رمزية وضئيلة الشأن للغاية.
تلاشى البهاء والسلطة اللذان كان يتمتّع بهما السلطان العثماني بحلول أوائل عشرينات القرن الماضي، وألغى أتاتورك لقبه السلطاني أيضا. أطيح بالسلطان الأخير، محمد السادس، والذي سمي عند ولادته في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1922 وحيد الدين. وسُحِق جيشه ودمرت الإمبراطورية التي كان يحكمها. كانت القوى الغربية قد احتلّت عاصمته بعد الحرب العظمى. وأُجبرت الخليفة المهزوم الذي كان يحظى باحترام واسع النطاق وصل إلى مسلمي إسبانيا والهند في أزمنة سابقة، على الامتثال لإملاءات بريطانيا العظمى وفرنسا.
كان عليه التخلي عن أجزاء من الأناضول وعن كل من سوريا والعراق، والإفراج دون قيدٍ أو شرط عن سجناء الحلفاء. كما توجب على الخليفة أيضا أن يتنازل عن السيطرة على خطوط السكك الحديدية وخطوط التلغراف العثمانية الذائعة الصيت. تنازل محمد السادس عن عرشه في إسطنبول مستقلا متن سفينةٍ بريطانيةٍ متجهةٍ إلى مالطا، ومعه أوامر بعدم العودة أبدا. واختفى ذكره في العالم، كما اختفى ذكر الخلافة الإسلامية. وبعد يومين من ذلك التاريخ، تم الإعلان عن ابن عمه ووريثه الأول، عبد المجيد، كخليفةٍ للمسلمين، ولكن دون أن يحمل لقب سلطان حتى قام أتاتورك بخلعه أيضًا في مارس/آذار 1924. وانتهى المطاف بمحمد السادس في الريفيرا الإيطالية، ونُقل جثمانه جوا لدفنه في دمشق عندما توفي في مايو/ أيار 1926. كانت خزائن الدولة التركية فارغة لذلك نُقل الجثمان ودُفن من الأموال الخاصة للرئيس السوري في ذلك الوقت، أحمد نامي، والذي تصادف أن يكون صهر السلطان عبد الحميد الثاني.